غوتشد (يوهان كريستوف)
Gottsched (Johann Christoph-) - Gottsched (Johann Christoph-)
غوتْشِد (يوهان كريستوف -)
(1700-1766)
يوهان كريستوف غوتشد Johann Christoph Gottsched مصلح وناقد ومنظّر مسرحي ومترجم ألماني. ولد في بلدة يوديتّنكيرشِن Judittenkirchen قرب كونيغزبرغ Königsberg وتوفي في لايبزيغ Leipzig، وكان والده واعظاً كنسياً. يعد غوتشد أهم كاتب في عصر التنوير Aufklärug الألماني قبل لِسينغ[ر]، فقد كان سيد الساحة الأدبية في المنطقة الناطقة بالألمانية ما بين 1730-1740، كما أصدر أعمال الفيلسوف لايبنيتس Leibniz عام 1744، ومسرحيات زوجته لويزه غوتشد Luise Gottsched عام 1763، وهي مسرحيات اجتماعية ناقدة ذات طابع كوميدي كان لها كبير الأثر في تطوير الحركة المسرحية وفي تعرية النفاق الديني والاجتماعي في تلك المرحلة. كما ترجم أعمال عدد من أدباء التنوير الفرنسي وفلاسفته من مثل فونتِنيل Fontenelle وراسين Racine وبايل Bayle وإلڤيتيوس Helvetius إلى جانب الإغريقيين لقيانوس السمسياطي Lukianos وتالِس Thales، مما سرّع في إنضاج الفكر التنويري في ألمانيا وفي نهوض البرجوازية قوة فاعلة.
بدأ منذ عام 1714 بدراسة اللاهوت في كونيغزبرغ، ثم تحول إلى اللغات والفلسفة، وحصل على درجة الماجستير عام 1723، ليهرب من فوره إلى لايبزيغ من وجه ضباط التجنيد حتى عام 1724، حين حصل على العفو وبدأ يلقي في الجامعة محاضرات خاصة في الفلسفة والأدب. ولكونه غير مقيد بعلاقات وظيفةٍ رسمية ويمثل شريحة المثقفين البرجوازيين الشباب فقد دعم بين 1725 ونهاية الثلاثينيات مشروعات ثقافية تلبي حاجات القراء وطموحاتهم، مما بوّأه مكانة متميزة في ألمانيا بأسرها في سنوات قليلة؛ فصار في عام 1727 رئيس «جمعية أصدقاء الآداب التيوتونية» (أي الجرمانية) Societas Philoteutonica- Poetica التي حوّلها حسب نموذج الأكاديمية الفرنسية إلى «الجمعية الألمانية» Deutsche Gesellschaft، كما أصدر في الوقت نفسه المجلتين الأخلاقيتين الأسبوعيتين «اللائمات الحكيمات» Die vernünftigen Tadlerinnen بين (1725-1726) و«الرجل المستقيم» Der Biedermann بين (1727-1729)، وبدأ منذ عام 1726 بحركة إصلاح المسرح الألماني بهدف تربية البرجوازية وتنويرها، بالتعاون مع الفرقة المسرحية التي تديرها الممثلة الشهيرة آنئذ كارولينا نويبر Karolina Neuber. وكان من أوائل أهدافه إبعاد شخصية المهرج الشعبي هانس ڤورست Hans Wurst عن خشبات المسارح، وهو ما أخذه عليه لسينغ لاحقاً بعَدِّه المهرج الشعبي لسان حال الشعب الناقد الساخر. وفي عام 1730 صار غوتشد أستاذاً فوق العادة في جامعة لايبزيغ، وبعد أربع سنوات صار أستاذاً بكرسي للدراسات الأدبية، وتبوأ منصب رئاسة الجامعة خمس مرات في حياته.
أنجز غوتشد الركائز الأساسية لجماليات المرحلة المبكرة من حركة عصر التنوير الألماني، وذلك بوضعه الوظيفة التربوية للفن في أول مهمات الحركة، وبتوجيهه الأدب والمسرح معاً لتحقيق هذه المهمة. وركز اهتمامه في المقام الأول على تطوير الدراما الألمانية التي رأى وظيفتها في تربية المواطن وتعليمه عقلانياً. ولكي يواجه الفوضى السائدة في ميدان المسرح عامة، ولاسيما على صعيد العروض (الكرنڤالات) المسرحية الموسمية الرسمية، أوجد أدباً مسرحياً ألمانياً جديداً موازياً لمثاله الفرنسي الكلاسيكي ليليق بالمواطن الألماني. فقدم مع فرقة كارولينا نويبر عروضاً تتقيد بقانون الوحدات الثلاث (الموضوع والزمان والمكان) حرفياً، مقتدياً بجماليات مسرحيات كورني وراسين المستمدة من أرسطو في كتابه «فن الشعر»، ومن معاصرهما بوالو Boileau الذي وضع القواعد الجمالية لمسرح البلاط الفرنسي في القرن السابع عشر. وبذلك أوجد غوتشد الأرضية الملائمة لولادة الدراما الكلاسيكية الألمانية في القرن الثامن عشر، التي بنى عليها لسينغ لاحقاً مسرحه البرجوازي على صعيد المأساة والملهاة، مخلّصاً جهود غوتشد من شوائبها البلاطية كافة، ومن أحادية توجهها، وذلك باستلهام المسرح الإنكليزي الإليزابيثي المتحرر من القيود والقواعد الكلاسيكية. ومن المنطلق نفسه جهد غوتشد ليُحِل الملهاة الراقية الناقدة محل التهريج الشعبي المبتذل، بهدف أن تكون الملهاة أيضاً تربوية بغرض الإصلاح والتهذيب. وقد صاغ غوتشد أسس حركته الإصلاحية في كتابه الشهير «محاولة لإيجاد فن أدبي نقدي للألمان»Versuch einer kritischen Dichtkunst vor die Deutschen عام (1730). وإلى جانب ذلك اختار غوتشد وترجم مجموعة من المسرحيات الفرنسية التي عدّها قدوة للمسرح الألماني القومي الجديد، ونشرها تحت عنوان «نماذج للمسرح الألماني مختارة حسب قواعد قدامى اليونانيين والرومان» Die deutsche Schaubuhne, nach den Regeln der alten Griechen und Romern eingerichtet في ستة مجلدات بين (1741-1745). أما مسرحيته الوحيدة «كاتو محتضراً»Der sterbende Cato عام (1732) فكانت أول مأساة ألمانية حسب الأصول الأرسطية، قدمها لتكون نموذجاً يُقتدى به من قبل الكتاب الشباب، وتقع أحداثها المتشابكة في روما في عهد يوليوس قيصر. إلاّ أن مثلب إصلاح غوتشد يكمن في إصراره على فصل الأنواع المسرحية حسب التراتبية الطبقية، فالمأساة للملوك والأشراف، والملهاة لسائر شرائح الشعب، مما حدّ من دوام تأثير آرائه في البرجوازية الصاعدة. إلاّ أن جهود غوتشد لم تقتصر على المـسرح والأدب، بل امتدت إلى اللغة، ففي كتابه «التأسـيس لـفن لغـوي ألماني» Grundlegung einer deutschen Sprachkunst عـام (1748) دعا إلى توحيد اللغة الفصحى في أنحاء ألمانيا كافة.
نبيل الحفار
Gottsched (Johann Christoph-) - Gottsched (Johann Christoph-)
غوتْشِد (يوهان كريستوف -)
(1700-1766)
يوهان كريستوف غوتشد Johann Christoph Gottsched مصلح وناقد ومنظّر مسرحي ومترجم ألماني. ولد في بلدة يوديتّنكيرشِن Judittenkirchen قرب كونيغزبرغ Königsberg وتوفي في لايبزيغ Leipzig، وكان والده واعظاً كنسياً. يعد غوتشد أهم كاتب في عصر التنوير Aufklärug الألماني قبل لِسينغ[ر]، فقد كان سيد الساحة الأدبية في المنطقة الناطقة بالألمانية ما بين 1730-1740، كما أصدر أعمال الفيلسوف لايبنيتس Leibniz عام 1744، ومسرحيات زوجته لويزه غوتشد Luise Gottsched عام 1763، وهي مسرحيات اجتماعية ناقدة ذات طابع كوميدي كان لها كبير الأثر في تطوير الحركة المسرحية وفي تعرية النفاق الديني والاجتماعي في تلك المرحلة. كما ترجم أعمال عدد من أدباء التنوير الفرنسي وفلاسفته من مثل فونتِنيل Fontenelle وراسين Racine وبايل Bayle وإلڤيتيوس Helvetius إلى جانب الإغريقيين لقيانوس السمسياطي Lukianos وتالِس Thales، مما سرّع في إنضاج الفكر التنويري في ألمانيا وفي نهوض البرجوازية قوة فاعلة.
بدأ منذ عام 1714 بدراسة اللاهوت في كونيغزبرغ، ثم تحول إلى اللغات والفلسفة، وحصل على درجة الماجستير عام 1723، ليهرب من فوره إلى لايبزيغ من وجه ضباط التجنيد حتى عام 1724، حين حصل على العفو وبدأ يلقي في الجامعة محاضرات خاصة في الفلسفة والأدب. ولكونه غير مقيد بعلاقات وظيفةٍ رسمية ويمثل شريحة المثقفين البرجوازيين الشباب فقد دعم بين 1725 ونهاية الثلاثينيات مشروعات ثقافية تلبي حاجات القراء وطموحاتهم، مما بوّأه مكانة متميزة في ألمانيا بأسرها في سنوات قليلة؛ فصار في عام 1727 رئيس «جمعية أصدقاء الآداب التيوتونية» (أي الجرمانية) Societas Philoteutonica- Poetica التي حوّلها حسب نموذج الأكاديمية الفرنسية إلى «الجمعية الألمانية» Deutsche Gesellschaft، كما أصدر في الوقت نفسه المجلتين الأخلاقيتين الأسبوعيتين «اللائمات الحكيمات» Die vernünftigen Tadlerinnen بين (1725-1726) و«الرجل المستقيم» Der Biedermann بين (1727-1729)، وبدأ منذ عام 1726 بحركة إصلاح المسرح الألماني بهدف تربية البرجوازية وتنويرها، بالتعاون مع الفرقة المسرحية التي تديرها الممثلة الشهيرة آنئذ كارولينا نويبر Karolina Neuber. وكان من أوائل أهدافه إبعاد شخصية المهرج الشعبي هانس ڤورست Hans Wurst عن خشبات المسارح، وهو ما أخذه عليه لسينغ لاحقاً بعَدِّه المهرج الشعبي لسان حال الشعب الناقد الساخر. وفي عام 1730 صار غوتشد أستاذاً فوق العادة في جامعة لايبزيغ، وبعد أربع سنوات صار أستاذاً بكرسي للدراسات الأدبية، وتبوأ منصب رئاسة الجامعة خمس مرات في حياته.
أنجز غوتشد الركائز الأساسية لجماليات المرحلة المبكرة من حركة عصر التنوير الألماني، وذلك بوضعه الوظيفة التربوية للفن في أول مهمات الحركة، وبتوجيهه الأدب والمسرح معاً لتحقيق هذه المهمة. وركز اهتمامه في المقام الأول على تطوير الدراما الألمانية التي رأى وظيفتها في تربية المواطن وتعليمه عقلانياً. ولكي يواجه الفوضى السائدة في ميدان المسرح عامة، ولاسيما على صعيد العروض (الكرنڤالات) المسرحية الموسمية الرسمية، أوجد أدباً مسرحياً ألمانياً جديداً موازياً لمثاله الفرنسي الكلاسيكي ليليق بالمواطن الألماني. فقدم مع فرقة كارولينا نويبر عروضاً تتقيد بقانون الوحدات الثلاث (الموضوع والزمان والمكان) حرفياً، مقتدياً بجماليات مسرحيات كورني وراسين المستمدة من أرسطو في كتابه «فن الشعر»، ومن معاصرهما بوالو Boileau الذي وضع القواعد الجمالية لمسرح البلاط الفرنسي في القرن السابع عشر. وبذلك أوجد غوتشد الأرضية الملائمة لولادة الدراما الكلاسيكية الألمانية في القرن الثامن عشر، التي بنى عليها لسينغ لاحقاً مسرحه البرجوازي على صعيد المأساة والملهاة، مخلّصاً جهود غوتشد من شوائبها البلاطية كافة، ومن أحادية توجهها، وذلك باستلهام المسرح الإنكليزي الإليزابيثي المتحرر من القيود والقواعد الكلاسيكية. ومن المنطلق نفسه جهد غوتشد ليُحِل الملهاة الراقية الناقدة محل التهريج الشعبي المبتذل، بهدف أن تكون الملهاة أيضاً تربوية بغرض الإصلاح والتهذيب. وقد صاغ غوتشد أسس حركته الإصلاحية في كتابه الشهير «محاولة لإيجاد فن أدبي نقدي للألمان»Versuch einer kritischen Dichtkunst vor die Deutschen عام (1730). وإلى جانب ذلك اختار غوتشد وترجم مجموعة من المسرحيات الفرنسية التي عدّها قدوة للمسرح الألماني القومي الجديد، ونشرها تحت عنوان «نماذج للمسرح الألماني مختارة حسب قواعد قدامى اليونانيين والرومان» Die deutsche Schaubuhne, nach den Regeln der alten Griechen und Romern eingerichtet في ستة مجلدات بين (1741-1745). أما مسرحيته الوحيدة «كاتو محتضراً»Der sterbende Cato عام (1732) فكانت أول مأساة ألمانية حسب الأصول الأرسطية، قدمها لتكون نموذجاً يُقتدى به من قبل الكتاب الشباب، وتقع أحداثها المتشابكة في روما في عهد يوليوس قيصر. إلاّ أن مثلب إصلاح غوتشد يكمن في إصراره على فصل الأنواع المسرحية حسب التراتبية الطبقية، فالمأساة للملوك والأشراف، والملهاة لسائر شرائح الشعب، مما حدّ من دوام تأثير آرائه في البرجوازية الصاعدة. إلاّ أن جهود غوتشد لم تقتصر على المـسرح والأدب، بل امتدت إلى اللغة، ففي كتابه «التأسـيس لـفن لغـوي ألماني» Grundlegung einer deutschen Sprachkunst عـام (1748) دعا إلى توحيد اللغة الفصحى في أنحاء ألمانيا كافة.
نبيل الحفار