الفخر
يعرّف الفخر بأنّه التباهي وإظهار المكارم وأفضل المناقب، ويعد الفخر فنًّا من فنون الشعر، وهو نابع من حب الذات، ويمكن تصنيف الفخر في الشعر على أنه شكل من أشكال المدح؛ ففيه يركز الشاعر على مدح نفسه أو مدح قبيلته، كما أنه يتناول كل الصفات التي يتناولها الشاعر في المدح، وقد قال سعد بطلاقة في كتابه "دراسات في الأدب الجاهلي" إن كل ما حَسُن في المدح حسُن في الافتخار، وكل ما قَبُح في المدح قبُح في الافتخار.[١][٢]
الفخر في الشعر الجاهلي
يعد الفخر أحد أشهر الأغراض التي خرج إليها الشعر الجاهلي، ولا يعد الفخر هدفًا بحد ذاته بل هو وسيلة للتعريف بالنفس والقبيلة وإبراز ما فيها من صفات وعادات حسنة، إذ إن الفخر قد يكون إما بالنفس وإما بالقبيلة، وفي قصيدة الفخر غالبًا ما يتغنى الشاعر بالشهامة والبطولة، ويخلد ذكر الوقائع والحروب التي تحمل النصر والغلبة، كما يشيد شعر الفخر بكرم القبيلة وإغاثة الملهوف والكثير الكثير من الشيم والفضائل. [٣]
نماذج الفخر في الشعر الجاهلي
فيما يأتي عرض لبعض نماذج الفخر في الشعر الجاهلي:
قال عمرو بن كلثوم مفتخرًا بقومه:
أَبَا هِنْدٍ فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْنَا وَأَنْظِرْنَا نُخَبِّرْكَ اليَقِيْنَا
بِأَنَّا نُوْرِدُ الرَّايَاتِ بِيْضاً وَنُصْـدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِيْنَا
مَتَى نَنْقُـلْ إِلَى قَوْمٍ رَحَانَا يَكُوْنُوا فِي اللِّقَاءِ لَهَا طَحِيْنَا
وَرِثْنَا المَجْدَ قَدْ عَلِمَتْ مَعَـدٌّ نُطَاعِنُ دُوْنَهُ حَتَّى يَبِيْنَـا
وَنَحْنُ إِذَا عِمَادُ الحَيِّ خَرَّتْ عَنِ الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلِيْنَا
أَلاَ لاَ يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَا
فَإِنَّ قَنَاتَنَا يَا عَمْرُو أَعْيَتْ عَلى الأَعْدَاءِ قَبَلَكَ أَنْ تَلِيْنَا
وَنَحْنُ الحَاكِمُوْنَ إِذَا أُطِعْنَا وَنَحْنُ العَازِمُوْنَ إِذَا عُصِيْنَا.
قال أوس بن حجر مفتخرًا بنفسه:
وَإِنّي اِمرُؤٌ أَعدَدتُ لِلحَربِ بَعدَما رَأَيتُ لَها ناباً مِنَ الشَرِّ أَعصَلا
أَصَمَّ رُدَينِيّاً كَأَنَّ كُعوبَهُ نَوى القَسبِ عَرّاصاً مُزَجّاً مُنَصَّلا
عَلَيهِ كَمِصباحِ العَزيزِ يَشُبَّهُ لِفِصحٍ وَيَحشوهُ الذُبالَ المُفَتَّلا
وَأَملَسَ صولِيّاً كَنَهيِ قَرارَةٍ أَحَسَّ بِقاعٍ نَفحَ ريحٍ فَأَجفَلا
كَأَنَّ قُرونَ الشَمسِ عِندَ اِرتِفاعِها وَقَد صادَفَت طَلقاً مِنَ النَجمِ أَعزَلا.
قال المفضّل النكري مفتخرًا بالحرب التي وقعت بين قومه بني لكيز وأعداء قومه بني لجيم:
فَأَشبَعنا السِباعَ وَأَشبَعوها فَراحَت كُلُّها تَئِقٌ يَفوقُ
تَرَكنا العُرجَ عاكِفَةً عَلَيهِم وَللِغِربانِ مِن شِبَعٍ نَغيقُ
فَأَبكَينا نِساءَهُم وَأَبكوا نِساءً ما يَسوغُ لَهُنَّ ريقُ
يُجاوِبنَ النِياحَ بِكُلِّ فَجرٍ فَقَد صَحِلَت مِنَ النَوحِ الحُلوقُ
قَتَلنا الحارِثَ الوَضّاحَ مِنهُم فَخَرَّ كَأَنَّ لِمَّتَهُ العُذوقُ.
قال طرفة بن العبد مفتخرًا بنفسه:
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُونَهُ خَشاشٌ كَرَأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
فَآلَيْتُ لا يَنْفَكُّ كَشْحِي بِطَانَةً لِعَضْبِ رَقِيْقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدِ
حُسَامٍ إِذَا مَا قُمْتُ مُنْتَصِراً بِهِ كَفَى العَوْدَ مِنْهُ البَدْءُ لَيْسَ بِمِعْضَدِ
أَخِي ثِقَةٍ لا يَنْثَنِي عَنْ ضَرِيْبَةٍ إِذَا قِيْلَ مَهْلاً قَالَ حَاجِزُهُ قَدِي
إِذَا ابْتَدَرَ القَوْمُ السِّلاحَ وجَدْتَنِي مَنِيْعاً إِذَا بَلَّتْ بِقَائِمَـهِ يَدِي