محمود درويش
محمود سليم حسين درويش، هو شاعر فلسطيني معاصر، وقد حاز على لقب شاعر فلسطين، وهو عضو في المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن الجدير بالذكر أن له دورًا كبيرًا في تطوير الشعر العربي الحديث، كما أن له من الأعمال الشعرية أكثر من 30 ديوانًا وله ثمانية كتب، علاوة على ذلك فقد تُرجمت أشعاره إلى عدة لغات، ومن الجوائز المهمة التي تسلمها درويش: جائزة لوتس عام 1969، وجاهزة العويس الثقافية عام 2002 التي أخذها مناصفة مع الشاعر أدونيس. [١][٢]
مولد محمود درويش
ولد محمود سليم درويش في قرية البروة الفلسطينية، الواقعة تحديدًا في الجليل، وذلك عام 1941 في شهر آذار، لينزح مع عائلته إلى لبنان مع نكبة عام 1948، ثم عاد مجدَّدًا إلى قريته ليجدها خرابًا، فيقرر المكوث في قرية الجديدة الواقعة شمال قريته الأصلية، وقد أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي في القرى المجاورة، لينضم بعد ذلك إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وإن نشاطه السياسي وأقواله دفعت قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى اعتقاله أكثر من مرة، لكنه لم يقف عند ذلك، فقد ترأس مركز الأبحاث الفلسطينية في لبنان ليكون رئيس تحرير مجلة "شؤون فلسطينية"، ثم عمل على تأسيس مجلة الكرمل الثقافية في بيروت، والتي كان رئيسًا لها أيضًا، وقد ظهرت مقاومة درويش ظهورًا جليًّا، ووصلت أقصاها حين انتُخب كعضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1988، علاوة على تعيينه مستشارًا للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. [١]
ثقافة محمود درويش وعلمه
ظهرت موهبة محمود درويش في الكتابة والرسم منذ صغره، فقد كان في مدرسته في قرية دير الأسد من التلاميذ المتفوقين، وذلك من مطالعة الأدب العربي، والشعر الجاهلي، والرسم، ولكنه يصف توقفه عن الرسم والبدء بالشعر وكتابته قائلًا: "لم يملك والدي قدرًا من المال يتيح له إمكانية أن يشتري ما أحتاجه من أدوات الرسم، لقد زودني بدفتر الكتابة بشق النفس"، وبذلك قرر درويش الاستغناء عن الرسم والبدء في كتابة الشعر، وقد شجعه معلموه في بادئ الأمر، من أهمهم معلمه نمر مرقة الذي وجّهه وساعده في خطواته الأولى في الشعر. [٣]
بدأ محمود درويش نشاطه الشعري بقصيدة ألقاها في مهرجان أقيم في مدرسته، كان عنوان القصيدة صرخة من طفل عربي إلى طفل يهودي؛ وقد كانت هذه القصيدة السبب بتهديد درويش بوالده، وحثه على عدم الكتابة مرة أخرى، ومن هنا بدأت سلسة اعتقالات محمود درويش، فقد كان شعره يعرضه للمساءلة والاعتقال، رغم ذلك تابع درويش تعليمه الثانوي، ولكنه لم يحظ بفرصة الالتحاق بالتعليم العالي في فلسطين؛ وذلك لمنع القوانين الإسرائيلية العرب من ذلك، لذلك فإنه خرج إلى موسكو بهدف إكمال دراسته في المرحلة الجامعية، وذلك بتوجيهات من الحزب الشيوعي، وعمل لاحقًا في عدة مجلات وصحف فلسطينية، مثل صحف الحزب الشيوعي، ومجلة الفجر، ولكنه بعد ذلك توجه إلى القاهرة لتكون موقعه في جبهته ضد الكيان المحتل، وذلك بصفته أصبح قضية عامة، إذ إنه يستطيع وصف نفسه بالمواطن العربي والعالمي. [٣]
أسلوب محمود درويش
اعتمد أسلوب درويش في جل أعماله الأدبية على توظيف الرموز فيها بما يخدم قضيته ويثريها، فيجده الدارس قد عمد إلى توظيف الأساطير والرموز بشتى الأنواع والأشكال، مع عمق فني متوازن، ليخلق لغة رمزية خاصة به، ذات أبعاد متأثرة على طول دواوين وأشعاره، لتكون هذه الرمزية هي معلم تشكيل قصائد محمود درويش، ولكن الإشارة هنا مهمة إلى أن درويش لم يقدم الرموز على طبق من ذهب، وإنما حرص على ابتكارات التعبيرات عنها ضمن فكرة وقالب جديد، كوسيلة لإيصال المعنى وإغناء النص وإثرائه. [٤]
منهج محمود درويش
يعتمد منهج درويش في كتاباته على عدة مراحل خاضها طوال مسيرته الأدبية؛ فمنذ أن كان مراهقًا في التاسعة عشرة من عمره، ومع ديوانه الأول عصافير بلا أجنحة يرى الدارس لمنهجه أنه منهج طفولي قائم على سذاجة المعاني، والتعبير المباشر، والأفكار الضيقة والمحدودة، إذ يمكن ملاحظة تقليده الواضح في البلاغة المتعمدة التي ألقاها في شعره وكتاباته، ولكنه ما لبث أن قدم ديوانه الشعري الثاني أوراق الزيتون؛ والذي تجلت فيه الروح الغنائية والنضج الفني تجليًا كبيرًا، فلقد تأثر فيه درويش بشعراء من مثل علي محمود طه وإبراهيم ناجي، وهو ما عمل على صقله مع صدور ديوان عاشق من فلسطين عام 1966، إذ ظهرت مقدرة درويش على الإيحاء، وذلك باستخدام الأسطورة والرموز في شعره، فتراه هنا متأثرًا ببدر شاكر السياب، وغيره من الذين كانت الأساطير والهموم العربية فنهم في الشعر، وهو ما أخذ بيده للوصول إلى مرحلة شعر الملحمة، ومن ما يُضرب به المثل؛ قصيدته "سرحان يشرب القهوة في الكافتيريا"، والتي تجلى فيها فنه في الإيحاء والنقد اللاذع، عندما صَوَّرَ القدس بصورتين؛ الأولى كما هي عند الذين يتاجرون فيها، والثانية هي الصورة الوطنية كما هي بين ابن الوطن ومدينته، وقد عَمَد درويش إلى نقد من لا يكترثون بمصير أوطانهم في قصيدته؛ إذ يقول فيها: "مساءٌ يرافقهم، والمساء بعيد عن الأمهات قريب من الذكريات، وسرحان لا يقرأ الصحف العربية، لا يعرف المهرجانات والتوصيات، فكيف إذن جاءه الحزن، وكيف تقيأ؟ وما القدس والمدن الضائعة، سوى ناقة تشتريها البداوة إلى السلطة الجائعة"، ويعود ويكمل: "وما القدس إلا زجاجة خمر وصندوق تبغ ولكنها وطني، من الصعب أن تعزلوا عصير الفواكه عن كريات دمي ولكنها وطني، من الصعب أن تجدوا فارقًا واحدًا بين حقل الذرة وتجاعيد كفي...". [٣][٥][٦]
أشهر كتابات محمود درويش
من أشهر كتابات محمود درويش في ديوان أوراق الزيتون ما صار مغنًّى بعد ذلك وهي قصيدة: "وضعوا على فمه السلاسل، ربطوا يديه بصورة الموتى، وقالوا أنت قاتل، أخذوا طعامه والملابس والبيارق، ورموه في زنزانة الموتى، وقالوا أنت سارق". [٣]
أما عن قصيدة إلى أمي في ديوان عاشق فلسطين، فهي في الحقيقة الأكثر شهرة له إلى يومنا هذا، فيقول فيها: "أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي، وتكبر فيّ الطفولة يومًا على صدر أمي، وأعشق عمري لأني إذا مت أخجل من دمع أمي". [٣][٥]
وفاة محمود درويش
توفي محمود درويش عام 2008، وقد أُعلن الحداد بعده لثلاثة أيام في الأراضي الفلسطينية، ونعاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقد دُفِن في رام الله في قطعة أرض خُصّصت له هناك ضمن قصر رام الله الثقافي