Mohammad Kujjah
20 أبريل ·
( البحتري ... وعيد الفطر )
مع اطلالة عيد الفطر السعيد، آثرت أن أخرج قليلاً من الواقع الرمادي الذي يغَلف حياتنا اليومية بمتاعبها المختلفة: فقر مدقع إلى حد التسول ، فساد مرعب ، انعدام شبه كامل في الخدمات الأساسية، غلاء فاحش يفوق التصور .
ولذلك عدت الى أبي عبادة الوليد البحتري، وهو في بغداد أيام الخليفة العباسي العاشر "جعفر المتوكل".
ولكن البحتري لا ينسى محبوبته "علوة الحلبية"، ويجعل مطلع قصيدته في عيد الفطر تذكّراً لعلوة في لقاءاتهما في باب قنسرين في حلب حيث كان بيتها منتدى أدبياً وهي الشاعرة والمغنية. يقول البحتري يخاطبها:
أُخفي هَوىً لَكِ في الضُلوعِ وَأُظهِرُ
وَأُلامُ في كَمَدٍ عَلَيكِ وَأُعذَرُ
هَل دَينُ عَلوَةَ يُستَطاعُ فَيُقتَضى
أَم ظُلمُ عَلوَةَ يَستَفيقُ فَيُقصِرُ
تَمشي فَتَحكُمُ في القُلوبِ بِدَلِّها
وَتَميسُ في ظِلِّ الشَبابِ فَتَخطِر
*****
ثم ينتقل البحتري الى مخاطبة الخليفة المتوكل، ويهنئه بعيد الفطر:
اللَهُ مَكَّنَ لِلخَليفَةِ جَعفَرٍ
مُلكاً يَحَسِّنُهُ الخَليفَةُ جَعفَرُ
بِالبَرِّ صُمتَ وَأَنتَ أَفضَلُ صائِمٍ
وَبِسُنَّةِ اللَهِ الرَضِيَّةِ تُفطِرُ
فَاِنعَم بِيَومِ الفِطرِ عَيناً إِنَّهُ
يَومٌ أَغَرُّ مِنَ الزَمانِ مُشَهَّرُ
حَتّى اِنتَهَيتَ إِلى المُصَلّى لابِساً
نورَ الهُدى يَبدو عَلَيكَ وَيَظهَرُ
وَمَشَيتَ مِشيَةَ خاشِعٍ مُتَواضِعٍ
لِلَّهِ لا يُزهى وَلا يَتَكَبَّرُ
اللَهُ أَعطاكَ المَحَبَّةَ في الوَرى
وَحَباكَ بِالفَضلِ الَّذي لا يُنكَر
*****
ومع البحتري قبل ألف ومئتي سنة نقول:
لعلّ الأيام تحمل فرحة العيد، ولو في إطارها الرمزي فلقد مللنا الرداء الرمادي.
كل عام وبلادنا بخير وسعد وسلام وطمأنينة