القصائد الدينية هي قصائد تحمل معاني كيرة فيها الحكمة، والموعظة، والعبرة، والرجاء، والتقرب إلى الله، وطلب المغفرة والعفو منه، والتغني بصفاته العظمى، وأسمائه الحسنى، ومنها ما يحمل معاني عن عظمة الإسلام وعزته، ومنها ما يمدح الرسول عليه الصلاة والسلام، أو الأنبياء، أو الصحابة، وفي هذه المقالة سنتعرف على أجمل القصائد الشعرية الدينية التي تحمل كل هذه المعاني الجميلة.
قصيدة من قَلَّدَ الزَّهْرَ جُمَانَ النَّدَى
يقول محمود سامي البارودي:[١]
مَنْ قَلَّدَ الزَّهْرَ جُمَانَ النَّدَى
وَأَلْهَمَ الْقُمْرِيَّ حَتَّى شَدَا
وَزَيَّنَ الأَرْضَ بِأَلْوانِهَا
وَصَوَّرَ الأَبْيَضَ والأَسْوَدَا
سُبْحَانَ مَنْ أَبْدَعَ فِي مُلْكِهِ
حَتَّى بَدَا مِنْ صُنْعِهِ مَا بَدَا
تَنَزَّهَتْ عَنْ صِفَةٍ ذَاتُهُ
وَقَامَ فِي لاهُوتِهِ أَوْحَدَا
فَاسْجُدْ لَهُ وَاقْصِدْ حِمَاهُ تَجِدْ
رَبَّاً كَرِيماً وَمَلِيكاً هَدَى
فَقُمْ بِنَا يا صَاحِ نَرْعَ النَّدَى
وَنَسْأَلِ اللهِ عَمِيمَ النَّدَى
أَمَا تَرَى كَيْفَ اسْتَحَارَ الدُّجَى
وَكَيْفَ ضَلَّ النَّجْمُ حَتَّى اهْتَدَى
وَلاحَ خَيْطُ الْفَجْرِ فِي سُحْرَةٍ
كَصَارِمٍ فِي قَسْطَلٍ جُرِّدَا
فَالْجَوُّ قَدْ باحَ بِمَكْنُونِهِ
وَالأَرْضُ قَدْ أَنْجَزَتِ الْمَوْعِدَا
غَمَامَةٌ أَلْقَتْ بِأَفْلاذِهَا
وَجَدْوَلٌ مَدَّ إِلَيْنَا يَدَا
فَانْهَضْ وَسِرْ وَانْظُرْ ومِلْ وَابْتَهِجْ
وَامْرَحْ وَطِبْ وَاشْرَبْ لِتُرْوِي الصَّدَى
وَلا تَسَلْ عَنْ خَبَرٍ لَمْ يَحِنْ
مِيقَاتُهُ وَانْظُرْ إِلَى الْمُبْتَدَا
وَلا تَلُمْ خِلاً عَلَى هَفْوَةٍ
فَقَلَّمَا تَلْقَى فَتىً أَمْجَدَا
لَوْ عَلِمَ الإِنْسَانُ ما أَضْمَرَتْ
أَحْبَابُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ الْعِدَا
فَدَعْ بَنِي الدُّنْيَا لأَهْوَائِهِمْ
وَلا تُطِعْ مَنْ لاَمَ أَوْ فَنَّدَا
مَا لِي وَلِلنَّاسِ وَأَعْمَالِهِمْ
كُلُّ امْرِئٍ رَهْنُ حِسَابٍ غَدَا
هِلْ هِيَ إِلَّا مُدَّةٌ تَنْقَضِي
وَكُلُّ نَفْسٍ خُلِقَتْ لِلرَّدَى
فَاسْتَعْمِلِ الرِّفْقَ تَعِشْ رَاشِداً
وَاعْطِفْ عَلَى الأَدْنَى تَكُنْ سَيِّدَا
وَاسْعَ لِمَا أَنْتَ لَهُ فَالْفَتَى
إِنْ هَجَرَ الرَّاحَةَ حَازَ الْمَدَى
مَا خَلَقَ اللهُ الْوَرَى بَاطِلاً
لِيَرْتَعُوا بَيْنَ الْبَوَادِي سُدَى
فَاقْبَلْ وَصَاتِي وَاسْتَمِعْ حِكْمَتِي
فَلَيْسَ مَنْ أَغْوَى كَمَنْ أَرْشَدَا
إِنِّي وإِنْ كُنْتُ أَخَا صَبْوَةٍ
وَمِسْمَعٍ يُطْرِبُنِي مَنْ شَدَا
فَقَدْ أَزُورُ اللَّيْثَ في غَابِهِ
وَأَهْبِطُ الأَرْضَ عَلَيْهَا النَّدَى
وَأَصْدَعُ الْخَصْمَ وَمَا خِلْتُنِي
أَصْدَعُ إِلَّا الْبَطَلَ الأَصْيَدَا
بِلَهْذَمٍ لَيْسَتْ لَهُ صَعْدَةٌ
لَكِنَّهُ يَمْضِي إِذَا سُدِّدَا
أَوْ صَارِمٍ يَفْرِي نِيَاطَ الْكُلَى
وَلَمْ يَزَلْ فِي جَفْنِهِ مُغْمَدَا
من قصيدة الهمزية النبوية
يقول أحمد شوقي:[٢]
وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ
لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا
بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ
وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ
نُـظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ
فـي الـلَـوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اِسـمُ الـجَـلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ
أَلِـفٌ هُـنـالِـكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ
يـا خَـيـرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً
مِـن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
بَـيـتُ الـنَـبِـيّينَ الَّذي لا يَلتَقي
إِلّا الـحَـنـائِـفُ فـيهِ وَالحُنَفاءُ
خَـيـرُ الأُبُـوَّةِ حـازَهُـم لَكَ آدَمٌ
دونَ الأَنــامِ وَأَحــرَزَت حَـوّاءُ
هُـم أَدرَكـوا عِـزَّ النُبُوَّةِ وَاِنتَهَت
فـيـهـا إِلَـيـكَ الـعِزَّةُ القَعساءُ
خُـلِـقَـت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها
إِنَّ الـعَـظـائِـمَ كُفؤُها العُظَماءُ
بِـكَ بَـشَّـرَ الـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت
وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكاً بِكَ الغَبراءُ
وَبَـدا مُـحَـيّـاكَ الَّـذي قَسَماتُهُ
حَـقٌّ وَغُـرَّتُـهُ هُـدىً وَحَـيـاءُ
وَعَـلَـيـهِ مِـن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ
وَمِـنَ الـخَـلـيلِ وَهَديِهِ سيماءُ
أَثـنـى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ
وَتَـهَـلَلت وَاِهـتَـزَّتِ العَذراءُ
يَـومٌ يَـتـيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ
وَمَـسـاؤُهُ بِـمُـحَـمَّـدٍ وَضّاءُ
الـحَـقُّ عـالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ
فـي الـمُـلـكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ
ذُعِـرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت
وَعَـلَـت عَـلـى تيجانِهِم أَصداءُ
وَالـنـارُ خـاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُم
خَـمَـدَت ذَوائِـبُها وَغاضَ الماءُ
وَالآيُ تَـتـرى وَالـخَـوارِقُ جَمَّةٌ
جِــبـريـلُ رَوّاحٌ بِـهـا غَـدّاءُ
نِـعـمَ الـيَـتيمُ بَدَت مَخايِلُ فَضلِهِ
وَالـيُـتـمُ رِزقٌ بَـعـضُهُ وَذَكاءُ
فـي الـمَهدِ يُستَسقى الحَيا بِرَجائِهِ
وَبِـقَـصـدِهِ تُـسـتَـدفَعُ البَأساءُ
بِسِوى الأَمانَةِ في الصِبا وَالصِدقِ لَم
يَـعـرِفـهُ أَهـلُ الصِدقِ وَالأُمَناءُ
يـا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا
مِـنـهـا وَمـا يَـتَعَشَّقُ الكُبَراءُ
لَـو لَـم تُـقِـم ديناً لَقامَت وَحدَها
ديـنـاً تُـضـيءُ بِـنـورِهِ الآناءُ
زانَـتـكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ
يُـغـرى بِـهِـنَّ وَيـولَعُ الكُرَماءُ
أَمّـا الـجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ
وَمَـلاحَـةُ الـصِـدّيـقِ مِنكَ أَياءُ
وَالـحُـسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ
مـا أوتِـيَ الـقُـوّادُ وَالـزُعَماءُ
فَـإِذا سَـخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى
وَفَـعَـلـتَ مـا لا تَـفعَلُ الأَنواءُ
وَإِذا عَـفَـوتَ فَـقـادِراً وَمُـقَدَّراً
لا يَـسـتَـهـيـنُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ
وَإِذا رَحِــمـتَ فَـأَنـتَ أُمٌّ أَو أَبٌ
هَـذانِ فـي الـدُنيا هُما الرُحَماءُ
وَإِذا غَـضِـبـتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ
فـي الـحَـقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ
وَإِذا رَضـيـتَ فَـذاكَ في مَرضاتِهِ
وَرِضـى الـكَـثـيـرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ
وَإِذا خَـطَـبـتَ فَـلِـلمَنابِرِ هِزَّةٌ
تَـعـرو الـنَـدِيَّ وَلِـلقُلوبِ بُكاءُ
وَإِذا قَـضَـيـتَ فَـلا اِرتِيابَ كَأَنَّما
جـاءَ الـخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ
وَإِذا حَـمَـيـتَ الماءَ لَم يورَد وَلَو
أَنَّ الـقَـيـاصِـرَ وَالمُلوكَ ظِماءُ
وَإِذا أَجَـرتَ فَـأَنـتَ بَـيتُ اللَهِ لَم
يَـدخُـل عَـلَـيهِ المُستَجيرَ عَداءُ
وَإِذا مَـلَـكـتَ النَفسَ قُمتَ بِبِرِّها
وَلَـوَ أنَّ مـا مَـلَكَت يَداكَ الشاءُ
وَإِذا بَـنَـيـتَ فَـخَيرُ زَوجٍ عِشرَةً
وَإِذا اِبـتَـنَـيـتَ فَـدونَـكَ الآباءُ
وَإِذا صَـحِـبتَ رَأى الوَفاءَ مُجَسَّماً
فـي بُـردِكَ الأَصـحابُ وَالخُلَطاءُ
وَإِذا أَخَـذتَ الـعَـهـدَ أَو أَعطَيتَهُ
فَـجَـمـيـعُ عَـهدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ
وَإِذا مَـشَـيـتَ إِلى العِدا فَغَضَنفَرٌ
وَإِذا جَـرَيـتَ فَـإِنَّـكَ الـنَـكباءُ
وَتَـمُـدُّ حِـلـمَـكَ لِلسَفيهِ مُدارِياً
حَـتّـى يَـضيقَ بِعَرضِكَ السُفَهاءُ
فـي كُـلِّ نَـفسٍ مِن سُطاكَ مَهابَةٌ
وَلِـكُـلِّ نَـفـسٍ فـي نَداكَ رَجاءُ
قصيدة إِلى عَــرَفـاتِ اللَهِ يـا خَـيـرَ زائِرٍ
يقول أحمد شوقي:[٣]
إِلى عَــرَفـاتِ اللَهِ يـا خَـيـرَ زائِرٍ
عَــلَيــكَ سَــلامُ اللَهِ فــي عَــرَفــاتِ
وَيَـومَ تُـوَلّى وُجـهَـةَ البَـيـتِ ناضِراً
وَسـيـمَ مَـجـالي البِـشـرِ وَالقَـسَـماتِ
عَــلى كُــلِّ أُفــقٍ بِـالحِـجـازِ مَـلائِكٌ
تَــزُفُّ تَــحــايــا اللَهِ وَالبَــرَكــاتِ
إِذا حُــدِيَـت عـيـسُ المُـلوكِ فَـإِنَّهـُم
لِعـيـسِـكَ فـي البَـيـداءِ خَـيـرُ حُداةِ
لَدى البـابِ جِـبريلُ الأَمينُ بِراحِهِ
رَســائِلُ رَحــمــانِــيَّةــُ النَــفَــحــاتِ
وَفـي الكَـعـبَـةِ الغَـرّاءِ رُكـنٌ مُرَحِّبٌ
بِــكَــعــبَــةِ قُــصّــادٍ وَرُكــنِ عُــفــاةِ
وَمــا سَـكَـبَ المـيـزابُ مـاءً وَإِنَّمـا
أَفــاضَ عَــلَيــكَ الأَجــرَ وَالرَحَـمـاتِ
وَزَمـزَمُ تَـجـري بَـيـنَ عَـينَيكَ أَعيُناً
مِـنَ الكَـوثَـرِ المَـعـسـولِ مُـنـفَجِراتِ
وَيَـرمـونَ إِبـليـسَ الرَجـيـمَ فَيَصطَلي
وَشــانـيـكَ نـيـرانـاً مِـنَ الجَـمَـراتِ
يُــحَــيّــيــكَ طَهَ فــي مَـضـاجِـعِ طُهـرِهِ
وَيَــعــلَمُ مــا عـالَجـتَ مِـن عَـقَـبـاتِ
وَيُـثـنـي عَـلَيـكَ الراشِـدونَ بِـصـالِحٍ
وَرُبَّ ثَــــنـــاءٍ مِـــن لِســـانِ رُفـــاتِ
لَكَ الديـنُ يـا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُم
لِبَــيــتٍ طَهــورِ الســاحِ وَالعَـرَصـاتِ
أَرى النـاسَ أَصـنافاً وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ
إِلَيـكَ اِنـتَهَـوا مِـن غُـربَـةٍ وَشَـتـاتِ
تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ
لَدَيــكَ وَلا الأَقــدارُ مُــخــتَـلِفـاتِ
عَـنَـت لَكَ فـي التُـربِ المُقَدَّسِ جَبهَةٌ
يَـديـنُ لَهـا العـاتـي مِـنَ الجَبَهاتِ
مُــنَــوِّرَةٌ كَـالبَـدرِ شَـمّـاءُ كَـالسُهـا
وَتُــخــفَــضُ فــي حَــقٍّ وَعِــنــدَ صَــلاةِ
وَيــا رَبِّ لَو سَــخَّرتَ نــاقَــةَ صــالِحٍ
لِعَــبــدِكَ مـا كـانَـت مِـنَ السَـلِسـاتِ
وَيــا رَبِّ هَــل سَــيّــارَةٌ أَو مَـطـارَةٌ
فَـيَـدنـو بَـعـيـدُ البـيـدِ وَالفَلَواتِ
وَيـا رَبِّ هَـل تُـغـني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ
وَفـي العُـمـرِ مـا فيهِ مِنَ الهَفَواتِ
وَتَـشـهَـدُ مـا آذَيـتُ نَـفساً وَلَم أَضِر
وَلَم أَبـغِ فـي جَهـري وَلا خَـطَـراتـي
وَلا غَــلَبَــتـنـي شِـقـوَةٌ أَو سَـعـادَةٌ
عَــلى حِــكــمَــةٍ آتَــيــتَــنـي وَأَنـاةِ
وَلا جـالَ إِلّا الخَـيرُ بَينَ سَرائِري
لَدى سُـــدَّةٍ خَـــيـــرِيَّةـــِ الرَغَــبــاتِ
قصيدة يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
يقول أبو نواس:[٤]
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ
فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً
فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا
وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ إنّي مُسلِمُ
قصيدة يا حافظَ الدينِ الذي أصبح فرداً علَم
يقول ابن قلاقس:[٤]
يا حافظَ الدينِ الذي
أصبح فرداً علَما
ومنْ سحابُ جودِه
على الأنامِ قد هَمى
أطلَعْتَ في شمسِ العُلا
بالمكرماتِ أنجُما
وجُدْتَ حتى لم تدعْ
من يتشكّى عدَما
الله قد عافى بك ال
مَجْدَ معاً والكَرَما
فالحمدُ لله الذي
أذهبَ عنّا الألما
أصبحْتُ لا أملكُ ما
بين الأنامِ دِرْهَما
فاجعَلْ نداكَ مُنعِماً
لجَرْح فَقري مَرْهَما
وابقَ سعيداً مُسعداً
موفّقاً مُسلَّما
من القصائد النبوية
يقول البرعي:[٥]
تَجَلَّت لِوحدانية الحق أَنوار
فدلت عَلى أَن الجحود هو العار
وَأَغرت لداعي الحق كل موحد
بمقعد صدق حبذا الجار وَالدار
وَأَبدَت مَعاني ذاته بصفاته
فَلَم يحتمل عقل المحبين أنكار
تَراءى لهم في الغَيب جل جَلاله
عيانا فَلَم يدركه سمع وَأَبصار
مَعان عقلن العقل وَالعَقل ذاهِل
وإقباله في برزخ البحث أَدبار
أذاهم وَهم الفكر إدراك ذاته
تعارض أَوهام عليه وَأَفكار
وَكَيفَ يحيط الكيف ادراك حده
وَلَيسَ له في الكَيف حدو مقدار
وَأَينَ يحل الاين منه وَلَم يَكن
مَع اللَه غير اللَه عين وَآثار
وَلا شيء مَعلوم وَلا الكَون مضيئة
وَلا الرزق مَقسوم وَلا الخلق إفطار
وَلا الشمس بالنور المنير مضيئة
وَلا القمر الساري وَلا النجم سيار
فأنشأ في سلطانه الأرض وَالسَما
ليخلق منها ما يَشاء وَيَختار
وَزين بالكرسي وَالعَرش ملكه
فمن نوره حجب عليه وَأَستار
قصيدة الحَمدُ لِلَّهِ عَلى ما نَرى
يقول أبو العتاهية:[٦]
الحَمدُ لِلَّهِ عَلى ما نَرى
كُلُّ مَنِ احتيجَ إِلَيهِ زَها
يا أَيُّها المُبتَكِرُ الرائِحُ
المُشتَغِلُ القَلبِ الطَويلُ العَنا
نِعمَ الفِراشُ الأَرضُ فَاقنَع بِهِ
وَكُن عَنِ الشَرِّ قَصيرَ الخُطا
ما أَكرَمَ الصَبرَ وَما أَحسَنَ
الـصِدقَ وَما أَزيَنَهُ بِالفَتى
الخُرقُ شُؤمٌ وَالتُقى جُنَّةٌ
وَالرِفقُ يُمنٌ وَالقُنوعُ الغِنى
نافِس إِذا نافَستَ في حِكمَةٍ
آخِ إِذا آخَيتَ أَهلُ التُقى
ما خَيرُ مَن لا يُرتَجى نَفعُهُ
يَوماً وَلا يُؤمَنُ مِنهُ الأَذى
وَاللَهُ لِلناسِ بِأَعمالِهِم
وَكُلُّ ناوٍ فَلَهُ ما نَوى
وَطالِبَ الدُنيا المُسامي بِها
في فاقَةٍ لَيسَ لَها مُنتَهى
قصيدة سبحانه متفردٌ بجلاله
يقول عبد الله العشماوي:[٧]
سبحانه متفردٌ بجلاله
وكماله متفردٌ بعلاه
في سورة الإخلاص نبع جلاله
كم ظامئٍ متعطشٍ روّاه
وبآية الكرسي سرّ كماله
في لفظها وحروفها نلاقاه
في الكون في ذرّاته في أرضه
وسمائه في الكائنات نراه
يا من يصرّف كيف شاء قلوبنا
وإليه تعنوا بالخشوع جباه
الله يا الله أنت حبيبُنا
بك يبلغ الحب العظيم مداه
الله يا الله أنت معيننا
ومُجيرنا من كل ما نخشاه
الله يا الله أنت ملاذنا
بك يستغيث المرء في بلواه
بعبارة الإخلاص حين نقولها
يصفو لنا روض الهدى وشذاه
الله نورٌ في السموات العُلى
والأرض جلّ سنائه وسناه
المانح المعطي الكريم إذا دعا
داعٍ وأخلص قلبه أعطاه
ما قيمة الدنيا ومن فيها وما
فيها وما احتفلوا بها لولاه
الله يكفي أننا في بؤسنا
ونعيمنا ندعوه يا الله