الناقد هيثم الخواجة و«تشظيّات الإبداع الأدبي عند فاطمة المزروعي»

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الناقد هيثم الخواجة و«تشظيّات الإبداع الأدبي عند فاطمة المزروعي»


    الناقد هيثم الخواجة و«تشظيّات الإبداع الأدبي عند فاطمة المزروعي»


    تشرين- نضال بشارة:
    استحق جهد الكاتبة الإماراتية فاطمة المزروعي التي خاضت في أكثر من مجال أدبي (الشعر، القصة القصيرة، الرواية، المسرح، وأدب الأطفال)، ونالت جوائز عدة، كما أنها كاتبة تتابع الحركة الإبداعية في الإمارات، وتنخرط في حراكها، وقد تُرجمت بعض أعمالها إلى الألمانية والإنجليزية، استحق جهدها الأدبي إضاءة نقدية من الناقد السوري د. هيثم الخواجة، المقيم في الإمارات، بكتاب حمل عنوان (فاطمة المزروعي وتشظيّات الإبداع الأدبي) صدر حديثاً عن دار سويد للنشر والتوزيع في دمشق. وفي ضوء هذا التميّز استهل د. الخواجة كتابه بالقول: «إن قراءة النتاجات الإبداعية عند الكاتبة فاطمة المزروعي تعني فوائد لا حصر لها، فهي تمثل حقلاً منيراً وبستاناً مزهراً وحديقة مشرقة للمعرفة والأفكار والثقافة والجماليات والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة» وأشار إلى «أن قصص فاطمة المزروعي ورواياتها ذات وجوه متعددة ومختلفة لأطروحات واعية، وحوار يتغلغل في النفس الإنسانية التي تناصر الحقيقة». كما أشار إلى أن وعي الأديبة يتشظى في فلك إبداعها في أي جنس أدبي تكتب فيه. وفي أعمالها جدة وتجديد وابتكار وابتعاد عن الابتذال والتكرار، وهو منهج تنتهجه المؤلفة بإصرار حتى لا تكون مقلدة للآخرين، لقد كان ومازال محور أعمالها هو الإنسان، وبناءً على ذلك فهي تسعى إلى إبداعٍ فاعل ومؤثّر، وإلى إبداع متنوع لتمدّ جسوراً قوية بينها وبين القارئ. ورأى د. الخواجة أن نجاح المزروعي يستند إلى بعدين: الأول إنساني اجتماعي والثاني اقتصادي سياسي تاريخي، وتحكم ذلك رؤية استشرافية للمستقبل.
    جاء الكتاب في سبعة فصول هي: في حدائق الرواية، في بساتين القص، في دوحة الشعر، في رحاب المسرح، في فضاءات المقالة، حوار من أجل الإبداع، نماذج إبداعية وسيرة. وبعد أن يستعرض المؤلف الخواجة ما قاربته رواية « زاوية حادة» التي اهتمت بما عانته بطلتها من عادة الختان الذي يترك آثاره السلبية على الشخصية، وبصدماتها الحياتية، إلاّ أنها ظلت متمسكة بموقفها مؤكدة على إنسانيتها، يرى أن الأديبة المزروعي قدمت في روايتها جهداً استثنائياً في تقديم لغة سرد يستمتع بها المتلقي من كل الشرائح التعليمية والثقافية، وذلك بالابتعاد عن الحشو والتقعر والاهتمام بما يفيد ويركزعلى الهدف بعيداً عن الاستطراد أو اللهاث وراء الوصف.
    وتناول المؤلف الخواجة رواية ثانية للأديبة المزروعي، وهي «كمائن العتمة» ورأى أن المزروعي، وهي تهندس روايتها هذه أكدت على إنسانية الإنسان باعتبارها أهم من عقدة الذكورية، وأهم من الدوائر المغلقة التي تسيطر على بعض المجتمعات أو بعض البيوتات التي تحرم الإنسان من إنسانيته ومن حريته التي لا تتجاوز القيم والأخلاق والعادات العربية الأصيلة. وقد استطاعت المزروعي فنياً أن تخترق هذه الدوائر وأن تنير على مفاصل الإنسان والأفكار فيها، عبر التفتيق تارة والتفكيك تارة أخرى، وعبر تجزئة للأحداث والتركيب أحياناً، لكي تخترق العتمة وتتعرف إلى معاناة الأمومة، من كآبة، وعزلة، ووحدة، وأحزان، وكبت، وغيرها، ليخلص بالإشارة إلى أن ثنائية العشق والكره تحكم الرواية، وهي رواية تندرج ضمن الروايات الجيدة التي تنهض بالرواية الإماراتية موضوعاً وبناءً فنياً.
    كما توقف مع الفضاءات الفنية والجمالية لرواية «قصتي الأخرى». وقد خصص المؤلف الفصل الثاني لبساتين القص عند الأديبة المزروعي، والبدء مع فن القص في مجموعة ليلة العيد التي رأى في خلاصة تحليله لقصصها أنها قصص بضة ناضجة وندية اشتغلتها الأديبة المزروعي بروحها ودمها وألقها الفكري، وعالجتها بفتنتها المشرقة، وما طرحته هذه القصص من أسئلة وأفكار مشتعلة شكّل ويشكّل حضوراً قوياً في ذهن المتلقي، لأنه واقعي، ولأنه ينبع من نسيج إبداع أصيل نقي يتطلع نحو الشمس فكراً وإبداعاً. كما استعرض المؤلف الخواجة قصة «الأميرة مهرة» التي تعكس شروطاً مهمة في أدب الأطفال. وفي الفصل الثالث توقف المؤلف مع شعر المزروعي من خلال ديوان «بلا عزاء» ، وديوان «خطب ما »، فرأى أن الشاعرة فاطمة المزروعي ترفدنا بقصيدة نثر، تماهي فيها بين الموقف والفكرة والشاعرية سواء أكان ذلك عبر الثنائيات المتصارعة التي رسمت آفاقها ريشة لغة حية أم عبر المصداقية والدفء الشعري والشاعري، وقد برزت بنية القصيدة الجديدة المتجددة من خلال التلميح لا التصريح طلباً للتأثير، من خلال التكرار الموظف للفكرة ما يجعل شعرها محفّزاً للروح والعقل، لكي تبقى قصيدتها النثرية مضاءة باستمرار. وتناول أخيراً في الفصل الرابع، ما أنتجته المزروعي في مجال النصوص المسرحية، فعرض للبنيتين الفكرية والفنية في مسرحية «حصة » وفي مونودراما « بقايا امرأة»، وبه اختتم دائرة الضوء النقدية على نتاج الأديبة المزروعي الثري والمتعدد.
يعمل...
X