فارسي (علي)
Al-Farisi (Abu Ali-) - Al-Farisi (Abu Ali-)
الفارسي (أبو علي -)
(288-377هـ/900-987م)
أبو عليّ، الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان بن أبان الفارسي، أشهر نحاة المئة الرابعة، وأغزرهم تأليفاً.
ولد في مدينة «فَسَا»، وهي مدينة كبيرة من أعمال شيراز عاصمة بلاد فارس، وثمة اختلاف يسير في سنة ولادته، وأرجح الروايات أنه عاش تسعاً وثمانين سنة.
وفي عام 307هـ غادر أبو علي مسقط رأسه، وهو في حدود العشرين ميمّماً شطر بغداد طلباً للعلم والشهرة، وفي بغداد تابع تحصيله العلمي، فأخذ علوم النحو واللغة والأدب والقرآن والحديث عن أبرز علمائها، وفي مقدمتهم أبو إسحاق إبراهيم بن السريّ الزجاج (ت 311هـ) سمع منه كتابه «معاني القرآن وإعرابه»، وأبو الحسن علي بن سليمان المعروف بالأخفش الأصغر (ت 315هـ)، وأبو بكر ابن السري المعروف بابن السرّاج (ت 316هـ)، قرأ عليه كتاب سيبويه وتصريف المازني، وأبو بكر محمد بن أحمد المعروف بابن الخيّاط (ت 320هـ)، وأبو بكر محمد بن الحسن بن دريد (ت 321هـ) صاحب «الجمهرة» و«الاشتقاق»، وأبو بكر بن مجاهد (ت 324هـ) صاحب «السبعة في القراءات»، وأبو بكر محمد بن علي المعروف بمَبْرَمان (345هـ) شارح كتاب سيبويه وشارح أبياته.
ولم يكتف أبو علي بسماعه عن هؤلاء الأساتذة بل كان شديد العناية بمؤلفات البصريين الأوائل، إذ كتبها بخطّه وقرأها على أساتذته حتى وقع حريق هائل في بغداد أودى بها وبغيرها، فاغتمّ أبو علي وبقي لا يكلّم أحداً مدّة شهرين.
وبعد مرحلة الطلب هذه تصدّر للتدريس والإقراء والتأليف، وراح يطوّف مدن العراق وأحياناً فارس تاركاً في أغلب هذه المدن أثراً يحمل أسماءها، كالبغداديّات والبصريّات والعسكريّات (نسبة إلى عسكر مكرم). وفي أثناء تجواله زار الموصل سنة 337هـ، ومرّ بجامعها فرأى ابن جني وهو شابّ صغير يتكلّم في مسألة صرفيّة، فاعترض عليه أبو علي ودلّه على الصواب وقال له: «تزبّبتَ وأنت حِصْرم»، فتبع أبا علي أربعين عاماً ينهل من معين علمه.
وفي سنة 341هـ غادر أبو علي العراق متجهاً إلى حلب يطلب الحظوة عند سيف الدولة، بيد أن المقام لم يطل به هناك، ولعل ذلك راجع إلى وجود مَن ينافسه في بلاط سيف الدولة، كابن خالويه والسيرافي، وقد جرى له مع هذين النحويين ومع المتنبي مجالس ومناظرات ومسائل، فغادر حلب إلى بعض المدن الشاميّة، وظهرت أسماء هذه المدن على كتبه أيضاً كالحلبيّات والمسائل الدمشقيّة.
وفي عام 346هـ عاد إلى بغداد ومكث فيها سنتين، ثم انتقل إلى شيراز ليلحق بعضد الدولة البويهي (ت372هـ) وكان هذا الأخير محبّاً له يُحضره مجلسه، ويتباحث معه في النحو واللغة، وظلّ أبو علي على هذه الحال عشرين سنة، إلى أن حدث النزاع بين عضد الدولة وابن عمه عزّ الدولة بختيار بن معزّ الدولة، انتهى بمقتل هذا الأخير، فدخل عضد الدولة بغداد سنة 368هـ وبلغ فيها أوج سلطانه، ولحق به أبو علي، وارتفع شأنه عنده، حتى غدا الوكيل عنه في عقد زواج ابنته على الخليفة الطائع سنة 369هـ، وقصدت أبا علي الوفود من جميع الأقطار، وطار ذكره في الآفاق، وظلّ في بغداد حتى توفي، ودفن في المقبرة الشونيزيّة في الجانب الغربي منها.
رزق أبو علي حظوة كبيرة في علمه، ونجابة تلاميذه، وتصانيفه.
أمّا علمه فيكفيه فيه شهادة معاصريه ومن جاء بعدهم فقد شهد له الباقولي (ت 543هـ) بأنه «فارس الصناعة». وقال تلميذه أبو طالب العبدي: «لم يكن بين أبي علي وبين سيبويه أحد أبصر بالنحو من أبي علي»، ونقل ياقوت عن بعض تلامذته أنه «فوق المبرّد وأعلم منه». وقال ابن جنّي: «أحسب أنّ أبا علي قد خطر له وانتزع من علل هذا العلم ثلث ما وقع لجميع أصحابنا».
وأبو علي بصريّ النزعة لا يفتأ يسمّي البصريّين أصحابه، كثير الإجلال لمتقدّميهم ولاسيّما سيبويه والأخفش وقطرب، وعُرف عنه شغفه بالقياس والعلّة، نقل عنه ابن جنّي قوله: «لأن أخطئ في خمسين مسألة في اللغة ممّا بابه الرواية أحب إليّ من أن أخطئ في واحدة من القياس»، والقياس عند أبي علي يعني فيما يعنيه استنباط القوانين الضابطة لكلام العرب.
والناظر في آثاره وما نقل من أقواله في مصنفات النحويين يدرك سعة علمه وقوة حجته وقدرته على النفاذ إلى دقائق قلّ أن ينتهي إليها سواه، ولاشك أن إغراقه في القياس وتطلّب العلل أفضى به إلى عمليات ذهنية معقدة برع فيها براعة فائقة، بيد أن ذلك أورث عبارته شيئاً من الإغماض والعسر، وشيئاً من الإطالة أتعبت النحويين، فلا غرابة أن يعلق ابن جني على بعض كلامه، وهو الذي لزمه أربعين سنة، بقوله: «أطال الطريق وأوعر المذهب»، وهاهو ابن الشجري، على شدة ولعه بكلام أبي علي يعلّق على بيت من الشعر ويقول: «هذا البيت مشكل، وزاده تفسير أبي علي إشكالاً».
وأما تلاميذه فتكفي الإشارة إلى بعضهم ممّن طارت شهرتهم في علم النحو واللغة، وفي مقدمتهم أبو الفتح عثمان بن جني (ت 392هـ) أكثر تلامذته صحبة له وانتفاعاً بعلمه وإجلالاً له، وقد سلف أن هذه الصحبة استمرّت أربعين عاماً لازمه فيها ابن جني حلاً وترحالاً يقرأ عليه مصنفات الأوائل وينهل من علمه ويذاكره، ويفضي إليه بما يحضره من توجيهات وعلل، فيرضى بها أبو علي، وقد ذكروا أن ابن جني صنّف كتبه في حياة شيخه أبي علي، وأنه عرضها عليه، فرضي عنها واستجادها.
ومن تلامذته النابهين أيضاً أبو الحسن علي بن عيسى الربعي (ت 420هـ) صحبه عشرين سنة في أثناء إقامته بشيراز وشرح كتابه الإيضاح. وأبو طالب العبدي أحمد بن بكر (ت 406هـ)، وقد شرح كتاب الإيضاح أيضاً شرحاً كافياً، وهو أصل لكل من شرح «الإيضاح» بعده لأنه شرح الكتاب بكلام أبي علي نفسه. وأبو نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري(ت 393هـ) صاحب الصحاح، وأبو علي المرزوقي (ت 421هـ) شارح «الحماسة»، ومنهم ابن أخته أبو الحسين بن عبد الوارث النحوي (ت 421هـ) شيخ الإمام عبد القاهر الجرجاني في النحو.
وأما مصنفاته فقد وصفها القدماء بأنها «عجيبة حسنة لم يسبق إلى مثلها»، وكلها في صميم النحو واللغة، وأكثرها مسائل أملاها أبو علي في البلدان التي حلّ بها فنسبت إليها، وهي كثيرة تقارب الأربعين، طبع منها محقّقاً أربعة عشر كتاباً، وهي:
ـ «الإيضاح»: كتاب صغير الحجم تناول فيه أبواب النحو العامّة، ذو منهج تعليمي وعبارة واضحة مختصرة، قيل إن أبا علي ألفه لعضد الدولة، فلمّا اطّلع عليه هذا الأخير قال: «إنما يصحّ هذا للصبيان». وقد رزق هذا الكتاب شهرة واسعة، فزادت شروحه وشروح أبياته على الأربعين.
ـ «التكملة»: تمّم به الإيضاح، فتناول فيه أبواب التصريف، وهو من أجود ما صنّف في بابه، يمتاز بوضوح عبارته وعدم الإطالة، ولعلّ ما نسب إلى عضد الدولة أنه لمّا اطّلع على كتاب التكملة وقال: «غضب الشيخ وجاء بما لا نفهمه نحن ولا هو»، فيه ضرب من المبالغة.
ـ المسائل «العسكريات» و«البغداديات» و«البصريات» و«العضديات» و«الشيرازيات» و«الحلبيات» و«المنثورة» وجميعها أدارها أبو علي على مسائل في النحو والصرف واللغة، وعلى أبواب من النحو، وعلى تفسير بعض من كلام سيبويه. وتفاوتت هذه الكتب في عدد مسائلها.
ـ كتاب الشعر ويعرف أيضاً باسم «شرح الأبيات المشكلة الإعراب»، جعله أبو علي في أربعة وأربعين باباً من أبواب النحو، وقدّم لكل باب ببيت أو بيتين ممّا له صلة بهذا الباب يتناولهما بالشرح وبيان ما يتصل بهما.
ـ «الحجة للقرّاء السبعة»: وهو أوسع ما انتهى إلينا من مصنفاته وأجلّها، شرح فيه كتاب السبعة لشيخه ابن مجاهد، وقوام هذا الشرح هو الاحتجاج لقراءات السبعة وبيان وجهها في العربية وبسط القول فيها وفي لغاتها نحواً وصرفاً.
ـ «الإغفال»: ويعرف باسم «المسائل المصلحة من كتاب أبي إسحاق الزَّجَّاج»، ذكر فيه مآخذه على كتاب معاني القرآن وإعرابه لشيخه الزَّجَّاج.
ـ «التعليقة على كتاب سيبويه»: قصد فيه إلى إيضاح ما غمض من كلام سيبويه على نحو لا يخلو من الإيجاز.
ـ «مقاييس المقصور والممدود»: كُتَيّب عني فيه بوضع المقاييس العامة التي يعرف بها المقصور والممدود.
نبيل أبو عمشة
Al-Farisi (Abu Ali-) - Al-Farisi (Abu Ali-)
الفارسي (أبو علي -)
(288-377هـ/900-987م)
أبو عليّ، الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان بن أبان الفارسي، أشهر نحاة المئة الرابعة، وأغزرهم تأليفاً.
ولد في مدينة «فَسَا»، وهي مدينة كبيرة من أعمال شيراز عاصمة بلاد فارس، وثمة اختلاف يسير في سنة ولادته، وأرجح الروايات أنه عاش تسعاً وثمانين سنة.
وفي عام 307هـ غادر أبو علي مسقط رأسه، وهو في حدود العشرين ميمّماً شطر بغداد طلباً للعلم والشهرة، وفي بغداد تابع تحصيله العلمي، فأخذ علوم النحو واللغة والأدب والقرآن والحديث عن أبرز علمائها، وفي مقدمتهم أبو إسحاق إبراهيم بن السريّ الزجاج (ت 311هـ) سمع منه كتابه «معاني القرآن وإعرابه»، وأبو الحسن علي بن سليمان المعروف بالأخفش الأصغر (ت 315هـ)، وأبو بكر ابن السري المعروف بابن السرّاج (ت 316هـ)، قرأ عليه كتاب سيبويه وتصريف المازني، وأبو بكر محمد بن أحمد المعروف بابن الخيّاط (ت 320هـ)، وأبو بكر محمد بن الحسن بن دريد (ت 321هـ) صاحب «الجمهرة» و«الاشتقاق»، وأبو بكر بن مجاهد (ت 324هـ) صاحب «السبعة في القراءات»، وأبو بكر محمد بن علي المعروف بمَبْرَمان (345هـ) شارح كتاب سيبويه وشارح أبياته.
ولم يكتف أبو علي بسماعه عن هؤلاء الأساتذة بل كان شديد العناية بمؤلفات البصريين الأوائل، إذ كتبها بخطّه وقرأها على أساتذته حتى وقع حريق هائل في بغداد أودى بها وبغيرها، فاغتمّ أبو علي وبقي لا يكلّم أحداً مدّة شهرين.
وبعد مرحلة الطلب هذه تصدّر للتدريس والإقراء والتأليف، وراح يطوّف مدن العراق وأحياناً فارس تاركاً في أغلب هذه المدن أثراً يحمل أسماءها، كالبغداديّات والبصريّات والعسكريّات (نسبة إلى عسكر مكرم). وفي أثناء تجواله زار الموصل سنة 337هـ، ومرّ بجامعها فرأى ابن جني وهو شابّ صغير يتكلّم في مسألة صرفيّة، فاعترض عليه أبو علي ودلّه على الصواب وقال له: «تزبّبتَ وأنت حِصْرم»، فتبع أبا علي أربعين عاماً ينهل من معين علمه.
وفي سنة 341هـ غادر أبو علي العراق متجهاً إلى حلب يطلب الحظوة عند سيف الدولة، بيد أن المقام لم يطل به هناك، ولعل ذلك راجع إلى وجود مَن ينافسه في بلاط سيف الدولة، كابن خالويه والسيرافي، وقد جرى له مع هذين النحويين ومع المتنبي مجالس ومناظرات ومسائل، فغادر حلب إلى بعض المدن الشاميّة، وظهرت أسماء هذه المدن على كتبه أيضاً كالحلبيّات والمسائل الدمشقيّة.
وفي عام 346هـ عاد إلى بغداد ومكث فيها سنتين، ثم انتقل إلى شيراز ليلحق بعضد الدولة البويهي (ت372هـ) وكان هذا الأخير محبّاً له يُحضره مجلسه، ويتباحث معه في النحو واللغة، وظلّ أبو علي على هذه الحال عشرين سنة، إلى أن حدث النزاع بين عضد الدولة وابن عمه عزّ الدولة بختيار بن معزّ الدولة، انتهى بمقتل هذا الأخير، فدخل عضد الدولة بغداد سنة 368هـ وبلغ فيها أوج سلطانه، ولحق به أبو علي، وارتفع شأنه عنده، حتى غدا الوكيل عنه في عقد زواج ابنته على الخليفة الطائع سنة 369هـ، وقصدت أبا علي الوفود من جميع الأقطار، وطار ذكره في الآفاق، وظلّ في بغداد حتى توفي، ودفن في المقبرة الشونيزيّة في الجانب الغربي منها.
رزق أبو علي حظوة كبيرة في علمه، ونجابة تلاميذه، وتصانيفه.
أمّا علمه فيكفيه فيه شهادة معاصريه ومن جاء بعدهم فقد شهد له الباقولي (ت 543هـ) بأنه «فارس الصناعة». وقال تلميذه أبو طالب العبدي: «لم يكن بين أبي علي وبين سيبويه أحد أبصر بالنحو من أبي علي»، ونقل ياقوت عن بعض تلامذته أنه «فوق المبرّد وأعلم منه». وقال ابن جنّي: «أحسب أنّ أبا علي قد خطر له وانتزع من علل هذا العلم ثلث ما وقع لجميع أصحابنا».
وأبو علي بصريّ النزعة لا يفتأ يسمّي البصريّين أصحابه، كثير الإجلال لمتقدّميهم ولاسيّما سيبويه والأخفش وقطرب، وعُرف عنه شغفه بالقياس والعلّة، نقل عنه ابن جنّي قوله: «لأن أخطئ في خمسين مسألة في اللغة ممّا بابه الرواية أحب إليّ من أن أخطئ في واحدة من القياس»، والقياس عند أبي علي يعني فيما يعنيه استنباط القوانين الضابطة لكلام العرب.
والناظر في آثاره وما نقل من أقواله في مصنفات النحويين يدرك سعة علمه وقوة حجته وقدرته على النفاذ إلى دقائق قلّ أن ينتهي إليها سواه، ولاشك أن إغراقه في القياس وتطلّب العلل أفضى به إلى عمليات ذهنية معقدة برع فيها براعة فائقة، بيد أن ذلك أورث عبارته شيئاً من الإغماض والعسر، وشيئاً من الإطالة أتعبت النحويين، فلا غرابة أن يعلق ابن جني على بعض كلامه، وهو الذي لزمه أربعين سنة، بقوله: «أطال الطريق وأوعر المذهب»، وهاهو ابن الشجري، على شدة ولعه بكلام أبي علي يعلّق على بيت من الشعر ويقول: «هذا البيت مشكل، وزاده تفسير أبي علي إشكالاً».
وأما تلاميذه فتكفي الإشارة إلى بعضهم ممّن طارت شهرتهم في علم النحو واللغة، وفي مقدمتهم أبو الفتح عثمان بن جني (ت 392هـ) أكثر تلامذته صحبة له وانتفاعاً بعلمه وإجلالاً له، وقد سلف أن هذه الصحبة استمرّت أربعين عاماً لازمه فيها ابن جني حلاً وترحالاً يقرأ عليه مصنفات الأوائل وينهل من علمه ويذاكره، ويفضي إليه بما يحضره من توجيهات وعلل، فيرضى بها أبو علي، وقد ذكروا أن ابن جني صنّف كتبه في حياة شيخه أبي علي، وأنه عرضها عليه، فرضي عنها واستجادها.
ومن تلامذته النابهين أيضاً أبو الحسن علي بن عيسى الربعي (ت 420هـ) صحبه عشرين سنة في أثناء إقامته بشيراز وشرح كتابه الإيضاح. وأبو طالب العبدي أحمد بن بكر (ت 406هـ)، وقد شرح كتاب الإيضاح أيضاً شرحاً كافياً، وهو أصل لكل من شرح «الإيضاح» بعده لأنه شرح الكتاب بكلام أبي علي نفسه. وأبو نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري(ت 393هـ) صاحب الصحاح، وأبو علي المرزوقي (ت 421هـ) شارح «الحماسة»، ومنهم ابن أخته أبو الحسين بن عبد الوارث النحوي (ت 421هـ) شيخ الإمام عبد القاهر الجرجاني في النحو.
وأما مصنفاته فقد وصفها القدماء بأنها «عجيبة حسنة لم يسبق إلى مثلها»، وكلها في صميم النحو واللغة، وأكثرها مسائل أملاها أبو علي في البلدان التي حلّ بها فنسبت إليها، وهي كثيرة تقارب الأربعين، طبع منها محقّقاً أربعة عشر كتاباً، وهي:
ـ «الإيضاح»: كتاب صغير الحجم تناول فيه أبواب النحو العامّة، ذو منهج تعليمي وعبارة واضحة مختصرة، قيل إن أبا علي ألفه لعضد الدولة، فلمّا اطّلع عليه هذا الأخير قال: «إنما يصحّ هذا للصبيان». وقد رزق هذا الكتاب شهرة واسعة، فزادت شروحه وشروح أبياته على الأربعين.
ـ «التكملة»: تمّم به الإيضاح، فتناول فيه أبواب التصريف، وهو من أجود ما صنّف في بابه، يمتاز بوضوح عبارته وعدم الإطالة، ولعلّ ما نسب إلى عضد الدولة أنه لمّا اطّلع على كتاب التكملة وقال: «غضب الشيخ وجاء بما لا نفهمه نحن ولا هو»، فيه ضرب من المبالغة.
ـ المسائل «العسكريات» و«البغداديات» و«البصريات» و«العضديات» و«الشيرازيات» و«الحلبيات» و«المنثورة» وجميعها أدارها أبو علي على مسائل في النحو والصرف واللغة، وعلى أبواب من النحو، وعلى تفسير بعض من كلام سيبويه. وتفاوتت هذه الكتب في عدد مسائلها.
ـ كتاب الشعر ويعرف أيضاً باسم «شرح الأبيات المشكلة الإعراب»، جعله أبو علي في أربعة وأربعين باباً من أبواب النحو، وقدّم لكل باب ببيت أو بيتين ممّا له صلة بهذا الباب يتناولهما بالشرح وبيان ما يتصل بهما.
ـ «الحجة للقرّاء السبعة»: وهو أوسع ما انتهى إلينا من مصنفاته وأجلّها، شرح فيه كتاب السبعة لشيخه ابن مجاهد، وقوام هذا الشرح هو الاحتجاج لقراءات السبعة وبيان وجهها في العربية وبسط القول فيها وفي لغاتها نحواً وصرفاً.
ـ «الإغفال»: ويعرف باسم «المسائل المصلحة من كتاب أبي إسحاق الزَّجَّاج»، ذكر فيه مآخذه على كتاب معاني القرآن وإعرابه لشيخه الزَّجَّاج.
ـ «التعليقة على كتاب سيبويه»: قصد فيه إلى إيضاح ما غمض من كلام سيبويه على نحو لا يخلو من الإيجاز.
ـ «مقاييس المقصور والممدود»: كُتَيّب عني فيه بوضع المقاييس العامة التي يعرف بها المقصور والممدود.
نبيل أبو عمشة