مسلوب (محمد عبد رحيم)
Al-Masloub (Mohammad Abdul Rahim-) - Al-Masloub (Mohammad Abdul Rahim-)
المسلوب (محمد عبد الرحيم ـ)
(نحو 1786ـ 1895)
الشيخ محمد عبد الرحيم المسلوب مطرب مصري ينسب إليه إبداع فن الدور الغنائي الذي ظل اللون السائد في الغناء، إلى أن طوره من أسلوبه البدائي محمد عثمان، وذلك الرتل الطويل من الملحنين الذين عملوا فيه تهذيباً مثل: داوود حسني، وسيد درويش، وعبده قطر، ومحمد عبد الوهاب، وزكريا أحمد. والشيخ المسلوب الذي ولد في القاهرة، تعلم قراءة القرآن الكريم وتجويده في الكتاتيب مذ كان يافعاً، وقبس فنون الإنشاد الديني وقراءة القصة الشريفة من حلقات الأذكار في الزوايا الصوفية التي كان يتردد إليها، ثم انطلق إلى عالم الغناء الدنيوي من دون أن يتخلى عن الإنشاد الديني، وتعمق فيه حتى صار أستاذاً في فن الدور والموشح والأغنية الخفيفة، وعلماً من أعلام الغناء، فتربع على عرش الطرب والتلحين إلى أن احتل مكانته عبده الحامولي ومحمد عثمان منذ ستينيات القرن التاسع عشر، فطغت شهرتهما على شهرته وعلى جميع مطربي عصره من منافسيه مثل: الشيخ رضوان, والمحروقي الكبير, والشيخ سالم الحصري، وخليل محرم وغيرهم.
لم يبخل الشيخ المسلوب على معاصريه بألحانه، فأخذوا عنه - ولاسيما المطرب الشهير محمد سالم العجوز- قصائده وأدواره وموشحاته. ومن بديع أدوراه: «العفو يا سيد الملاح»، و«البدر لاح في سماه»، و«في رياض الجلنار»، و«أنعَمَ وزار زاهي الجبين»، و«أسيل خدك يتعاجب بخاله ويسحر العين».
والمسلوب، كان شيخاً ملتحياً ظريفاً ومغنياً حاذقاً، ويصف أحد معاصريه سهرة غنّى فيها فيقول حسب رواية الناقد كمال النجمي:
«كان الشيخ المسلوب قد تسلْطن وتفتحت شهيته للغناء، فطلب منه السامعون أن يغني الموشح الذي مطلعه:
جلَ منشي حسنك الفضاح
يا نحيل الخصر
فغمرته البشاشة وفاض أريحية وطرباً، وانطلق يغني في طبقة عالية بهرت المستمعين، وكانت بطانته وفيها المشايخ البارعون في الأداء قد تسلطنت أيضاً. ولم يكد الشيخ يختم الموشح حتى دخل في فنون الغناء بلا ترتيب قائلاً لبطانته: هذه ليلة ما رأيت مثلها من قبل ولا رأيتم. فلا يفكرن أحد منا في الراحة قبل طلوع الشمس. ومهما طلب المستمعون من موشح أو دور أو قصيدة أو موال فلابد من تلبية الطلب.
وعندما أخذ الشيخ المسلوب في غناء دور «جميل زمانك لك صفا» ماج المستمعون بهجةً ومرحاً، وخلع الباشوات والبكوات والوجهاء شارات الهيبة والوقار، وهتف الحضور في ضوضاء أسكرها الطرب: «وحياتك كمان يا شيخ المطربين!».
ولما انتهى من هذا الدور، غنى دوره المشهور «أسيل خدك يتعاجب بخاله»، وبطانته تسنده، فاء المستمعون من حرارة الوجد والسماع إلى هدوء الإنصات والتأمل، واقبلوا يرتشفون نغماته في استرخاء من أتخمه الصفو واعتدال المزاج. ما أجمل وألطف وأعجب الشيخ المسلوب وقد تسلطن وأخذه الوجد فغاب عن الوجود، إلا صوتاً يغني:
الحب مين يقدر يخفيه
والحب هتاك الأسرار
لو كنت معنا- يا بني - في تلك الليلة، لخيل إليك أن المسلوب عفريت من الجن يرج الأرض رجاً بفخامة صوته وحلاوة أدائه».
ظل محمد عبد الرحيم المسلوب يلحن ويغني حتى تجاوز الثمانين من عمره، وترك ثروة ضخمة من الأغاني التي لم تدون، وجل الأدوار والأغاني التي لحنها متداول اليوم، منها أغنية «ياحلو يا مسليني» التي غناها كبار المطربين ومنهم صباح فخري وشادي جميل وصبري مدلل، وقد دُوّنت من صدور الحفظة.
صميم الشريف
Al-Masloub (Mohammad Abdul Rahim-) - Al-Masloub (Mohammad Abdul Rahim-)
المسلوب (محمد عبد الرحيم ـ)
(نحو 1786ـ 1895)
الشيخ محمد عبد الرحيم المسلوب مطرب مصري ينسب إليه إبداع فن الدور الغنائي الذي ظل اللون السائد في الغناء، إلى أن طوره من أسلوبه البدائي محمد عثمان، وذلك الرتل الطويل من الملحنين الذين عملوا فيه تهذيباً مثل: داوود حسني، وسيد درويش، وعبده قطر، ومحمد عبد الوهاب، وزكريا أحمد. والشيخ المسلوب الذي ولد في القاهرة، تعلم قراءة القرآن الكريم وتجويده في الكتاتيب مذ كان يافعاً، وقبس فنون الإنشاد الديني وقراءة القصة الشريفة من حلقات الأذكار في الزوايا الصوفية التي كان يتردد إليها، ثم انطلق إلى عالم الغناء الدنيوي من دون أن يتخلى عن الإنشاد الديني، وتعمق فيه حتى صار أستاذاً في فن الدور والموشح والأغنية الخفيفة، وعلماً من أعلام الغناء، فتربع على عرش الطرب والتلحين إلى أن احتل مكانته عبده الحامولي ومحمد عثمان منذ ستينيات القرن التاسع عشر، فطغت شهرتهما على شهرته وعلى جميع مطربي عصره من منافسيه مثل: الشيخ رضوان, والمحروقي الكبير, والشيخ سالم الحصري، وخليل محرم وغيرهم.
لم يبخل الشيخ المسلوب على معاصريه بألحانه، فأخذوا عنه - ولاسيما المطرب الشهير محمد سالم العجوز- قصائده وأدواره وموشحاته. ومن بديع أدوراه: «العفو يا سيد الملاح»، و«البدر لاح في سماه»، و«في رياض الجلنار»، و«أنعَمَ وزار زاهي الجبين»، و«أسيل خدك يتعاجب بخاله ويسحر العين».
والمسلوب، كان شيخاً ملتحياً ظريفاً ومغنياً حاذقاً، ويصف أحد معاصريه سهرة غنّى فيها فيقول حسب رواية الناقد كمال النجمي:
«كان الشيخ المسلوب قد تسلْطن وتفتحت شهيته للغناء، فطلب منه السامعون أن يغني الموشح الذي مطلعه:
جلَ منشي حسنك الفضاح
يا نحيل الخصر
فغمرته البشاشة وفاض أريحية وطرباً، وانطلق يغني في طبقة عالية بهرت المستمعين، وكانت بطانته وفيها المشايخ البارعون في الأداء قد تسلطنت أيضاً. ولم يكد الشيخ يختم الموشح حتى دخل في فنون الغناء بلا ترتيب قائلاً لبطانته: هذه ليلة ما رأيت مثلها من قبل ولا رأيتم. فلا يفكرن أحد منا في الراحة قبل طلوع الشمس. ومهما طلب المستمعون من موشح أو دور أو قصيدة أو موال فلابد من تلبية الطلب.
وعندما أخذ الشيخ المسلوب في غناء دور «جميل زمانك لك صفا» ماج المستمعون بهجةً ومرحاً، وخلع الباشوات والبكوات والوجهاء شارات الهيبة والوقار، وهتف الحضور في ضوضاء أسكرها الطرب: «وحياتك كمان يا شيخ المطربين!».
ولما انتهى من هذا الدور، غنى دوره المشهور «أسيل خدك يتعاجب بخاله»، وبطانته تسنده، فاء المستمعون من حرارة الوجد والسماع إلى هدوء الإنصات والتأمل، واقبلوا يرتشفون نغماته في استرخاء من أتخمه الصفو واعتدال المزاج. ما أجمل وألطف وأعجب الشيخ المسلوب وقد تسلطن وأخذه الوجد فغاب عن الوجود، إلا صوتاً يغني:
الحب مين يقدر يخفيه
والحب هتاك الأسرار
لو كنت معنا- يا بني - في تلك الليلة، لخيل إليك أن المسلوب عفريت من الجن يرج الأرض رجاً بفخامة صوته وحلاوة أدائه».
ظل محمد عبد الرحيم المسلوب يلحن ويغني حتى تجاوز الثمانين من عمره، وترك ثروة ضخمة من الأغاني التي لم تدون، وجل الأدوار والأغاني التي لحنها متداول اليوم، منها أغنية «ياحلو يا مسليني» التي غناها كبار المطربين ومنهم صباح فخري وشادي جميل وصبري مدلل، وقد دُوّنت من صدور الحفظة.
صميم الشريف