عملية البناء الضوئي هي العملية التي تستخدم فيها النباتات والطحالب وبعض أنواع البكتيريا الطاقة المستمدة من أشعة الشمس للحصول على طاقة كيميائية عبر البلاستيدات الخضراء التي تحوي على الكلوروفيل. في هذا المقال سنتعرف على المبادئ العامة لعملية البناء الضوئي، ونلقي الضوء على كيفية دراسة العلماء لهذه الظاهرة الطبيعية وكيف يمكن أن تساعدنا في تطوير الوقود النظيف ومصادر الطاقة المتجددة.
أنواع عمليات البناء الضوئي:
هناك نوعان من عمليات البناء الضوئي: البناء الضوئي الأكسجيني، والبناء الضوئي غير الأكسجيني. تتشابه المبادئ العامة للعمليتين إلى حد كبير، لكن البناء الضوئي الأكسجيني أكثر شيوعًا ويحدث في النباتات والطحالب والبكتيريا الزرقاء.
أثناء عملية البناء الضوئي الأكسجيني، تنقل الطاقة الضوئية الإلكترونات من الماء (H2O) إلى ثاني أكسيد الكربون (CO2)؛ لإنتاج الكربوهيدرات. أثناء عملية النقل هذه، يُختزل ثاني أكسيد الكربون نتيجة لاكتساب الإلكترونات، بينما تحدث أكسدة للماء نتيجة لفقد الإلكترونات. وفي النهاية، يُنتَج الأكسجين مع الكربوهيدرات.
تتمثل وظيفة البناء الضوئي الأكسجيني في موازنة عملية التنفس؛ عن طريق استهلاك ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عمليات تنفس الكائنات الحية وإعادة تكوين الأكسجين في الجو.
من ناحية أخرى، يستخدم البناء الضوئي غير الأكسجيني جزيئات أخرى غير الماء للحصول على الإلكترونات. تحدث هذه العملية عادةً في البكتيريا مثل: البكتيريا الأرجوانية والبكتيريا الخضراء الكبريتية التي توجد في البيئات المائية.
سُمي البناء الضوئي غير الأكسجيني بهذا الاسم نظرًا لعدم إنتاجه الأكسجين؛ إذ يعتمد الناتج على الجزيء المانح للإلكترون. على سبيل المثال، يستخدم العديد من البكتيريا غاز كبريتيد الهيدروجين الذي تشبه رائحته رائحة عفن البيض، لإنتاج الكبريت الصلب بمثابة منتج ثانوي.
كلا النوعان على درجة عالية من التعقيد وتعدد الخطوات، ولكن يمكن تلخيص العملية الكلية في صورة معادلة كيميائية كالتالي:
● في البناء الضوئي الأكسجيني:
6 جزيئات من ثاني أكسيد الكربون + 12 جزيئًا من الماء مع وجود الطاقة الضوئية، تمنحنا في النهاية جزيئًا واحدًا من الكربوهيدرات (الجلوكوز) + 6 جزيئات من الأكسجين + 6 جزيئات من الماء.
( 6CO2 + 12H2O + Light Energy → C6H12O6 + 6O2 + 6H2O)
● في البناء الضوئي غير الأكسجيني:
(CO2 + 2H2A + طاقة ضوئية → [CH2O] + 2A + H2O)
الحرف A في المعادلة متغير، ويمثل (H2A) الجزيء المانح للإلكترون. على سبيل المثال، يمكن أن يكون A هو الكبريت في كبريتيد الهيدروجين (H2S) المانح للإلكترون.
مكونات الخلية الأساسية لعملية البناء الضوئي:
1- (الأصباغ- Pigments):
الأصباغ هي الجزيئات المسؤولة عن إعطاء اللون للنباتات والطحالب والبكتيريا. وهي أيضًا المسؤولة عن اصطياد أشعة الشمس. والأصباغ ذات الألوان المختلفة تمتص أطوالًا موجيةً مختلفةً من الضوء. يمكن تقسيم الأصباغ إلى ثلاث مجموعات رئيسية كالتالي:
● (الكلوروفيل/اليخضور – Chlorophylls): عبارة عن أصباغ خضراء اللون، لها القدرة على امتصاص اللون الأزرق والأحمر. وتُقسم إلى ثلاثة أنواع فرعية: الكلوروفيل a والكلوروفيل b والكلوروفيل c. ويوجد الكلوروفيل a في جميع مصانع البناء الضوئي. هناك أيضًا نوع من الكلوروفيل يوجد في البكتيريا يُدعى (الكلوروفيل الجرثومي-bacteriochlorophyll)، الذي يمتص الأشعة تحت الحمراء. ويوجد بشكل رئيسي في البكتيريا البنفسجية والخضراء، التي تقوم بعملية البناء الضوئي غير الأكسجيني.
● (كاروتينات – Carotenoids): عبارة عن أصباغ حمراء أو برتقالية أو صفراء، تمتص الضوء الأخضر المزرق. أمثلة عليها: الزانثوفيل (صبغة صفراء) والكاروتين (صبغة برتقالية) اللذان يعطيان الجزر لونه.
● (الفيكوبيلين- Phycobilins): أصباغ حمراء أو زرقاء، تمتص الأطوال الموجية التي لا يمكن امتصاصها بواسطة الكلوروفيل والكاروتينات. وتوجد في البكتيريا الزرقاء والطحالب الحمراء.
2- الصانعات الخلوية (البلاستيدات):
تحتوي حقيقيات النواة التي تقوم بالبناء الضوئي على عضيات في السيتوبلازم تسمى البلاستيدات (الصانعات الخلوية). يوجد نوعان من البلاستيدات: البلاستيدات الأولية ذات الأغشية المزدوجة التي توجد في النباتات والطحالب، والبلاستيدات الثانوية ذات الأغشية المتعددة والموجودة في العوالق.
تحتوي البلاستيدات عامةً على أصباغ، ويمكنها تخزين العناصر الغذائية. تخزن البلاستيدات عديمة اللون والصبغة (leucoplasts) النشاء والدهون. بينما تحتوي البلاستيدات الملونة (chromoplasts) على الكاروتينات، وتحتوي البلاستيدات الخضراء (chloroplasts) على الكلوروفيل.
تحدث عملية البناء الضوئي في البلاستيدات الخضراء، خاصةً في منطقتي (حبيبات اليخضور – grana) و( السَدى – stroma). الحبيبات هي المنطقة الأعمق من العضية، وهي عبارة عن تجمع أغشية على شكل أقراص مرصوصة في أعمدة مثل الصفائح. يسمى كل قرص بـ (الثايلاكويد – thylakoids)، وهي المنطقة التي يحدث فيها نقل الإلكترونات. وتشكل المناطق الفارغة بين أعمدة الحبيبات السَدى.
تتشابه البلاستيدات الخضراء مع الميتوكوندريا -مركز الطاقة في الخلية- إذ تمتلك كل واحدة منهما جينومًا خاصًا بها، أو مجموعةً من الجينات موجودةً في شرائط الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين. وتشفر هذه الجينات البروتينات اللازمة للعضيات وعملية البناء الضوئي. ومثلها مثل الميتوكوندريا، يُعتقد أن البلاستيدات الخضراء نشأت من الخلايا البكتيرية الأولية من خلال عملية (التكافل الداخلي- endosymbiosis).
نشأت البلاستيدات الخضراء من البكتيريا التي تقوم بعملية البناء الضوئي، التي تطورت بدورها من خلية أحادية حقيقية النواة منذ أكثر من مليار عام. وأظهر تحليل جينات البلاستيدات الخضراء أنها كانت في يوم ما عضوًا في مجموعة البكتيريا الزرقاء، وهي النوع الوحيد من البكتيريا الذي يقوم بعملية البناء الضوئي الأكسجيني.
في مقال نُشر عام 2010، أوضح الباحثون أن تكوين البلاستيدات الثانوية لا يمكن تفسيره بصورة جيدة من خلال نظرية التكافل الداخلي للبكتيريا الزرقاء، وما تزال نشأة هذه البلاستيدات مَثار جدل بين العلماء.
3- (الهوائيات – Antennae)
ترتبط جزيئات الأصباغ بالبروتينات، الأمر الذي يتيح لها مرونة التحرك في اتجاه الضوء وتجاه بعضها البعض. تتشكل الهوائيات من مجموعة كبيرة مكونة من 100 إلى 5000 جزيء صبغي، وتلتقط هذه الهوائيات الطاقة الضوئية القادمة من الشمس على شكل فوتونات.
وفي النهاية، يجب نقل الطاقة الضوئية إلى إحدى التجمعات البروتينية الصبغية؛ لتحويلها إلى طاقة كيميائية في هيئة إلكترونات. على سبيل المثال، تُنقل الطاقة الضوئية في النباتات إلى الكلوروفيل الذي يطرد الإلكترون، محولًا بذلك الطاقة الضوئية إلى كيميائية.
4- مراكز التفاعل:
هي الأصباغ والبروتينات التي تحول الطاقة الضوئية إلى كيميائية وتبدأ عملية نقل الإلكترون.
عملية البناء الضوئي:
هناك نوعان من تفاعلات البناء الضوئي اعتمادًا على وجود ضوء الشمس أم لا. يحدث النوعان في البلاستيدات الخضراء: تفاعلات الضوء في الثايلاكويد، وتفاعلات الظلام -اللا ضوئية- في السَدى.
● التفاعلات الضوئية: عندما يضرب الفوتون مركز التفاعل، يطلق الجزيء الصبغي (مثل الكلوروفيل) إلكترونًا. وفي محاولة لمنع العودة إلى وضعه السابق، يتمكن الإلكترون من الهرب من خلال سلسلة نقل الإلكترون، الأمر الذي يولد الطاقة اللازمة لإنتاج الأدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) وهو مصدر الطاقة الكيميائية في الخلايا، وكذلك النيكوتيناميد أدينين ثنائي نوكليوتيد الفوسفات (NADPH). تُملأ “فجوة الإلكترون” التي في صبغة الكلوروفيل بواسطة سحب إلكترون من الماء، ونتيجةً لذلك يُطلق الأكسجين في الهواء.
● التفاعلات اللا ضوئية/تفاعلات الظلام (تُعرف أيضًا باسم دورة كالفن): تنتج التفاعلات الضوئية الـ (ATP) و(NADPH)، وهما مصدرا الطاقة اللازمة لتفاعلات الظلام. تتكون دورة كالفن من ثلاث خطوات من التفاعل الكيميائي: تثبيت الكربون والاختزال وإعادة التصنيع. تُثبت ذرات الكربون الناتجة عن ثاني أكسيد الكربون بهدف بناء جزيئات عضوية تشكل في النهاية سكريات ثلاثية الكربون. تُستخدم هذه السكريات فيما بعد لصنع الجلوكوز أو لإعادة تدويرها لبدء دورة كالفن جديدة.
البناء الضوئي في المستقبل:
يمكن أن توفر الكائنات العضوية التي تقوم بعملية البناء الضوئي وسائل ممكنةً لتوليد الطاقة النظيفة مثل الهيدروجين أو حتى الميثان. مؤخرًا، استغل باحثون من جامعة توركو في فنلندا قدرة الطحالب الخضراء في إنتاج الهيدروجين. يمكن للطحالب الخضراء أن تنتج الهيدروجين لبضع ثوانٍ إذا تعرضت أولًا لظروف مظلمة، ولا هوائية (خالية من الأكسجين)، ومن ثم التعرض للضوء. ابتكر الفريق طريقةً لمد إنتاج الطحالب الخضراء للهيدروجين لمدة تصل إلى ثلاثة أيام. وذلك طبقًا لدراسة نُشرت في عام 2018.
كذلك حقق العلماء تطورات في مجال البناء الضوئي الاصطناعي -على سبيل المثال- في عام 2015 طورت مجموعة من الباحثين من جامعة كاليفورنيا نظامًا اصطناعيًا لالتقاط ثاني أكسيد الكربون، ذلك باستخدام أسلاك نانوية، وهي أسلاك يبلغ قطرها جزءًا من مليار جزء من المتر. تُغذى الأسلاك بمجموعة من الميكروبات التي تختزل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود وبوليمرات باستخدام طاقة الأشعة الشمسية.
وفي عام 2016، نشر نفس الفريق دراسةً وصفوا فيها طريقةً أخرى للبناء الضوئي الاصطناعي، باستخدام جراثيم مهندسة لإنتاج وقود سائل باستخدام أشعة الشمس والماء وثاني أكسيد الكربون. بطبيعة الحال، لا يستطيع النبات سوى استغلال 1% من الطاقة الشمسية في إنتاج المركبات العضوية. لكن في المقابل، تمكن النظام الاصطناعي من استغلال 10% من الطاقة الشمسية لإنتاج المركبات العضوية.
البحث المستمر في العمليات الطبيعية مثل البناء الضوئي سوف يساعد العلماء في تطوير طرق جديدة لإنتاج الطاقة المتجددة؛ نظرًا لانتشار أشعة الشمس والنباتات والبكتيريا في كل مكان حولنا. وباستغلال البناء الضوئي، يمكن أن نحصل على أنواع وقود نظيفة.
أنواع عمليات البناء الضوئي:
هناك نوعان من عمليات البناء الضوئي: البناء الضوئي الأكسجيني، والبناء الضوئي غير الأكسجيني. تتشابه المبادئ العامة للعمليتين إلى حد كبير، لكن البناء الضوئي الأكسجيني أكثر شيوعًا ويحدث في النباتات والطحالب والبكتيريا الزرقاء.
أثناء عملية البناء الضوئي الأكسجيني، تنقل الطاقة الضوئية الإلكترونات من الماء (H2O) إلى ثاني أكسيد الكربون (CO2)؛ لإنتاج الكربوهيدرات. أثناء عملية النقل هذه، يُختزل ثاني أكسيد الكربون نتيجة لاكتساب الإلكترونات، بينما تحدث أكسدة للماء نتيجة لفقد الإلكترونات. وفي النهاية، يُنتَج الأكسجين مع الكربوهيدرات.
تتمثل وظيفة البناء الضوئي الأكسجيني في موازنة عملية التنفس؛ عن طريق استهلاك ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عمليات تنفس الكائنات الحية وإعادة تكوين الأكسجين في الجو.
من ناحية أخرى، يستخدم البناء الضوئي غير الأكسجيني جزيئات أخرى غير الماء للحصول على الإلكترونات. تحدث هذه العملية عادةً في البكتيريا مثل: البكتيريا الأرجوانية والبكتيريا الخضراء الكبريتية التي توجد في البيئات المائية.
سُمي البناء الضوئي غير الأكسجيني بهذا الاسم نظرًا لعدم إنتاجه الأكسجين؛ إذ يعتمد الناتج على الجزيء المانح للإلكترون. على سبيل المثال، يستخدم العديد من البكتيريا غاز كبريتيد الهيدروجين الذي تشبه رائحته رائحة عفن البيض، لإنتاج الكبريت الصلب بمثابة منتج ثانوي.
كلا النوعان على درجة عالية من التعقيد وتعدد الخطوات، ولكن يمكن تلخيص العملية الكلية في صورة معادلة كيميائية كالتالي:
● في البناء الضوئي الأكسجيني:
6 جزيئات من ثاني أكسيد الكربون + 12 جزيئًا من الماء مع وجود الطاقة الضوئية، تمنحنا في النهاية جزيئًا واحدًا من الكربوهيدرات (الجلوكوز) + 6 جزيئات من الأكسجين + 6 جزيئات من الماء.
( 6CO2 + 12H2O + Light Energy → C6H12O6 + 6O2 + 6H2O)
● في البناء الضوئي غير الأكسجيني:
(CO2 + 2H2A + طاقة ضوئية → [CH2O] + 2A + H2O)
الحرف A في المعادلة متغير، ويمثل (H2A) الجزيء المانح للإلكترون. على سبيل المثال، يمكن أن يكون A هو الكبريت في كبريتيد الهيدروجين (H2S) المانح للإلكترون.
مكونات الخلية الأساسية لعملية البناء الضوئي:
1- (الأصباغ- Pigments):
الأصباغ هي الجزيئات المسؤولة عن إعطاء اللون للنباتات والطحالب والبكتيريا. وهي أيضًا المسؤولة عن اصطياد أشعة الشمس. والأصباغ ذات الألوان المختلفة تمتص أطوالًا موجيةً مختلفةً من الضوء. يمكن تقسيم الأصباغ إلى ثلاث مجموعات رئيسية كالتالي:
● (الكلوروفيل/اليخضور – Chlorophylls): عبارة عن أصباغ خضراء اللون، لها القدرة على امتصاص اللون الأزرق والأحمر. وتُقسم إلى ثلاثة أنواع فرعية: الكلوروفيل a والكلوروفيل b والكلوروفيل c. ويوجد الكلوروفيل a في جميع مصانع البناء الضوئي. هناك أيضًا نوع من الكلوروفيل يوجد في البكتيريا يُدعى (الكلوروفيل الجرثومي-bacteriochlorophyll)، الذي يمتص الأشعة تحت الحمراء. ويوجد بشكل رئيسي في البكتيريا البنفسجية والخضراء، التي تقوم بعملية البناء الضوئي غير الأكسجيني.
● (كاروتينات – Carotenoids): عبارة عن أصباغ حمراء أو برتقالية أو صفراء، تمتص الضوء الأخضر المزرق. أمثلة عليها: الزانثوفيل (صبغة صفراء) والكاروتين (صبغة برتقالية) اللذان يعطيان الجزر لونه.
● (الفيكوبيلين- Phycobilins): أصباغ حمراء أو زرقاء، تمتص الأطوال الموجية التي لا يمكن امتصاصها بواسطة الكلوروفيل والكاروتينات. وتوجد في البكتيريا الزرقاء والطحالب الحمراء.
2- الصانعات الخلوية (البلاستيدات):
تحتوي حقيقيات النواة التي تقوم بالبناء الضوئي على عضيات في السيتوبلازم تسمى البلاستيدات (الصانعات الخلوية). يوجد نوعان من البلاستيدات: البلاستيدات الأولية ذات الأغشية المزدوجة التي توجد في النباتات والطحالب، والبلاستيدات الثانوية ذات الأغشية المتعددة والموجودة في العوالق.
تحتوي البلاستيدات عامةً على أصباغ، ويمكنها تخزين العناصر الغذائية. تخزن البلاستيدات عديمة اللون والصبغة (leucoplasts) النشاء والدهون. بينما تحتوي البلاستيدات الملونة (chromoplasts) على الكاروتينات، وتحتوي البلاستيدات الخضراء (chloroplasts) على الكلوروفيل.
تحدث عملية البناء الضوئي في البلاستيدات الخضراء، خاصةً في منطقتي (حبيبات اليخضور – grana) و( السَدى – stroma). الحبيبات هي المنطقة الأعمق من العضية، وهي عبارة عن تجمع أغشية على شكل أقراص مرصوصة في أعمدة مثل الصفائح. يسمى كل قرص بـ (الثايلاكويد – thylakoids)، وهي المنطقة التي يحدث فيها نقل الإلكترونات. وتشكل المناطق الفارغة بين أعمدة الحبيبات السَدى.
تتشابه البلاستيدات الخضراء مع الميتوكوندريا -مركز الطاقة في الخلية- إذ تمتلك كل واحدة منهما جينومًا خاصًا بها، أو مجموعةً من الجينات موجودةً في شرائط الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين. وتشفر هذه الجينات البروتينات اللازمة للعضيات وعملية البناء الضوئي. ومثلها مثل الميتوكوندريا، يُعتقد أن البلاستيدات الخضراء نشأت من الخلايا البكتيرية الأولية من خلال عملية (التكافل الداخلي- endosymbiosis).
نشأت البلاستيدات الخضراء من البكتيريا التي تقوم بعملية البناء الضوئي، التي تطورت بدورها من خلية أحادية حقيقية النواة منذ أكثر من مليار عام. وأظهر تحليل جينات البلاستيدات الخضراء أنها كانت في يوم ما عضوًا في مجموعة البكتيريا الزرقاء، وهي النوع الوحيد من البكتيريا الذي يقوم بعملية البناء الضوئي الأكسجيني.
في مقال نُشر عام 2010، أوضح الباحثون أن تكوين البلاستيدات الثانوية لا يمكن تفسيره بصورة جيدة من خلال نظرية التكافل الداخلي للبكتيريا الزرقاء، وما تزال نشأة هذه البلاستيدات مَثار جدل بين العلماء.
3- (الهوائيات – Antennae)
ترتبط جزيئات الأصباغ بالبروتينات، الأمر الذي يتيح لها مرونة التحرك في اتجاه الضوء وتجاه بعضها البعض. تتشكل الهوائيات من مجموعة كبيرة مكونة من 100 إلى 5000 جزيء صبغي، وتلتقط هذه الهوائيات الطاقة الضوئية القادمة من الشمس على شكل فوتونات.
وفي النهاية، يجب نقل الطاقة الضوئية إلى إحدى التجمعات البروتينية الصبغية؛ لتحويلها إلى طاقة كيميائية في هيئة إلكترونات. على سبيل المثال، تُنقل الطاقة الضوئية في النباتات إلى الكلوروفيل الذي يطرد الإلكترون، محولًا بذلك الطاقة الضوئية إلى كيميائية.
4- مراكز التفاعل:
هي الأصباغ والبروتينات التي تحول الطاقة الضوئية إلى كيميائية وتبدأ عملية نقل الإلكترون.
عملية البناء الضوئي:
هناك نوعان من تفاعلات البناء الضوئي اعتمادًا على وجود ضوء الشمس أم لا. يحدث النوعان في البلاستيدات الخضراء: تفاعلات الضوء في الثايلاكويد، وتفاعلات الظلام -اللا ضوئية- في السَدى.
● التفاعلات الضوئية: عندما يضرب الفوتون مركز التفاعل، يطلق الجزيء الصبغي (مثل الكلوروفيل) إلكترونًا. وفي محاولة لمنع العودة إلى وضعه السابق، يتمكن الإلكترون من الهرب من خلال سلسلة نقل الإلكترون، الأمر الذي يولد الطاقة اللازمة لإنتاج الأدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) وهو مصدر الطاقة الكيميائية في الخلايا، وكذلك النيكوتيناميد أدينين ثنائي نوكليوتيد الفوسفات (NADPH). تُملأ “فجوة الإلكترون” التي في صبغة الكلوروفيل بواسطة سحب إلكترون من الماء، ونتيجةً لذلك يُطلق الأكسجين في الهواء.
● التفاعلات اللا ضوئية/تفاعلات الظلام (تُعرف أيضًا باسم دورة كالفن): تنتج التفاعلات الضوئية الـ (ATP) و(NADPH)، وهما مصدرا الطاقة اللازمة لتفاعلات الظلام. تتكون دورة كالفن من ثلاث خطوات من التفاعل الكيميائي: تثبيت الكربون والاختزال وإعادة التصنيع. تُثبت ذرات الكربون الناتجة عن ثاني أكسيد الكربون بهدف بناء جزيئات عضوية تشكل في النهاية سكريات ثلاثية الكربون. تُستخدم هذه السكريات فيما بعد لصنع الجلوكوز أو لإعادة تدويرها لبدء دورة كالفن جديدة.
البناء الضوئي في المستقبل:
يمكن أن توفر الكائنات العضوية التي تقوم بعملية البناء الضوئي وسائل ممكنةً لتوليد الطاقة النظيفة مثل الهيدروجين أو حتى الميثان. مؤخرًا، استغل باحثون من جامعة توركو في فنلندا قدرة الطحالب الخضراء في إنتاج الهيدروجين. يمكن للطحالب الخضراء أن تنتج الهيدروجين لبضع ثوانٍ إذا تعرضت أولًا لظروف مظلمة، ولا هوائية (خالية من الأكسجين)، ومن ثم التعرض للضوء. ابتكر الفريق طريقةً لمد إنتاج الطحالب الخضراء للهيدروجين لمدة تصل إلى ثلاثة أيام. وذلك طبقًا لدراسة نُشرت في عام 2018.
كذلك حقق العلماء تطورات في مجال البناء الضوئي الاصطناعي -على سبيل المثال- في عام 2015 طورت مجموعة من الباحثين من جامعة كاليفورنيا نظامًا اصطناعيًا لالتقاط ثاني أكسيد الكربون، ذلك باستخدام أسلاك نانوية، وهي أسلاك يبلغ قطرها جزءًا من مليار جزء من المتر. تُغذى الأسلاك بمجموعة من الميكروبات التي تختزل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود وبوليمرات باستخدام طاقة الأشعة الشمسية.
وفي عام 2016، نشر نفس الفريق دراسةً وصفوا فيها طريقةً أخرى للبناء الضوئي الاصطناعي، باستخدام جراثيم مهندسة لإنتاج وقود سائل باستخدام أشعة الشمس والماء وثاني أكسيد الكربون. بطبيعة الحال، لا يستطيع النبات سوى استغلال 1% من الطاقة الشمسية في إنتاج المركبات العضوية. لكن في المقابل، تمكن النظام الاصطناعي من استغلال 10% من الطاقة الشمسية لإنتاج المركبات العضوية.
البحث المستمر في العمليات الطبيعية مثل البناء الضوئي سوف يساعد العلماء في تطوير طرق جديدة لإنتاج الطاقة المتجددة؛ نظرًا لانتشار أشعة الشمس والنباتات والبكتيريا في كل مكان حولنا. وباستغلال البناء الضوئي، يمكن أن نحصل على أنواع وقود نظيفة.