سوكارنو (احمد) (Sukarno (Ahmad أول رئيس لجمهورية إندونيسيا المستقلة،

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سوكارنو (احمد) (Sukarno (Ahmad أول رئيس لجمهورية إندونيسيا المستقلة،

    سوكارنو (أحمد ـ)
    (1901ـ1970)
    أحمد سوكارنو Sukarno أول رئيس لجمهورية إندونيسيا المستقلة، ولد في مدينة سورابايا Surabaya في جزيرة جاوة الشرقية. وكانت جاوة وبقية الأراضي الإندونيسية، في ذلك الحين، تحت السيطرة الاستعمارية الهولندية. كان سوكارنو الابن الوحيد لمعلم مدرسة فقير الحال، تعلم في إحدى المدارس الهولندية العصرية، ثم انتسب إلى معهد باندونغ للتكنولوجيا لدراسة الهندسة المعمارية، وتخرج فيه عام 1926.
    انخرط سوكارنو في العمل السياسي الوطني منذ كان في العشرين من عمره، خصوصاً بعد انضمامه إلى نادي تجوكرو مينوتو، أحد السياسيين الوطنيين البارزين. وفي أثناء وجوده في باندونغ أدرك سوكارنو أن مستقبله سيكون العمل في السياسة لا العمل بالهندسة المعمارية.
    في عام 1927 أسس سوكارنو، بالتعاون مع زملائه من أعضاء رابطة الطلاب الإندونيسيين في هولندا، الحزب الوطني الإندونيسي Partai Nasional Indonesiaوأصبح أول زعيم له، وكان الهدف الرئيس للحزب هو تحقيق استقلال إندونيسيا. وقد ساعدت المَلكة الخطابية التي كان يتمتع بها سوكارنو على انتشار الحزب في أوساط شعبية واسعة. وشعرت الإدارة الاستعمارية الهولندية بخطر الحركة الوطنية التي يقودها سوكارنو، فقامت باعتقاله مع عدد من قادة الحزب، ونفتهم إلى جزيرة فلوريس في عام 1929. وبعد إطلاق سراحه في عام 1931، استأنف سوكارنو نشاطه السياسي، فاعتقل ثانية عام 1933، ونفي إلى جزيرة سومطرة.
    في عام 1942 احتلت اليابان إندونيسيا، وأسهمت بعض الإجراءات التي اتخذها اليابانيون، مثل حظر اللغة الهولندية، وعودة الزعماء السياسيين من المنفى، والسماح بنوع من النشاط السياسي، في تصعيد الحركة الوطنية وتنظيم حركات المقاومة السرية وتعزيز الروح الوطنية بين المقاتلين المتطوعين. وفي عام 1944 وافقت سلطات الاحتلال اليابانية على تشكيل لجنة تحضيرية للإعداد لاستقلال إندونيسيا، وكان سوكارنو أحد أبرز أعضائها.
    وفي 17 آب 1945، وبعد استسلام اليابان للحلفاء، أعلن سوكارنو استقلال إندونيسيا، وقام بتنظيم الجمهورية، على الرغم من معارضة اليابان. وحررت القوات الوطنية جاكرتا، وأقر البرلمان المؤقت دستوراً مؤقتاً يمنح سلطات واسعة لرئيس الجمهورية، وتضمن الدستور أيضا المبادئ الخمسة (بانشاشيلا Pancasila) التي كان ينادي بها سوكارنو وحزبه، ويعدّها أساساً إيديولوجياً وسياسياً للدولة المستقلة الجديدة، وهذه المبادئ هي: القومية والإنسانية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والإيمان بالله. كذلك تشكلت في البلاد حكومة وطنية مؤقتة برئاسة محمد حتا، وأصبح سوكارنو نائباً لرئيس الحكومة التي ضمت سبعة وزراء آخرين.
    بعد استسلام اليابان، أعادت القوات الهولندية احتلال إندونيسا، واعتقلت سوكارنو وقادة الحركة الوطنية الآخرين ونفتهم إلى إحدى الجزر البعيدة. ولكن المعارضة الشعبية للاحتلال التي أخذت شكل مظاهرات وإضرابات واسعة، ونشاط القوات العسكرية للجمهورية الجديدة والضغوط الدولية الكبيرة اضطرت هولندا إلى الاعتراف باستقلال إندونيسيا في 12 آب 1950. وأصبح سوكارنو بعد عودته من المنفى أول رئيس للجمهورية الإندونيسية المستقلة، التي أقرت دستوراً دائماً جديداً يعتمد النظام الديمقراطي البرلماني.
    سياسته الداخلية
    ابتداء من عام 1957، بدأت أعراض عدم الاستقرار تظهر في البلاد، وتجلّى ذلك في التمرد العسكري الذي وقع في سومطرة ثم في سولاويسي، بتحريض من بعض الضباط الموالين للغرب احتجاجاً على سياسة سوكارنو اليسارية، وتبع ذلك تقديم عدد من الوزراء والمحافظين استقالاتهم، ثم وقوع مظاهرات وإضرابات نظمتها الحركات الإسلامية في البلاد. وقد دفعت هذه الأحداث سوكارنو إلى إصدار مرسوم في عام 1959 يقضي بإعادة العمل بدستور عام 1945، الذي يعطي رئيس الجمهورية صلاحيات وسلطات واسعة، وأعلن أن النموذج الغربي للديمقراطية البرلمانية لايتناسب وأوضاع إندونيسيا، وأن البديل لذلك هو نظام «الديمقراطية الموجهة» التي تنطلق من القيم الإندونيسية التقليدية مثل: اتخاذ القرارات عن طريق التشاور والتوافق، لا عن طريق التصويت والأكثرية، وطرح سوكارنو مفهوماً جديداً للوحدة الوطنية أطلق عليه «نازاكوم» NASAKOM وهو اختصار لأسماء المبادئ الرئيسية الثلاثة للسياسة الإندونيسية وهي: القوميةNasionalisme، والدين Agama والشيوعيةKomunisme.
    وعلى أساس هذه الطروحات والمبادئ، تم حظر الأحزاب التي رفضت نظام الديمقراطية الموجهة، واعتقل الخصوم السياسيون. ولقيت سياسة سوكارنو الجديدة هذه تأييداً كبيراً من الحزب الشيوعي الإندونيسي الذي صار أكبر حزب سياسي في البلاد، ولكنها في الوقت نفسه قوبلت بتذمر واضح في أوساط بعض ضباط الجيش.
    ترافقت هذه الإجراءات مع أزمة اقتصادية خانقة، نجمت عن تصاعد الديون الخارجية التي جاء معظمها من مشتريات السلاح من الاتحاد السوفييتي السابق، وإخفاق الشركات الحكومية في تحقيق برامجها التنموية، والتدهور في الزراعة والمناجم والنقل والقطاعات المصرفية، وبلغ حجم التضخم 65% سنوياً، وأصبح اقتصاد البلاد على شفا الإفلاس.
    سـياسـته الخارجية
    بعد الاعتراف باستقلال إندونيسيا في عام 1950، وانسحاب القوات الهولندية من البلاد، احتفظت هولندا بسيطرتها على الجزء الغربي من غينيا الجديدة التي عرفت آنذاك باسم غينيا الهولندية الجديدة. وفي عام 1957 صرّح سوكارنو أن بقاء السيطرة الهولندية على غينيا الجديدة أمر غير مقبول، وأن على هولندا أن تعيد الجزيرة إلى وطنها الأم. رفضت هولندا المطلب الإندونيسي في أول الأمر، فعمد سوكارنو إلى مصادرة الممتلكات الهولندية في إندونيسيا وطرد الرعايا الهولنديين من البلاد، ثم بدأ حملة واسعة لاستعادة الجزيرة. ولاقت الحملة تأييداً دولياً كبيراً، مما أجبر هولندا على إعادة الجزيرة إلى إندونيسيا في عام 1963، وسميت الجزيرة آنذاك ايريان الغربية، وأصبحت تعرف اليوم باسم بابوا Papua.
    اتبع سوكارنو في هذه المرحلة من حكمه سياسية يسارية معادية للمصالح الغربية عموماً. وأقام علاقات واسعة مع الدول الاشتراكية في أوربا وآسيا. وكان أحد مؤسسي حركة عدم الانحياز، بالتعاون الوثيق مع قادة الهند ومصر ويوغوسلافيا والصين الشعبية وغانا. واستضاف عام 1955 في باندونغ المؤتمر الثاني للحركة التي تعزز موقعها على الصعيد الدولي، وعارض تشكيل دولة ماليزيا عام 1963، بحجة أن هذه الدولة المدعومة من بريطانيا سوف تعمل قاعدةً للاستعمار الجديد في المنطقة، وأعلن انسحاب إندونيسيا من المنظمة الدولية عام 1965 لاعترافها بدولة ماليزيا. وفي وقت لاحق من العام نفسه أعلن تشكيل تحالف بين إندونيسيا والدول الاشتراكية في جنوب شرقي آسيا.
    سقوط سوكارنو
    أدت السياسة اليسارية المعادية للغرب التي اتبعها سوكارنو، داخلياً وخارجياً، إلى اشتداد التآمر الخارجي والداخلي عليه، وشنت الحكومات الغربية، لاسيما حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، حملة واسعة على إندونيسيا، متهمة سوكارنو بالارتماء في أحضان الشيوعية الدولية، وأسهم تدهور الوضع الاقتصادي في الداخل في زيادة أعداد العاملين ضده داخل البلاد، لاسيما داخل الجيش.
    وصبيحة اليوم الأول من تشرين الأول 1965 قامت بعض وحدات الجيش بقيادة المقدم اوتونغ Utung بانقلاب عسكري، وأعلن القائمون بالانقلاب عن تشكيل مجلس ثوري وطني لقيادة البلاد، وفي اليوم التالي قام الجنرال محمد سوهارتو، قائد حامية جاكرتا المعروف بموالاته للغرب، بحشد القوات الموالية له لسحق الانقلاب. ومع أن هوية القائمين بالانقلاب وبواعثهم كانت مثار جدل ونزاع، فإن الجنرال سوهارتو أعلن مسؤولية الحزب الشيوعي عن المحاولة الانقلابية. وهكذا قامت قوات الجيش تساندها مجموعات من القوى الإسلامية بحملة تطهير واسعة ضد الشيوعيين وأنصارهم، أسفرت عن مقتل مئات الآلاف واعتقال مئات آلاف آخرين، وحظي انقلاب سوهارتو بتأييد فوري من جانب الولايات المتحدة.
    ويبقى موقف سوكارنو من هذه الأحداث موضع جدل، فهو لم يؤيد علناً المحاولة الانقلابية الأولى، ولكنه لم ينتقدها، وقد أدى هذا الغموض إلى إضعاف موقفه إلى حد كبير.
    بعد نجاح الانقلاب فرضت الإقامة الجبرية على سوكارنو في منزله حتى وفاته. وأعلن الجنرال سوهارتو قيام نظام جديد في إندونيسيا وانتخب رئيساً للجمهورية في 27 آذار 1968.
    أحمد مكيّس

يعمل...
X