فَيا قَلبُ صَبراً وَاِعتِرافاً لِما تَرى
وَيا حُبَّها قَع بِالَّذي أَنتَ واقِعُ
لَعَمري لِمَن أَمسى وَأَنتِ ضَجيعُهُ
مِنَ الناسِ ما اِختيرَت عَليهِ المَضاجِعُ
أَلا تِلكَ لُبنى قَد تَراخى مَزارُها
وَلِلبَينِ غَمٌّ ما يَزالُ يُنازِعُ
إِذا لَم يَكُن إِلّا الجَوى فَكَفى بِهِ
جَوى حُرَقٍ قَد ضُمِّمَتها الأَضالِعُ
أَبائِنَةٌ لُبنى وَلَم تَقطَعِ المَدى
بِوَصلٍ وَلا صُرمٍ فَيَيأَسَ طامِعُ
يَظَلُّ نَهارَ الوالِهينَ نَهارَهُ
وَتَهدِنُهُ في النائِمينَ مَضاجِعُ
سِوايَ فَلَيلي مِن نَهاري وَإِنَّما
تُقَسَّمُ بَينَ الهالِكينَ المَصارِعُ
وَلَولا رَجاءُ القَلبِ أَن تَعطِفَ النَوى
لَما حَمَلَتهُ بَينَهُنَّ الأَضالِعُ
لَهُ وَجَباتٌ إِثرَ لُبنى كَأَنَّها
شَقائِقُ بَرقٍ في السَحابِ لَوامِعُ
نَهاري نَهارُ الناسِ حَتّى إِذا دَجا
لِيا اللَيلُ هَزَّتني إِلَيكَ المَضاجِعُ
أُقَضّي نَهاري بِالحَديثِ وَبِالمُنى
وَيَجمَعُني بِاللَيلِ وَالهَمَّ جامِعُ
وَقَد نَشَأَت في القَلبِ مِنكُم مَوَدَّةٌ
كَما نَشَأَت في الراحَتَينِ الأَصابِعُ
أَبى اللَهُ أَن يَلقى الرَشادَ مُتَيَّمٌ
أَلا كُلَّ أَمرٍ حُمَّ لا بُدَّ واقِعُ
هُما بَرَّحا بي مُعوِلينَ كِلاهُما
فُؤادٌ وَعَينٌ مَأقُها الدَهرَ دامِعُ
إِذا نَحنُ أَنفَدنا البُكاءَ عَشِيَّةً
فَمَوعِدُنا قَرنٌ مِنَ الشَمسِ طالِعٌ
وَلِلحُبِّ آياتٌ تَبَيَّنُ بِالفَتى
شُحوبٌ وَتَعرى مِن يَدَيهِ الأَشاجِعُ