أغنيات إلى وطن للشاعر محمود درويش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أغنيات إلى وطن للشاعر محمود درويش


     اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	تنزيل (2).jpg 
مشاهدات:	7 
الحجم:	16.2 كيلوبايت 
الهوية:	127665


    قصيدة أغنيات إلى الوطن
    يقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش:


    جبين وغضب
    وطني! يا أيها النسرُ الذي يغمد منقار اللهبْ

    في عيوني،

    أين تاريخ العرب؟

    كل ما أملكه في حضرة الموت:

    جبين وغضب.

    وأنا أوصيت أن يزرع قلبي شجرةْ

    وجبيني منزلاً للقُبَّرهْ.

    وطني، إنا ولدنا وكبرنا بجراحك

    وأكلنا شجر البلّوط...

    كي نشهد ميلاد صباحك



    أيها النسر الذي يرسف في الأغلال من دون سببْ

    أيها الموت الخرافيُّ الذي كان يحب

    لم يزل منقارك الأحمر في عينيَّ

    سيفاً من لهب...

    وأنا لست جديراً بجناحك

    كل ما أملكه في حضرة الموت:

    جبين... وغضب!



    وطن
    علِّقوني على جدائل نخلهْ

    واشنقوني... فلن أخون النخلة!

    هذه الأرض لي... وكنت قديماً

    أحلبُ النوق راضياً ومولَّهْ

    وطني ليس حزمة من حكايا

    ليس ذكرى، وليس قصةً أو نشيداً

    ليس ضوءاً على سوالف فُلّهْ

    وطني غضبة الغريب على الحزن

    وطفلٌ يريد عيداً وقبلهْ

    ورياح ضاقت بحجرة سجن

    وعجوز يبكي بنيه.. وحلقهْ

    هذه الأرض جلد عظمي

    وقلبي...

    فوق أعشابها يطير كنحلهْ

    علِّقوني على جدائل نخلهْ

    واشنقوني فلن أخون النخلة!



    لا مفر
    مطر على أشجاره ويدي على

    أحجاره، والملح فوق شفاهي

    من لي بشبّاك يقي جمر الهوى

    من نسمة فوق الرصيف اللاهي؟

    وطني! عيونك أم غيومٌ ذوَّبت

    أوتار قلبي في جراح إلهِ!

    هل تأخذنَّ يدي؟ فسبحان الذي

    يحمي غريبا من مذلِّة آهِ

    ظلُّ الغريب على الغريب عباءةٌ

    تحميه من لسع الأسى التيّاهِ

    هل تُلْقِيَنَّ على عراء تسولي

    أستار قبر صار بعض ملاهي

    لأشمَّ رائحة الذين تنفَّسوا

    مهدي... وعطر البرتقال الساهي

    وطني! أُفتِّش عنك فيك فلا أرى

    إلاّ شقوق يديك فوق جباهِ

    وطني أتفتحُ في الخرائب كوة؟

    فالملح ذاب على يدي وشفاهي

    مطر على الإسفلتِ، يجرفني إلى

    ميناءِ موتانا... وجرحُك ناهِ



    رد الفعل
    وطني! يعلمني حديدُ سلاسلي

    عنف النسور، ورقة المتفائلِ

    ما كنت أعرف أن تحت جلودنا

    ميلادَ عاصفةٍ... وعرس جداولِ

    سَدُّوا عليَّ النور في زنزانةٍ

    فتوهَّجتْ في القلب... شمسُ مشاعلِ

    كتبوا على الجدار.. مرج سنابلِ

    رسموا على الجدار صورَ قاتلي

    فمحتْ ملامحَها ظلالُ جدائلِ

    وحفرتُ بالأسنان رسمك دامياً

    وكتبتُ أُغنية العذاب الراحلِ

    أغمدت في لحم الظلام هزيمتي

    وغرزت في شعر الشموس أناملي

    والفاتحون على سطوح منازلي

    لم يفتحوا إلاّ وعود زلازلي!

    لن يبصروا إلاّ توهُّج جبهتي

    لن يسمعوا إلاّ صرير سلاسلي

    فإذا احترقت على صليب عبادتي

    أصبحت قديساً.. بِزَيّ مُقاتلِ



    الموعد
    لم تزل شرفةٌ.. هناك

    في بلادي، ملوحهْ

    ويدٌ تمنحُ الملاك

    أغنيات، وأجنحهْ

    العصافير أم صداك

    أم مواعيدُ مفرحهْ

    قتلتني.. لكي أراك؟!

    وطني ! حبنا هلاك

    والأغاني مجرحهْ

    كلما جاءني نداك

    هجر القلب مطرحهْ

    وتلاقي على رباك

    بالجروح المفتحهْ

    لا تلمني ففي ثراك

    أصبح الحب.. مذبحهْ!



    أحبك أكثر
    تَكَبَّرْ…تَكَبَّر!

    فمهما يكن من جفاك

    ستبقى، بعيني ولحمي، ملاك

    وتبقى، كما شاء لي حبنا أن أراك

    نسيمك عنبر

    وأرضك سكَّر

    وإني أحبك… أكثر



    يداك خمائلْ

    ولكنني لا أغني

    ككل البلابلْ

    فإن السلاسلْ

    تعلمني أن أقاتلْ

    أقاتل… أقاتل

    لأني أحبك أكثر!

    غنائي خناجر وردْ

    وصمتي طفولة رعد

    وزنبقة من دماء

    فؤادي،

    وأنت الثرى والسماء

    وقلبك أخضر…!

    وَجَزْرُ الهوى، فيك، مَدّ

    فكيف، إذن، لا أحبك أكثر

    وأنت، كما شاء لي حبنا أن أراك:

    نسيمك عنبر

    وأرضك سكَّر

    وقلبك أخضر…!

    وإنِّي طفل هواك

    على حضنك الحلو

    أنمو وأكبر!

يعمل...
X