سلـوم (رفــيق رزق ـ)
(1308ـ1334هـ/1891ـ1916م)
رفيق بن موسى رزق سلوم، حقوقي أديب شاعر، كان واحداً من أحرار العرب في العهد التركي، وُلِدَ في مدينة حمص، وتلقَّى تعليم المرحلة الابتدائية في المدرسة الأرثوذكسية (الروسية)، ورُشح لدرجة الكهنوت إعجاباً بنبوغه وذكائه، فلبس الثوب الرهباني في دير «البلمند» في لبنان، ونالَ درجة الكهنوتية ليعود إلى حمص مدرِّسـاً فيها، غيرَ أن حبه للعروبة والعلم دفعاه للسفر من جديد إلى بيروت لدراسة الحقوق في الجامعة الأمريكية، ثم انتقلَ إلى الآستانة ليتابع دراسة الحقوق تجاوباً مع رغبة صديقه الشيخ عبد الحميد الزهراوي، وهناك بدأ يكتب في الصحف والمجلات، ذات الصبغة السياسية والفكرية آنذاك وأبرزها: «المقتطف»، «القبس»، «المنارة»، «المهذب»، «المفيد»، «حمص»، «لسان العرب».
وقد برزت ثمرة أفكاره وتوجهاته في كتابه «حياة البلاد في علم الاقتصاد» والذي يعدّ من الكتب العربية الأولى في علم الاقتصاد السياسي.
أما حياته الأدبية فقد تجلَّتْ بدايةً في روايته «أمراض العهد الجديد» التي طُبِعَتْ في بيروت عام 1909م وكان عمره سبعة عشر ربيعاً، وقد ضمنها أفكاره الفلسفية والنقدية والاجتماعية في قالب قصصي، وأثارت جدلاً في أوساط المجتمع والثقافة في ذلك الوقت، وعكف بعدها على تأليف موسوعة علمية حقوقية مهمة بعنوان «حقوق الدول».
كان رفيق رزق سلوم يتقن لغات عدة، وكان شغوفاً بالموسيقى وشارك بالتمثيل على خشبة المسرح فمثل رواية «السموأل» أمام الوالي العثماني في الآستانة واستهلها بالبيتين:
قبَّلت حد السيف قبلة عاشقٍ
وهتفت يا سلمى افرحي وتهللي
إن كان في موتي حياة ترتجى
للعرب، أقبل يا حمام وعجِّلِ
فأثار حفيظة العثمانيين آنذاك، وتابع بعدها رفيق رزق سلوم خوض غمار الشعر رافعاً لواء قوميته العربية، حيث تجلَّى اعتزازه وانتماؤه بعروبته والتغني بأمجاد الأجداد في الكثير من قصائده، يقول في إحداها:
الفخر بالجِد لا بالجَدّ والحسبِ
والفضل للعلم.. ليس الفضل للنسبِ
تُرى يعيد لنا التاريخ رونقنا
وننقذ المجد من خطبٍ ومن نُوَبِ
استُدعي رفيق رزق سلوم إلى الجندية عام 1915م، وكان عضواً في جمعية العربية الفتاة، فأُلْقِيَ القبض عليه في دمشق بتاريخ 27 أيلول 1915م، وسِيْقَ إلى مدينة «عاليه» في لبنان ليُعدم صباح 6 أيار في بيروت، وقد واجه الشنق برجولة إباء، شهد له بذلك فالح رفقي آتاي مدير مكتب جمال السفاح في كتابه «جبل الزيتون» بقوله: «كان مثالياً حقيقياً، وقد قابل الموت بوجهٍ ضاحكٍ بسَّام، كان آخر من سِيْقُوا إلى المشنقة.. ستة رجال كانوا قد سبقوه إلى المشانق وتدَلُّوا جثثاً هامدة، وعندما وصل إلى رأس الميدان ورأى المشنقة فارغةً قال مبتسماً: يظهر أن مكاني هناك».
ومن شعره الذي يبعث الهمة في نفوس العرب:
ولا تقنطوا يا عُرب من فضل ربكم
فللدهر حالاتٌ تمر وتعبرُ
ولا تيأسوا من رحمة الله إننا
الغزاة الأُلى منا الرشيد وعنترُ
وقال في قصيدته الوداعية الأخيرة:
لا العُرب أهلي ولا سورية داري
إن لم تهبُّوا لأخذ الحق والثارِ
إن نمتم عن دمي لا قمتم أبداً
وكان خصمكم في المحشر الباري
قُتِلْتُ ظلماً وعدواناً وتضحيةً
عنكم بأيدي وحوشٍ كلها ضاري
نزار بني مرجة
(1308ـ1334هـ/1891ـ1916م)
رفيق بن موسى رزق سلوم، حقوقي أديب شاعر، كان واحداً من أحرار العرب في العهد التركي، وُلِدَ في مدينة حمص، وتلقَّى تعليم المرحلة الابتدائية في المدرسة الأرثوذكسية (الروسية)، ورُشح لدرجة الكهنوت إعجاباً بنبوغه وذكائه، فلبس الثوب الرهباني في دير «البلمند» في لبنان، ونالَ درجة الكهنوتية ليعود إلى حمص مدرِّسـاً فيها، غيرَ أن حبه للعروبة والعلم دفعاه للسفر من جديد إلى بيروت لدراسة الحقوق في الجامعة الأمريكية، ثم انتقلَ إلى الآستانة ليتابع دراسة الحقوق تجاوباً مع رغبة صديقه الشيخ عبد الحميد الزهراوي، وهناك بدأ يكتب في الصحف والمجلات، ذات الصبغة السياسية والفكرية آنذاك وأبرزها: «المقتطف»، «القبس»، «المنارة»، «المهذب»، «المفيد»، «حمص»، «لسان العرب».
وقد برزت ثمرة أفكاره وتوجهاته في كتابه «حياة البلاد في علم الاقتصاد» والذي يعدّ من الكتب العربية الأولى في علم الاقتصاد السياسي.
أما حياته الأدبية فقد تجلَّتْ بدايةً في روايته «أمراض العهد الجديد» التي طُبِعَتْ في بيروت عام 1909م وكان عمره سبعة عشر ربيعاً، وقد ضمنها أفكاره الفلسفية والنقدية والاجتماعية في قالب قصصي، وأثارت جدلاً في أوساط المجتمع والثقافة في ذلك الوقت، وعكف بعدها على تأليف موسوعة علمية حقوقية مهمة بعنوان «حقوق الدول».
كان رفيق رزق سلوم يتقن لغات عدة، وكان شغوفاً بالموسيقى وشارك بالتمثيل على خشبة المسرح فمثل رواية «السموأل» أمام الوالي العثماني في الآستانة واستهلها بالبيتين:
قبَّلت حد السيف قبلة عاشقٍ
وهتفت يا سلمى افرحي وتهللي
إن كان في موتي حياة ترتجى
للعرب، أقبل يا حمام وعجِّلِ
فأثار حفيظة العثمانيين آنذاك، وتابع بعدها رفيق رزق سلوم خوض غمار الشعر رافعاً لواء قوميته العربية، حيث تجلَّى اعتزازه وانتماؤه بعروبته والتغني بأمجاد الأجداد في الكثير من قصائده، يقول في إحداها:
الفخر بالجِد لا بالجَدّ والحسبِ
والفضل للعلم.. ليس الفضل للنسبِ
تُرى يعيد لنا التاريخ رونقنا
وننقذ المجد من خطبٍ ومن نُوَبِ
استُدعي رفيق رزق سلوم إلى الجندية عام 1915م، وكان عضواً في جمعية العربية الفتاة، فأُلْقِيَ القبض عليه في دمشق بتاريخ 27 أيلول 1915م، وسِيْقَ إلى مدينة «عاليه» في لبنان ليُعدم صباح 6 أيار في بيروت، وقد واجه الشنق برجولة إباء، شهد له بذلك فالح رفقي آتاي مدير مكتب جمال السفاح في كتابه «جبل الزيتون» بقوله: «كان مثالياً حقيقياً، وقد قابل الموت بوجهٍ ضاحكٍ بسَّام، كان آخر من سِيْقُوا إلى المشنقة.. ستة رجال كانوا قد سبقوه إلى المشانق وتدَلُّوا جثثاً هامدة، وعندما وصل إلى رأس الميدان ورأى المشنقة فارغةً قال مبتسماً: يظهر أن مكاني هناك».
ومن شعره الذي يبعث الهمة في نفوس العرب:
ولا تقنطوا يا عُرب من فضل ربكم
فللدهر حالاتٌ تمر وتعبرُ
ولا تيأسوا من رحمة الله إننا
الغزاة الأُلى منا الرشيد وعنترُ
وقال في قصيدته الوداعية الأخيرة:
لا العُرب أهلي ولا سورية داري
إن لم تهبُّوا لأخذ الحق والثارِ
إن نمتم عن دمي لا قمتم أبداً
وكان خصمكم في المحشر الباري
قُتِلْتُ ظلماً وعدواناً وتضحيةً
عنكم بأيدي وحوشٍ كلها ضاري
نزار بني مرجة