الفولاذ steel كما يعرفه عامة الناس حديد يتمتع بالقساوة والمرونة وقابلية التقسية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفولاذ steel كما يعرفه عامة الناس حديد يتمتع بالقساوة والمرونة وقابلية التقسية

    فولاذ

    Steel - Acier

    الفولاذ

    الفولاذ steel كما يعرفه عامة الناس حديد يتمتع بالقساوة والمرونة وقابلية التقسية (السقاية) عند تسخينه إلى درجة الاحمرار وتغطيسه بالماء. ويمكن تقنّياً التمييز بين الفولاذ الفحمي والفولاذ السبائكي (الخلائطي)، فالأول يشمل كل خلائط الحديد التي لا تتجاوز نسبة الفحم فيها 2%، مع نسب ضئيلة من بعض العناصر الأخرى، مثل المنغنيز والسلسيوم والفوسفور والكبريت، غير المضافة إليه عن قصد. أما الفولاذ السبائكي فهو كل خلائط الفولاذ الفحمي التي يضاف إليها في أثناء مراحل صنعها عنصر أو أكثر من العناصر المعدنية مثل: المنغنيز والسلسيوم والكروم والنيكل والكوبالت والتنغستين وغيرها، وذلك بقصد إكسابها خواصَّ ميكانيكية أو فيزيائية أو كيميائية معينة.
    لمحة تاريخية
    ارتبطت صناعة الفولاذ بصناعة الحديد، وتطورت مع تطور طرائق استخلاص هذا المعدن. فمنذ مطلع العصر الحديدي وحتى القرن السادس عشر كان الحصول على الحديد يتم في مواقد وأفران لا تكفي درجة الحرارة فيها لصهر الحديد، وإنما تختزله من فلزاته في الحالة الصلبة ليكون الناتج قطعاً من الحديد الإسفنجي القوام، الممتزج بحبيبات الخبث وبقايا الفلزات، ويسمى «الحديد المطرّق» لليونته الناتجة عن عدم احتوائه على الفحم أو العناصر الأخرى. ولكي تصبح هذه القطع صالحة للاستخدام لابدّ من إعادة تسخينها وتطريقها، ليلتحم بعضها مع بعض ولتشكيل قطع كبيرة صالحة لتصنيع المنتجات من جهة، ولتخليصها من حبيبات الخبث والفلز العالقة بها من جهة أخرى. ولما كان الوقود الوحيد الذي يستخدم في إعادة التسخين هو الفحم (فحم الخشب، ثم الفحم الحجري)، فإن قطع الحديد المسخّنة والملامسة للفحم مباشرة تمتزّ نسبة من الفحم تختلف باختلاف درجة الحرارة ومدة التسخين، فيتحول الحديد المطرَّق إلى فولاذ.
    في القرن السادس عشر وبعد البدء باستخلاص الحديد بالفرن العالي، وتطوّر أساليب نفخ الهواء، أصبحت درجة الحرارة في هذا النوع من الأفران كافية لصهر المعدن بعد امتزازه نسبة من الفحم، إذ تذيب قطرات الحديد المصهور الملامسة للفحم نسبة كبيرة منه تزيد على 4% قبل أن تستقرّ في قاع الفرن، ولا يصلح الحديد الخام الحاوي على مثل هذه النسبة من الفحم للاستخدام المباشر لهشاشته، ويستثنى من ذلك صناعة مسبوكات الحديد الصب. لذلك يتطلب الحصول على الفولاذ التخلص من الجزء الأكبر من المحتوى الفحمي للحديد الخام. ويتم ذلك عادة بإعادة صهر الحديد الخام في بواتق، أو في أفران اللهب، في جو مؤكسد لحرق الفحم، غير أن إنتاجية هذه الطرائق لا تتلاءم مع حجم الفرن العالي وإنتاجه، وخاصة بعد تطور تقنيات نفخ الهواء واستخدام الهواء السابق التسخين.
    في أوائل النصف الثاني من القرن التاسع عشر ظهرت طرائق جديدة تعتمد أسلوب نفخ الهواء من خلال الحديد الخام المصهور المستقدم مباشرة من الفرن العالي لحرق الفحم والشوائب الأخرى عرفت باسم محوّلات بسمر وتوماس Bessemer -Thomas، وتلتها طريقة الفرن المفتوح (سيمنس - مارتين Siemens-Martin) التي أتاحت إمكانيّة إعادة صهر خردة الحديد والفولاذ مع الحديد الخام المصهور، واستخدام فلزّ الحديد لحرق الفحم. وفي أواخر القرن التاسع عشر بدئ باستخدام الطاقة الكهربائية في صهر الحديد الخام وصناعة الفولاذ بأفران القوس الكهربائية ثم أفران التحريض الكهربائي. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية ظهرت طريقة النفخ بالمحوّلات الأكسجينيّة لتحل محل محولات بسمر وتوماس.
    صناعة الفولاذ
    1- صناعة الفولاذ بالمحوّلات: أهمها ثلاثة أنواع من المحوّلات:
    أ - محول بسمر Bessemer converter: بدأ العمل به عام 1856، والمحول وعاء من صفائح الفولاذ على شكل حبّة الإجاص مبطّن من داخله بآجر السيليكا الحراري ذي الطبيعة الحمضية. وتحت قاعدته صندوق هواء مضغوط ومتصل بقعر الفرن عبر منافث (فالات) لضخ الهواء. والمحول محمول على قواعد، ومزود بآلية تسمح بإمالته من أجل الشحن والتفريغ (الشكل-1). يملأ المحوّل بالحديد الخام السائل القادم من الفرن العالي، ثم يبدأ نفث الهواء من قعر المحول؛ ليخترق الشحنة السائلة، فتحترق العناصر المرافقة للحديد، مثل السلسيوم والمنغنيز وتطفو على سطح الحديد المصهور لتؤلّف طبقة سائلة من الخبث الحمضي، كما يحترق الفحم ويخرج على شكل أكسيد الفحم وغاز الفحم. ترفع الحرارة الناتجة عن احتراق السلسيوم والفحم درجة حرارة الشحنة وتحافظ على ميوعتها. وعند وصول نسبة الفحم إلى النسبة المطلوبة يوقف النفث ويمال المحول لإزالة الخبثُ، وتفرغ الشحنة الفولاذية؛ لتنقل من ثم إلى أماكن الصب.
    الشكل (1) محوّل بسمر وأطوار عمله
    لا تساعد الطبيعة الحمضية لمحول بسمر على التخلّص من الفوسفور والكبريت، لذلك لا تستخدم هذه المحولات إلا في معالجة الحديد الخام الفقير إلى هذين العنصرين نظراً لتأثيرهما السيئ في الخواص الميكانيكية للفولاذ.
    ب - محول توماس Sidney Thomas converter: بدأ العمل بهذا المحول عام 1878، وهو مشابه من حيث الشكل لمحول بسمر، إلا أنه يختلف عنه في نوعية البطانة، إذ يبطن محول توماس بالآجر الحراري المصنوع من الدولوميت CaCO3.MgCO3 ذي الطبيعة القلوية؛ مما يتيح إمكانية تشكيل خبث قلوي يسهم في تخليص الفولاذ من الفوسفور والكبريت. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الخبث والبطانة يجب أن يكونا من طبيعة كيمياوية واحدة للحد من تآكل البطانة.
    يستخدم هذا النوع من المحولات لمعالجة الحديد الخام الفقير إلى السلسيوم والغني بالفوسفور والكبريت، فبعد إدخال شحنة الحديد الخام السائل إلى المحول يبدأ نفث الهواء، وتبدأ تفاعلات الاحتراق؛ وأهمها احتراق الفوسفور، إضافة إلى احتراق الفحم والسلسيوم. غير أن أكسيد الفوسفور الناتج مركب غير ثابت، ولايلبث أن يتفكك ويذوب من جديد في الحديد المصهور، لذلك تضاف كمية مناسبة من الحجر الكلسي الذي يتفكك إلى غاز الفحم وأكسيد الكلسيوم الذي ينصهر ويؤلف مع الأكاسيد الأخرى الطافية على سطح الحديد المصهور الخبث القلوي، وتزداد قلوية الخبث بزيادة نسبة أكسيد الكلسيوم فيه.
    يتحد أكسيد الفوسفور الناتج من التفاعل السابق مع أكسيد الكلسيوم مشكّلاً مركّباً ثابتاً من الفوسفات يبقى في الخبث. أما الكبريت الذائب في الشحنة فغالباً ما يكون على شكل كبريت الحديد أو كبريت المنغنيز، وكلّ منهما يتفاعل مع أكسيد الكلسيوم.
    أما كبريت الكلسيوم الناتج فهو أيضاً مركب ثابت، لا يذوب في الحديد المصهور، ويخرج مع الخبث. وبهذا يمكن التخلص من الجزء الأكبر من الفوسفور والكبريت الموجودين في الحديد الخام. ويمكن الاستفادة من الخبث الناتج من محول توماس سماداً لاحتوائه على نسبة عالية من الفوسفات.
    يؤخذ على كل من طريقتي بسمر وتوماس احتواء الفولاذ المنتج في كل منهما على نسبة من الآزوت تقلّل من قابليته للتشكيل، وتتسبب في تناقص مؤشرات خواصه الميكانيكية مع الزمن.
    ج - المحول الأكسجيني L.D: شهد عام 1937 تطوراً كبيراً في طرائق استخلاص الأكسجين من الهواء، ومنذ ذلك التاريخ بدأت في العديد من الدول الصناعية محاولات لاستخدام الأكسجين في صناعة الفولاذ، وقد نجح النمساويون في عام 1949 في استخدام جيل جديد من المحولات تعمل بالأكسجين في كل من مدينتي لينتس Linz ودونافيتس Donawitz النمساويتين، وسميت الطريقة بالحرفين الأولين من اسمي المدينتين «L.D».
    لا يختلف شكل هذا المحول كثيراً عن محولي بسمر وتوماس، فهو يتكون من جسم أسطواني من الأسفل ومخروطي من الأعلى، قعره مسمط وتغطي فوهته من الأعلى قبة تؤدي إلى المدخنة، تخترق جدار القبة فتحة يدخل منها أنبوب ضخ الأكسجين، والمحول محمول من وسطه على قواعد تسمح بإمالته إلى الأمام للملء وتفريغ الخبث، وإلى الخلف لتفريغ الشحنة (الشكل 2 و3).
    الشكل (2) المحوّل الأكسجيني
    الشكل (3) مراحل عمل المحوّل الأكسجيني
    يملأ شحن المحول بكمية من خردة الفولاذ (بين 20 و30% من وزن الشحنة الكلي)، ثم تصب فوقها كمية من الحديد الخام المصهور. يدفع بأنبوب ضخ الأكسجين من الأعلى؛ لتستقر فوهته فوق سطح السائل، ثم يبدأ ضخ الأكسجين، وتبدأ تفاعلات الاحتراق والأكسدة. في هذه الأثناء تضاف كمية مناسبة من الحجر الكلسي لتشكيل الخبث، وربط أكسيد الفوسفور وكبريت الكلسيوم وأكاسيد العناصر الأخرى، وعند الوصول بالتركيب الكيميائي للشحنة إلى التركيب المطلوب، يوقف ضخ الأكسجين، ويمال المحوّل إلى الخلف لتفريغ الفولاذ من فتحة خاصة في أعلى الجدار الخلفي، ثم إلى الأمام لتفريغ الخبث من فوهة المحول.
    2- صناعة الفولاذ بالفرن المفتوح open- hearth furnace أوSiemens-Martin furnace: يتكوّن الفرن المفتوح من حجرة كبيرة مستطيلة الشكل (الحوض) تنتهي في كل من جانبيها (المتناظرين) برأس أو قناة لهب تلتقي عندها قنوات دخول الغاز والهواء (في الأفران التي تعمل بالوقود الغازي)، أو قناة الهواء مع الحرّاق (في أفران الوقود السائل). تتوضع تحت كل من جانبي الفرن حجرتان صغيرتان (أو حجرة واحدة) مهمتهما التقاط قطرات أو حبيبات الخبث التي قد تحملها غازات الاحتراق الخارجة من الفرن قبل دخولها إلى حجرتي استرجاع الحرارة (أو حجرة واحدة) المليئتين بالآجرّ الحراري المشيّد على شكل شبكة فراغية تنتهي في أسفلها بقناة تصلها بالمدخنة (الشكل-4).
    الشكل (4) فرن الحوض المفتوح
    يعمل الفرن على النحو الآتي: يتم إحماء الفرن قبل البدء بإدخال مواد الشحنة بتسليط اللهب إلى الحوض من أحد جانبيه (اليساري مثلاً) لتخرج غازات الاحتراق من الجانب الآخر (اليميني) إلى حجرتي التقاط الخبث ثم إلى حجرتي الاسترجاع حيث تمتص شبكتا الآجر الجزء الأكبر من حرارتها قبل أن تغادر إلى المدخنة (الشكل-4). وبعد فترة زمنية معينة (نصف ساعة وسطياً) يتبادل جانبا الفرن دورهما، فيصبح الجانب الآخر (اليميني) جانب تسليط اللهب؛ ليأتيه الهواء والوقود الغازي مسخنين بعد عبورهما حجرتي الاسترجاع، وبعد أن تكون قد أغلقت قنوات وصلهما بالمدخنة وفتحت قنوات وصلهما بالهواء والغاز، والعكس بالنسبة لحجرتي الاسترجاع في الجانب الأول (اليساري) التي أصبحت ممراً لغازات الاحتراق في طريقها إلى المدخنة (الشكل-5). ويستمر تبادل الأدوار بين جانبي الفرن وحجرات الاسترجاع التابعة لهما طوال فترة عمل الفرن.
    الشكل (5) دارة الجريان في الفرن المفتوح وتوابعه
    بعد وصول درجة حرارة بطانة الفرن إلى الدرجة المناسبة يبدأ إدخال مواد الشحنة، حيث يتم أولاً إدخال كمية من فلز الحديد والحجر الكلسي، ثم تضاف خردة الحديد والفولاذ التي قد تصل نسبتها إلى 50% من وزن الشحنة المعدنية. وعندما تبدأ المواد الصلبة بالانصهار أو تكاد يصب فوقها الحديد الخام السائل القادم مباشرة من الفرن العالي لتبدأ مراحل الصهر والتفاعلات الكيميائية وتشكيل الخبث الأولي.
    يؤدي فلز الحديد المضاف (أكسيد الحديد) الدور الرئيسي في تخليص الشحنة من الشوائب.
    وتطفو أكاسيد السلسيوم والمنغنيز الناتجة على سطح الحوض؛ لتؤلف مع الكلس وفلز الحديد طبقة من الخبث السائل الذي يستمر بالتفاعل مع الشحنة المعدنية.
    وتزداد سرعة التفاعل الثالث عندما تنخفض نسبة السلسيوم والمنغنيز في الشحنة، ويبدأ ما يسمى بمرحلة الغليان، حيث يشكّل خروج أكسيد الفحم من الحوض على شكل فقاعات وبكميات كبيرة ظاهرة تشبه غليان الماء. إن خروج أكسيد الفحم على هذا النحو يزيد من تمازج الخبث بالمعدن المصهور، فيزيد من سرعة التفاعلات، ويساعد في تخليص المصهور المعدني من العوالق غير المعدنية ومن بعض الغازات الذائبة فيه.
    غالباً ما تكون طبقة الخبث المتشكلة حتى هذه المرحلة سميكة وتؤلف عازلاً حرارياً بين المعدن المصهور وغازات الفرن ويصبح تركيبها الكيميائي غير مناسب للتحكم بالتركيب الكيميائي للفولاذ، لذلك تزال هذه الطبقة ويصنع بدلاً منها خبث جديد بتركيب كيميائي محدد يساعد على تحقيق التركيب الكيميائي المطلوب للفولاذ. وللوصول إلى هذه الغاية يزال الخبث، وتفرغ الشحنة الفولاذية، ويبدأ تحضير الفرن لاستقبال شحنة جديدة.
    لقد كاد الوقود الذي كان يستخدم في الفرن المفتوح حتى منتصف القرن العشرين أن يقتصر على مزيج من الغازات ذات القيمة الحرارية المنخفضة، وهي الغاز المولّد من الفحم الحجري وغاز التكويك الناتج من تحويل الفحم الحجري إلى كوك، والغازات الخارجة من الفرن العالي. لذلك كانت تخصص لهذه الغازات حجرات استرجاع لتسخينها قبل إدخالها إلى الفرن إضافة إلى حجرات تسخين الهواء. وقد بُدئ في النصف الثاني من القرن العشرين باستخدام الغاز الطبيعي والمنتجات النفطية مثل الزيت الثقيل؛ لذلك لم يعد هناك حاجة لتسخين الغاز، فصارت الأفران التي تبنى من جديد تحتوي على حجرة استرجاع واحدة تحت كل من جانبي الفرن لتسخين الهواء اللازم للاحتراق. وغالبية الأفران المفتوحة مبطنة بالآجر القلوي كي يتم تشكيل الخبث القلوي الذي يساعد على التخلص من الفوسفور والكبريت، والقليل منها يعمل بالطريقة الحمضية.
    إن الفولاذ المنتج بالفرن المفتوح أفضل من الفولاذ المنتج بالمحولات حتى الأكسجينية منها، وذلك لإمكانية التحكم أفضل بالتركيب الكيميائي ونقاء الفولاذ في فترة المعالجة التي تستغرق بين 6 و10 ساعات للشحنة الواحدة. وعلى الرغم من أن وزن شحنة بعض الأفران المفتوحة يصل إلى 600 طن من الفولاذ، فإن التكاليف الباهظة لبناء الفرن وملحقاته ومدة المعالجة الطويلة فيه، جعلت هذا النوع من الأفران يتراجع أمام المحولات الأكسجينية التي لا تبقى فيها الشحنة أكثر من نصف ساعة، وتقل تكاليف إنشائها كثيراً عن الفرن المفتوح، وهناك اليوم محولات تتسع لشحنة تتجاوز 200 طن من الفولاذ.
    3- صناعة الفولاذ بالأفران الكهربائية: تستخدم الطاقة الكهربائية بدلاً من الوقود الغازي أو السائل اللازم لتأمين حرارة التسخين والصهر في الفرن المفتوح، ولا تختلف هذه الأفران من حيث المبدأ ومراحل العمل عن الفرن المفتوح. إلا أن هناك بعض الميزات التي لا توفرها الأفران المفتوحة، منها: توفير كمية كافية من الحرارة تتيح إمكانية التعامل مع شحنة مكوناتها المعدنية كلها من المواد الصلبة (خردة الفولاذ وقطع الحديد الصب والحديد الخام الصلب)، إضافة إلى إمكانية العمل في درجات حرارة أعلى من مثيلتها في الفرن المفتوح، وهي تسمح كذلك بإضافة العناصر السبائكية الصعبة الانصهار، مثل التنغستين والموليبدينيوم وغيرها. كما أن عدم وجود غازات احتراق في جو الفرن يسمح بإضافة خلائط سريعة الاحتراق وباهظة الثمن إلى الشحنة داخل الفرن لصنع فولاذ سبائكي من دون خشية احتراق جزء من هذه العناصر. ولا يمكن إضافتها في الفرن المفتوح، التي غالباً ما تضاف إلى الشحنة بعد تفريغها في دلو الصب.
    أما أهم الأفران الكهربائية المستخدمة في صناعة الفولاذ فهي أفران القوس الكهربائية وأفران التحريض.
    آ - أفران القوس الكهربائية[ر. الصهر (أفران ـ)]: يتكون الفرن من جسم أسطواني وقاعدة مقعرة وسقف محدب قابل للرفع والإزاحة، تتدلى من السقف ثلاثة أقطاب كهربائية (إلكترودات) من الغرافيت قابلة للتحريك إلى الأعلى والأسفل (الشكلان 6 و7). وأجزاء الفرن مبطنة بالآجر والمواد الحرارية التي غالباً ما تكون ذات طبيعة قلوية. أما مكونات الشحنة فخردة الفولاذ وقطع الحديد الخام الصلبة وفلز الحديد ومشكلات الخبث، مثل الحجر الكلسي وغيره. يتم إدخال مواد الشحنة بإنزالها إلى الفرن من الأعلى (بعد رفع السقف وإزاحته) باستخدام سلال فولاذية تنفتح من الأسفل عند ملامستها قعر الفرن، وتسحب إلى الأعلى تاركة مواد الشحنة في قاع الفرن، ثم يعاد السقف إلى مكانه وتخفض الأقطاب الكهربائية؛ لتصير على بعد من سطح الشحنة يسمح بإحداث القوس الكهربائية بينها وبين الشحنة لتبدأ عمليات الإحماء والصهر، وتشكُّل الخبث، والتفاعلات الكيميائية، والوصول إلى التركيب الكيميائي المطلوب. يُزال الخبث، وتضاف العناصر السبائكية اللازمة؛ لتصير الشحنة جاهزة للتفريغ.
    الشكل (6) فرن القوس الكهربائي الشكل (7) رسم يبين أجزاء فرن القوس الكهربائي
    يعد الفولاذ المنتج بهذه الأفران أفضل أنواع الفولاذ لإمكانية التحكم الدقيق بالتركيب الكيميائي وتنقية الفولاذ من الشوائب، لذلك غالباً ما تستخدم هذه الأفران رديفاً لأفران الحوض المفتوح والمحولات الأكسجينية لتتم بها صناعة الأنواع الخاصة من الفولاذ، مثل فولاذ أدوات القطع والفولاذ المقاوم للحرارة، والمقاوم للتأكسد وغيرها.
    ب - الأفران التحريضية[ر. الصهر (أفران -)]: يتألف الفرن من بوتقة من الآجر الحراري، تحيط بها وشيعة كهربائية من أنابيب النحاس يجري فيها تيار مائي لتبريدها، متصلة بمنبع للتيار الكهربائي عالي التردد (الشكل-8). شحنة الفرن مماثلة لشحنة فرن القوس الكهربائي. بعد إدخال الشحنة إلى الفرن ووصل الوشيعة بالتيار الكهربائي تبدأ التيارات الإعصارية بالسريان بالشحنة المعدنية لتسخنها، ثم تصهرها بفعل أثر جول الحراري، وباختلاطها بفلز الحديد ومشكلات الخبث تبدأ تفاعلات التنقية من الشوائب وضبط التركيب الكيميائي على النحو الذي سبق ذكره في الأفران الأخرى. لدى الانتهاء يقطع التيار الكهربائي، وتترك الشحنة حتى تستقر، ويطفو الخبث على سطح الفولاذ المصهور؛ ليزال وتفرغ الشحنة. إن هذه الأفران غالباً ما تستخدم في مسابك للصهر أكثر منها لصناعة الفولاذ لصغر حجمها موازنة بالأفران الأخرى.
    الشكل (8) فرن التحريض الكهربائي
    يتم إفراغ الشحنة المصهورة، من أي من الأفران والمحولات، في أوعية فولاذية كبيرة تشبه الدلاء، كل منها مبطّن بالآجر الحراري ومزوّد بفتحة سفلية يغلقها عمود يمتد داخل الدلو ومتصل بآلية لرفعه وخفضه. بعد امتلاء الدلو بالفولاذ السائل ينقل ليصب في قوالب؛ ليتجمد (يتبلور) في كتل كبيرة (جـلامـيد ingots) (الشكل-9)، أوفي آلة الصب المستمر المكونة من قالب مفتوح من النحاس المبرد بالماء ليتجمد فيه المعدن على شكل موشور رباعي لا نهائي يسحب من الأسفل بشكل متصل (الشكل-10)، ويقطّع بأطوال محددة للحصول على قضبان (بيليتات billets) ذات مقطع رباعي أصغر بكثير من مقطع الجلمود، ليختصر الكثير من عمليات التشكيل اللاحقة والضرورية لتحضير المنتجات نصف الجاهزة.
    الشكل (9) صب الفولاذ في قوالب
    الشكل (10) الصب المستمر للفولاذ
    ج - أفران التخلية والخبث الكهربائي: مجموعة من الطرائق يصنفها بعضهم بين طرائق صناعة الفولاذ، إلا أنها تستخدم غالباً لتنقية بعض الأنواع الخاصة من الفولاذ التي سبق صنعها بأحد الأفران السابقة الذكر. وأهم هذه الطرائق:
    ـ فرن التحريض المخلّى: فرن تحريضي عادي، ولكنه متوضع في حجرة قابلة للتخلية حيث يتم شحن الفرن وصهر الشحنة وتفريغها وصبها في القوالب في جو من التخلية لتخليص الفولاذ من الغازات المنحلة فيه.
    ـ فرن القوس الكهربائي المخلّى: يختلف هذا الفرن عن فرن القوس الكهربائية السابق، حيث يتكون هنا جسم الفرن من قالب معدني على شكل موشور رباعي، جدرانه مفرغة؛ ليمر فيها تيار مائي لتبريدها في أثناء العمل. قاعدته صفيحة مفرغة أيضاً وقابلة للانزلاق داخل جسم الفرن. يتدلى من سقفه حامل الأقطاب (الإلكترود)، ويكون القطب مقطعاً من الفولاذ المعد لإعادة الصهر. بعد إغلاق الفرن بإحكام يفرغ من الهواء ويوصل قطبا التيار الكهربائي إلى الإلكترود وقاعدة الفرن لتنشأ بينهما قوس كهربائية تؤدي إلى البدء بصهر الإلكترود على شكل قطرات تتساقط وتتجمّع فوق قاعدة الفرن؛ لتبدأ بالتجمد والنمو باتجاه الأعلى على حساب المصعد (الشكل-11).
    الشكل (11) فرن القوس الكهربائي المخلّى
    ـ فرن الخبث الكهربائي electroslag: ما يحدّ من استخدام فرن القوس الكهربائي السابق التكلفة الباهظة لتجهيزات الفرن، لذلك كثيراً ما يستخدم بدلاً منه فرن الخبث الكهربائي الذي يشبهه من حيث الشكل، ولكنه يعمل بالمقاومة الكهربائية، حيث توضع بين الإلكترود (مقطع الفولاذ المعد للصهر) وقاعدة الفرن كمية من مشكلات الخبث، وبوصل قاعدة الفرن والإلكترود بالتيار الكهربائي تنصهر مشكلات الخبث بفعل مقاومتها وتصنع خبثاً سائلاً ملامساً للإلكترود الذي يبدأ بالانصهار على شكل قطرات تمر عبر الخبث السائل (ليعمل على تنقيتها) قبل أن تستقر على قاعدة الفرن وتتجمد بفعل التبريد المستمر(الشكل-12).
    الشكل (12) فرن الخبث الكهربائي
    تصنيف الفولاذ وأهميته الاقتصادية
    تصنيفات الفولاذ كثيرة ومتداخلة، وتتمّ من منطلقات مختلفة، فمن حيث طريقة الصنع مثلاً يصنف الفولاذ إلى فولاذ بسمر، وفولاذ سيمنس - مارتين، وفولاذ كهربائي وغير ذلك. ومن حيث طريقة الإنهاء والتحضير للصب في القوالب يصنف الفولاذ في ثلاث مجموعات: فولاذ غير مخمّد rimming steel، وفولاذ نصف مخمّد semi-killed steel، وفولاذ مخمّد killed steel، إذ إنه عند تفريغ الشحنة من الفرن لصبها في قوالب غالباً ما تكون حاوية على كمية من أكسيد الحديد الذي يستمر أكسجينه بالتفاعل مع الفحم، وإطلاق فقاعات أول أكسيد الفحم، فهو غير مخمّد، ويمكن أن يؤلف فجوات غازية داخل البنية الصلبة بعد التجمد. وللتخفيف من هذه الظاهرة تضاف كمية من السلسيوم (فرّوسلسيوم) لربط جزء من الأكسجين على شكل سيليكا تطفو على سطح المصهور ويصبح الفولاذ نصف مخمّد. أما التخلص من الأكسجين كلياً وجعل الفولاذ مخمّداً فيضاف الألمنيوم. ومن حيث العناصر الداخلة في التركيب الكيميائي فيصنف الفولاذ في مجموعتين رئيسيتين: فولاذ فحمي، وفولاذ سبائكي، وتندرج تحت كل منهما عشرات بل مئات الأنواع من الفولاذ.
    إن التصنيف الأهم والأكثر تداولاً هو تصنيفه التجاري الذي يأخذ بالاعتبار مجالات استخدامه فيقال مثلاً: فولاذ التسليح (المستخدم في أعمال البناء)، وفولاذ الإنشاءات، وفولاذ العدد وأدوات القطع، وفولاذ قوالب التشكيل، والفولاذ المقاوم للصدأ، والفولاذ المقاوم للحرارة وغيره. وتندرج تحت كل من هذه العنوانات مجموعة من الأنواع تجمع بينها ميزات تجعلها صالحة للاستخدام في مجال معيّن أكثر من صلاحيتها لأغراض أخرى.
    إن دور الحديد والمنتجات الحديدية في حياة الإنسان يتنامى منذ بداية العصر الحديدي؛ ليصل في القرون الوسطى إلى مكان الصدارة بين المواد المعدنية الأخرى، ولا يزال الفولاذ المادة الإنشائية الأولى التي لا يمكن تصور حياة الإنسان من دونها، فمن الفولاذ تصنع السيارات والقاطرات والسكك الحديدية والأسلحة والآليات العسكرية والمدنية وآلات الحفر والبناء وشق الطرق، وهو الذي يؤلف الهياكل المعدنية للأبراج وناطحات السحاب والجسور، ومنه تصنع آلات التشكيل والتشغيل ومختلف الآلات والأدوات الصناعية والمنزلية والآلات والأدوات الزراعية وغيرها. لذلك يعدّ الفولاذ من أهم المواد الاستراتيجية لجميع الدول المتقدمة منها والنامية على حد سواء، ويكاد لا يقل أهميةً عن المواد الغذائية ومصادر الطاقة.
    جميل أبو جهجاه
يعمل...
X