فطريات (مقدمه)
MUSHROOMS - CHAMPIGNONS
الفطريات
الفطريات Fungi المعروفة شعبياً (خبز القاق أو عيش الغراب) نباتات عديمة اليخضور، خيطية البنية، خفية الإلقاح، عديمة الأزهار، تُجمع مع الطحالب[ر] والأشن[ر] في زمرة المشريات Thallophytes. وتتميز من الطحالب بعدم قدرتها على التمثيل اليخضوري أو التركيب الضوئي[ر]، لخلوها من الأصبغة الخضراء. وهي بذلك تشبه عالم الحيوان بكونها غيرية التغذية heterotrophs. يتكاثر أغلبها بطريقة إعاشية أي لا جنسية ممثلة بنمو خيوطها من دون إلقاح، أو بطريقة جنسية غير مكتملة مراحل الإلقاح، أو بطريقة جنسية كثيرة التنوع.
من النباتات ما تسمى بالفطريات وهي ليست كذلك، ومثالها الفطريات الشعاعية Actinomycetes المصنفة مع الجراثيم[ر] بسبب البنية والوظيفة وطريقة الحياة، والفطريات المخاطية[ر] Myxomycetes بسبب البنية اللاخلوية المعروفة بالبنية البلاسمودية plasmodia المسيطرة على جميع مراحل الدورة الحياتية، والتي تتغذى بالبلعمة الممثلة بإحاطة المادة المغذية بأرجل زائفة مشابهة لطريقة تغذية الأميب المصنف مع العالم الحيواني. ومن ثم تطلق تسمية الفطريات بالمعنى الشمولي أو الواسع على الفطريات غير البلاسمودية، وغير الجراثيمية.
تنوع الفطريات
تضم الفطريات من 200000 - 250000 نوع. متنوعة الأبعاد، والبنية، وطريقة التغذية. منتشرة في جميع أنحاء العالم في الأوساط الترابية والمائية. تغزر خاصة في المناطق المدارية والمعتدلة، ولها مستعمرات في المناطق القطبية، ولعدد منها دور في تغذية الإنسان. وهي غزيرة في المياه العذبة، وقليلة في مياه البحار، وتوجد أبواغها الحية في الأجواء بالغة الارتفاع. تفضل الحرارة عند درجة 20-30 ْْم ولكن منها المحب للحرارة العالية، ومنها ما يعيش في حرارة دون الصفر المئوي. تنبت أغلب الفطريات الراقية كالفطريات الدعامية[ر] Basidiomycetes في الترب الخصبة الرطبة خاصة في الخريف في المناطق المعتدلة.
المعلومات الفطرية المستحاثة شحيحة على الرغم من كونها من أوسع الأشكال الحية التي انتشرت فوق الكرة الأرضية.
بنية الفطريات
للفطريات بنى مختلفة: أبسطها البنية الخلوية المكونة من خلية وحيدة النواة أو عديدة النوى، تليها في التعقيد البنية الجذريدية rhizoids المكونة من تجمع استطالات خلوية، والبنية المشرية thalli المكونة من شبكة من الخيوط المجهرية المسماة غزل فطري أو هيفا hyphae والتي يشكل مجموعها المشيجة mycelium التي تبدو للعين كتلة قطنية أو تبقى مختفية داخل نسج المضيف. وقد تتعقد البنية الفطرية لتشكل مجموعة من الخيوط المفتولة في حبال تدعى جذرية الشكل rhizomorphic أو تكون جسيمات corpuscules أو كتلاً متراصة بصيلية bulbils أو صُلابات sclerotia أو لحمة كتل تدعى ستروما stromata، وهي لا ترقى، في كل هذه الحالات، إلى مستوى النسج، وكذلك الأمر في الأعضاء الثمرية في الفطريات الراقية كالقبعة. ومن أبرز البنى الفطرية البنية الأنبوبية السينوسيتية coenocytic الملاحظة في الفطريات الأنبوبية Siphomycetes حيث الكتلة السيتوبلاسمية مستمرة لا تفصل بينها حواجز خلوية.
التغذية وطريقة حياة الفطريات
تتغذى المشيجة الفطرية بامتصاص الماء، بكميات كبيرة، والمواد اللاعضوية والعضوية المنحلة، مفرزة، خارج الخلايا، أنزيمات تفكك المواد الغذائية: كالسكاكر، والنشاء، والسلولوز، والخشب، والدهون، وغيرها... وتجعلها قابلة للانحلال. والفطريات بمجموعها قسرية الحياة الهوائية: تتنفس بامتصاص الأكسجين وطرح غاز ثنائي أكسيد الكربون. لكن بعض الأنواع تنظم عيشها في الجو المغلق، وبعضها الآخر مثل الخمائر[ر] yeast والعفنيات mucorales قادرة على مقاومة الاختناق بقدرتها على التخمر المستثمر في التغذية البشرية في صناعة الخبز والمشروبات الكحولية. والفطريات حيال التغذية الكربونية غيرية التغذية أي أنها تتطلب أغذية من طبيعة عضوية تستمدها إما بالتطفل أو بالتعايش أو بالحياة الرمية على المواد العضوية الميتة. وتتحقق التغذية الآزوتية وفق المكونات الأنزيمية للنوع أو الزمرة الفطرية باستعمال المركبات اللاعضوية: مثل النتريت، والنترات، وأملاح الأمونيوم، أو باستعمال مواد عضوية: مثل البروتينات، والحموض الأمينية. وأخيراً تتطلب الفطريات، مثل كل الكائنات الحية جميعها، بعض الشوارد (الإيونات) اللاعضوية والفيتامينات.
تتحكم الفطريات غيرية التغذية الكربونية بتنظيم التوازن الطبيعي: فالأشكال الرمية تسهم في تفكيك المواد العضوية الميتة محررة العناصر اللاعضوية والجزيئات البسيطة المستخدمة من قبل كائنات حية أخرى. فكثير من الفطريات الراقية تعيش على دبال الغابات. ومنها طفيليات تسبب أمراضاً خطرة قاتلة تعرف بالفُطار mycosis التي تصيب جميع الزمر بما فيها الإنسان، كالقلاع الذي يصيب الفم والقرعة أو السعفة[ر]، وأمراض النباتات الزراعية كالصدأ والتفخم وعفونة الكرمة، وتكوين الفطريات الجذرية[ر] المتعايشة مع جذور النباتات الراقية، والأشن[ر] المرتبطة بالطحالب. وهنالك الفطريات القانصة predateurs التي تقتنص الديدان الخيطية (النيماتودا) في فخ صغير.
تكاثر الفطريات
تتكاثر الفطريات بوساطة الأبواغ[ر] spores التي تختلف عن بذور النباتات الراقية بأبعادها المجهرية وببنيتها البدائية: فهي مؤلفة من خلية واحدة، أو من عدد من الخلايا القادرة على النمو من دون إلقاح. تتحول الكتلة البروتوبلاسمية، في الأبواغ البسيطة منها، إلى وحدة تكاثرية. أما في الحالات الأكثر تعقيداً فتشكل المشرة أعضاءً بالغة التخصص لإنتاج الأبواغ. ويُميز في تكاثر الفطريات نموذجان: تكاثر لا جنسي يجري بطريقة إعاشية، واسع الانتشار، ينطلق من المشرة مباشرة مكوناً: الغبيرات conidia وحوامل الغبيرات، والأكياس البوغية، وغيرها. وتكاثر جنسي ممثل بتزاوج عروسين أحاديي الصيغة الصبغية. يعد تنوع طرائق التكاثر الأساس الرئيسي في تصنيف عالم الفطريات.
تصنيف الفطريات
يعتمد تصنيف الفطريات على بنية المشرة وعلى طريقة التكاُثر وهو يضم: الفطريات المخاطية[ر] والفطريات الطحلبية[ر] والفطريات الزقية[ر] والفطريات الدعامية[ر] والفطريات الناقصة التي لا تعرف لها طريقة تكاثر جنسية.
دور الفطريات في الطبيعة ومكانتها الاقتصادية
تقوم الفطريات، مفيدة كانت أم ضارة، بدور اقتصادي بارز: فهي بالاشتراك مع الأحياء المجهرية الأخرى تسهم في الحفاظ على خصوبة التربة بتفكيك الفضلات العضوية المعقدة وتكوين الدبال، واسترجاع الهواء للعناصر التي أخذت منه. واستخدام الأنواع الرمية في تصنيع منتجات التغذية، والمنتجات المضادة للتعفن. وتَعَرُّفِ الأنواع الممرضة للإنسان والحيوان والنبات والمفسدة للمحاصيل الزراعية والمسببة للأمراض التحسسية. وتَعَرُّفِ الأنواع المفيدة في المكافحة الحيوية مثل استعمال فطر Beauvera densa ضد الدودة البيضاء. وتعد المكافحة الحيوية ضد الفطريات الضارة طريقة جديدة لتوسيع البحث العلمي.
وقد عُرف استخدام الفطريات في التغذية منذ زمن بعيد كالكمأة، والغاريقون Agaricus والبوليتوس Boletus والموريل Morillus وكثير غيرها المستخدمة في تخمير العجين وتصنيع المشروبات الروحية والأجبان والتوابل. وتجب الإشارة هنا إلى الفطريات السامة كالأمانيت[ر] والفطريات المسببة لتسمم الدقيق مثل دابرة الشيلم[ر]. وهنا تجب الإشارة إلى الأفلاتوكسين aflatoxine في توسع التدرنات الكبدية.
دور الفطريات في الصناعة
استخدمت التقانات الجرثومية في زراعة الفطريات المجهرية المفيدة في الصناعات الغذائية مثل صناعة الخبز وصناعة الجعة التي استنبطت سلالات مفيدة في هذا المجال، وفي صناعة الفيتامينات مثل الأرغوستيرول والريبوفلافون، والأنزيمات مثل الأميلاز واللباز والبروتياز، والحموض العضوية كحمض الليمون، والكحولات المتعددة كالغلسيرين، والدهون والصادات الجرثومية. ويُعدُّ البنسلين من أول الصادّات الحيوية المنتج من جنس البينيسيليوم Penicillium الفعال ضد الأمراض الفطرية. وإذا كانت غالبية الصادات الحيوية المستعملة اليوم مستمدة من الفطريات الشعاعية، فإنه يتوقع لها مستقبلاً استعمالات كثيرة في مجالات متنوعة.
الدراسات المعاصرة للفطريات
تعالج الدراسات المعاصرة الفطريات من النواحي الآتية: علم الفطريات، الفطريات الجذرية، الفطريات الطحلبية، الفطريات الدعامية، الفطريات الزقية، الفطريات المخاطية.
أولاً: علم الفطريات
علم الفطريات أو الميكولوجيا Mycology فرع من العلوم الطبيعية يعالج الفطريات المعروفة بعيش الغراب أو خبز القاق. وقد عُرفت الفطريات الراقية منذ مئات السنين لطيب مذاقها، ودرست الفطور لاستعمالها في التغذية، ولدورها في إحداث التخمر، ولتفادي سمية بعضها. واستمر الأمر كذلك حتى مطلع القرن الثامن عشر حيث أخضعت معرفة الفطريات لدراسات منظمة وملاحظات معمقة.
كان بيير أنتونيو ميشيلي Pier Antonio Micheli أوّل من زرع العفن بوضعه على الجبن وعلى الفاكهة الطازجة، ونشر عام 1729 كتاباً عنوانه «النبات الجديد» طرح فيه تصنيفاً يضم مفاتيح تعرف الأجناس والأنواع، مستعملاً المجهر لملاحظة صفائح فطر الغاريقون Agaricus.
وفي عام 1791، ترك بيير بولليارد Pierre Bulliard صوراً رائعة للفطريات الراقية الفرنسية، كما حدد الألماني تود U.J.Tode في الحقبة نفسها أسماء عدد من الفطريات الدقيقة.
وضع الهولندي كريستيان هندريك بيرسون Christiaan Hendrik Persoon في الأعوام 1795-1799 أسس تصنيف الفطريات. وقد اعتمدها ووسعها إلياس فريس Elias Fries في الفترة ما بين 1821 و1831.
وفي القرن التاسع عشر في عام 1836، نشر جوزيف بيركلي دراسة عن الفطريات البريطانية، وتوجّه بعدها علم الفطريات نحو التشريح والبيولوجيا والسيتولوجيا. ففي عام 1837 اكتشفت الدعامة بعد دراسة أغشية التكاثر الفطرية هيمينيوم hymenium. وفي الأعوام 1857-1865 ترعرع علم التكوين الذاتي للفطريات، ونمت زراعة الفطريات، وتوسع تعرف الأصداء وحلقات حياتها، وهكذا تبلورت مفاهيم تكوين الميكولوجيا الحديثة.
في مطلع القرن العشرين، تقدّمت الدراسات السيتولوجية على يد الباحث ألكسندر غيرموند Alexandre Gilliermond الذي درس الخمائر، وكشف الدورة الجنسية للفطريات الزقية Ascomycetes. وكشف ب.غلوسن P.Glaussen الدورة الجنسية للفطريات الدعامية[ر]. وكشف رينيه مير René Maire فطريات العفن Mucorales، ودخلت بذلك الميكولوجيا في حقول دراسات البنية الدقيقة. واستخدمت الميكولوجيا في السنوات الخمسين من القرن العشرين، لتقدمها، كل التقانات الحيوية المعاصرة من سيتولوجيا ووراثة وتكوين أعضاء organogenese وبنى دقيقة وفيزيولوجيا وكيمياء حيوية. واستفادت الميكولوجيا بالمقابل من هذه المكتسبات الحديثة للحصول على معلومات كثيرة الدقة والرسوخ، ففي عام 1907 ظهر كتاب »تاريخ الفطور القرصية الأوربية وتصنيفها لمؤلفه إميل بودييه Emile Boudier. وتوجهت الدراسات نحو تفهم طرائق تكاثر الفطريات الناقصة. وتوسعت الأفلورة flora الميكولوجية لتشمل 45000 نوع منشورة ما بين عام 1882 و1931 في 25 مجلداً أشرف عليها أندريا سكاردو Andrea Saccardo وتابعها ف.بيتراك F.Petrak في دليل كيو في إنكلترا.
أبدع توسع الميكولوجيا، ودخولها في العديد من المجالات المرتبطة بالفعاليات البشرية، وتفرعها إلى العديد من الاختصاصات التي لها طرائقها وباحثوها في مجالات الأمراض النباتية phytopathologie، والميكولوجيا الطبية والبيطرية، والميكولوجيا الصناعية، ورسم آفاقاً جديدة، ولا زالت العلوم الميكولوجية تتوسع يوماً بعد يوم بوساطة ملايين محبي الفطريات وعشاقها في أرجاء الكرة الأرضية. أما الدراسات الميكولوجية في الشرق الأوسط وفي العالم العربي، فما زالت في مراحلها البدائية على الرغم من توافر العشرات منها التي تتطلّب الجمع في مؤلفات كبيرة.
ثانياً: الفطريات الجذرية
الفطريات الجذرية أو الميكوريزا Mycorhizas خيوط فطرية متحدة مع جذور النباتات الراقية، تشكّل كساءً متلبداً خارجياً متفاوت الكثافة يدخل إما بين خلايا القشرة الجذرية مكوِّناً ميكوريزا خارجية التغذية ectotrophic Mycorhizas أو يجتاح سيتوبلاسما عدد من الخلايا مكوِّناً ميكوريزا داخلية التغذية endotrophic Mycorhizas.
النباتات مضيفات الميكوريزا
كثيرة هي النباتات التي تستضيف الميكوريزا: بعضها لا وعائي كالكبديات Hepaticae وبعضها وعائي كالتريديات Pteridophyta التي تتعايش ميكوريزاتها مع جذور النبات البوغي لسرخس عديد الصفوف المدبب Polysticum aculeatum، وكذلك الأمر بالنسبة لطليعة مشرة السيلاجينيلا Selaginella ورجل الذئب Lycopodium ولسان الأفعى Ophioglossum، إضافة إلى جذور العديد من عريانات البذور وخاصة الصنوبر والتنوب المرتبطة بفطور خارجية التغذية، والطقسوس Taxsus والعرعر المرتبطان بفطور داخلية التغذية. وتسهم الميكوريزا في نمو كثير من الأشجار الحراجية كالكستناء والبندق والزان والسنديان، كما تسهم في نمو العديد من جنبات الخلنج والنباتات العشبية من الفصائل، الزنبقية والكولشيكاسية والسوسنية، وخاصة الجانسيانبة، والسحلبية والبطاطا البرية. ومن النباتات الراقية من مغلفات البذور عديمات اليخضور، ما تتطلب لنموها وجود الميكوريزا كالمونوتروبا Monotropa.
تنتسب الفطريات الجذرية القادرة على إقامة مثل هذه الاتحادات إلى زمر مختلفة من الفطريات: ففي تربة الـحراج والغابات تقوم بالمكرزة مجموعات من الفطريات الدعامية من رتبة الأغاريكال والبوليتال التي ترتبط بجذور الأشجار، وفي فصيلة السحلب ذات الميكوريزا داخلية التغذية تقوم بالمكرزة فطور من جنس الريزوكتينيا Rhizoctenia من الفطريات الدعامية أيضاً. وتمكرز الكمأةَ فطرياتٌ زقية. وهناك حالات من المكرزة تستخدم فيها الفطريات الزيجية Zygomycetes والفطريات الطحلبية Phycomycetes التي لا تنمو إلا بلقاء المضيف. وبالمقابل توجد أنواع من النباتات المضيفة التي يرتبط نموها بالميكوريز المناسبة لها. وفي حالات أخرى أكثر سماحة تتمكن أشجار السنديان من النمو من دون حاجة لفطريات الكمأة أو البوليتس.
ميكوريزا الكمأة: تتكوَّن الكمأة في الغابات من نمو فطريات زقية ترابية، تعيش في ظلال أشجار السنديان، وتشكل مشيجتها مع جذور الأشجار، في الخريف، أدراناً مكونة من نسيج أسود مخطط بسيور نيرة في الكمأة السوداء Tuber melanosporum، منتجة للزقاق والأبواغ الزقية.
وتتكون الكمأة، في بادية الشام، في التربة الهشة الخفيفة الكلسية، من اتحاد الفطر الزقي ترفيزياTerfesia المتعايش مع نبات حولي معروف لدى البدو بوسم الكمأة أو زهر الشمس صفصافي الورق Helianthemum salicifolium من الفصيلة اللاذنية Cistaceae. ويتم تعرّف وجود الكمأة بتفطّر التربة أو تشققها نتيجة نمو الثمرة الزقية المغلقة التي يصل حجمها إلى أبعاد درنة البطاطا. إلا أنها تحوي في أسفلها زائدةً كثيفةً تشبه السرة تمتد بطول 15سم مكوَّنة من الميكوريزا والأوبار الماصة لجذور النبات المضيف. يبدأ تكون الكمأة في بادية الشام في شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، وتجمع الثمار الزقية ما بين أشهر شباط/فبراير وآذار/مارس ونيسان/أبريل.
ميكوريزا السحلب: تمثل ميكوريزا السحلب نموذجاً من تعايش النباتات مغلفات البذور مع مشيجة الفطريات في توازن لا يمكن فيه استغناء الواحد عن الآخر في تغذية داخلية (الشكل-1).
ميكوريزا الصنوبر: تمثل ميكوريزا الصنوبر نموذج تعايش تغذية داخلية وخارجية ecto-endotrophic تستعمر السطح الخارجي وتدخل قليلاً في الخلايا السطحية للقشرة الجذرية.
الدور الحيوي للميكوريزا
تطلبت هذه الوحدة الحيوية بين الفطريات الجذرية والنباتات الخضراء من مختلف الزمر النباتية، العديد من الدراسات وفي طليعتها التعايش الذي يوفر للشركاء متطلباتها من الشريك الآخر. وهكذا يقدّم مضيف الميكوريز نواتجَ عمليات التركيب الضوئي، في حين توسّع الميكوريزا حدودَ امتصاص الأوبار الماصة للماء والأملاح المعدنية من 1سم من الجذور لتصل إلى 1م من الفطور، كما تزوّد المضيف بحاجاته من عناصر النتروجين والفسفور والنحاس والسترونسيوم وغيرها إضافة إلى أنزيمات نترات ريدوكتاز(الإرجاع) والفوسفاتاز وغيرها. تفسّر هذه الشركة عدم نجاح زراعة أشجار الغابات الطبيعية في تربة الحدائق الخالية من الميكوريزا المناسبة.
ثالثاً: الفطريات الطحلبية
الفطريات الطحلبية algal fungi (Phycomycetes)، وتسمى الفطريات الدنيا lower fungi، زمرة غير متجانسة من الفطريات، ظل تعريفها غير واضح الحدود والأبعاد. فالمشرة فيها دوماً وحيدة الصيغة الصبغية، والزيغوت وحده فقط مضاعف الصيغة، وهي في النماذج البدائية وحيدة الخلية وحيدة النواة، وفي النماذج المتطورة، وحيدة الجدار الخلوي، كثيرة النوى التي لا تفصل بينها حواجز عرضية، مولدة بنية عديمة الحواجز aseptate أنبوبية siphoneous (الشكل-2). سميت بالفطريات الطحلبية للشبه بين بعض نماذجها وبين الطحالب. تأخذ خلاياها المتحركة الممثلة بالأبواغ أو الأعراس ثلاثة أشكال:
1 - خلايا متحركة خلفية السوط opistocont الممثل في رتب الكيتريديال Chytridiales والبلاستوكلاديال Blastocladiales والمونوبليفاريدال Monoblepharidales.
2 - خلايا متحركة قمية السوط acroconte المبهرج المزود بوبر جانبي مميز لرتبة الهيفوكيتريال.
3 - خلايا متحركة مضاعفة السياط biflagellate الممثلة بسوطين أماميين أو جانبيين أحدهما محرك والآخر موجِّه مميز لرتبة الفطريات البيضية oomycetales، أو كلاهما محركين في رتبة البلاسموديوفورام Plasmodiophorales (الشكل-3).
تتمثل زمرة الفطريات الطحلبية بالرتب الآتية:
1 - رتبة البلاسموديوفورام Plasmodiophorales: خلايا متحركة ممثلة بالأبواغ أو الأعراس مضاعفة السياط، مثالها البلاسموديوفورا الملفوفي Plasmodiophora brassica المسبب لمرض التورّم الجذري.
2 - رتبة الكيتريديال Chytridiales: نباتات رمية أو طفيلية، ضامرة المشرة، متطفلة على الطحالب والحيوانات المائية، أو على الأعضاء النباتية تحت التربة، أبواغها الحيوانية وحيدة السوط مثالها: بوليفاغوس أوغليني Polyphagus euglenae المتطفل على الأوغلينا، والسينكيتريوم أندوبيوتيكوم Synchytrium endobioticum المسبب لمرض ثؤلول البطاطا، والريزوفيديوم Rhizophydium المتطفل على الطحالب البلانكتونية وحب الطلع.
3 - رتبة الهيفوكيتريال Hyphochytriales: خلايا متحركة ممثلة بالأبواغ أو الأعراس قمية السوط تشبه الرتبة السابقة، مثالها الطفيليات على الطحالب والفطريات المائية.
4 - رتبة البلاستوكلاديال Blastocladiales: خلايا متحركة ممثلة بالأبواغ أو الأعراس خلفية السوط، مثالها البلاستوكلاديللا Blastocladiella الموجود في التربة والألوميسيس Allomyces ترابي الإقامة أيضاً.
5 - رتبة المونوبليفاريدال Monoblepharidales: خلايا متحركة ممثلة بالأبواغ أو الأعراس خلفية السوط، مثالها المونوبليفاريس Monoblepharis المتطفل على النباتات المائية.
6 - رتبة الفطريات البيضية oomycetales: أبواغها الحيوانية ثنائية السياط، الأمامي مهدب والخلفي أملس وتضم الفصائل: السبرولينياسية Saprolegniaceae مثالها السبرو لينيا Saprolegnia الذي يعيش على الرمام المائية النباتية والحيوانية. البيرينوسبورال Peronosporales المتطفلة على النباتات الراقية، وفي طليعتها البلاسموبارا فيتيكولا Plasmopara viticola المتطفل على الكرمة، والألبوغو كانديدا Albugo candida المتطفل على نباتات الفصيلة الصليبية، والفيتوفتورا إنفيستانس Phytophthora infestans المتطفل على البطاطا.
7 - رتبة الفطريات الزيجية Zygomycetales: تتميز بغياب الخلايا السوطية في دورة حياتها، تتكاثر بالأبواغ الزيجية الناتجة من انصهار كيسين عروسين أحدهما موجب والآخر سالب وتضم فصيلة العفن Mucoraceae، ومثالها موكور موسيدو Mucor mucedo الرمي النباتي والحيواني النادر التطفل. وفصيلة الأندو فوراسية Endophoraceae المتطفلة على الحشرات وطحالب الديسميد، والفصيلة الزووفاغاسية Zoophagaceae المتطفلة على الأميبات.
رابعاً: الفطريات الدعامية
الفطريـات الدعامـية Basidiomycetes صف من الفطريـات الشائعة، يضم أغلب الأنواع التي يأكـلها الإنسان. وهي فطريـات حقيقية مميزة بوجـود دعـامات basidia مكونة من خلايا أسطوانية تولد خارجها أربعة أبواغ دعامية basidiospores أحادية الخلية والصيغة الصبغية، محمولة على أربعة مساند sterigmata (الشكلان 4 و5). تُحمل الدعامات على حبكة من خيوط فطرية تدعى هيمينيوم hymenium تشكل الجزء الخصب من حامل الثمرة carpophore (الشكل-7).
تتكاثر الفطريات الدعامية بطريقتين: لا جنسية وجنسية. تنطلق الطريقة اللاجنسية من إنتاش أبواغ دعامية تعطي مشيجة أولية، مكوَّنة من خيوط خلوية وحيدة النوى والصيغة الصبغية، تتكاثر بالغبيرات conidia أو بالأويدات oidia أو بالأبواغ المفصلية. وينطلق التكاثر الجنسي من تكوين مشيجة ثانوية يجري فيها الإلقاح على مرحلتين: تمثل المرحلة الأولى الإلقاح البلاسمي الذي يجري إما بين خلايا خيوط بدائية، أو بين غبيرات (ناتجة من ذات المشرة في حالات متجانسة المشرة homothallism، أو بين غبيرات ناتجة من مشرات متباينة في حالات تباين المشرة heterothallism، مكونة في مرحلة أولى من التكاثر الجنسي مشيجة ثانوية ثنائية النوى، وحيدة الصيغة الصبغية، مولدة لبنية خلوية ثنائية النوى مزردة أو ملزّمة clamp أو كلابية (الشكل 6) تمثل طوراً مستقلاً قادراً على تكوين أشكال جذرية rhizomorphs أو صُلابات sclerotia تحقق الديمومـة الفطريـة التي تعطي في الشروط المناسبة حـوامل ثمرية (كاربوفور) مكونـة من قبعات محمولة على سويقات. وتندمج في المرحـلة الثانية من التكاثـر الجنسي النواتان الجنسيتان داخـل الدعامـة مكونة نواة ملقحة تخضع مباشرة للتنصيف، وتتوزع النوى الأربع في أربعة أبواغ دعامية خارجية التكوين محمولة على أربعة مساند (الشكلان 4 و5).
تشكّل الفطريات الدعامية مجموعة بالغة التنوع الحيوي ويبلغ عدد أنواعها 30000-40000. ممثلة بأحسن صورها بما يعرف بالفطريات ذات القبعة البدينة المكونة من قدم وقبعة حاملة لصفائح تكاثرية تحمل الأبواغ، والمنتشرة في المروج والغابات بما فيها من أنواع قابلة للأكل وأخرى شديدة السمية تعرف عامياً بعيش الغراب (أو خبز القاق في عامية دمشق). ومن الفطريات الدعامية زمر مجهرية، ليس لها حوامل ثمار، تشكّل الصدأ والتفحم الذي يتطفل على النباتات الطبيعية والمزروعة.
تصنيف الفطريات الدعامية
يعتمد تصنيف الفطريات الدعامية بالدرجة الأولى على شكل الدعامة. فالدعامة النموذجية أسطوانية أو دبوسية الشكل، غير مقسمة، تحمل في قمتها أربعة مساند تمثل صفيف الدعاميات المتجانسة Homobasidiomycetes (الشكل -4).
وتتمثل الدعامة غير النموذجية بالدعامة المقسمة المميزة لصفيفات الدعاميات المتباينة Heterobasidiomycetes، تأخذ في الفطريات الدعامية المتباينة أشكالاً عديدة أبرزها الشكل الأسطواني المزود بحواجز عرضية تميز الفصيلة الأذينية Auriculariaceae، والشكل المتكيس الممثل بالأبواغ النهائية telespores المكونـة لفطريـات فصيلة الصدأ، والشكل الغمدي chlamydospores الممثل لفصيلة التفحم، والشكل المقسم بحواجـز طولية إلى أربع حجرات كما في فطريات رتبة الحمريات Tremellales المتطفلة على الكرمة (الشكل-5).
وتعتمد التقسيمات الثانوية لصفيفات الفطريات الدعامية على طريقة تشكل الأغشية أو الهيمينيوم التي تكون محدودة أو غير محدودة، أو حرة خارجية أو محفوظة داخل حامل الثمرة الفطرية.
تصنيف الدعاميات المتباينة
تضم الدعاميات المتباينة زمرتي الصدأ rust والتفحم أو السخام smut أو النخر، كما تضم زمراً رمية أو متطفلة على الحشرات أو على الفطريات أو على الحزازيات. تقسم الفطريات الدعامية المتباينة إلى أربع رتب:
الشقرانيات[ر] Uredinales المكوّنة للصدأ المتطفل على الأعضاء الخضراء لعدد من النباتات الراقية، والتي تمر حلقة تكاثرها بمراحل متعددة: منسلة للنطاف spermogonia، والأسيديا aecidia، والأبواغ الشقرانية uredospores، والأبواغ النهائية teleutospores التي يمكن أن تجري بالتتابع على ذات النبات وتدعى متجانسة المضيف أو على نباتين مختلفين وتدعى متباينة المضيف كما في صدأ القمح المسبب بفطر بوكسبنيا النجيل Puccinia graminis.
السواديات[ر] Ustilaginales المكونة للتفحم أو السخام المتطفلة بصورة رئيسة على نورات أو بذور المضيف، منجزة حلقة تكاثرها على مضيف واحد وتدعى ذاتية المضيف مسببة إصابات خطرة للنباتات الزراعية والحبوب منها خاصة مثل : تفحم الذرة ونخر القمح.
الأذينيات Auriculariales وهي إما رمية جيلاتينية كما في الأذينية Auricularia، وأحياناً قابلة للأكل أو متعايشة مع حشرات قرمزيات Coccus الأشجار المثمرة.
الحمريات Tremellales جيلاتينية القوام، طولية الحواجز الدعامية، رمية الحياة تعيش على الأخشاب.
وتوجد بين الفطريات مختلفة الدعامة ومتماثلة الدعامة فطريات تامة الدعامة تتطفل على غمديات الأجنحة مكونة رتبة أوليات الدبوس Protoclavariales .
تصنيف الدعاميات المتجانسة
تضم الدعاميات المتجانسة أغلب الفطريات كبيرة الحوامل الثمرية (الكربوفورات) المسماة عيش الغراب، أو خبز القاق والممثلة بأجناس: أغاركوس Agaricus (غاريقون) (الشكل-7)، والبوليتوس Boletus، وعديد البؤر Polyporus (الشكل-8)، والنبوتيات أو الدبوسيات كلافاريا Clavaria (الشكل-9)، وفقع الذئب Lycoperdon، والقشارة Lepiota (الشكل-10).
وتعيش أغلب هذه الفطريات حياة رمية ترابية تسهم في تفكيك الدبال والأخشاب، ومنه الطفيلي المتطفل على الأشجار. تتمثل بالرتب الآتية:
ـ رتبة المعديات Gastrales: أجسامها الثمرية محاطة برداء peridium وتسمى مغلفة القرب angiocarpes، حرة الهيمينيوم الناضج. ورتبة النفاخات Phallales: تشبه الرتبة السابقة وتسمى شبه مغلفة القرب Hemiangiocarpes
ـ رتبة الأغاريكال Agaricales فطريات صفيحية الهيمينيوم
ـ رتبة كوكبية الأبواغ Asterosporales: فطريات صفيحية الهيمينيوم
ـ رتبة البوليتال Boletales: فطريات أنبوبية الهيمينيوم، غير محدودة النمو، غير محاطة برداء، تسمى عريانة القرب Gymnocarpes،
ـ رتبة اللاورقيات Aphyllophorales: رتبة متنوعة شكل الأغشية الحاملة للأبواغ الدعامية (هيمينيوم)، منها ملساء الصفائح كما في جنس كورتيسيوم Corticium، ومنها المكوّنة من نخاريب غير منتظمة، كما في جنس عديد البؤر Polyporus المتطفّل على جذوع الأشجار رفوفاً فطرية عديد البؤر متغير الألوان Polyporus versicolor على جذوع أشجار الجوز، وعديد البؤر شعاعي الدرن P.tuberaster الرمي الهلالي الشكل الذي يصيب الأخشاب الميتة في المناطق الرطبة, والزبد الدخاني Fomes fumentarius المتطفل على أشجار القيقب.
خامساً: الفطريات الزقية
الفطريات الزقية Ascomycetes زمرة من الفطريات الراقية تعطي أبواغاً جنسية، فردية الصيغة الصبغية، تتشكل داخل وعاء زقي ascus، تدعى الأبواغ الزقية ascospores (الزق والجمع أزقاق وزقاق وزقان وأُزُق: جلد يُجَز ولا يُنْتَف ويستعمَل لحمل الماء). وتصنف الزقاق في زمرتين: زقاق عارية متكونة مباشرة من خيوط المشيجة الفطرية، وزقاق مغلفة بجدل من الخيوط الفطرية الحامية يدعى قربة زقية ascocarp والمسمى تجاوزاً ثمرة زقية.
تتكاثر الفطريات الزقية غالباً بطريقة إعاشية لا جنسية، إما بوساطة خلايا داخلية التكوين تدعى أبواغاً spores، ناتجة من تفكك بسيط لخلايا المشرة، أو بوساطة خلايا خارجية التكوين، متفاوتة الأشكال والأبعاد تدعى غبيرات conidia. وقد يُقتصر تكاثر بعض زمر الزقيات على الغبيرات فقط لتكوِّن زمرة الفطريات الناقصة imperfect fungi أو الفطريات التنوية Deuteromycetes.
للفطريات الزقية 45000 نوع و1800 جنس، ترابية المنبت، غالبيتها رميَّة العيش الطوعي أو القسري المرتبط بالبقايا النباتية، قليل منها بحري، وكثير يتطفل على النباتات الراقية، ويصيب بعضها الحيوان والإنسان، وتسهم في تكوين غالبية الأشن[ر].
تقسم الفطريات الزقية إلى زمرتين: الزقيات النصفية Hemiascomycetes، والزقيات الحقيقية Euascomycetes.
الزقيات النصفية
وهي فطريات بسيطة مشرتها خلوية أو خيطية، عديمة القرب الزقية أو الثمار الزقية. أبرز نماذحها: الخميرة، والزق ثنائي قدم Dipodascus، والتافرينا Taphrina. يوضح (الشكل-11) طريقة تكوين زق المشرة الخلوية في خميرة الجعة Saccharomyces cervisiae من فصيلة الفطريات السكرية Saccharomycetaceae، المنطلق من اندماج خليتين إعاشيتين وتكوين الزيج مضاعف الصيغة الصبغية، الذي تنقسم نواته انقساماً منصفاً مكونة أربعة أو ثمانية أبواغ زقية.
يتكوّن زق المشرة الخلوية الخيطية انطلاقاً من تقارب خليتين خيطيتين واندماجهما لتكوين زق عديد النوى، في فطر الزق ثنائي القدم وحيد النواة Dipodascus uninucleatus (الشكل-12).
ويبين (الشكل-13) طريقة تكوين الزق من مشرة خلوية خيطية موجودة بين خلايا بشرة الأوراق، في فطر التافرينا المشوه Taphrina deformans المتطفل على الدراق.
تضمّ الفطريات النصفية رتبةَ الفطريات الداخلية Endomycetales ورتبة التفرينال Taphrinales.
الزقيات الحقيقية
زمرة واسعة الانتشار، متنوعة أنماط وأشكال التعضي المنطلق من التكاثر بالغبيرات (كونيديا) كما في فطر البنسلين Penicillium البسيط التكوين، حتى يصل إلى فطور البيزيزا Peziza والكمأة المعقدة التكوين، منها ترابي الحياة، والمائي، والرمي الدبالي والخشبي، وأليف الروث، وملتهم النبات phytophages، والمتطفل على النبات أو الحيوان. مشرتها دوماً خيطية، زقاقها مكونة دوماً ضمن قربة أو ثمرة زقية (أسكوكارب) عالية التخصص أحياناً والمستخدمة في تحديد مجموعاتها التصنيفية.
بنية الزق
يبيِّن (الشكل-14) طريقة تكوين الزق في الزقيات الحقيقية متجانسة المشرة المنطلقة من نهاية خيط مولد للزق، في نهايته خلية ثنائية النوى dicaryophase، تتشكل في نهايتها طية مولدة للزق تنقسم فيها الثنائية النووية تمهيداً للإلقاح النووي المتبوع بالتنصيف وتكوين ثمانية أبواغ زقية.
وتكون الزقاق متجانسة المشرة إذا تكونت من خيوط ذات المشرة، أو متباينة المشرة إذا تكونت من لقاء مشرتين مختلفتين. من الصفات المميزة للزقيات الحقيقية وجود فاصل بين الإلقاح البلاسمي والإلقاح النووي. ويجري الإلقاح البيضي oogamy على مرحلتين: المرحلة الأولى ممثلة بالاندماج البلاسمي plasmogamy وتشكل البنية ثنائية النوى (ديكاريونية) التي تعطي الخيوط المولدة للزقاق، والتي تتشكل فيها طيات الإلقاح النووي، والتنصيف, وتكوين الزق, والأبواغ الزقية الثمانية المنصِّفة. يتكوَّن الغلاف الزقي الناضج من نموذجين: أحادي القميص unithecium وثنائي القميص bithecium. وتستخدم طرائق تحرر الأبواغ من الزقاق في تصنيف الزقيات الحقيقية: منها ما يخرج من بؤرة صغيرة، أو فتحة كبيرة في أعلى الزق، أو يخرج بعد تمزق الزق أو انحلاله.
بنية القربة الزقية أو الثمرة الزقية (أسكوكارب)
يحاط الجهاز التكاثري في الزقيات الحقيقية بنموذج من البرانشيم الزائف الذي يحمي المجموع الزقي والمختلط بخيوط عقيمة أو شبه عقيمة تسمى بارافيز paraphys. وتتمثل هذه الإحاطة بثلاثة نماذج رئيسة من القرب:
1 ـ قربة زقية مغلقة القميص، كليستوتيسيوم cleistothecium؛ وهي جفنة conceptacle كروية، رقيقة الغلاف، تامة الإغلاق، غير متفتحة، تتمثل أحياناً بمجموعة من الخيوط اللبدة المجدولة (بليكتانشيم) ممثلة بزمرة الفطريات المجدولة Plectomycetes.
2 ـ قربة زقية محيطة القميص، بيريتيسيوم perithecium؛ وهي جفنة متماسكة الغلف، بُؤرية الفتحة القمية، قارورية الشكل، ممثلة بزمرة الفطريات البُرية Pyrenomycetes أو الحبية الواسعة الانتشار.
3 ـ قربة زقية مفروقة القميص، أبوتيسيوم apothecium؛ وهي جفنة واسعة الفتحة، قرصية الشكل، مفروشة بطبقة من الزقاق والخيوط العقيمة المتوازية، ممثلة في زمرة الفطريات القرصية Discomycetes.
وقد دلت الدراسات المتقدمة على عدم تجانس هذه الزمر من النواحي التصنيفية. ويخصص اليوم مصطلح بيريتسيوم للدلالة على جفنات متميزة الغلاف المكون من خيوط صادرة عن قدم منسل الزقاق (أسكوغون).
تصنيف الزقيات الحقيقية
مازالت دراسة كثير من الزقيات غير مكتملة وفي مراحلها الأولية، وإن التقسيمات التصنيفية المطروحة اليوم غير موضوعية. وعلى الرغم من ذلك، يقرّ أغلب العاملين في الميكولوجيا بوجود خمس مجموعات (الشكل-15):
1 - الفطريات المجدولة Plectomycetes: قربتها الزقية مغلقة القميص، الزقاق غير منتظمة التوزيع أحادية القميص، تضم أجناساً تتكاثر بالغبيرات (كونيديا) كالبينيسيليوم Penicillium والأسبيرجيلوس Aspergillus ذات خصائص صادة حيوية[ر]، كما تضم أجناساً مسببة كثيراً من الأمراض الجلدية، وأخرى طفيليات قسرية نباتية مسببة مرض بياض الكرمة، وغيرها.
2- الفطريات الحُجيرية Loculoascomycetes: تضم عدداً من الرتب المميزة بطرائق ترتيب الزقاق في حجيرات locules السردة stroma، وبطريقة تكوين النسج السردية.فيها طفيليات نباتية في طليعتها أمراض تبقُّع أشجار الفاكهة الذي يسببه فطر الفنتوريا Venturia، وتبقُّع الحنطة الذي يسببه فطر نحيل الكريات Leptosphaeria وفطر قرص الأفعى Ophiobolus، وتبقُّع الكرمة الأسود الذي يسببه فطر غينغارديا بيدويلي Guignardiabidwelli والميكوسفيروللا Mycosphaerella.
3 - الفطريات الحبية Pyrenomycetes: فطريات زقية الهيمينيوم، إما بدينة القربة الزقية المحيطة القميص كما في عامل قرحة أشجار الفاكهة الذي يسببه فطر نيكتريا Nectria، أو رقيقة قاتمة البيريتيسيوم أليفة الروث كما في جنس كاتوميوم Chatomium الرمّي الذي يعيش على الفضلات السلولوزية، أو بدينة السردة كما في الكلافيسي بوربوريا Claviceps purpurea المعروف بفطر مهماز الشيلم.
4 - الفطريات القرصية Discomycetes: قربتها الزقية المحيطة القميص واسعة الفتحة، مفروشة بحبكة منظمة من الزقاق والبارافيز. بعض أجناسها رمية أو طفيلية صغيرة الأبعاد مثل السكليروتينيا Sclerotinia؛ وبعضها بدين كما في البيزيزاPeziza (الشكل-16) التي تعدّ من الأطعمة الفاخرة، شكلها قديحي منتظم، لاطئ أو محمول على رجيلة. ورتبة الهيلفيلا Helvella والمورشيلة Morchella (الشكل-17) المتميزة بتوسع نمو الهيمينيوم مكونة قبعة متغضنة ملفلفة. ورتبة الكمأة Tuber التي تحورت بنيتها بسبب لتكونِّها تحت التربة.
5 - الفطريات اللابولبونية Laboulbeniomycetes: منسوبة إلى طبيب وعالم حشرات، غير محددة المكان التصنيفي، شديدة ضمور الجهاز الإعاشي؛ دورة تكاثرها قريبة من دورة تكاثر الطحالب الحمراء، تتطفل على لحافة الحشرات الأرضية والمائية.
سادساً: الفطريات المخاطية
الفطريات المخاطية Myxomycetes (الشكل-18) صف صغير من فطريات الأماكن الرطبة، أبدانها الإعاشية بلاسمودية plasmodia مكونة من كتلة بروتوبلاسمية عديدة النوى، متحركة، تتغذى بهضم الفتيتات الغذائية الصلبة، تنتشر بوساطة الأبواغ المتكونة عادة في قربة أو ثمرة بوغية (كاربوسبور carpospore) غير خلوية. يضع بعض الكُتّاب الفطريات المخاطية بين الزمر الحيوانية تحت اسم حيوانات فطرية Mycetozoaires.
تضم الفطريات المخاطية 70 جنساً موزعة على 400 نوع. وهي تنمو على الركائز الرطبة من تربة وأخشاب بالية وفضلات نباتية وبراز. واسعة التوزع الجغرافي وأغلب أنواعها عالمية الانتشار.
بنية الفطريات المخاطية
يتكون بدن الفطر المخاطي من بلاسمودات متباينة الأشكال، تضم الزمر الآتية:
البلاسموديات الأولية protoplasmodes وتوضع فيها رتبة قنفذية الدعامات Echinosteliales المكونة من عناصر أميبية غير متمايزة، مجهرية الأبعاد.
البلاسموديات الخفية aphanoplasmodes وتوضع فيها زمرة الستيمونيت Stemonites المكونة من لحمة برتوبلاسمية عارية، غير حبيبية مكونة من شبكة عروق متفاغمة.
البلاسموديات الظاهرية phaneroplasmodes الخاصة برتبة الفيزارال Physarales المكونة من أشكال مروحية تتمايز فيها الحبال البرتوبلاسمية إلى بلاسما خارجية (إكتوبلاسم ectoplasme) مجردة من العضيات البرتوبلاسمية، وبلاسما داخلية (أندوبلاسم endoplasoe) حبيبية، متفرعة ومتفاغمة في شبكة متدرجة في الدقة. تقوم السيتوبلاسما داخل الغشاء البلاسمي بحركة إيقاعية متسارعة تعزى إلى لييفات دقيقة ذات خواص كيميائية فيزيائية مشابهة لخواص البروتينات القلوصة في العضلات. تتحرك هذه النماذج من البلاسمود ببطء على سطوح الركيزة الرطبة. تتغذى بالبلعمة وتهضم الجراثيم، والخمائر، والأبواغ، والعفن وغيرها من الفتيتات الغذائية، وتنمو تدريجياً.
يتحول جزء من البلاسمود، أو كل البلاسمود، في الشروط المناسبة، إلى تكوين الأبواغ منتجاً عدداً من الأجسام الثمرية. ففي جنس النفيري المخاطي Ceratiomyxa تُحمل الأبواغ خارجياً فوق حامل أبواغ (سبوروفور sporophore) خيطي أو منتصب. أما في بقية الأجناس فتتكون الأبواغ داخل قربة بوغية (سبوروكارب) غالباً حيوية الألوان تتميز منها ثلاثة أنماط: مغلف الأبواغ (سبورانج sporange) محمول غالباً فوق رجيلة ومزود عادة بعميد وغالباً ما تتشكل أعداد كثيرة من مغلفات الأبواغ في آن واحد فوق البلاسمود ذاته متجمعة أسفل المشرة (هيبوتال hypothale), القربة البلاسمودية (بلاسموديوكارب plasmodiocarpe) وهي نموذج من مغلف أبواغ لاطئ، متطاول ناتج من تحول الكتلة البلاسمودية المنتصبة إلى قبة أو وسادة متماسكة. تحاط القربة البوغية أياً كانت أشكالها ببردة Peridium في داخلها الأبواغ والشعريات capillitium المكونة من خيوط مغطاة أحياناً بترسبات كلسية.
يجري التنصيف (الشكل-19) وقت تشكل الأبواغ، وتكون النوى فردية الصيغة الصبغية. وتحرر الأبواغ المنتشة جسيمات أولية متحركة تدعى أميبات مخاطية myxamibes مزودة غالباً بسوطين أماميين متباينين، قادرة على هضم الفتيتات المغذية وعلى التكاثر بالانشطار الثنائي. ويجري الإلقاح إما بين خليتين سوطيتين أو بين أميبين مخاطيين، ويتكون الزيغوت ضمن البلاسمود حيث تتكاثر النوى مضاعفة الصيغة الصبغية بسرعة عن طريق الانقسام الخيطي. وتتحول البلاسمود في الشروط السيئة إلى صلابة (سكليروت sclerote)، كما تتحول الأميبات المخاطية إلى أكياس دقيقة (ميكروسيست). تفصل البنية الخلوية رتبتي الأكرازيال Acrasiales واللابيرنتولال Laberinthulales عن الفطريات المخاطية رغم التعددية النووية التي تتمتع بها. كما تلحق، رتبة حاملات البلاسمود Plasmodiophorales الممثلة بفطر حامل البلاسمود الملفوفي Plasmodiophora brassica ،عامل مرض فتق الملفوف، والذي تتضمن دورة حياته مغلفات بوغية، بالفطريات الطحلبية أو المخاطية لغموض مكانتها التصنيفية. وترد الأصول المشتركة لرتبة الأكرازبال والفطريات المخاطية يمكن وجودها في زمرة البروتوستيليدة Protostelides المكتشفة حديثاً كوحيدات خلية حيوانية. والخلاصة مازال وضع الفطريات المخاطية حائراً بين الفطريات والأميبات.
وفاء بغدادي
MUSHROOMS - CHAMPIGNONS
الفطريات
الفطريات Fungi المعروفة شعبياً (خبز القاق أو عيش الغراب) نباتات عديمة اليخضور، خيطية البنية، خفية الإلقاح، عديمة الأزهار، تُجمع مع الطحالب[ر] والأشن[ر] في زمرة المشريات Thallophytes. وتتميز من الطحالب بعدم قدرتها على التمثيل اليخضوري أو التركيب الضوئي[ر]، لخلوها من الأصبغة الخضراء. وهي بذلك تشبه عالم الحيوان بكونها غيرية التغذية heterotrophs. يتكاثر أغلبها بطريقة إعاشية أي لا جنسية ممثلة بنمو خيوطها من دون إلقاح، أو بطريقة جنسية غير مكتملة مراحل الإلقاح، أو بطريقة جنسية كثيرة التنوع.
من النباتات ما تسمى بالفطريات وهي ليست كذلك، ومثالها الفطريات الشعاعية Actinomycetes المصنفة مع الجراثيم[ر] بسبب البنية والوظيفة وطريقة الحياة، والفطريات المخاطية[ر] Myxomycetes بسبب البنية اللاخلوية المعروفة بالبنية البلاسمودية plasmodia المسيطرة على جميع مراحل الدورة الحياتية، والتي تتغذى بالبلعمة الممثلة بإحاطة المادة المغذية بأرجل زائفة مشابهة لطريقة تغذية الأميب المصنف مع العالم الحيواني. ومن ثم تطلق تسمية الفطريات بالمعنى الشمولي أو الواسع على الفطريات غير البلاسمودية، وغير الجراثيمية.
تنوع الفطريات
تضم الفطريات من 200000 - 250000 نوع. متنوعة الأبعاد، والبنية، وطريقة التغذية. منتشرة في جميع أنحاء العالم في الأوساط الترابية والمائية. تغزر خاصة في المناطق المدارية والمعتدلة، ولها مستعمرات في المناطق القطبية، ولعدد منها دور في تغذية الإنسان. وهي غزيرة في المياه العذبة، وقليلة في مياه البحار، وتوجد أبواغها الحية في الأجواء بالغة الارتفاع. تفضل الحرارة عند درجة 20-30 ْْم ولكن منها المحب للحرارة العالية، ومنها ما يعيش في حرارة دون الصفر المئوي. تنبت أغلب الفطريات الراقية كالفطريات الدعامية[ر] Basidiomycetes في الترب الخصبة الرطبة خاصة في الخريف في المناطق المعتدلة.
المعلومات الفطرية المستحاثة شحيحة على الرغم من كونها من أوسع الأشكال الحية التي انتشرت فوق الكرة الأرضية.
بنية الفطريات
للفطريات بنى مختلفة: أبسطها البنية الخلوية المكونة من خلية وحيدة النواة أو عديدة النوى، تليها في التعقيد البنية الجذريدية rhizoids المكونة من تجمع استطالات خلوية، والبنية المشرية thalli المكونة من شبكة من الخيوط المجهرية المسماة غزل فطري أو هيفا hyphae والتي يشكل مجموعها المشيجة mycelium التي تبدو للعين كتلة قطنية أو تبقى مختفية داخل نسج المضيف. وقد تتعقد البنية الفطرية لتشكل مجموعة من الخيوط المفتولة في حبال تدعى جذرية الشكل rhizomorphic أو تكون جسيمات corpuscules أو كتلاً متراصة بصيلية bulbils أو صُلابات sclerotia أو لحمة كتل تدعى ستروما stromata، وهي لا ترقى، في كل هذه الحالات، إلى مستوى النسج، وكذلك الأمر في الأعضاء الثمرية في الفطريات الراقية كالقبعة. ومن أبرز البنى الفطرية البنية الأنبوبية السينوسيتية coenocytic الملاحظة في الفطريات الأنبوبية Siphomycetes حيث الكتلة السيتوبلاسمية مستمرة لا تفصل بينها حواجز خلوية.
التغذية وطريقة حياة الفطريات
تتغذى المشيجة الفطرية بامتصاص الماء، بكميات كبيرة، والمواد اللاعضوية والعضوية المنحلة، مفرزة، خارج الخلايا، أنزيمات تفكك المواد الغذائية: كالسكاكر، والنشاء، والسلولوز، والخشب، والدهون، وغيرها... وتجعلها قابلة للانحلال. والفطريات بمجموعها قسرية الحياة الهوائية: تتنفس بامتصاص الأكسجين وطرح غاز ثنائي أكسيد الكربون. لكن بعض الأنواع تنظم عيشها في الجو المغلق، وبعضها الآخر مثل الخمائر[ر] yeast والعفنيات mucorales قادرة على مقاومة الاختناق بقدرتها على التخمر المستثمر في التغذية البشرية في صناعة الخبز والمشروبات الكحولية. والفطريات حيال التغذية الكربونية غيرية التغذية أي أنها تتطلب أغذية من طبيعة عضوية تستمدها إما بالتطفل أو بالتعايش أو بالحياة الرمية على المواد العضوية الميتة. وتتحقق التغذية الآزوتية وفق المكونات الأنزيمية للنوع أو الزمرة الفطرية باستعمال المركبات اللاعضوية: مثل النتريت، والنترات، وأملاح الأمونيوم، أو باستعمال مواد عضوية: مثل البروتينات، والحموض الأمينية. وأخيراً تتطلب الفطريات، مثل كل الكائنات الحية جميعها، بعض الشوارد (الإيونات) اللاعضوية والفيتامينات.
تتحكم الفطريات غيرية التغذية الكربونية بتنظيم التوازن الطبيعي: فالأشكال الرمية تسهم في تفكيك المواد العضوية الميتة محررة العناصر اللاعضوية والجزيئات البسيطة المستخدمة من قبل كائنات حية أخرى. فكثير من الفطريات الراقية تعيش على دبال الغابات. ومنها طفيليات تسبب أمراضاً خطرة قاتلة تعرف بالفُطار mycosis التي تصيب جميع الزمر بما فيها الإنسان، كالقلاع الذي يصيب الفم والقرعة أو السعفة[ر]، وأمراض النباتات الزراعية كالصدأ والتفخم وعفونة الكرمة، وتكوين الفطريات الجذرية[ر] المتعايشة مع جذور النباتات الراقية، والأشن[ر] المرتبطة بالطحالب. وهنالك الفطريات القانصة predateurs التي تقتنص الديدان الخيطية (النيماتودا) في فخ صغير.
تكاثر الفطريات
تتكاثر الفطريات بوساطة الأبواغ[ر] spores التي تختلف عن بذور النباتات الراقية بأبعادها المجهرية وببنيتها البدائية: فهي مؤلفة من خلية واحدة، أو من عدد من الخلايا القادرة على النمو من دون إلقاح. تتحول الكتلة البروتوبلاسمية، في الأبواغ البسيطة منها، إلى وحدة تكاثرية. أما في الحالات الأكثر تعقيداً فتشكل المشرة أعضاءً بالغة التخصص لإنتاج الأبواغ. ويُميز في تكاثر الفطريات نموذجان: تكاثر لا جنسي يجري بطريقة إعاشية، واسع الانتشار، ينطلق من المشرة مباشرة مكوناً: الغبيرات conidia وحوامل الغبيرات، والأكياس البوغية، وغيرها. وتكاثر جنسي ممثل بتزاوج عروسين أحاديي الصيغة الصبغية. يعد تنوع طرائق التكاثر الأساس الرئيسي في تصنيف عالم الفطريات.
تصنيف الفطريات
يعتمد تصنيف الفطريات على بنية المشرة وعلى طريقة التكاُثر وهو يضم: الفطريات المخاطية[ر] والفطريات الطحلبية[ر] والفطريات الزقية[ر] والفطريات الدعامية[ر] والفطريات الناقصة التي لا تعرف لها طريقة تكاثر جنسية.
دور الفطريات في الطبيعة ومكانتها الاقتصادية
تقوم الفطريات، مفيدة كانت أم ضارة، بدور اقتصادي بارز: فهي بالاشتراك مع الأحياء المجهرية الأخرى تسهم في الحفاظ على خصوبة التربة بتفكيك الفضلات العضوية المعقدة وتكوين الدبال، واسترجاع الهواء للعناصر التي أخذت منه. واستخدام الأنواع الرمية في تصنيع منتجات التغذية، والمنتجات المضادة للتعفن. وتَعَرُّفِ الأنواع الممرضة للإنسان والحيوان والنبات والمفسدة للمحاصيل الزراعية والمسببة للأمراض التحسسية. وتَعَرُّفِ الأنواع المفيدة في المكافحة الحيوية مثل استعمال فطر Beauvera densa ضد الدودة البيضاء. وتعد المكافحة الحيوية ضد الفطريات الضارة طريقة جديدة لتوسيع البحث العلمي.
وقد عُرف استخدام الفطريات في التغذية منذ زمن بعيد كالكمأة، والغاريقون Agaricus والبوليتوس Boletus والموريل Morillus وكثير غيرها المستخدمة في تخمير العجين وتصنيع المشروبات الروحية والأجبان والتوابل. وتجب الإشارة هنا إلى الفطريات السامة كالأمانيت[ر] والفطريات المسببة لتسمم الدقيق مثل دابرة الشيلم[ر]. وهنا تجب الإشارة إلى الأفلاتوكسين aflatoxine في توسع التدرنات الكبدية.
دور الفطريات في الصناعة
استخدمت التقانات الجرثومية في زراعة الفطريات المجهرية المفيدة في الصناعات الغذائية مثل صناعة الخبز وصناعة الجعة التي استنبطت سلالات مفيدة في هذا المجال، وفي صناعة الفيتامينات مثل الأرغوستيرول والريبوفلافون، والأنزيمات مثل الأميلاز واللباز والبروتياز، والحموض العضوية كحمض الليمون، والكحولات المتعددة كالغلسيرين، والدهون والصادات الجرثومية. ويُعدُّ البنسلين من أول الصادّات الحيوية المنتج من جنس البينيسيليوم Penicillium الفعال ضد الأمراض الفطرية. وإذا كانت غالبية الصادات الحيوية المستعملة اليوم مستمدة من الفطريات الشعاعية، فإنه يتوقع لها مستقبلاً استعمالات كثيرة في مجالات متنوعة.
الدراسات المعاصرة للفطريات
تعالج الدراسات المعاصرة الفطريات من النواحي الآتية: علم الفطريات، الفطريات الجذرية، الفطريات الطحلبية، الفطريات الدعامية، الفطريات الزقية، الفطريات المخاطية.
أولاً: علم الفطريات
علم الفطريات أو الميكولوجيا Mycology فرع من العلوم الطبيعية يعالج الفطريات المعروفة بعيش الغراب أو خبز القاق. وقد عُرفت الفطريات الراقية منذ مئات السنين لطيب مذاقها، ودرست الفطور لاستعمالها في التغذية، ولدورها في إحداث التخمر، ولتفادي سمية بعضها. واستمر الأمر كذلك حتى مطلع القرن الثامن عشر حيث أخضعت معرفة الفطريات لدراسات منظمة وملاحظات معمقة.
كان بيير أنتونيو ميشيلي Pier Antonio Micheli أوّل من زرع العفن بوضعه على الجبن وعلى الفاكهة الطازجة، ونشر عام 1729 كتاباً عنوانه «النبات الجديد» طرح فيه تصنيفاً يضم مفاتيح تعرف الأجناس والأنواع، مستعملاً المجهر لملاحظة صفائح فطر الغاريقون Agaricus.
وفي عام 1791، ترك بيير بولليارد Pierre Bulliard صوراً رائعة للفطريات الراقية الفرنسية، كما حدد الألماني تود U.J.Tode في الحقبة نفسها أسماء عدد من الفطريات الدقيقة.
وضع الهولندي كريستيان هندريك بيرسون Christiaan Hendrik Persoon في الأعوام 1795-1799 أسس تصنيف الفطريات. وقد اعتمدها ووسعها إلياس فريس Elias Fries في الفترة ما بين 1821 و1831.
وفي القرن التاسع عشر في عام 1836، نشر جوزيف بيركلي دراسة عن الفطريات البريطانية، وتوجّه بعدها علم الفطريات نحو التشريح والبيولوجيا والسيتولوجيا. ففي عام 1837 اكتشفت الدعامة بعد دراسة أغشية التكاثر الفطرية هيمينيوم hymenium. وفي الأعوام 1857-1865 ترعرع علم التكوين الذاتي للفطريات، ونمت زراعة الفطريات، وتوسع تعرف الأصداء وحلقات حياتها، وهكذا تبلورت مفاهيم تكوين الميكولوجيا الحديثة.
في مطلع القرن العشرين، تقدّمت الدراسات السيتولوجية على يد الباحث ألكسندر غيرموند Alexandre Gilliermond الذي درس الخمائر، وكشف الدورة الجنسية للفطريات الزقية Ascomycetes. وكشف ب.غلوسن P.Glaussen الدورة الجنسية للفطريات الدعامية[ر]. وكشف رينيه مير René Maire فطريات العفن Mucorales، ودخلت بذلك الميكولوجيا في حقول دراسات البنية الدقيقة. واستخدمت الميكولوجيا في السنوات الخمسين من القرن العشرين، لتقدمها، كل التقانات الحيوية المعاصرة من سيتولوجيا ووراثة وتكوين أعضاء organogenese وبنى دقيقة وفيزيولوجيا وكيمياء حيوية. واستفادت الميكولوجيا بالمقابل من هذه المكتسبات الحديثة للحصول على معلومات كثيرة الدقة والرسوخ، ففي عام 1907 ظهر كتاب »تاريخ الفطور القرصية الأوربية وتصنيفها لمؤلفه إميل بودييه Emile Boudier. وتوجهت الدراسات نحو تفهم طرائق تكاثر الفطريات الناقصة. وتوسعت الأفلورة flora الميكولوجية لتشمل 45000 نوع منشورة ما بين عام 1882 و1931 في 25 مجلداً أشرف عليها أندريا سكاردو Andrea Saccardo وتابعها ف.بيتراك F.Petrak في دليل كيو في إنكلترا.
أبدع توسع الميكولوجيا، ودخولها في العديد من المجالات المرتبطة بالفعاليات البشرية، وتفرعها إلى العديد من الاختصاصات التي لها طرائقها وباحثوها في مجالات الأمراض النباتية phytopathologie، والميكولوجيا الطبية والبيطرية، والميكولوجيا الصناعية، ورسم آفاقاً جديدة، ولا زالت العلوم الميكولوجية تتوسع يوماً بعد يوم بوساطة ملايين محبي الفطريات وعشاقها في أرجاء الكرة الأرضية. أما الدراسات الميكولوجية في الشرق الأوسط وفي العالم العربي، فما زالت في مراحلها البدائية على الرغم من توافر العشرات منها التي تتطلّب الجمع في مؤلفات كبيرة.
ثانياً: الفطريات الجذرية
الفطريات الجذرية أو الميكوريزا Mycorhizas خيوط فطرية متحدة مع جذور النباتات الراقية، تشكّل كساءً متلبداً خارجياً متفاوت الكثافة يدخل إما بين خلايا القشرة الجذرية مكوِّناً ميكوريزا خارجية التغذية ectotrophic Mycorhizas أو يجتاح سيتوبلاسما عدد من الخلايا مكوِّناً ميكوريزا داخلية التغذية endotrophic Mycorhizas.
النباتات مضيفات الميكوريزا
كثيرة هي النباتات التي تستضيف الميكوريزا: بعضها لا وعائي كالكبديات Hepaticae وبعضها وعائي كالتريديات Pteridophyta التي تتعايش ميكوريزاتها مع جذور النبات البوغي لسرخس عديد الصفوف المدبب Polysticum aculeatum، وكذلك الأمر بالنسبة لطليعة مشرة السيلاجينيلا Selaginella ورجل الذئب Lycopodium ولسان الأفعى Ophioglossum، إضافة إلى جذور العديد من عريانات البذور وخاصة الصنوبر والتنوب المرتبطة بفطور خارجية التغذية، والطقسوس Taxsus والعرعر المرتبطان بفطور داخلية التغذية. وتسهم الميكوريزا في نمو كثير من الأشجار الحراجية كالكستناء والبندق والزان والسنديان، كما تسهم في نمو العديد من جنبات الخلنج والنباتات العشبية من الفصائل، الزنبقية والكولشيكاسية والسوسنية، وخاصة الجانسيانبة، والسحلبية والبطاطا البرية. ومن النباتات الراقية من مغلفات البذور عديمات اليخضور، ما تتطلب لنموها وجود الميكوريزا كالمونوتروبا Monotropa.
الشكل (1) الفطريات الجذرية | |
مقطع في جذر يوضح الميكوريزا داخلية | |
الترفة (التغذية) تتميز الخلايا المصابة باللون القاتم | |
ميكوريزا الكمأة: تتكوَّن الكمأة في الغابات من نمو فطريات زقية ترابية، تعيش في ظلال أشجار السنديان، وتشكل مشيجتها مع جذور الأشجار، في الخريف، أدراناً مكونة من نسيج أسود مخطط بسيور نيرة في الكمأة السوداء Tuber melanosporum، منتجة للزقاق والأبواغ الزقية.
وتتكون الكمأة، في بادية الشام، في التربة الهشة الخفيفة الكلسية، من اتحاد الفطر الزقي ترفيزياTerfesia المتعايش مع نبات حولي معروف لدى البدو بوسم الكمأة أو زهر الشمس صفصافي الورق Helianthemum salicifolium من الفصيلة اللاذنية Cistaceae. ويتم تعرّف وجود الكمأة بتفطّر التربة أو تشققها نتيجة نمو الثمرة الزقية المغلقة التي يصل حجمها إلى أبعاد درنة البطاطا. إلا أنها تحوي في أسفلها زائدةً كثيفةً تشبه السرة تمتد بطول 15سم مكوَّنة من الميكوريزا والأوبار الماصة لجذور النبات المضيف. يبدأ تكون الكمأة في بادية الشام في شهري تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، وتجمع الثمار الزقية ما بين أشهر شباط/فبراير وآذار/مارس ونيسان/أبريل.
ميكوريزا السحلب: تمثل ميكوريزا السحلب نموذجاً من تعايش النباتات مغلفات البذور مع مشيجة الفطريات في توازن لا يمكن فيه استغناء الواحد عن الآخر في تغذية داخلية (الشكل-1).
ميكوريزا الصنوبر: تمثل ميكوريزا الصنوبر نموذج تعايش تغذية داخلية وخارجية ecto-endotrophic تستعمر السطح الخارجي وتدخل قليلاً في الخلايا السطحية للقشرة الجذرية.
الدور الحيوي للميكوريزا
تطلبت هذه الوحدة الحيوية بين الفطريات الجذرية والنباتات الخضراء من مختلف الزمر النباتية، العديد من الدراسات وفي طليعتها التعايش الذي يوفر للشركاء متطلباتها من الشريك الآخر. وهكذا يقدّم مضيف الميكوريز نواتجَ عمليات التركيب الضوئي، في حين توسّع الميكوريزا حدودَ امتصاص الأوبار الماصة للماء والأملاح المعدنية من 1سم من الجذور لتصل إلى 1م من الفطور، كما تزوّد المضيف بحاجاته من عناصر النتروجين والفسفور والنحاس والسترونسيوم وغيرها إضافة إلى أنزيمات نترات ريدوكتاز(الإرجاع) والفوسفاتاز وغيرها. تفسّر هذه الشركة عدم نجاح زراعة أشجار الغابات الطبيعية في تربة الحدائق الخالية من الميكوريزا المناسبة.
ثالثاً: الفطريات الطحلبية
الفطريات الطحلبية algal fungi (Phycomycetes)، وتسمى الفطريات الدنيا lower fungi، زمرة غير متجانسة من الفطريات، ظل تعريفها غير واضح الحدود والأبعاد. فالمشرة فيها دوماً وحيدة الصيغة الصبغية، والزيغوت وحده فقط مضاعف الصيغة، وهي في النماذج البدائية وحيدة الخلية وحيدة النواة، وفي النماذج المتطورة، وحيدة الجدار الخلوي، كثيرة النوى التي لا تفصل بينها حواجز عرضية، مولدة بنية عديمة الحواجز aseptate أنبوبية siphoneous (الشكل-2). سميت بالفطريات الطحلبية للشبه بين بعض نماذجها وبين الطحالب. تأخذ خلاياها المتحركة الممثلة بالأبواغ أو الأعراس ثلاثة أشكال:
(أ) خيط فطر طحلبي يوضح البنية عديمة الحواجز الأنبوبية | (ب) خيط فطر دعامي أو زقي يوضح البنية الحاجزية الخلوية |
الشكل (2) | |
2 - خلايا متحركة قمية السوط acroconte المبهرج المزود بوبر جانبي مميز لرتبة الهيفوكيتريال.
3 - خلايا متحركة مضاعفة السياط biflagellate الممثلة بسوطين أماميين أو جانبيين أحدهما محرك والآخر موجِّه مميز لرتبة الفطريات البيضية oomycetales، أو كلاهما محركين في رتبة البلاسموديوفورام Plasmodiophorales (الشكل-3).
الشكل (3) الفطريات الطحلبية |
نماذج من الخلايا المتحركة بسياط ملساء أو مهدبة مفردة أو مزدوجة |
1 - رتبة البلاسموديوفورام Plasmodiophorales: خلايا متحركة ممثلة بالأبواغ أو الأعراس مضاعفة السياط، مثالها البلاسموديوفورا الملفوفي Plasmodiophora brassica المسبب لمرض التورّم الجذري.
2 - رتبة الكيتريديال Chytridiales: نباتات رمية أو طفيلية، ضامرة المشرة، متطفلة على الطحالب والحيوانات المائية، أو على الأعضاء النباتية تحت التربة، أبواغها الحيوانية وحيدة السوط مثالها: بوليفاغوس أوغليني Polyphagus euglenae المتطفل على الأوغلينا، والسينكيتريوم أندوبيوتيكوم Synchytrium endobioticum المسبب لمرض ثؤلول البطاطا، والريزوفيديوم Rhizophydium المتطفل على الطحالب البلانكتونية وحب الطلع.
3 - رتبة الهيفوكيتريال Hyphochytriales: خلايا متحركة ممثلة بالأبواغ أو الأعراس قمية السوط تشبه الرتبة السابقة، مثالها الطفيليات على الطحالب والفطريات المائية.
4 - رتبة البلاستوكلاديال Blastocladiales: خلايا متحركة ممثلة بالأبواغ أو الأعراس خلفية السوط، مثالها البلاستوكلاديللا Blastocladiella الموجود في التربة والألوميسيس Allomyces ترابي الإقامة أيضاً.
5 - رتبة المونوبليفاريدال Monoblepharidales: خلايا متحركة ممثلة بالأبواغ أو الأعراس خلفية السوط، مثالها المونوبليفاريس Monoblepharis المتطفل على النباتات المائية.
6 - رتبة الفطريات البيضية oomycetales: أبواغها الحيوانية ثنائية السياط، الأمامي مهدب والخلفي أملس وتضم الفصائل: السبرولينياسية Saprolegniaceae مثالها السبرو لينيا Saprolegnia الذي يعيش على الرمام المائية النباتية والحيوانية. البيرينوسبورال Peronosporales المتطفلة على النباتات الراقية، وفي طليعتها البلاسموبارا فيتيكولا Plasmopara viticola المتطفل على الكرمة، والألبوغو كانديدا Albugo candida المتطفل على نباتات الفصيلة الصليبية، والفيتوفتورا إنفيستانس Phytophthora infestans المتطفل على البطاطا.
7 - رتبة الفطريات الزيجية Zygomycetales: تتميز بغياب الخلايا السوطية في دورة حياتها، تتكاثر بالأبواغ الزيجية الناتجة من انصهار كيسين عروسين أحدهما موجب والآخر سالب وتضم فصيلة العفن Mucoraceae، ومثالها موكور موسيدو Mucor mucedo الرمي النباتي والحيواني النادر التطفل. وفصيلة الأندو فوراسية Endophoraceae المتطفلة على الحشرات وطحالب الديسميد، والفصيلة الزووفاغاسية Zoophagaceae المتطفلة على الأميبات.
الشكل (4) تكوين الأبواغ الدعامية في الدعاميات المتجانسة: 1) بداءة دعامية ثنائية النوى موجبة وسالبة 2) نواة ملقحة مضاعفة الصيغة الصبغية 3) أربع نوى منصفة مع تشكل طلائع أربعة مساند 4) دعامة كاملة مع أربعة مساند وأربعة أبواغ طلعية |
الشكل (5) الفطريات الدعامية المتباينة، أربعة نماذج من الدعامات المتباينة: 1) دعامة عرضية الحواجز في فطر الأوريكولاريا 2) دعامة عرضية الحواجز في فطر البوكسينيا 3) دعامة طولية الحواجز في فطر تريميلا 4) دعامة طولية الحواجز في فطر تولاسنيلا |
الفطريـات الدعامـية Basidiomycetes صف من الفطريـات الشائعة، يضم أغلب الأنواع التي يأكـلها الإنسان. وهي فطريـات حقيقية مميزة بوجـود دعـامات basidia مكونة من خلايا أسطوانية تولد خارجها أربعة أبواغ دعامية basidiospores أحادية الخلية والصيغة الصبغية، محمولة على أربعة مساند sterigmata (الشكلان 4 و5). تُحمل الدعامات على حبكة من خيوط فطرية تدعى هيمينيوم hymenium تشكل الجزء الخصب من حامل الثمرة carpophore (الشكل-7).
تتكاثر الفطريات الدعامية بطريقتين: لا جنسية وجنسية. تنطلق الطريقة اللاجنسية من إنتاش أبواغ دعامية تعطي مشيجة أولية، مكوَّنة من خيوط خلوية وحيدة النوى والصيغة الصبغية، تتكاثر بالغبيرات conidia أو بالأويدات oidia أو بالأبواغ المفصلية. وينطلق التكاثر الجنسي من تكوين مشيجة ثانوية يجري فيها الإلقاح على مرحلتين: تمثل المرحلة الأولى الإلقاح البلاسمي الذي يجري إما بين خلايا خيوط بدائية، أو بين غبيرات (ناتجة من ذات المشرة في حالات متجانسة المشرة homothallism، أو بين غبيرات ناتجة من مشرات متباينة في حالات تباين المشرة heterothallism، مكونة في مرحلة أولى من التكاثر الجنسي مشيجة ثانوية ثنائية النوى، وحيدة الصيغة الصبغية، مولدة لبنية خلوية ثنائية النوى مزردة أو ملزّمة clamp أو كلابية (الشكل 6) تمثل طوراً مستقلاً قادراً على تكوين أشكال جذرية rhizomorphs أو صُلابات sclerotia تحقق الديمومـة الفطريـة التي تعطي في الشروط المناسبة حـوامل ثمرية (كاربوفور) مكونـة من قبعات محمولة على سويقات. وتندمج في المرحـلة الثانية من التكاثـر الجنسي النواتان الجنسيتان داخـل الدعامـة مكونة نواة ملقحة تخضع مباشرة للتنصيف، وتتوزع النوى الأربع في أربعة أبواغ دعامية خارجية التكوين محمولة على أربعة مساند (الشكلان 4 و5).
تشكّل الفطريات الدعامية مجموعة بالغة التنوع الحيوي ويبلغ عدد أنواعها 30000-40000. ممثلة بأحسن صورها بما يعرف بالفطريات ذات القبعة البدينة المكونة من قدم وقبعة حاملة لصفائح تكاثرية تحمل الأبواغ، والمنتشرة في المروج والغابات بما فيها من أنواع قابلة للأكل وأخرى شديدة السمية تعرف عامياً بعيش الغراب (أو خبز القاق في عامية دمشق). ومن الفطريات الدعامية زمر مجهرية، ليس لها حوامل ثمار، تشكّل الصدأ والتفحم الذي يتطفل على النباتات الطبيعية والمزروعة.
تصنيف الفطريات الدعامية
يعتمد تصنيف الفطريات الدعامية بالدرجة الأولى على شكل الدعامة. فالدعامة النموذجية أسطوانية أو دبوسية الشكل، غير مقسمة، تحمل في قمتها أربعة مساند تمثل صفيف الدعاميات المتجانسة Homobasidiomycetes (الشكل -4).
وتتمثل الدعامة غير النموذجية بالدعامة المقسمة المميزة لصفيفات الدعاميات المتباينة Heterobasidiomycetes، تأخذ في الفطريات الدعامية المتباينة أشكالاً عديدة أبرزها الشكل الأسطواني المزود بحواجز عرضية تميز الفصيلة الأذينية Auriculariaceae، والشكل المتكيس الممثل بالأبواغ النهائية telespores المكونـة لفطريـات فصيلة الصدأ، والشكل الغمدي chlamydospores الممثل لفصيلة التفحم، والشكل المقسم بحواجـز طولية إلى أربع حجرات كما في فطريات رتبة الحمريات Tremellales المتطفلة على الكرمة (الشكل-5).
الشكل (6) يمثل العبور من المشيجة الأولية وحيدة النوى إلى المشيجة الثانوية ثنائية النوى، تطاول المشيجة الثانوية مع تشكل زردات أو بكلات أو ملازم التفاغم. (1) (5،4،3،2): مراحل تشكل البكلات أو العقد المتفاغمة |
تصنيف الدعاميات المتباينة
تضم الدعاميات المتباينة زمرتي الصدأ rust والتفحم أو السخام smut أو النخر، كما تضم زمراً رمية أو متطفلة على الحشرات أو على الفطريات أو على الحزازيات. تقسم الفطريات الدعامية المتباينة إلى أربع رتب:
الشقرانيات[ر] Uredinales المكوّنة للصدأ المتطفل على الأعضاء الخضراء لعدد من النباتات الراقية، والتي تمر حلقة تكاثرها بمراحل متعددة: منسلة للنطاف spermogonia، والأسيديا aecidia، والأبواغ الشقرانية uredospores، والأبواغ النهائية teleutospores التي يمكن أن تجري بالتتابع على ذات النبات وتدعى متجانسة المضيف أو على نباتين مختلفين وتدعى متباينة المضيف كما في صدأ القمح المسبب بفطر بوكسبنيا النجيل Puccinia graminis.
السواديات[ر] Ustilaginales المكونة للتفحم أو السخام المتطفلة بصورة رئيسة على نورات أو بذور المضيف، منجزة حلقة تكاثرها على مضيف واحد وتدعى ذاتية المضيف مسببة إصابات خطرة للنباتات الزراعية والحبوب منها خاصة مثل : تفحم الذرة ونخر القمح.
الأذينيات Auriculariales وهي إما رمية جيلاتينية كما في الأذينية Auricularia، وأحياناً قابلة للأكل أو متعايشة مع حشرات قرمزيات Coccus الأشجار المثمرة.
الحمريات Tremellales جيلاتينية القوام، طولية الحواجز الدعامية، رمية الحياة تعيش على الأخشاب.
وتوجد بين الفطريات مختلفة الدعامة ومتماثلة الدعامة فطريات تامة الدعامة تتطفل على غمديات الأجنحة مكونة رتبة أوليات الدبوس Protoclavariales .
تصنيف الدعاميات المتجانسة
تضم الدعاميات المتجانسة أغلب الفطريات كبيرة الحوامل الثمرية (الكربوفورات) المسماة عيش الغراب، أو خبز القاق والممثلة بأجناس: أغاركوس Agaricus (غاريقون) (الشكل-7)، والبوليتوس Boletus، وعديد البؤر Polyporus (الشكل-8)، والنبوتيات أو الدبوسيات كلافاريا Clavaria (الشكل-9)، وفقع الذئب Lycoperdon، والقشارة Lepiota (الشكل-10).
|
||
الشكل (7) الفطريات الدعامية المتجانسة، يوضح الأغشية حاملة الدعامات من الفاريقونيات |
الشكل (8) الفطريات الدعامية المتجانسة من زمرة الصوفان |
|
الشكل (9) الفطريات الدعامية المتجانسة، الفطر الدبوسي Clavaria القابل للأكل | الشكل (10) الفطريات الدعامية المتجانسة، فطر القشارة Lepiota، واضح الحلقة والقبعة الكبيرة |
ـ رتبة المعديات Gastrales: أجسامها الثمرية محاطة برداء peridium وتسمى مغلفة القرب angiocarpes، حرة الهيمينيوم الناضج. ورتبة النفاخات Phallales: تشبه الرتبة السابقة وتسمى شبه مغلفة القرب Hemiangiocarpes
ـ رتبة الأغاريكال Agaricales فطريات صفيحية الهيمينيوم
ـ رتبة كوكبية الأبواغ Asterosporales: فطريات صفيحية الهيمينيوم
ـ رتبة البوليتال Boletales: فطريات أنبوبية الهيمينيوم، غير محدودة النمو، غير محاطة برداء، تسمى عريانة القرب Gymnocarpes،
ـ رتبة اللاورقيات Aphyllophorales: رتبة متنوعة شكل الأغشية الحاملة للأبواغ الدعامية (هيمينيوم)، منها ملساء الصفائح كما في جنس كورتيسيوم Corticium، ومنها المكوّنة من نخاريب غير منتظمة، كما في جنس عديد البؤر Polyporus المتطفّل على جذوع الأشجار رفوفاً فطرية عديد البؤر متغير الألوان Polyporus versicolor على جذوع أشجار الجوز، وعديد البؤر شعاعي الدرن P.tuberaster الرمي الهلالي الشكل الذي يصيب الأخشاب الميتة في المناطق الرطبة, والزبد الدخاني Fomes fumentarius المتطفل على أشجار القيقب.
خامساً: الفطريات الزقية
الفطريات الزقية Ascomycetes زمرة من الفطريات الراقية تعطي أبواغاً جنسية، فردية الصيغة الصبغية، تتشكل داخل وعاء زقي ascus، تدعى الأبواغ الزقية ascospores (الزق والجمع أزقاق وزقاق وزقان وأُزُق: جلد يُجَز ولا يُنْتَف ويستعمَل لحمل الماء). وتصنف الزقاق في زمرتين: زقاق عارية متكونة مباشرة من خيوط المشيجة الفطرية، وزقاق مغلفة بجدل من الخيوط الفطرية الحامية يدعى قربة زقية ascocarp والمسمى تجاوزاً ثمرة زقية.
تتكاثر الفطريات الزقية غالباً بطريقة إعاشية لا جنسية، إما بوساطة خلايا داخلية التكوين تدعى أبواغاً spores، ناتجة من تفكك بسيط لخلايا المشرة، أو بوساطة خلايا خارجية التكوين، متفاوتة الأشكال والأبعاد تدعى غبيرات conidia. وقد يُقتصر تكاثر بعض زمر الزقيات على الغبيرات فقط لتكوِّن زمرة الفطريات الناقصة imperfect fungi أو الفطريات التنوية Deuteromycetes.
للفطريات الزقية 45000 نوع و1800 جنس، ترابية المنبت، غالبيتها رميَّة العيش الطوعي أو القسري المرتبط بالبقايا النباتية، قليل منها بحري، وكثير يتطفل على النباتات الراقية، ويصيب بعضها الحيوان والإنسان، وتسهم في تكوين غالبية الأشن[ر].
تقسم الفطريات الزقية إلى زمرتين: الزقيات النصفية Hemiascomycetes، والزقيات الحقيقية Euascomycetes.
الزقيات النصفية
وهي فطريات بسيطة مشرتها خلوية أو خيطية، عديمة القرب الزقية أو الثمار الزقية. أبرز نماذحها: الخميرة، والزق ثنائي قدم Dipodascus، والتافرينا Taphrina. يوضح (الشكل-11) طريقة تكوين زق المشرة الخلوية في خميرة الجعة Saccharomyces cervisiae من فصيلة الفطريات السكرية Saccharomycetaceae، المنطلق من اندماج خليتين إعاشيتين وتكوين الزيج مضاعف الصيغة الصبغية، الذي تنقسم نواته انقساماً منصفاً مكونة أربعة أو ثمانية أبواغ زقية.
الشكل (11) الفطر الزقي الممثل بالخميرة | |
في الأعلى خلايا إعاشية تتكاثر بالبرعمة، وفي الأسفل الإلقاح المتماثل، وتكون الزيغوت والزق رباعي الأبواغ الزقية |
الشكل (12) الفطر الزقي ديبلوداسكوس: (أ،ب،جـ) مراحل الإلقاح المتماثل وإلى جانبها زق عديد الأبواغ الزقية |
الشكل (13) الفطر الزقي تافرينا: يوضح مشيجة فطرية تحت مشرة ورقة الدراق، منطلقة من بنية ثنائية النوى، وتكوين الزيغوت، والزق عديد الأبواغ |
تضمّ الفطريات النصفية رتبةَ الفطريات الداخلية Endomycetales ورتبة التفرينال Taphrinales.
الزقيات الحقيقية
زمرة واسعة الانتشار، متنوعة أنماط وأشكال التعضي المنطلق من التكاثر بالغبيرات (كونيديا) كما في فطر البنسلين Penicillium البسيط التكوين، حتى يصل إلى فطور البيزيزا Peziza والكمأة المعقدة التكوين، منها ترابي الحياة، والمائي، والرمي الدبالي والخشبي، وأليف الروث، وملتهم النبات phytophages، والمتطفل على النبات أو الحيوان. مشرتها دوماً خيطية، زقاقها مكونة دوماً ضمن قربة أو ثمرة زقية (أسكوكارب) عالية التخصص أحياناً والمستخدمة في تحديد مجموعاتها التصنيفية.
بنية الزق
يبيِّن (الشكل-14) طريقة تكوين الزق في الزقيات الحقيقية متجانسة المشرة المنطلقة من نهاية خيط مولد للزق، في نهايته خلية ثنائية النوى dicaryophase، تتشكل في نهايتها طية مولدة للزق تنقسم فيها الثنائية النووية تمهيداً للإلقاح النووي المتبوع بالتنصيف وتكوين ثمانية أبواغ زقية.
الشكل (14) تشكل الزق في الفطريات الزقية الحقيقية انطلاقاً من خيط فطري ثنائي النوى متماثل المشرة وتكوين الطية المكونة للزيغوت ثماني الأبواغ الزقية |
بنية القربة الزقية أو الثمرة الزقية (أسكوكارب)
يحاط الجهاز التكاثري في الزقيات الحقيقية بنموذج من البرانشيم الزائف الذي يحمي المجموع الزقي والمختلط بخيوط عقيمة أو شبه عقيمة تسمى بارافيز paraphys. وتتمثل هذه الإحاطة بثلاثة نماذج رئيسة من القرب:
1 ـ قربة زقية مغلقة القميص، كليستوتيسيوم cleistothecium؛ وهي جفنة conceptacle كروية، رقيقة الغلاف، تامة الإغلاق، غير متفتحة، تتمثل أحياناً بمجموعة من الخيوط اللبدة المجدولة (بليكتانشيم) ممثلة بزمرة الفطريات المجدولة Plectomycetes.
2 ـ قربة زقية محيطة القميص، بيريتيسيوم perithecium؛ وهي جفنة متماسكة الغلف، بُؤرية الفتحة القمية، قارورية الشكل، ممثلة بزمرة الفطريات البُرية Pyrenomycetes أو الحبية الواسعة الانتشار.
3 ـ قربة زقية مفروقة القميص، أبوتيسيوم apothecium؛ وهي جفنة واسعة الفتحة، قرصية الشكل، مفروشة بطبقة من الزقاق والخيوط العقيمة المتوازية، ممثلة في زمرة الفطريات القرصية Discomycetes.
وقد دلت الدراسات المتقدمة على عدم تجانس هذه الزمر من النواحي التصنيفية. ويخصص اليوم مصطلح بيريتسيوم للدلالة على جفنات متميزة الغلاف المكون من خيوط صادرة عن قدم منسل الزقاق (أسكوغون).
تصنيف الزقيات الحقيقية
مازالت دراسة كثير من الزقيات غير مكتملة وفي مراحلها الأولية، وإن التقسيمات التصنيفية المطروحة اليوم غير موضوعية. وعلى الرغم من ذلك، يقرّ أغلب العاملين في الميكولوجيا بوجود خمس مجموعات (الشكل-15):
الشكل (15) لوحة توضح رتب الفطريات الزقية |
الشكل (16) الفطريات الزقية، الفطر الكوبي بيزيز ساركوسيفا القرمزي Sarcoscypha coccinea |
3 - الفطريات الحبية Pyrenomycetes: فطريات زقية الهيمينيوم، إما بدينة القربة الزقية المحيطة القميص كما في عامل قرحة أشجار الفاكهة الذي يسببه فطر نيكتريا Nectria، أو رقيقة قاتمة البيريتيسيوم أليفة الروث كما في جنس كاتوميوم Chatomium الرمّي الذي يعيش على الفضلات السلولوزية، أو بدينة السردة كما في الكلافيسي بوربوريا Claviceps purpurea المعروف بفطر مهماز الشيلم.
4 - الفطريات القرصية Discomycetes: قربتها الزقية المحيطة القميص واسعة الفتحة، مفروشة بحبكة منظمة من الزقاق والبارافيز. بعض أجناسها رمية أو طفيلية صغيرة الأبعاد مثل السكليروتينيا Sclerotinia؛ وبعضها بدين كما في البيزيزاPeziza (الشكل-16) التي تعدّ من الأطعمة الفاخرة، شكلها قديحي منتظم، لاطئ أو محمول على رجيلة. ورتبة الهيلفيلا Helvella والمورشيلة Morchella (الشكل-17) المتميزة بتوسع نمو الهيمينيوم مكونة قبعة متغضنة ملفلفة. ورتبة الكمأة Tuber التي تحورت بنيتها بسبب لتكونِّها تحت التربة.
الشكل (17) الفطريات الزقية، فطر المورشيلالا المستديرة Morchella rotunda |
الشكل (18) الفطر المخاطي أملس القربة العطوب Leocarpus fragilis على أحد الأغصان |
الفطريات المخاطية Myxomycetes (الشكل-18) صف صغير من فطريات الأماكن الرطبة، أبدانها الإعاشية بلاسمودية plasmodia مكونة من كتلة بروتوبلاسمية عديدة النوى، متحركة، تتغذى بهضم الفتيتات الغذائية الصلبة، تنتشر بوساطة الأبواغ المتكونة عادة في قربة أو ثمرة بوغية (كاربوسبور carpospore) غير خلوية. يضع بعض الكُتّاب الفطريات المخاطية بين الزمر الحيوانية تحت اسم حيوانات فطرية Mycetozoaires.
تضم الفطريات المخاطية 70 جنساً موزعة على 400 نوع. وهي تنمو على الركائز الرطبة من تربة وأخشاب بالية وفضلات نباتية وبراز. واسعة التوزع الجغرافي وأغلب أنواعها عالمية الانتشار.
بنية الفطريات المخاطية
يتكون بدن الفطر المخاطي من بلاسمودات متباينة الأشكال، تضم الزمر الآتية:
البلاسموديات الأولية protoplasmodes وتوضع فيها رتبة قنفذية الدعامات Echinosteliales المكونة من عناصر أميبية غير متمايزة، مجهرية الأبعاد.
البلاسموديات الخفية aphanoplasmodes وتوضع فيها زمرة الستيمونيت Stemonites المكونة من لحمة برتوبلاسمية عارية، غير حبيبية مكونة من شبكة عروق متفاغمة.
البلاسموديات الظاهرية phaneroplasmodes الخاصة برتبة الفيزارال Physarales المكونة من أشكال مروحية تتمايز فيها الحبال البرتوبلاسمية إلى بلاسما خارجية (إكتوبلاسم ectoplasme) مجردة من العضيات البرتوبلاسمية، وبلاسما داخلية (أندوبلاسم endoplasoe) حبيبية، متفرعة ومتفاغمة في شبكة متدرجة في الدقة. تقوم السيتوبلاسما داخل الغشاء البلاسمي بحركة إيقاعية متسارعة تعزى إلى لييفات دقيقة ذات خواص كيميائية فيزيائية مشابهة لخواص البروتينات القلوصة في العضلات. تتحرك هذه النماذج من البلاسمود ببطء على سطوح الركيزة الرطبة. تتغذى بالبلعمة وتهضم الجراثيم، والخمائر، والأبواغ، والعفن وغيرها من الفتيتات الغذائية، وتنمو تدريجياً.
يتحول جزء من البلاسمود، أو كل البلاسمود، في الشروط المناسبة، إلى تكوين الأبواغ منتجاً عدداً من الأجسام الثمرية. ففي جنس النفيري المخاطي Ceratiomyxa تُحمل الأبواغ خارجياً فوق حامل أبواغ (سبوروفور sporophore) خيطي أو منتصب. أما في بقية الأجناس فتتكون الأبواغ داخل قربة بوغية (سبوروكارب) غالباً حيوية الألوان تتميز منها ثلاثة أنماط: مغلف الأبواغ (سبورانج sporange) محمول غالباً فوق رجيلة ومزود عادة بعميد وغالباً ما تتشكل أعداد كثيرة من مغلفات الأبواغ في آن واحد فوق البلاسمود ذاته متجمعة أسفل المشرة (هيبوتال hypothale), القربة البلاسمودية (بلاسموديوكارب plasmodiocarpe) وهي نموذج من مغلف أبواغ لاطئ، متطاول ناتج من تحول الكتلة البلاسمودية المنتصبة إلى قبة أو وسادة متماسكة. تحاط القربة البوغية أياً كانت أشكالها ببردة Peridium في داخلها الأبواغ والشعريات capillitium المكونة من خيوط مغطاة أحياناً بترسبات كلسية.
يجري التنصيف (الشكل-19) وقت تشكل الأبواغ، وتكون النوى فردية الصيغة الصبغية. وتحرر الأبواغ المنتشة جسيمات أولية متحركة تدعى أميبات مخاطية myxamibes مزودة غالباً بسوطين أماميين متباينين، قادرة على هضم الفتيتات المغذية وعلى التكاثر بالانشطار الثنائي. ويجري الإلقاح إما بين خليتين سوطيتين أو بين أميبين مخاطيين، ويتكون الزيغوت ضمن البلاسمود حيث تتكاثر النوى مضاعفة الصيغة الصبغية بسرعة عن طريق الانقسام الخيطي. وتتحول البلاسمود في الشروط السيئة إلى صلابة (سكليروت sclerote)، كما تتحول الأميبات المخاطية إلى أكياس دقيقة (ميكروسيست). تفصل البنية الخلوية رتبتي الأكرازيال Acrasiales واللابيرنتولال Laberinthulales عن الفطريات المخاطية رغم التعددية النووية التي تتمتع بها. كما تلحق، رتبة حاملات البلاسمود Plasmodiophorales الممثلة بفطر حامل البلاسمود الملفوفي Plasmodiophora brassica ،عامل مرض فتق الملفوف، والذي تتضمن دورة حياته مغلفات بوغية، بالفطريات الطحلبية أو المخاطية لغموض مكانتها التصنيفية. وترد الأصول المشتركة لرتبة الأكرازبال والفطريات المخاطية يمكن وجودها في زمرة البروتوستيليدة Protostelides المكتشفة حديثاً كوحيدات خلية حيوانية. والخلاصة مازال وضع الفطريات المخاطية حائراً بين الفطريات والأميبات.
الشكل (19) دورة حياة الفطريات المخاطية داخلية التبوغ (1) بوغة (2) إنتاش البوغة (3) خلية مولدة (4) أميب مخاطي (5) ميكروسيست (6) اندماج خليتين مولدتين (7) زيغوت قبل الإلقاح النووي (8) زيغوت مكتمل (9) بلاسمود ثنائي النوى (10) بلاسمود مروحي مكتمل (11) سكليروت واضحة (12 إلى 14) نمو مغلف الأبواغ (15) مغلف أبواغ مكتمل |