الديوان » سوريا
» محمد الماغوط
» حريق الكلمات
سئمتك أيها الشعر، أيها الجيفةُ الخالدة
لبنان يحترق،
يثب كفرس جريحة عند مدخلِ الصحراء
وأنا أبحثُ عن فتاة سمينة،
أحتكُّ بها في الحافلة
عن رجلٍ بدوي الملامح، أصرعه في مكانٍ ما
بلادي تنهار،
ترتجفُ عاريةً كأنثى الشبل
وأنا أبحث عن عينين خضراوين
ومقهى جميل قرب البحر،
عن قرويةٍ يائسة أغرّر بها .
يا ربة الشعر
أيتها الداخلةُ إلى قلبي كطعنة السكين
عندما أفكر، بأنني أتغزَّل بفتاة مجهولة،
ببلادٍ خرساء
تأكلُ وتضاجعُ من أذنيها
أستطيع أن أضحك، حتى يسيل الدم من شفتيَّ
أنا الزهرة المحاربة،
والنسرُ الذي يضرب فريسته
أيها العرب .. يا جبالاً من الطحين واللذَّة
يا حقول الرصاص الأعمى
تريدون قصيدةً عن فلسطين، عن القمحِ والدماء؟
أنا رجلٌ غريبٌ، لي نهدان من المطر
وفي عينيَّ البليدتين،
أربعةُ شعوبٍ جريحة، تبحث عن موتاها
كنت جائعاً، وأسمع موسيقى حزينة،
وحيداً، أتقلب في فراشي كدودة القز
عندما اندلعتْ الشرارة الأولى .
أيتها الصحراء إنك تكذبين ..
لمن هذه القبضةُ الأرجوانية
والزهرةُ المضمومةُ تحت الجسر
لمن هذه القبورُ المنكّسة تحت النجوم؟
لهذه النهود الشمطاء
لهذه الكثبان التي تعطينا
في كل عام سجناً أو قصيدة
عاد البارحةَ، ذلك البطل الرقيق الشفتين
ترافقه الريحُ والمدافع الحزينة،
ومهمازه الطويل، يلمع كخنجرين عاريين
أعطوه شيخاً أو ساقطة
أعطوه هذه النجوم والرمال اليهودية
حيث نبكي فوق الجبال
ونتثاءب في المراحيض،
حيث ألتفت كامرأة خائنة نحو البحر
هنا ...
في منتصف الجبين، حيث مئاتُ الكلمات تحتضر
أريد رصاصةَ الخلاص.
يا إخوتي،
لقد نسيت حتى ملامحكم
أيتها العيونُ المثيرة للشهوة أيها الله
أربع قاراتٍ جريحة بين نهدي،
كنت أفكر بأنني سأكتسح العالم،
بنظراتي الشاعرية، وعيني الزرقاوين
لبنان .. يا امرأةً بيضاء تحت المياه
يا جبالاً من النهود والمصاحف
إصرخْ أيها الأبكم،
وارفعْ ذراعك عالياً حتى ينفجر الابط،
واتبعني، أنا السفينةُ الفارغة،
والريحُ المسقوفة بالأجراس.
على وجوه الأمهات والسبايا
على رفات القوافي والأوزان
سأطلق نوافير العسل،
سأكتب عن شجرةٍ أو حذاء، عن وردةٍ أو غلام
إرحلْ أيها الشقاء، أيها الطفلُ الأحدبُ الجميل
أصابعي طويلة كالإبر
وعيناي فارسان جريحان
لا أشعارَ بعد اليوم
إذا صرعوك يا لبنان
وانتهت ليالي الشعر والتسكع
سأطلقُ الرصاص على حنجرتي
» محمد الماغوط
» حريق الكلمات
سئمتك أيها الشعر، أيها الجيفةُ الخالدة
لبنان يحترق،
يثب كفرس جريحة عند مدخلِ الصحراء
وأنا أبحثُ عن فتاة سمينة،
أحتكُّ بها في الحافلة
عن رجلٍ بدوي الملامح، أصرعه في مكانٍ ما
بلادي تنهار،
ترتجفُ عاريةً كأنثى الشبل
وأنا أبحث عن عينين خضراوين
ومقهى جميل قرب البحر،
عن قرويةٍ يائسة أغرّر بها .
يا ربة الشعر
أيتها الداخلةُ إلى قلبي كطعنة السكين
عندما أفكر، بأنني أتغزَّل بفتاة مجهولة،
ببلادٍ خرساء
تأكلُ وتضاجعُ من أذنيها
أستطيع أن أضحك، حتى يسيل الدم من شفتيَّ
أنا الزهرة المحاربة،
والنسرُ الذي يضرب فريسته
أيها العرب .. يا جبالاً من الطحين واللذَّة
يا حقول الرصاص الأعمى
تريدون قصيدةً عن فلسطين، عن القمحِ والدماء؟
أنا رجلٌ غريبٌ، لي نهدان من المطر
وفي عينيَّ البليدتين،
أربعةُ شعوبٍ جريحة، تبحث عن موتاها
كنت جائعاً، وأسمع موسيقى حزينة،
وحيداً، أتقلب في فراشي كدودة القز
عندما اندلعتْ الشرارة الأولى .
أيتها الصحراء إنك تكذبين ..
لمن هذه القبضةُ الأرجوانية
والزهرةُ المضمومةُ تحت الجسر
لمن هذه القبورُ المنكّسة تحت النجوم؟
لهذه النهود الشمطاء
لهذه الكثبان التي تعطينا
في كل عام سجناً أو قصيدة
عاد البارحةَ، ذلك البطل الرقيق الشفتين
ترافقه الريحُ والمدافع الحزينة،
ومهمازه الطويل، يلمع كخنجرين عاريين
أعطوه شيخاً أو ساقطة
أعطوه هذه النجوم والرمال اليهودية
حيث نبكي فوق الجبال
ونتثاءب في المراحيض،
حيث ألتفت كامرأة خائنة نحو البحر
هنا ...
في منتصف الجبين، حيث مئاتُ الكلمات تحتضر
أريد رصاصةَ الخلاص.
يا إخوتي،
لقد نسيت حتى ملامحكم
أيتها العيونُ المثيرة للشهوة أيها الله
أربع قاراتٍ جريحة بين نهدي،
كنت أفكر بأنني سأكتسح العالم،
بنظراتي الشاعرية، وعيني الزرقاوين
لبنان .. يا امرأةً بيضاء تحت المياه
يا جبالاً من النهود والمصاحف
إصرخْ أيها الأبكم،
وارفعْ ذراعك عالياً حتى ينفجر الابط،
واتبعني، أنا السفينةُ الفارغة،
والريحُ المسقوفة بالأجراس.
على وجوه الأمهات والسبايا
على رفات القوافي والأوزان
سأطلق نوافير العسل،
سأكتب عن شجرةٍ أو حذاء، عن وردةٍ أو غلام
إرحلْ أيها الشقاء، أيها الطفلُ الأحدبُ الجميل
أصابعي طويلة كالإبر
وعيناي فارسان جريحان
لا أشعارَ بعد اليوم
إذا صرعوك يا لبنان
وانتهت ليالي الشعر والتسكع
سأطلقُ الرصاص على حنجرتي