ماذا يفيد الكاتب مبدعا .. إن لم تكن ظلال ما ابدعا
وماذا يفيد الحرف صادحا... إذا ما شغل الاقلام ووقعا ؟
تهانينا للشاعرة سماح بني داود ولجميع الاقلام المساهمة في هذا الاصدار عن دار هاوار بكردستان العراق والذي تشرفت وشرفوني بتقديمه
على سبيل التقديم
لقراءات في ديوان " نار حطبها ثلج "
من الإجحاف بمكان أن اعتبر هذه الكلمات بمثابة “شهادة ميلاد” مبدعة في الحياة الثقافية والأدبية بتونس والوطن العربي ، فميلادها يتجاوز هذه السطور بكثير زمنا وحجما ، فهي مبدعة مارست هذا الفعل بأشكال متعددة ورؤى مختلفة ، وبأنماط شكلت انعكاسا لرصيد من المعارف والتجارب تشفعها موهبة متأصلة مشبعة بحس فني دافق ، لم يعد يسعها وعاء واحد لفيضها الغامر وعطائها الوافر ، بمقوماتها التي ترتكز على قاعدة صلبة ، واستعداداتها التي يحدوها طموح لا يعرف المستحيل ، وبواعث يحفزها وعي مثقفة للخروج على المألوف بما هو أبداع وإمتاع يتغذي من مكامن النفس الإنسانية ودواخلها ، تبدع سماح بني داود وهي تأخذ بأيدينا إلى عوالمها المتعددة ، بين ألوان قزحية وحروف شاعرية وسرد ممتع ، فتكون بذلك قد وسعت من ظلالها في ساحات الإبداع .
لا يختلف اثنان في الجزم بأن ديوان " نار حطبها ثلج " قد يكون الإصدار الثالث أو الرابع للشاعرة فهو يقف على تجارب ونضج كبيرين ، والحقيقة غير ذلك فقد استند على رصيد كبير لموهبة جادة استعملت خامات أخرى ، فكان النص الشعري منحنى آخر في تجربتها ووعاء إضافيا ، يدعم أشكال الإبداع والتعبير عندها ، نعم منجزها هذا هو باكورة أعمالها الشعرية والذي ولد كبيرا متخطيا مرحلة الحبو ، ملفتا أنظار النقاد والعارفين بخبايا النص الشعري بحداثته ، مفتوحا على حيرة السؤال وجمال الصورة ، وعمق الفكرة ودلالة المعنى ، وسعة الخيال والبعد الفلسفي ، فكان محل قراءات كثيرة تناولت جوانب متعددة في نصوصه ، من زوايا فكرية ورؤى مختلفة من لدن كتاب ونقاد في الوطن العربي على اختلاف بيئتهم وخلفيتهم الفكرية والأكاديمية ، ومما لا شك فيه أن هذه القراءات ستكون فسيفساء تشكل لوحة تعكس الأبعاد الحقيقية و القيمة الإبداعية لمنجز شاعرتنا سماح بني داود " نار حطبها ثلج"، وفي سبيل هذا التقديم أجد نفسي لا أستطيع أن أتجاوز سقفا وضعته ، ولا أراني أبلغه أذا تعلق الأمر بتشريح خبايا النص الشعري ، لأترك المجال لكوكبة من الأسماء في عالم الإبداع والنقد ، تتبعت هذا الأثر برصيدها المعرفي والأكاديمي والإبداعي ، ووسمته بحضور حروفها المضيئة ، وجهدها الصادق المنزه لرسالة المعرفة والأدب ، وإنارة درب المبدعين في سبيل الارتقاء بالكلمة والأذواق ، فهنيئا للشاعرة بهذا الاحتفاء في حضرة إبداع يحتفي بالإبداع من خلال هذا الكتاب الذي نضعه بين أيدي القراء ، وكل آيات الشكر لهذه الأقلام التي أخذت على عاتقها تسليط الضوء على نصوص ديوان " نار حطبها ثلج " من جهة ، ومن ناحية أخرى فهي تقدم للقارئ وجبة متنوعة وإضافة للطالب والباحث ، كما تضع كتابا جديدا على رفوف المكتبة العربية، تضافرت فيه الجهود وصدقت النيات وعظمت الغايات ، لأحبة الحرف : خالد موساوي(المغرب ) ، حسن سليفاني ( العراق) ،رفيق طيبي(الجزائر) ، علي لفتة سعيد( العراق) ، حميد المختار ( العراق) ، نوران فؤاد ( مصر) ، مهند الشاوي ( العراق) ، ايمان الدرع ( سوريا) حسناء بن نويوة ( الجزائر) ، الطيب صالح طهوري ( الجزائر) ، البشير الجلجلي ( تونس) ،في ديوان " نار حطبها ثلج " كان لسماح بني داود شاعرية الكلمة ، وكان للأقلام على صفحات هذا الكتاب ظلال المعاني و المقاصد ، وأبعاد الظاهر والمتخفي ومساحة للمباح والمسكوت عنه ، وفسحة لأن نجتمع كلنا في محراب الحرف لنضيف حجرا في صرح الكلمة .
الإعلامي والكاتب الجزائري مصطفى بوغازي