الشيفرة الوراثية هي الرمز الذي يستخدمه الجسم لتحويل التعليمات الموجودة في الـ DNA والذي يعتبر المادة الأساسية للحياة. ويُشار إليه عادة باستخدام «الكودونات» الموجودة في الـ mRNA، إذ إن الـ mRNA هو المرسال الذي يحمل المعلومات من الحمض النووي إلى موقع تخليق البروتين. يُبنى كل شيء في الخلايا اعتمادًا على أسس الشيفرة الوراثية ، إذ تُخزن معلوماتنا الوراثية (المعلومات التي تنتقل من الوالدين إلى الطفل) على هيئة DNA. ثم يُستخدم هذا الحمض النووي لبناء الحمض النووي الريبوزي RNA، والبروتينات، من ثم الخلايا والأنسجة والأعضاء.
يستخدم الـ DNA لغة كيميائية مؤلفة من بضعة أحرف فقط لتخزين المعلومات بطريقة فعالة للغاية، كما هو الحال في الشيفرة الثنائية التي تستخدم فقط الآحاد والأصفار. في حين أن الحمض النووي لديه أربعة أحرف هي النوكليوتيدات الأربعة: الأدينين، السيتوزين، الغوانين، الثايمين/ اليوراسيل.
الشيفرة الوراثية الحمض النووي الخلايا
يشبه الثايمين واليوراسيل بعضهما البعض، إلا أن الثايمين أكثر استقرارًا بقليل ويوجد في الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA. في حين يوجد اليوراسيل في الحمض النووي الريبوزي RNA، وله كل خصائص الثايمين إلا أنه أقل ثباتًا وبالتالي فهو أكثر عرضة للتطفر (أي التحول لطفرة).
قابليته للتطفر غير حساسة في الـ RNA، إذ يمكن إنتاج نسخ RNA جديدة اعتمادًا على الـ DNA في أي وقت، وتُخرَّب معظم جزيئات الـ RNA عن قصد من قِبل الخلية بعد وقت قصير من إنتاجها ويعاد استخدام جزيئات الـ RNA القديمة في بناء بروتينات جديدة.
تُستخدم هذه الأحرف الأربعة A وC وG وT / U معًا لتهجئة التعليمات المشفرة لكل حمض أميني، بالإضافة إلى تعليمات أخرى مثل بدء النسخ وإيقاف النسخ. تُقرأ تعليمات البدء أو التوقف أو إضافة حمض أميني معين من قبل الخلية ضمن مجموعات من ثلاثة حروف تُسمى الكودونات، وعندما نتحدث عن الكودونات فإننا عادة نعني الكودونات في الـ mRNA ( RNA المرسال) التي يُحصل عليها عن طريق نسخ المعلومات الموجودة في الـ DNA.
لهذا السبب، فإن الكودونات في الـ mRNA تحتوي على اليوراسيل، في حين أن الكودون الأصلي على الـ DNA يحتوي على الثايمين. يُمثّل كل حمض أميني في تعليماتنا الجينية بواسطة واحد أو أكثر من الكودونات، كما هو موضح في الصورة أدناه.
الشيفرة الوراثية الحمض النووي الخلايا
وإن أحد أهم الأدلة على الأصل المشترك لجميع الأحياء على الأرض هو حقيقة أن جميع الكائنات الحية تستخدم نفس الشيفرة الوراثية لترجمة الحمض النووي إلى أحماض أمينية.
هناك بعض الاستثناءات الطفيفة التي يمكن مصادفتها، لكن الشيفرة الوراثية متشابهة في جميع الكائنات الحية. وبالتالي عندما يُحقن جين من نبات أو قناديل البحر في خلية ثديية، تقرأ الخلية الثديية الجين بنفس الطريقة وتبني نفس البروتين الذي يبنيه الكائن الأصلي.
وظيفة الشيفرة الوراثية
تسمح الشيفرة الوراثية للخلايا بأن تحتوي على كمية مذهلة من المعلومات. فمثلًا؛ يمكن لبويضة مخصبة مجهرية الحجم أن تنتج -باتباع التعليمات الواردة في الشيفرة الوراثية- إنسانًا أو فيلًا يمتلك شخصية وسلوكًا مشابهين لخصائص والديه.
تطوير الشيفرة الوراثية أمر حيوي؛ لأنه يسمح للكائنات الحية أن تنتج وبشكل موثوق المنتجات الضرورية لبقائها، وأن تنقل التعليمات حول كيفية القيام بهذه الأمور إلى الجيل التالي.
وعندما تستعد الخلية للتضاعف، فإن أول ما تقوم به هو إنتاج نسخة من حمضها النووي خلال المرحلة S من الدورة الخلوية؛ وهي مرحلة تخليق أو تصنيع نسخة جديدة من DNA الخلية.
تُحفظ المعلومات المشفرة على الحمض النووي باقتران أسس الحمض النووي مع بعضها البعض بشكل مميز؛ إذ يرتبط الأدينين فقط مع الثايمين، والسيتوزين مع الغوانين.
وهذا يعني أنه عندما تريد الخلية أن تنسخ الحمض النووي الخاص بها، فكل ما عليها فعله هو فصل طاقي الحلزون المزدوج، من ثم صف النوكليوتيدات الجديدة على قوالب الـ DNA الأصلي.
يضمن مبدأ اقتران الأسس وفق شكل محدد احتواء طاق الـ DNA الجديد على نفس تسلسل أزواج الأسس -أي نفس الشيفرة الوراثية- لطاقي الـ DNA الأصلي. أي يحتوي كل حلزون مزدوج ناتج على طاقٍ من الحمض النووي الأصلي مقترن بطاقٍ واحد من الحمض النووي الجديد.
تُورث هذه الحلزونات المزدوجة الجديدة إلى خليتين ابنتين، وذلك عندما يحين وقت التضاعف. ويصلح كل طاقٍ من هذه الحلزونات المزدوجة الجديدة أن يكون نموذجًا أو قالبًا لبناء حلزونات مزدوجة جديدة.
وعندما يحين الوقت لكي تقرأ الخلية التعليمات الواردة في الحمض النووي الخاص بها، فإنها تستخدم نفس المبدأ الخاص بتزاوج أو اقتران الأسس. فإن الـ RNA يشبه الـ DNA إلى حد كبير، إذ يرتبط كل أساس من الـ RNA بشكل حصري مع أساس محدد من الـ DNA، يربط اليوراسيل مع الأدينين، والسيتوزين مع الغوانين.
وهذا يعني أنه، مثل تضاعف الحمض النووي، تُنقل المعلومات المشفرة في الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA بدقة إلى الحمض النووي الريبوزي RNA طالما أن طاق الـ RNA الناتج يتكوّن من الأسس التي ترتبط بشكل محدد مع الأسس في الـ DNA.
في بعض الأحيان، قد يكون طاق الـ RNA بحد ذاته هو المنتج النهائي. إذ تؤدي الهياكل المصنوعة من الحمض النووي الريبوزي وظائف مهمة في الخلية تشمل تجميع البروتينات، وتنظيم التعبير الجيني، وتحفيز تشكّل البروتينات.
في الواقع، يعتقد بعض العلماء أن الحياة الأولى على الأرض ربما تكوّنت أساسًا من الحمض النووي الريبوزي؛ وذلك لأنه يمكن أن يخزّن المعلومات في أزواج الأسس تمامًا مثل الـ DNA، بالإضافة أيضًا إلى إجراء بعض الوظائف الإنزيمية والتنظيمية.
ولكن في معظم الحالات، يُترجم الـ RNA إلى بروتين باستخدام الأحماض الأمينية، ويمكن للخلايا أن تبني آلات بروتينية لأي غرض تقريبًا، من ألياف العضلات مرورًا بالناقلات العصبية إلى الإنزيمات الهاضمة، وذلك انطلاقًا من هذه الأحماض الأمينية.
في نسخ البروتين، تُقرأ كودونات الـ RNA التي نُسخت عن الحمض النووي عن طريق الريبوسوم؛ الذي يوجِد الريبوسوم ناقل الحمض النووي الريبوزي tRNA المناسب. يحتوي الأخير على (مضاد الكودون – Anti codon) المكمل للكودون المتوضع في المرسال mRNA والذي نُسخ عن الـ DNA.
تحفز الريبوسومات تكوين روابط الببتيد بين الأحماض الأمينية؛ إذ تقرأ كل كودون في الـ mRNA. وفي نهاية العملية، نحصل على سلسلة من الأحماض الأمينية المترابطة وفقًا للتسلسل المحدد في الحمض النووي، أي نحصل على البروتين.
إن لَبِنات الحياة الأخرى مثل السكريات والدهون، تُخلّق بدورها بواسطة البروتينات. وبهذه الطريقة تُحول المعلومات الواردة في الحمض النووي إلى جميع مواد الحياة باستخدام الشيفرة الوراثية.
الشيفرة الوراثية الحمض النووي الخلايا
أنواع التحولات الجينية أو الطفرات الجينية Types of Genetic Mutations
نظرًا إلى أن الشيفرة الوراثية تحتوي على المعلومات اللازمة لتصنيع جميع مواد الحياة، فإن الأخطاء في DNA الكائن الحي يمكن أن تكون لها عواقب كارثية. ويمكن أن تحدث هذه الأخطاء أثناء تكرار (أو تضاعف) الحمض النووي إذا أضيف زوج الأسس الخاطئ إلى طاق الحمض النووي، أو إذا تم تخطي أحد الأسس، أو إذا أُضيف أساس إضافي.
نادرًا ما تكون هذه الأخطاء مفيدة، فقد تعمل النسخة الخاطئة من الحمض النووي بشكل أفضل من النسخة الأصلية أو تكون لها وظيفة مختلفة تمامًا، وفي هذه الحالة قد تصبح النسخة الجديدة أكثر نجاحًا، وقد يتفوق الفرد الناقل أو الحامل لها متغلبًا على الأفراد الناقلين للنسخ الأقدم، وهذا يفسر انتشار صفات جديدة بين الأفراد، ويشرح كيفية حدوث التطور.
الطفرات الصامتة وتكرار التشفير silent Mutations and Redundant Coding:
في بعض الحالات، قد لا يكون للطفرات الجينية أي تأثير على المنتج النهائي للبروتين. ويرجع ذلك إلى أن معظم الأحماض الأمينية -كما يتضح من الجدول أعلاه- مرتبطة بأكثر من كودون واحد. الغليسين، على سبيل المثال، يُرمّز بواسطة الكودونات GGA وGGC وGGG وGGU.
إن أي طفرة تؤدي إلى تغيير النوكليوتيد الأخير في كودون الغليسين لن تحدث أي فرق. سيظل الكودون الذي يبدأ بـ GG رمزًا للغليسين، بغض النظر عن الحرف الأخير المستخدم.
يُعتقد أن استخدام الكودونات المتعددة لنفس الأحماض الأمينية هو آلية تطورت بمرور الوقت لتقليل فرصة حدوث طفرات تسبب مشاكل للكائن الحي.
الطفرة المغلطة Missense:
في هذه الطفرة، يؤدي استبدال زوج واحد من الأسس بزوج من الأسس غير الصحيحة أثناء تضاعف الـ DNA إلى ترميز حمض أميني خاطئ يُستخدم في البروتين.
وهذا الاستبدال قد يكون له تأثير ضئيل على الكائن الحي، أو تأثير كبير؛ اعتمادًا على مدى أهمية الحمض الأميني في وظيفة البروتين، وماهية البروتين الناتج.
وقد تؤدي هذه الطفرة إلى إنتاج إنزيم يكاد يكون نسبيًا كالنسخة العادية، أو إنزيم لا يعمل على الإطلاق.
الشيفرة الوراثية الحمض النووي الخلايا
الطفرة الهرائية Nonsense:
تحدث هذه الطفرة عندما يُستخدم زوج من الأسس غير الصحيحة أثناء تضاعف الحمض النووي، ولكن الكودون الناتج لا يُرمز إلى حمض أميني غير صحيح. بدلًا من ذلك، ينشئ هذا الخطأ كودون إيقاف أو أي معلومة أخرى لا يمكن للخلية فهمها. ونتيجة لذلك، يتوقف الريبوسوم عن العمل على هذا البروتين ولا تُنسخ الكودونات التالية. تؤدي هذه الطفرات إلى بروتينات غير كاملة، والتي قد تعمل بشكل سيئ جدًا أو لا تعمل على الإطلاق.
طفرات حذف Deletion:
في طفرات الحذف، لا يُنسخ أساس واحد أو أكثر من أسس الـ DNA أثناء التضاعف. وتتغير أحجام طفرات الحذف على نطاق واسع، فقد يكون زوج واحد من الأسس مفقودًا، أو قد تُفقد قطعة كبيرة من الكروموسوم.
الطفرات الأصغر ليست دائمًا أقل ضررًا، فيمكن أن يؤدي فقدان أساس واحد أو أساسين فقط إلى طفرة مؤقتة تؤدي إلى إعاقة جينية مهمة. قد تكون طفرات الحذف الكبيرة قاتلة أو قد تؤدي إلى العجز، كما هو الحال في متلازمة دي جورج DiGeorge التي تنتج عن حذف جزء من الكروموسوم.
واعتمادًا على وظيفة جزء الشيفرة الذي حُذف أو حُوّر لشكل آخر، يمكن أن يؤدي التغيير الصغير إلى عواقب كارثية، أو قد يقود التغيير الكبير في الشيفرة إلى أثر سلبي لا يكاد يُذكر.
طفرات الإدراج أو الإدخال Insertion:
تحدث هذه الطفرة عندما يضاف واحد أو أكثر من النيوكليوتيدات غير الضرورية (أو الزائدة) إلى طاقي الـ DNA أثناء تضاعف الحمض النووي. في حالات نادرة، قد تضاف تسلسلات طويلة من الحمض النووي غير الصحيح في منتصف الجين.
ومثل باقي الطفرات، يختلف أثر طفرات الإدراج. فإن إضافة حمض أميني غير ضروري إلى البروتين قد يجعله أقل كفاءة أو قد يوقف فعاليته نهائيًا.
طفرات التكرار duplication:
تحدث هذه الطفرات عند تكرار جزء من الحمض النووي مرتين أو أكثر. وقد تكون لها تأثيرات خفيفة مثل الطفرات الأخرى، أو تأثيرات كارثية.
طفرات انزياح الإطار Frameshift Mutations:
هذه الطفرة هي نوع فرعي من طفرات الإدراج أو الحذف أو التكرار، إذ يُحذف واحد أو اثنين من الأحماض الأمينية؛ ما يؤدي إلى انزياح الإطار الذي يستخدمه الريبوسوم للتوقف، ثم التحويل إلى الكودون التالي.
يمكن أن يكون هذا النوع من الأخطاء خطيرًا بشكل خاص؛ نظرًا إلى أنه يتسبب في تغيير كل الكودونات التي تليه. إذ إن كل الأحماض الأمينية التي تضاف إلى البروتين بعد هذه الطفرة هي أحماض خاطئة.
يستخدم الـ DNA لغة كيميائية مؤلفة من بضعة أحرف فقط لتخزين المعلومات بطريقة فعالة للغاية، كما هو الحال في الشيفرة الثنائية التي تستخدم فقط الآحاد والأصفار. في حين أن الحمض النووي لديه أربعة أحرف هي النوكليوتيدات الأربعة: الأدينين، السيتوزين، الغوانين، الثايمين/ اليوراسيل.
الشيفرة الوراثية الحمض النووي الخلايا
يشبه الثايمين واليوراسيل بعضهما البعض، إلا أن الثايمين أكثر استقرارًا بقليل ويوجد في الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA. في حين يوجد اليوراسيل في الحمض النووي الريبوزي RNA، وله كل خصائص الثايمين إلا أنه أقل ثباتًا وبالتالي فهو أكثر عرضة للتطفر (أي التحول لطفرة).
قابليته للتطفر غير حساسة في الـ RNA، إذ يمكن إنتاج نسخ RNA جديدة اعتمادًا على الـ DNA في أي وقت، وتُخرَّب معظم جزيئات الـ RNA عن قصد من قِبل الخلية بعد وقت قصير من إنتاجها ويعاد استخدام جزيئات الـ RNA القديمة في بناء بروتينات جديدة.
تُستخدم هذه الأحرف الأربعة A وC وG وT / U معًا لتهجئة التعليمات المشفرة لكل حمض أميني، بالإضافة إلى تعليمات أخرى مثل بدء النسخ وإيقاف النسخ. تُقرأ تعليمات البدء أو التوقف أو إضافة حمض أميني معين من قبل الخلية ضمن مجموعات من ثلاثة حروف تُسمى الكودونات، وعندما نتحدث عن الكودونات فإننا عادة نعني الكودونات في الـ mRNA ( RNA المرسال) التي يُحصل عليها عن طريق نسخ المعلومات الموجودة في الـ DNA.
لهذا السبب، فإن الكودونات في الـ mRNA تحتوي على اليوراسيل، في حين أن الكودون الأصلي على الـ DNA يحتوي على الثايمين. يُمثّل كل حمض أميني في تعليماتنا الجينية بواسطة واحد أو أكثر من الكودونات، كما هو موضح في الصورة أدناه.
الشيفرة الوراثية الحمض النووي الخلايا
وإن أحد أهم الأدلة على الأصل المشترك لجميع الأحياء على الأرض هو حقيقة أن جميع الكائنات الحية تستخدم نفس الشيفرة الوراثية لترجمة الحمض النووي إلى أحماض أمينية.
هناك بعض الاستثناءات الطفيفة التي يمكن مصادفتها، لكن الشيفرة الوراثية متشابهة في جميع الكائنات الحية. وبالتالي عندما يُحقن جين من نبات أو قناديل البحر في خلية ثديية، تقرأ الخلية الثديية الجين بنفس الطريقة وتبني نفس البروتين الذي يبنيه الكائن الأصلي.
وظيفة الشيفرة الوراثية
تسمح الشيفرة الوراثية للخلايا بأن تحتوي على كمية مذهلة من المعلومات. فمثلًا؛ يمكن لبويضة مخصبة مجهرية الحجم أن تنتج -باتباع التعليمات الواردة في الشيفرة الوراثية- إنسانًا أو فيلًا يمتلك شخصية وسلوكًا مشابهين لخصائص والديه.
تطوير الشيفرة الوراثية أمر حيوي؛ لأنه يسمح للكائنات الحية أن تنتج وبشكل موثوق المنتجات الضرورية لبقائها، وأن تنقل التعليمات حول كيفية القيام بهذه الأمور إلى الجيل التالي.
وعندما تستعد الخلية للتضاعف، فإن أول ما تقوم به هو إنتاج نسخة من حمضها النووي خلال المرحلة S من الدورة الخلوية؛ وهي مرحلة تخليق أو تصنيع نسخة جديدة من DNA الخلية.
تُحفظ المعلومات المشفرة على الحمض النووي باقتران أسس الحمض النووي مع بعضها البعض بشكل مميز؛ إذ يرتبط الأدينين فقط مع الثايمين، والسيتوزين مع الغوانين.
وهذا يعني أنه عندما تريد الخلية أن تنسخ الحمض النووي الخاص بها، فكل ما عليها فعله هو فصل طاقي الحلزون المزدوج، من ثم صف النوكليوتيدات الجديدة على قوالب الـ DNA الأصلي.
يضمن مبدأ اقتران الأسس وفق شكل محدد احتواء طاق الـ DNA الجديد على نفس تسلسل أزواج الأسس -أي نفس الشيفرة الوراثية- لطاقي الـ DNA الأصلي. أي يحتوي كل حلزون مزدوج ناتج على طاقٍ من الحمض النووي الأصلي مقترن بطاقٍ واحد من الحمض النووي الجديد.
تُورث هذه الحلزونات المزدوجة الجديدة إلى خليتين ابنتين، وذلك عندما يحين وقت التضاعف. ويصلح كل طاقٍ من هذه الحلزونات المزدوجة الجديدة أن يكون نموذجًا أو قالبًا لبناء حلزونات مزدوجة جديدة.
وعندما يحين الوقت لكي تقرأ الخلية التعليمات الواردة في الحمض النووي الخاص بها، فإنها تستخدم نفس المبدأ الخاص بتزاوج أو اقتران الأسس. فإن الـ RNA يشبه الـ DNA إلى حد كبير، إذ يرتبط كل أساس من الـ RNA بشكل حصري مع أساس محدد من الـ DNA، يربط اليوراسيل مع الأدينين، والسيتوزين مع الغوانين.
وهذا يعني أنه، مثل تضاعف الحمض النووي، تُنقل المعلومات المشفرة في الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA بدقة إلى الحمض النووي الريبوزي RNA طالما أن طاق الـ RNA الناتج يتكوّن من الأسس التي ترتبط بشكل محدد مع الأسس في الـ DNA.
في بعض الأحيان، قد يكون طاق الـ RNA بحد ذاته هو المنتج النهائي. إذ تؤدي الهياكل المصنوعة من الحمض النووي الريبوزي وظائف مهمة في الخلية تشمل تجميع البروتينات، وتنظيم التعبير الجيني، وتحفيز تشكّل البروتينات.
في الواقع، يعتقد بعض العلماء أن الحياة الأولى على الأرض ربما تكوّنت أساسًا من الحمض النووي الريبوزي؛ وذلك لأنه يمكن أن يخزّن المعلومات في أزواج الأسس تمامًا مثل الـ DNA، بالإضافة أيضًا إلى إجراء بعض الوظائف الإنزيمية والتنظيمية.
ولكن في معظم الحالات، يُترجم الـ RNA إلى بروتين باستخدام الأحماض الأمينية، ويمكن للخلايا أن تبني آلات بروتينية لأي غرض تقريبًا، من ألياف العضلات مرورًا بالناقلات العصبية إلى الإنزيمات الهاضمة، وذلك انطلاقًا من هذه الأحماض الأمينية.
في نسخ البروتين، تُقرأ كودونات الـ RNA التي نُسخت عن الحمض النووي عن طريق الريبوسوم؛ الذي يوجِد الريبوسوم ناقل الحمض النووي الريبوزي tRNA المناسب. يحتوي الأخير على (مضاد الكودون – Anti codon) المكمل للكودون المتوضع في المرسال mRNA والذي نُسخ عن الـ DNA.
تحفز الريبوسومات تكوين روابط الببتيد بين الأحماض الأمينية؛ إذ تقرأ كل كودون في الـ mRNA. وفي نهاية العملية، نحصل على سلسلة من الأحماض الأمينية المترابطة وفقًا للتسلسل المحدد في الحمض النووي، أي نحصل على البروتين.
إن لَبِنات الحياة الأخرى مثل السكريات والدهون، تُخلّق بدورها بواسطة البروتينات. وبهذه الطريقة تُحول المعلومات الواردة في الحمض النووي إلى جميع مواد الحياة باستخدام الشيفرة الوراثية.
الشيفرة الوراثية الحمض النووي الخلايا
أنواع التحولات الجينية أو الطفرات الجينية Types of Genetic Mutations
نظرًا إلى أن الشيفرة الوراثية تحتوي على المعلومات اللازمة لتصنيع جميع مواد الحياة، فإن الأخطاء في DNA الكائن الحي يمكن أن تكون لها عواقب كارثية. ويمكن أن تحدث هذه الأخطاء أثناء تكرار (أو تضاعف) الحمض النووي إذا أضيف زوج الأسس الخاطئ إلى طاق الحمض النووي، أو إذا تم تخطي أحد الأسس، أو إذا أُضيف أساس إضافي.
نادرًا ما تكون هذه الأخطاء مفيدة، فقد تعمل النسخة الخاطئة من الحمض النووي بشكل أفضل من النسخة الأصلية أو تكون لها وظيفة مختلفة تمامًا، وفي هذه الحالة قد تصبح النسخة الجديدة أكثر نجاحًا، وقد يتفوق الفرد الناقل أو الحامل لها متغلبًا على الأفراد الناقلين للنسخ الأقدم، وهذا يفسر انتشار صفات جديدة بين الأفراد، ويشرح كيفية حدوث التطور.
الطفرات الصامتة وتكرار التشفير silent Mutations and Redundant Coding:
في بعض الحالات، قد لا يكون للطفرات الجينية أي تأثير على المنتج النهائي للبروتين. ويرجع ذلك إلى أن معظم الأحماض الأمينية -كما يتضح من الجدول أعلاه- مرتبطة بأكثر من كودون واحد. الغليسين، على سبيل المثال، يُرمّز بواسطة الكودونات GGA وGGC وGGG وGGU.
إن أي طفرة تؤدي إلى تغيير النوكليوتيد الأخير في كودون الغليسين لن تحدث أي فرق. سيظل الكودون الذي يبدأ بـ GG رمزًا للغليسين، بغض النظر عن الحرف الأخير المستخدم.
يُعتقد أن استخدام الكودونات المتعددة لنفس الأحماض الأمينية هو آلية تطورت بمرور الوقت لتقليل فرصة حدوث طفرات تسبب مشاكل للكائن الحي.
الطفرة المغلطة Missense:
في هذه الطفرة، يؤدي استبدال زوج واحد من الأسس بزوج من الأسس غير الصحيحة أثناء تضاعف الـ DNA إلى ترميز حمض أميني خاطئ يُستخدم في البروتين.
وهذا الاستبدال قد يكون له تأثير ضئيل على الكائن الحي، أو تأثير كبير؛ اعتمادًا على مدى أهمية الحمض الأميني في وظيفة البروتين، وماهية البروتين الناتج.
وقد تؤدي هذه الطفرة إلى إنتاج إنزيم يكاد يكون نسبيًا كالنسخة العادية، أو إنزيم لا يعمل على الإطلاق.
الشيفرة الوراثية الحمض النووي الخلايا
الطفرة الهرائية Nonsense:
تحدث هذه الطفرة عندما يُستخدم زوج من الأسس غير الصحيحة أثناء تضاعف الحمض النووي، ولكن الكودون الناتج لا يُرمز إلى حمض أميني غير صحيح. بدلًا من ذلك، ينشئ هذا الخطأ كودون إيقاف أو أي معلومة أخرى لا يمكن للخلية فهمها. ونتيجة لذلك، يتوقف الريبوسوم عن العمل على هذا البروتين ولا تُنسخ الكودونات التالية. تؤدي هذه الطفرات إلى بروتينات غير كاملة، والتي قد تعمل بشكل سيئ جدًا أو لا تعمل على الإطلاق.
طفرات حذف Deletion:
في طفرات الحذف، لا يُنسخ أساس واحد أو أكثر من أسس الـ DNA أثناء التضاعف. وتتغير أحجام طفرات الحذف على نطاق واسع، فقد يكون زوج واحد من الأسس مفقودًا، أو قد تُفقد قطعة كبيرة من الكروموسوم.
الطفرات الأصغر ليست دائمًا أقل ضررًا، فيمكن أن يؤدي فقدان أساس واحد أو أساسين فقط إلى طفرة مؤقتة تؤدي إلى إعاقة جينية مهمة. قد تكون طفرات الحذف الكبيرة قاتلة أو قد تؤدي إلى العجز، كما هو الحال في متلازمة دي جورج DiGeorge التي تنتج عن حذف جزء من الكروموسوم.
واعتمادًا على وظيفة جزء الشيفرة الذي حُذف أو حُوّر لشكل آخر، يمكن أن يؤدي التغيير الصغير إلى عواقب كارثية، أو قد يقود التغيير الكبير في الشيفرة إلى أثر سلبي لا يكاد يُذكر.
طفرات الإدراج أو الإدخال Insertion:
تحدث هذه الطفرة عندما يضاف واحد أو أكثر من النيوكليوتيدات غير الضرورية (أو الزائدة) إلى طاقي الـ DNA أثناء تضاعف الحمض النووي. في حالات نادرة، قد تضاف تسلسلات طويلة من الحمض النووي غير الصحيح في منتصف الجين.
ومثل باقي الطفرات، يختلف أثر طفرات الإدراج. فإن إضافة حمض أميني غير ضروري إلى البروتين قد يجعله أقل كفاءة أو قد يوقف فعاليته نهائيًا.
طفرات التكرار duplication:
تحدث هذه الطفرات عند تكرار جزء من الحمض النووي مرتين أو أكثر. وقد تكون لها تأثيرات خفيفة مثل الطفرات الأخرى، أو تأثيرات كارثية.
طفرات انزياح الإطار Frameshift Mutations:
هذه الطفرة هي نوع فرعي من طفرات الإدراج أو الحذف أو التكرار، إذ يُحذف واحد أو اثنين من الأحماض الأمينية؛ ما يؤدي إلى انزياح الإطار الذي يستخدمه الريبوسوم للتوقف، ثم التحويل إلى الكودون التالي.
يمكن أن يكون هذا النوع من الأخطاء خطيرًا بشكل خاص؛ نظرًا إلى أنه يتسبب في تغيير كل الكودونات التي تليه. إذ إن كل الأحماض الأمينية التي تضاف إلى البروتين بعد هذه الطفرة هي أحماض خاطئة.