ثابت قطنه
Thabit Qutnah - Thabit Qutnah
ثابت قُطنة
(... ـ110هـ/ ... ـ728م)
أبو العلاء، ثابت بن كعب، أو ابن عبد الرحمن بن كعب، من بني أسد بن الحارث بن العتيك، من الأزد. شاعر مجيد من شعراء خراسان في العصر الأموي، وفارس من فرسان العرب المعدودين في خراسان أبلى بلاءً حميداً في قتال الترك والسند في خراسان وما وراء النهر. جعله بعضهم مولى للأزد والراجح أنه كان أزدياً صميماً، لُقب بقطنة لأن سهماً أصابه في إحدى عينيه في بعض الوقائع مع الترك فذهب بها، فكان يضع عليها قطنة.
كان ثابت ينزل خراسان، وكان في أول أمره مع عبد الله بن خازم السلمي (ت 73هـ)، والي خراسان من قِبل عبد الله بن الزبير، وقد قاتل معه قبيلة ربيعة حين وقع الشر بينها وبين ابن خازم، ثم كان مع أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد لمّا ولاه عبد الملك بن مروان خراسان سنة 74هـ، ثم عزل عبد الملك أمية سنة 78هـ ويقال كان لثابت قطنة يد في عزله.
ولما ضمّ عبد الملك خراسان وسجستان إلى عمل الحجاج بن يوسف، ولّى الحجاج المهلب بن أبي صفرة خراسان، فكان ثابت من فرسان المهلب، ورافقه في غزواته في ما وراء النهر، وكان معه قبل ذلك في قتال الخوارج.
وبعد وفاة المهلب سنة 82هـ ولى الحجاج يزيد بن المهلب خراسان، فلازمه ثابت قُطْنة واختص به ووصف غزواته، وله فيه كثير من المدائح.
وبعد عزل الحجاج يزيد بن المهلب عن خراسان سنة 85هـ، ولّى أخاه المفضل بن المهلب خراسان، ثم عزله وولّى مكانه قتيبة بن مسلم الباهلي سنة 86هـ، فاتصل به ثابت، ورافقه في غزواته وفتوحه فيما وراء النهر، ومدحه بطائفة من القصائد ثم تخلى عنه يوم ثار على سليمان بن عبد الملك.
ولمّا ولّى سليمان بن عبد الملك يزيد بن المهلب خراسان سنة 97هـ لازمه ثابت وقاتل معه الأعاجم ووصف وقائعه. وحين عزم يزيد بن المهلب على الثورة بيزيد بن عبد الملك كان ثابت ممّن حرّضه على الثورة بأبيات قالها، ومنها قوله:
أيزيد كن في الحرب إذ هيّجتها
كأبيك لا رَعشاً ولا رعديداً
ثم وقف إلى جانبه في ثورته سنة 101هـ وقاتل معه جيوش بني أمية، وكان معه يوم العقر سنة 102هـ وهو اليوم الذي قُتل فيه يزيد بن المهلب فقال ثابت أبياتاً يرثيه بها.
وفي زمن ولاية عمر بن هبيرة على العراق عزل سعيد خُذينة عن خراسان وولى مكانه سعيداً الحرَشي سنة 103هـ، فاتصل به ثابت وقاتل معه الصَّغد وقال شعراً في وصف وقائعه ثم كان ثابت مع أسد بن عبد الله القسري حين ولي خراسان وقاتل معه الترك، وجعله خليفته حين خرج لقتال الترك، فأراد أن يخطب في الناس، لكنه حصر وأُرتج عليه فقال: «سيجعل الله بعد عُسرٍ يُسراً، وبعد عِيٍّ بياناً، وأنتم إلى أمير فعّال أحوج منكم إلى أمير قوّال». وأنشد:
فإلا أكن فيكم خطيباً فإنني
بسيفي إذا جدّ الوغى لخطيب
فبلغت كلماته خالد بن صفوان، الخطيب المشهور، فقال معلقاً: «والله ما علا ذلك المنبر أخطب منه في كلماته هذه، ولو أن كلاماً استخفني فأخرجني من بلادي إلى قائله استحساناً له لأخرجتني هذه الكلمات إلى قائلها». وظل ثابت يجاهد الترك والصّغد إلى أن قُتل في إحدى الوقائع مع الترك. وكان ثابت ذا ولاء لقبيلته، فقد استنصر قومه الأزد في إحدى الوقائع مع الترك فلم ينصروه، فلم يشأ أن يهجوهم.
وقع بين ثابت قُطْنة وبين الشاعر حاجب بن ذبيان المازني المعروف بحاجب الفيل مهاجاة سببها أن يزيد بن المهلب أعطى حاجباً عطية ضخمة لشعر مدحه به فحسده ثابت، وكان من شعراء يزيد الملازمين له، وغضّ من حاجب، فهجاه هذا، ولجّ الهجاء بينهما.
ثمة أمر يتصل بعقيدة ثابت بن قطنة، فقد كان يجالس قوماً من الشراة وقوماً من المرجئة[ر]، وكانوا يجتمعون فيتجادلون في خراسان، فمال ثابت إلى مذهب المرجئة، وقال قصيدة شرح فيها مذهبهم، وهي أشهر ما قيل في بيان مذهبهم، ومنها:
يا هندُ فاستمعي لي إن سيرتنا
أن نعبد الله لم نُشرك به أحـدا
نرجي الأمور إذا كانت مشبهة
ونصدق القول فيمن جار أو عندا
المسلمون على الإسلام كُلهم
والمشركون أشتَّوا دينهم قِــددا
ولا أرى أن ذنباً بالغٌ أحداً
ما الناس شِركاً إذا ما وحّدوا الصمدا
إحسان النص
Thabit Qutnah - Thabit Qutnah
ثابت قُطنة
(... ـ110هـ/ ... ـ728م)
أبو العلاء، ثابت بن كعب، أو ابن عبد الرحمن بن كعب، من بني أسد بن الحارث بن العتيك، من الأزد. شاعر مجيد من شعراء خراسان في العصر الأموي، وفارس من فرسان العرب المعدودين في خراسان أبلى بلاءً حميداً في قتال الترك والسند في خراسان وما وراء النهر. جعله بعضهم مولى للأزد والراجح أنه كان أزدياً صميماً، لُقب بقطنة لأن سهماً أصابه في إحدى عينيه في بعض الوقائع مع الترك فذهب بها، فكان يضع عليها قطنة.
كان ثابت ينزل خراسان، وكان في أول أمره مع عبد الله بن خازم السلمي (ت 73هـ)، والي خراسان من قِبل عبد الله بن الزبير، وقد قاتل معه قبيلة ربيعة حين وقع الشر بينها وبين ابن خازم، ثم كان مع أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد لمّا ولاه عبد الملك بن مروان خراسان سنة 74هـ، ثم عزل عبد الملك أمية سنة 78هـ ويقال كان لثابت قطنة يد في عزله.
ولما ضمّ عبد الملك خراسان وسجستان إلى عمل الحجاج بن يوسف، ولّى الحجاج المهلب بن أبي صفرة خراسان، فكان ثابت من فرسان المهلب، ورافقه في غزواته في ما وراء النهر، وكان معه قبل ذلك في قتال الخوارج.
وبعد وفاة المهلب سنة 82هـ ولى الحجاج يزيد بن المهلب خراسان، فلازمه ثابت قُطْنة واختص به ووصف غزواته، وله فيه كثير من المدائح.
وبعد عزل الحجاج يزيد بن المهلب عن خراسان سنة 85هـ، ولّى أخاه المفضل بن المهلب خراسان، ثم عزله وولّى مكانه قتيبة بن مسلم الباهلي سنة 86هـ، فاتصل به ثابت، ورافقه في غزواته وفتوحه فيما وراء النهر، ومدحه بطائفة من القصائد ثم تخلى عنه يوم ثار على سليمان بن عبد الملك.
ولمّا ولّى سليمان بن عبد الملك يزيد بن المهلب خراسان سنة 97هـ لازمه ثابت وقاتل معه الأعاجم ووصف وقائعه. وحين عزم يزيد بن المهلب على الثورة بيزيد بن عبد الملك كان ثابت ممّن حرّضه على الثورة بأبيات قالها، ومنها قوله:
أيزيد كن في الحرب إذ هيّجتها
كأبيك لا رَعشاً ولا رعديداً
ثم وقف إلى جانبه في ثورته سنة 101هـ وقاتل معه جيوش بني أمية، وكان معه يوم العقر سنة 102هـ وهو اليوم الذي قُتل فيه يزيد بن المهلب فقال ثابت أبياتاً يرثيه بها.
وفي زمن ولاية عمر بن هبيرة على العراق عزل سعيد خُذينة عن خراسان وولى مكانه سعيداً الحرَشي سنة 103هـ، فاتصل به ثابت وقاتل معه الصَّغد وقال شعراً في وصف وقائعه ثم كان ثابت مع أسد بن عبد الله القسري حين ولي خراسان وقاتل معه الترك، وجعله خليفته حين خرج لقتال الترك، فأراد أن يخطب في الناس، لكنه حصر وأُرتج عليه فقال: «سيجعل الله بعد عُسرٍ يُسراً، وبعد عِيٍّ بياناً، وأنتم إلى أمير فعّال أحوج منكم إلى أمير قوّال». وأنشد:
فإلا أكن فيكم خطيباً فإنني
بسيفي إذا جدّ الوغى لخطيب
فبلغت كلماته خالد بن صفوان، الخطيب المشهور، فقال معلقاً: «والله ما علا ذلك المنبر أخطب منه في كلماته هذه، ولو أن كلاماً استخفني فأخرجني من بلادي إلى قائله استحساناً له لأخرجتني هذه الكلمات إلى قائلها». وظل ثابت يجاهد الترك والصّغد إلى أن قُتل في إحدى الوقائع مع الترك. وكان ثابت ذا ولاء لقبيلته، فقد استنصر قومه الأزد في إحدى الوقائع مع الترك فلم ينصروه، فلم يشأ أن يهجوهم.
وقع بين ثابت قُطْنة وبين الشاعر حاجب بن ذبيان المازني المعروف بحاجب الفيل مهاجاة سببها أن يزيد بن المهلب أعطى حاجباً عطية ضخمة لشعر مدحه به فحسده ثابت، وكان من شعراء يزيد الملازمين له، وغضّ من حاجب، فهجاه هذا، ولجّ الهجاء بينهما.
ثمة أمر يتصل بعقيدة ثابت بن قطنة، فقد كان يجالس قوماً من الشراة وقوماً من المرجئة[ر]، وكانوا يجتمعون فيتجادلون في خراسان، فمال ثابت إلى مذهب المرجئة، وقال قصيدة شرح فيها مذهبهم، وهي أشهر ما قيل في بيان مذهبهم، ومنها:
يا هندُ فاستمعي لي إن سيرتنا
أن نعبد الله لم نُشرك به أحـدا
نرجي الأمور إذا كانت مشبهة
ونصدق القول فيمن جار أو عندا
المسلمون على الإسلام كُلهم
والمشركون أشتَّوا دينهم قِــددا
ولا أرى أن ذنباً بالغٌ أحداً
ما الناس شِركاً إذا ما وحّدوا الصمدا
إحسان النص