تمكن العلماء من استعادة الدورة الدموية والنشاط الخلوي في دماغ خنزير بعد أربع ساعات من وفاته. تتحدى هذه النتائج الافتراضات السابقة حول الطبيعة غير العكسية لتوقف بعض وظائف المخ بعد الموت. نُشر هذا التقرير في 17 أبريل بمجلة (نيتشر – Nature) بواسطة علماء من جامعة (ييل – Yale). بعد الحصول على خنزير من مصنع لتعبئة اللحوم، عُزل الدماغ ووُزع به محلول كيميائي من نوع خاص. لاحظ العلماء وجود نشاط خلوي في العديد من الخلايا المعروفة بتوقفها عن النشاط بعد ثوانٍ أو دقائق من توقف تدفق الدم والأكسجين عنها.
قال الباحث الرئيسي بالدراسة (نيناد سيستان – Nenad Sestan)، أستاذ علم الأعصاب والطب المقارن وعلم الوراثة والطب النفسي: «استطاع دماغ أحد الثدييات الكبيرة بشكل غير مسبوق استعادة الدورة الدموية وبعض الأنشطة الجزيئية والخلوية بعد عدة ساعات من توقف الدورة الدموية بدماغه». ومع ذلك، أشار الباحثون أيضًا إلى أن الدماغ الذي عالجوه كان يفتقر إلى أي إشارات كهربائية مرتبطة بوظيفة الدماغ الطبيعية.
قال الباحث المساعد الأول (زفونيمير فريسليا – Zvonimir Vrselja) باحث مساعد بعلم الأعصاب: «لم نلاحظ وجود نشاط كهربائي مرتبط بالإدراك أو الوعي في أي وقت من الأوقات. التعريف الطبي لهذه الحالة هو أنه ليس دماغًا حيًا، بل هو دماغ نشط خلويًا».
ملونات مناعية فلورسنتية للخلايا العصبية (الخضراء) والخلايا النجمية (الحمراء) ونواة الخلية (الزرقاء) بمنطقة الحصين بدماغ الخنزير. تُركت دون علاج بعد 10 ساعات من الموت (اليسار)، أو رُويت باستخدام تقنية (براين إكس – BrainEx)، إذ تتحلل الخلايا العصبية والخلايا النجمية ما لم يتم إنقاذها بواسطة تقنية براين إكس خلال 10 ساعات بعد الوفاة.
كان من المعروف أن الموت الخلوي داخل المخ عمليةٌ سريعة ولا رجعة فيها. إذ ينقطع الأكسجين والإمداد الدموي ويتوقف كلٌ من الوعي والنشاط الكهربائي للدماغ في غضون ثوانٍ، بينما ينفد مخزون الطاقة خلال دقائق. أما الفهم الحالي يؤكد أنه من الممكن إعادة تنشيط مجموعة من الجزيئات الميتة أو المصابة مرة أخرى، ما يمنعها من التحلل.
وقد لاحظ الباحثون في مختبر سيستان – الذي يركز بحثه على نمو المخ وتطوره – أن عينات الأنسجة الصغيرة التي عملوا عليها أظهرت علامات على حيوية الخلايا، حتى عند الحصول على النسيج بعد ساعات من الوفاة، إذ حصلوا على أدمغة الخنازير المستخدمة في إنتاج الغذاء لدراسة مدى قدرة إعادة إحياء هذه الخلايا بعد الموت.
وبعد أربع ساعات من وفاة الخنزير، وصلوا الأوعية الدموية في المخ بمحلول محاكٍ للدم الغرض منه الحفاظ على أنسجة المخ، تم ذلك باستخدام تقنية (براين إكس – BrainEx) ووجد الباحثون أن المحلول حافظ على سلامة الخلية العصبية، واستُعيدت وظائف معينة للخلايا العصبية والخلايا الدبقية والأوعية الدموية.
من الممكن أن يساعد هذا النظام الجديد في حل مشكلة مزعجة وهي العجز عن تطبيق بعض التقنيات لدراسة هيكل ووظيفة دماغ سليم لأحد الثدييات؛ ما يعيق البحث في بعض الحالات، مثل أسباب اضطرابات الدماغ وطبيعة التواصل العصبي في كلٍ من الحالات الطبيعية وغير الطبيعية.
يقول (ستيفانو ج. دانيال – Stefano G. Daniele) الحاصل على الدكتوراة في الطب: «في السابق، كانت دراسة خلايا الدماغ السليم في الثدييات مقتصرةً على ظروف ثابتة أو على النماذج ثنائية الأبعاد باستخدام عينات لأنسجة صغيرة خارج بيئتها المحيطة الأصلية، وسنتمكن لأول مرة من فحص المخ ثلاثي الأبعاد بالكامل، ما يعزز من قدرتنا على دراسة التفاعلات والاتصالات الخلوية المعقدة».
أوضح الباحثون إنه رغم أن الدراسة السابقة ليس لها تطبيق طبي حاليًا، إلا أنها أتاحت للأطباء فرصة البحث عن حلول للمساعدة في إنقاذ وظائف المخ لدى مرضى السكتة الدماغية، واختبار فعالية العلاجات الجديدة للتعافي الخلوي بعد الإصابة. مولت مبادرة (براين – BRAIN) البحث بمعهد الصحة الوطني في الولايات المتحدة.
وقالت (أندريا بيكيل ميتشنر – Andrea Beckel-Mitchener) رئيسة علم الأعصاب الوظيفية بمعهد الصحة الوطني للصحة العقلية والتي شاركت في تمويل الدراسة: «تعطي هذه الدراسة الأمل في تعزيز فهم وعلاج اضطرابات الدماغ إذ يمكن أن تؤدي إلى أسلوب جديد تمامًا لدراسة الدماغ البشري بعد الوفاة».
وأشار الباحثون إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان بإمكانهم تطبيق هذا النهج على دماغ بشري متوفَّى مؤخرًا؛ إذ يفتقر المحلول الكيميائي المستخدم إلى العديد من المكونات الموجودة في دم الإنسان، مثل خلايا الجهاز المناعي وخلايا الدم الأخرى، ما يجعل الجهاز التجريبي مختلفًا كثيرًا عن الظروف المحيطة الطبيعية.
ومع ذلك، شدد الباحثون على أن أي دراسة مستقبلية على الأنسجة البشرية أو محاولة إحياء النشاط الكهربائي في الأنسجة الحيوانية بعد الوفاة يجب أن يحدث تحت رقابة أخلاقية صارمة.
وقال (ستيفن لاثام – Stephen Latham) باحث مساعد ومدير مركز ييل لأخلاقيات البيولوجيا: «لم تكن استعادة الوعي هدفًا لهذا البحث. لقد كان الباحثون على استعداد لاستخدام التخدير وخفض درجة الحرارة لوقف النشاط الكهربائي إذا حدث. إذ اتفق الجميع مقدمًا على أن التجارب التي تتضمن إمكانية إحياء النشاط الكهربائي لا يمكن المضي قدمًا فيها دون وجود معايير أخلاقية واضحة».
وقالت (كريستين جرادي – Christine Grady) رئيسة قسم أخلاقيات البيولوجيا بمعهد الصحة الوطني: «يجب استخدام الأدوات التي طورتها مبادرة براين لفهم أسرار إصابات الدماغ وآليات الأمراض مع مراعاة القضايا الأخلاقية».
وأضافت: «إنه من واجبنا أيضًا العمل مع الباحثين لقيادة أي قضايا أخلاقية محتملة قد يواجهونها أثناء التفكير في المجالات الجديدة الخاصة بعلوم الدماغ».
قال الباحث الرئيسي بالدراسة (نيناد سيستان – Nenad Sestan)، أستاذ علم الأعصاب والطب المقارن وعلم الوراثة والطب النفسي: «استطاع دماغ أحد الثدييات الكبيرة بشكل غير مسبوق استعادة الدورة الدموية وبعض الأنشطة الجزيئية والخلوية بعد عدة ساعات من توقف الدورة الدموية بدماغه». ومع ذلك، أشار الباحثون أيضًا إلى أن الدماغ الذي عالجوه كان يفتقر إلى أي إشارات كهربائية مرتبطة بوظيفة الدماغ الطبيعية.
قال الباحث المساعد الأول (زفونيمير فريسليا – Zvonimir Vrselja) باحث مساعد بعلم الأعصاب: «لم نلاحظ وجود نشاط كهربائي مرتبط بالإدراك أو الوعي في أي وقت من الأوقات. التعريف الطبي لهذه الحالة هو أنه ليس دماغًا حيًا، بل هو دماغ نشط خلويًا».
ملونات مناعية فلورسنتية للخلايا العصبية (الخضراء) والخلايا النجمية (الحمراء) ونواة الخلية (الزرقاء) بمنطقة الحصين بدماغ الخنزير. تُركت دون علاج بعد 10 ساعات من الموت (اليسار)، أو رُويت باستخدام تقنية (براين إكس – BrainEx)، إذ تتحلل الخلايا العصبية والخلايا النجمية ما لم يتم إنقاذها بواسطة تقنية براين إكس خلال 10 ساعات بعد الوفاة.
كان من المعروف أن الموت الخلوي داخل المخ عمليةٌ سريعة ولا رجعة فيها. إذ ينقطع الأكسجين والإمداد الدموي ويتوقف كلٌ من الوعي والنشاط الكهربائي للدماغ في غضون ثوانٍ، بينما ينفد مخزون الطاقة خلال دقائق. أما الفهم الحالي يؤكد أنه من الممكن إعادة تنشيط مجموعة من الجزيئات الميتة أو المصابة مرة أخرى، ما يمنعها من التحلل.
وقد لاحظ الباحثون في مختبر سيستان – الذي يركز بحثه على نمو المخ وتطوره – أن عينات الأنسجة الصغيرة التي عملوا عليها أظهرت علامات على حيوية الخلايا، حتى عند الحصول على النسيج بعد ساعات من الوفاة، إذ حصلوا على أدمغة الخنازير المستخدمة في إنتاج الغذاء لدراسة مدى قدرة إعادة إحياء هذه الخلايا بعد الموت.
وبعد أربع ساعات من وفاة الخنزير، وصلوا الأوعية الدموية في المخ بمحلول محاكٍ للدم الغرض منه الحفاظ على أنسجة المخ، تم ذلك باستخدام تقنية (براين إكس – BrainEx) ووجد الباحثون أن المحلول حافظ على سلامة الخلية العصبية، واستُعيدت وظائف معينة للخلايا العصبية والخلايا الدبقية والأوعية الدموية.
من الممكن أن يساعد هذا النظام الجديد في حل مشكلة مزعجة وهي العجز عن تطبيق بعض التقنيات لدراسة هيكل ووظيفة دماغ سليم لأحد الثدييات؛ ما يعيق البحث في بعض الحالات، مثل أسباب اضطرابات الدماغ وطبيعة التواصل العصبي في كلٍ من الحالات الطبيعية وغير الطبيعية.
يقول (ستيفانو ج. دانيال – Stefano G. Daniele) الحاصل على الدكتوراة في الطب: «في السابق، كانت دراسة خلايا الدماغ السليم في الثدييات مقتصرةً على ظروف ثابتة أو على النماذج ثنائية الأبعاد باستخدام عينات لأنسجة صغيرة خارج بيئتها المحيطة الأصلية، وسنتمكن لأول مرة من فحص المخ ثلاثي الأبعاد بالكامل، ما يعزز من قدرتنا على دراسة التفاعلات والاتصالات الخلوية المعقدة».
أوضح الباحثون إنه رغم أن الدراسة السابقة ليس لها تطبيق طبي حاليًا، إلا أنها أتاحت للأطباء فرصة البحث عن حلول للمساعدة في إنقاذ وظائف المخ لدى مرضى السكتة الدماغية، واختبار فعالية العلاجات الجديدة للتعافي الخلوي بعد الإصابة. مولت مبادرة (براين – BRAIN) البحث بمعهد الصحة الوطني في الولايات المتحدة.
وقالت (أندريا بيكيل ميتشنر – Andrea Beckel-Mitchener) رئيسة علم الأعصاب الوظيفية بمعهد الصحة الوطني للصحة العقلية والتي شاركت في تمويل الدراسة: «تعطي هذه الدراسة الأمل في تعزيز فهم وعلاج اضطرابات الدماغ إذ يمكن أن تؤدي إلى أسلوب جديد تمامًا لدراسة الدماغ البشري بعد الوفاة».
وأشار الباحثون إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان بإمكانهم تطبيق هذا النهج على دماغ بشري متوفَّى مؤخرًا؛ إذ يفتقر المحلول الكيميائي المستخدم إلى العديد من المكونات الموجودة في دم الإنسان، مثل خلايا الجهاز المناعي وخلايا الدم الأخرى، ما يجعل الجهاز التجريبي مختلفًا كثيرًا عن الظروف المحيطة الطبيعية.
ومع ذلك، شدد الباحثون على أن أي دراسة مستقبلية على الأنسجة البشرية أو محاولة إحياء النشاط الكهربائي في الأنسجة الحيوانية بعد الوفاة يجب أن يحدث تحت رقابة أخلاقية صارمة.
وقال (ستيفن لاثام – Stephen Latham) باحث مساعد ومدير مركز ييل لأخلاقيات البيولوجيا: «لم تكن استعادة الوعي هدفًا لهذا البحث. لقد كان الباحثون على استعداد لاستخدام التخدير وخفض درجة الحرارة لوقف النشاط الكهربائي إذا حدث. إذ اتفق الجميع مقدمًا على أن التجارب التي تتضمن إمكانية إحياء النشاط الكهربائي لا يمكن المضي قدمًا فيها دون وجود معايير أخلاقية واضحة».
وقالت (كريستين جرادي – Christine Grady) رئيسة قسم أخلاقيات البيولوجيا بمعهد الصحة الوطني: «يجب استخدام الأدوات التي طورتها مبادرة براين لفهم أسرار إصابات الدماغ وآليات الأمراض مع مراعاة القضايا الأخلاقية».
وأضافت: «إنه من واجبنا أيضًا العمل مع الباحثين لقيادة أي قضايا أخلاقية محتملة قد يواجهونها أثناء التفكير في المجالات الجديدة الخاصة بعلوم الدماغ».