التاريخ
١٤ مارس، الساعة ٦:٣٣ م ·
تاريخ التتار الأول (22)
#إمبراطورية_جنكيز_خان ٠
---------------------------------------------------------------------
حاصر هولاكو مدينة ميافارقين فاستبسلت وصمدت ولم تسلم له وطلب أميرها الكامل محمد - رحمه الله - النجدة من الناصر يوسف الأيوبي أمير دمشق ، فرفض رفضا تاما أن يساعده ...
ثم أرسل هذا الناصر إلى هولاكو رسالة مع ابنه العزيز، يفتخر فيها بأنه رفض مساعدة أمير ميافارقين و يطلب منه أن يساعده في الهجوم على ”مصر“، والإستيلاء عليها من المماليك !!!..
إلا أن هولاكو استعظم أن لا يأتى الناصر بنفسه ليقدم له فروض الطاعة و الولاء ؛ وغضب غضبا شديدا و أرسل إليه رسالة مفحمة ملؤها التهديد و الوعيد :
[ إنا قد فتحنا بغداد بسيف الله تعالى، وقتلنا فرسانها، وهدمنا بنيانها، وأسرنا سكانها، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز حكاية عن ملكة سبأ : ( قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) ......
واستحضرنا خليفتها، وسألناه عن كلمات فكذب، وسألناه عن الكنوز وعن الأسرار فكذب، فواقعه الندم، واستوجب منا العدم، وكان قد جمع ذخائر نفيسة، وكانت نفسه خسيسة، فجمع المال ولم يعبأ بالرجال، وكان قد نما ذكره وعظم قدره، ونحن نعوذ بالله من التمام والكمال ..
ثم يقول له :
إذا وقفت على كتابي هذا فسارع برجالك وأموالك وفرسانك إلى طاعة سلطان الأرض شاهنشاه رويزمين -يعني: ملك الملوك على وجه الأرض- تأمن شره وتنل خيره، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى)....
ثم يقول :
ولا تعوق رسلنا عندك، {فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} البقرة:229، وقد بلغنا أن تجار الشام وغيرهم انهزموا بحريمهم إلى مصر.
فتجار الشام لما عرفوا أن التتار على الأبواب أخذوا الأموال والنساء وهربوا إلى مصر بعيداً عن أرض القتال، فإن كانوا في الجبال نسفناها، وإن كانوا في الأرض خسفناها....
أين النجاة ولا مناص لهارب ولي البسيطان الندى والماء ذلت لهيبتنا الأسود وأصبحت في قبضة الأمراء والوزراء .]
سقط قلب الناصر يوسف بين قدميه، فقد وضحت نوايا هولاكو، فهو يطلب منه صراحة التسليم الكامل، ويخبره أنه سيتتبع من فر من تجاره وشعبه، وذكره بمصير الخليفة العباسي البائس ...
فهل يسلم كل شيء لـ هولاكو؟
أو ماذا سيفعل ؟!
---------------------------------------------------------------------
أعلن الناصر يوسف دعوة الجهاد، وضرب معسكره في شمال دمشق ، مع أنه كان أولى أن يضرب معسكره عند حلب؛ فهي لم تسقط بعد، وهي بجانب ميافارقين،
وإذا أسقط هولاكو ميافارقين فإنه سيأتي على حلب، ولكنه عسكر بعيداً جداً، حتى إذا سقطت حلب هرب هو من دمشق، فهي مسافة كافية جداً للهرب.
بدأ الناصر يوسف يعد العدة ويراسل الأمراء من حوله؛ لينضموا إليه لقتال التتار، وكان ممن دعاهم أميراً لم يتخيل أحد أبداً أن يراسله، فق راسل أمير مصر يطلب معونته في حرب التتار
-------------------------------------------------------------------
نعود إلى هولاكو :
رجع هولاكو من قرية شاها إلى مدينة همذان في إيران، فقد كان فيها القيادة المركزية لإدارة شئون الحرب في منطقة الشرق الأوسط، وكانت على بعد (450) كيلو متر من بغداد،
وبدأ هولاكو يعيد ترتيب الأوراق نتيجة التطورات الجديدة، ويحلل الموقف في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة، وينظر إلى الأحداث التي توالت في هذه الشهور السابقة، فوجد الآتي:
أولا ً:
علاقة التتار بالنصارى تزداد قوة، ولا شك أن هولاكو بحاجة إلى أن يعمق هذه العلاقة بصورة أكبر؛ لمواجهة النماذج الإسلامية المعارضة التي ظهرت مثل: الكامل محمد أو غيره ممن سيظهر بعد هذا،
وهنا سيحتاج هولاكو إلى قوة النصارى للمساعدة في إخماد الثورات من ناحية، ولنقل الخبرة من ناحية أخرى، ولإدارة أمور الشام بعد إسقاطها من ناحية ثالثة،
لأجل هذا أراد التتار أن يشتروا ود النصارى إلى آخر درجة، فأغدق هولاكو بالهدايا والمكافآت على هيثوم ملك أرمينيا، وكذلك على ملك الكرج، وكذلك على بوهمند أمير أنطاكية.
ثانيا :
الحصار ما زال مضروباً على ميافارقين بقيادة أشموط بن هولاكو، ومع بسالة المقاومة وشجاعة الكامل محمد إلا أن الحصار كان شديد الإحكام، ويشترك فيه قوات أرمينيا والكرج (*جورجيا حاليا) .
ولم يحاول أي أمير مسلم المساعدة في فك هذا الحصار، وهولاكو مطمئن نسبياً إلى حصار ميافارقين.
ثالثا :
ظهر الموقف العدائي من الناصر يوسف الأيوبي أمير حلب ودمشق، وضرب معسكراً جهادياً شمال دمشق، وبدأ في إعداد الجيش لمقابلة التتار، ...
وهذا الإعداد لم يقابل بأي اهتمام من هولاكو، فهو يعرف الناصر وإمكانياته ونفسيته، ولذلك كانت هذه مسألة تافهة نسبياً بالنسبة لـ هولاكو.
رابعا :
منطقة العراق الأوسط وأهمهما مدينة بغداد أعلنت تسليمها بالكامل للتتار، وأصبحت آمنة تماماً، وكذلك ظهر ولاء أمير الموصل التام للتتار، فالشمال الشرقي من العراق أيضاً أصبح آمناً تماماً.
خامسا وأخيرا :
إن أقوى المدن الآن في الشام هي مدينة حلب ودمشق، ولو سقطت هاتان المدينتان فإن ذلك يعني سقوط الشام كلية، ومدينة حلب تقع في شمال دمشق على بعد (300) كيلو متر تقريباً.
فقرر هولاكو أن يتوجه مباشرة لإسقاط إحدى المدينتين: حلب، أو دمشق،...
وأدرك هولاكو أنه لو أراد أن يتوجه إلى حلب، فإن عليه أن يخترق الشمال العراقي أولاً، ثم يدخل سوريا من شمالها الشرقي مخترقاً بذلك شمال سوريا، موازياً لحدود تركيا حتى يصل إلى حلب في شمال سوريا الغربي،
وهذه المناطق كثيرة الأنهار، وفيها معوقات كثيرة طبيعية، وبالذات في مناورات الجيوش الضخمة، ففيها نهر دجلة والفرات، وفي نفس الوقت فهذه المناطق خضراء، ووفيرة الزرع والمياه،
و ذلك يعني أن الجيش سيمشي فيها وهو مطمئن إلى وفرة الغذاء والماء، بالإضافة إلى أنها قريبة من ميافارقين، فلو احتاج جيش أشموط أي مساعدة فسيكون جيش التتار الرئيسي بجانبه، ..
فاحتلال مدينة حلب يحمل بعض المزايا، وهي أن الطريق إليها فيه الغذاء والماء، وهي قريبة من ميافارقين، ويمر في مناطق آمنة، فهو يمر في أرض أمير الموصل الموالي للتتار، وسيدخل بعد هذا على شمال سوريا وليس فيها الناصر يوسف، فهو معسكر في الجنوب في دمشق.
هذا هو الخيار الأول أما الثاني :
إذا أراد هولاكو أن يتوجه إلى دمشق أولاً فهذا سيمثل عنصر مفاجئة رهيبة للمسلمين في دمشق؛ لأن هولاكو سيأتي من حيث لا يتوقعون، ...
فهم يتوقعون مجيئه من الشمال من ناحية حلب، فلو جاء من الشرق من ناحية الصحراء فمن الصعب جداً على أهل دمشق أن يتخيلوا مثل هذه المفاجأة، ويستطيع بهذا هولاكو أن يصل إلى الناصر يوسف في عقر داره مباشرة، ولا يتيح له فرصة للفرار،...
ولكن هنا مشكلة كبيرة جداً، فحتى يفعل ذلك هولاكو فإن عليه أن يخترق صحراء السماوة، التي تسمى: بادية الشام، والتي تمتد من بغداد إلى دمشق، وهي صحراء قاحلة جداً، والسير فيها بجيش كبير يعتبر مخاطرة مروعة، ولا يستطيع هولاكو أن يقدم على هذه الخطوة، ....
مع أنه لو فعلها لفاجأ جيش الناصر يوسف من حيث لا يتوقع، ولقابل القوة الرئيسية للمسلمين، وبذلك يسقط الشام بكامله.
فماذا سيقرر هولاكو ؟!
---------------------------------------------------------------------
أكمل هولاكو طريقه غرباً بعد ذلك حتى وصل إلى إمارة أنطاكية، وهي في جنوب تركيا، وكانت إمارة حليفه الصليبي الأمير بوهيموند، وهناك حول أنطاكية ضرب هولاكو معسكره خارج المدينة، تمهيدا للهجوم على حلب القريبة منها (*حلب جنوب شرق أنطاكية)..
ثم دعا إلى إقامة مؤتمر لبحث الأوضاع في الشرق الأوسط الجديد حسب الرؤية التترية، فبدأ الحلفاء من كل المنطقة يتوافدون على هولاكو،
فجاء هيثوم ملك أرمينيا،
وجاء أمير أنطاكية بوهيموند،
وجاء أميرا السلاجقة المسلمان: كيكاوس الثاني وقلج أرسلان الرابع، وهذان بلادهما مجاورة لأنطاكية.
وبدأ هولاكو يصدر مجموعة من الأوامر والقرارات والجميع يستمعون :
أولا ً :
يكافأ ملك أرمينيا هيثوم بمكافأة كبيرة من غنائم حلب؛ وذلك تقديراً لمساعدات الجيش الأرمني في إسقاط بغداد، ثم ميافارقين، ثم حلب.
ثانياً :
على سلطانَيْ السلاجقة كيكاوس الثاني وقلج أرسلان الرابع أن يعيدا المدن والقلاع التي كان المسلمون قد فتحوها قبل ذلك إلى ملك أرمينيا،
وهذا لتوسيع ملك الملك الأرميني على حساب البلاد المسلمة، ولم توجد فرصة واردة للاعتراض عند السلطانين المسلمين، وبالفعل سلما المدن إلى ملك أرمينيا.
ثالثاً :
يكافأ بوهمند أمير أنطاكية على تأييده لـ هولاكو، بأعطائه مدينة اللاذقية المسلمة، وكانت قد حررت من الصليبيين أيام صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، وظلت مسلمة إلى هذه اللحظة، ثم أهديت بكلمة واحدة إلى النصارى.
وقرار إعطاء مدن السلاجقة إلى الملك الأرمني، وإعطاء مدينة اللاذقية إلى بوهمند أمير أنطاكية تطبيق للقاعدة الاستعمارية المجحفة المعروفة :
وهي أن المحتل يعطي ما لا يملك لمن لا يستحق.
رابعا :
وقد كان قراراً غريباً جداً من هولاكو، ولم يكن في مصلحة أمير أنطاكية، بل كان ضده وضد ملك أرمينيا،
وكان هذا القرار لإثبات أن كل شيء الآن قد أصبح بيد السيد الجديد هولاكو، وما هؤلاء الملوك إلا صورة حلفاء فقط، وحتى لا يظن ملك أرمينيا أو أمير أنطاكية أنهما حلفاء على نفس المستوى مع هولاكو؛ فكان هذا القرار الجديد :
تعيين بطريرك جديد للكنيسة في أنطاكية، وهي محكومة أصلاً بالنصارى (الكاثوليك)، وحاكم التتار هولاكو ليس نصرانياً، ولا يفهم شيئاً في الديانة النصرانية، ولكنه أصدر قرار تغيير البطريرك وتعيين بطريرك جديد،..
ليس هذا فقط، بل إن البطريرك الجديد أتى به من مكان غريب جداً، فقد أتى به من اليونان، يعني: أنه عين بطريرك أرثوذوكسي على كنيسة كاثوليكية، وهذه سابقة خطيرة جداً في تاريخ النصارى، وبالذات أن العلاقات متأزمة للغاية بين الطائفتين الأرثوذوكس والكاثوليك.
فعين هولاكو البطريرك اليوناني يومنيميوس مكان البطريرك اللاتيني الإيطالي الذي قدم من جنوة، وقد كانت الإمارات الصليبية التي في الشام كلها إمارات كاثوليكية.
وقد عين هولاكو هذا البطريرك لعدة أسباب:
الأ ول:
لإذلال أميرا أنطاكيا وأرمينيا، حتى لا يظنا أنفسهما زعماء إلى جواره.
والثاني:
أنه كان لا يريد أن يجعل استقراراً في هذه المناطق؛ لكي لا يتوسع أمير أو ملك على غير رغبته، بل كان يريد أن يجعل أنوفهم دائماً في التراب.
أما السبب الثالث :
أنه كان يريد إقامة علاقات صداقة وجوار مع الإمبراطور اليوناني حاكم الدولة البيزنطية الكبيرة، وذلك إلى أجل ما ! فقد كان تخطيط هولاكو اقتحام الإمبراطورية البيزنطية بعد الانتهاء من بلاد المسلمين.
فلم يكن لدى أمير أنطاكية القدرة على الاعتراض، وإن كان معظم أمراء الإمارات الصليبية معترضين، لكن لم يكن لكلامهم أي نوع من القيمة.
-----------------------------------------------------------------------
ماذا فعل هولاكو في حلب
في ديسمبر 1259م /محرم 658هـ وصل هولاكو لحلب.
كان أمير حلب الملك المعظم تورانشاه حفيد السلطان صلاح الدين الأيوبي فلما وصل المغول لأسوار حلب بعث هولاكو لتورانشاه يطلب منه تسليم المدينة فلما رفض حاصر المغول الأسوار
استمر الحصار التتري لمدينة حلب سبعة أيام فقط، ثم أعطى التتار الأمان لأهلها إذا فتحوا الأبواب دون مقاومة، ولكن زعيمهم توران شاه قال لهم : إن هذه خدعة، وإن التتار لا أمان لهم ولا عهد،
لكنهم كانوا قد أحبطوا من سقوط ميافارقين، وعدم مساعدة أميرهم الناصر يوسف لهم، وبقائه في دمشق، وتركه إياهم تحت حصار التتار لهم.. هذا الإحباط قاد الشعب إلى الرغبة في التسليم.. واتجه عامتهم إلى فتح الأبواب أمام هولاكو، لكن قائدهم توران شاه وبعض المجاهدين رفضوا، واعتصموا بالقلعة داخل المدينة.
وفتح الشعب الحلبي الأبواب للتتار بعد أن أخذوا الأمان، وانهمرت جيوش التتار داخل مدينة حلب، وما إن سيطروا على محاور المدينة حتى ظهرت النيات الخبيثة، ووضح لشعب حلب ما كان واضحًا من قبل لمجاهدهم البطل توران شاه،...
ولكن للأسف كان هذا الإدراك متأخرًا جدًّا! لقد أصدر هولاكو أمرًا واضحًا بقتل المسلمين في حلب وترك النصارى! وهذه بلا شك خيانة متوقعة، والخطأ هو خطأ الشعب الذي بنى قصورًا من الرمال!
وهكذا بدأت المذابح البشعة في رجال ونساء وأطفال حلب، وتم تدمير المدينة تمامًا، ثم خرب التتار أسوار المدينة لئلا تستطيع المقاومة بعد ذلك
ثم اتجه هولاكو لحصار القلعة التي في داخل حلب، وكان بها توران شاه وبعض المجاهدين، واشتد القصف على القلعة، وانهمرت السهام من كل مكان، لكنها صمدت وقاومت، واستمر الحال على ذلك أربعة أسابيع متصلة، إلى أن سقطت القلعة في النهاية في يد هولاكو، وكسرت الأبواب، وقتل هولاكو -كما هو متوقع- كل من في القلعة، ولكنه أبقى على حياة توران شاه ولم يقتله
وهنا يذكر بعض المؤرخين أن هولاكو قد فعل ذلك إعجابًا بشجاعة الشيخ الكبير توران شاه ، وأن هذه فروسية ونبل من الفاتح هولاكو، ...
ولكن هذه صفات لا تتناسق أبدًا مع وصف هولاكو، وليس هولاكو بالذي يُعجب بمن يقاومه، وليس هو بالذي يتصف بنبل أو فروسية..
إنما الذي يتراءى لي أنه أبقى على حياته لأغراض أخرى خبيثة، فهذا العفو من ناحية هو عمل سياسي ماكر يريد به ألا يثير حفيظة الأيوبيين المنتشرين في كل بلاد الشام، ..
وخاصة أنه قتل الكامل محمد الأيوبي منذ أيام، فإذا تتبع قوادهم بالقتل فهذا قد يؤدي إلى إثارتهم، ولا ننسى -أيضًا- أن كثيرًا من الأيوبيين يحالفونه، ومنهم الأشرف الأيوبي أمير حمص، وهو لا يريد أن يقلب عليه الأوضاع في الشام.. هذا من ناحية.
--------------------------------------------------------------------
استسلام حماة للتتار
استقر الوضع لـ هولاكو في شمال سوريا وجنوب تركيا، وبدأ يفكر في التوجه جنوباً لاحتلال مدينة حماة أولاً، ثم المرور بعد ذلك على مدينة حمص وهي بلد الأمير الخائن الأشرف الأيوبي والموالي له، حتى يصل بعد ذلك إلى الناصر يوسف الأيوبي وجيشه الرابض في شمال دمشق.
بدأ الجيش التتري بالتحرك إلى الجنوب، فجاء إليه وفد من أعيان حماة وكبرائها يسلمون له مفاتيح المدينة دون قتال، فقبل منهم هولاكو المفاتيح، وأعطاهم في هذه المرة أماناً حقيقياً؛ وذلك ليشجع الناس في الشام لأن يفتحوا أبواب بلادهم كما فتحت حماة.
----------------------------------------------------------------------
توجه التتار إلى دمشق وهروب الناصر وجيشه
ترك هولاكو حماة وانتقل إلى حمص بلد صديقه الأشرف الأيوبي ولم يدخلها كذلك، واتجه مباشرة إلى دمشق، وكانت المسافة بين حمص ودمشق (120) كيلومترًا فقط.
سمع الناصر يوسف بالأخبار السيئة من سقوط حصون ميافارقين، وقتل الكامل محمد الأيوبي، وسقوط مدينة حلب وحارم، وتسليم حماة وحمص، وأن الخطوة القادمة دمشق، فلم يدرى الناصر يوسف الملك الجبان ماذا يفعل !
وقد أعلن حرباً لا طاقة له بها، ليس لقوة التتار فقط، بل لضعفه هو في الأساس، فعقد مجلساً استشارياً أعلى ضم معظم قادة جنده، فأخذوا في التباحث والتشاور،..
وطال النقاش والحوار، ووصلوا في النهاية إلى أن قرروا الفرار، فليس عندهم قدرة على الدفاع عن المدينة، ولم يفكروا أصلاً في الدفاع عنها.
قرر الأمير الناصر يوسف والأمراء والجيش الفرار وترك مدينة دمشق وشعبها الكبير دون حماية ولا دفاع، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
فخلت دمشق من الأمراء والحراس، وكانت مدينة كبيرة وحصينة، وكان يتوقع لها الثبات فترة طويلة قبل أن تسقط.
والأمراء من أمثال الناصر يوسف يأمرون بالمقاومة ويحضون عليها ما دامت بعيدة عن أرضهم، فإذا اقتربت جيوش العدو من مدينتهم كانت الخطة البديلة دائماً هي خطة الفرار، حدث ذلك في دمشق، ويحدث كثيراً إذا وجد أمثال هؤلاء الأمراء الأقزام.
---------------------------------------------------------------------
أصعب أيام مرت بها أمتنا ! ... التاريخ التتري
تابعونا #تاريخ_التتار_جواهر (22)