ما هو علم الأحياء ( البيولوجيا )؟
البيولوجيا هو علم الأحياء. وهو مكون من كلمتين إغريقيتين هما (bio) وتعني حياة و(logos) وتعني دراسة. يدرس البيولوجيون تركيب الكائنات الحية ووظيفتها، ونموها، ومنشأها، وتطورها، وتوزعها. وثمة بشكل عام تسعة مجالات على الأقل تنطوي تحت مظلة البيولوجيا ، يحتوي كل منها على فروع عدة.
- (الكيمياء الحيوية – Biochemistry): وهو علم يهتم بدراسة المواد التي تكوّن الكائنات الحية.
- (علم النبات – Botany): علم يهتم بدارسة النبات، ويشمل الزراعة أيضًا.
- (علم الأحياء الخلوية – Cellular biology): علم يدرس الوحدات الخلوية الأساسية للكائنات الحية.
- (علم البيئة – Ecology): علم يهتم بدراسة علاقة الكائنات الحية ببيئاتها المحيطة.
- (علم الأحياء التطورية – Evolutionary biology): علم يدرس أصول الحياة وتغيرات التنوع في الحياة عبر الزمن.
- (علم الجينات – Genetics): دراسة علم الوراثة في الكائنات الحيوية.
- (علم الأحياء الجزيئية – Molecular biology): دراسة الجزيئات الحيوية.
- (علم وظائف الأعضاء أو الفيسيولوجيا – Physiology): علم يهتم بدراسة وظائف أعضاء الكائنات الحية وأجزائها.
- (علم الحيوان – Zoology): يدرس هذا العلم الحيوانات وسلوكها.
أضف إلى تعقيدات تلك الفكرة الواسعة حقيقة أن هذه المجالات تتداخل فيما بينها. فمن المستحيل دراسة علم الحيوان دون الإحاطة بعلم التطور، والفيسيولوجيا، وعلم البيئة. ولا يمكنك دراسة الأحياء الخلوية دون معرفة الكيمياء الحيوية والأحياء الجزيئية كذلك.
إطار المعرفة
يمكن توحيد جميع فروع علم الأحياء ضمن إطار لخمس معارف أساسية حول الكائنات الحية. وتعطينا الدراسة الدقيقة لهذه المعارف الخمسة تشويقًا غير محدود في البحث البيولوجي:
- نظرية الخلية: تتكون نظرية الخلية من ثلاثة أجزاء، الخلية وحدة بناء الحياة، وجميع الكائنات الحية تتكون من خلايا، والخلايا تنشأ من خلايا سابقة لها.
- الطاقة: جميع الكائنات الحية تحتاج إلى الطاقة، وتنتقل الطاقة بين الكائنات الحية نفسها أو بين الكائنات الحية والبيئة المحيطة.
- الوراثة: جميع الكائنات الحية لها DNA (الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين) ومعلومات وراثية تحمل شيفرات لتحديد تركيب ودور كل خلية.
- الاتزان (الاستتباب): جميع الكائنات الحية تملك حالة استتباب، أي حالة توازن بين الكائن الحي وبيئته المحيطة.
- التطور: وهو المفهوم الموحد لعلم الأحياء. والتطور يعني التغير عبر الزمن وهو المحرك لعملية التنوع الحيوي.
- علاقة علم الأحياء بالعلوم الأخرى
يُدرَس علم الأحياء غالبًا مرتبطًا بعلوم أخرى، مثل الرياضيات والهندسة وحتى العلوم الاجتماعية. وهذه بعض الأمثلة:
- يهتم (علم الفيزياء الحيوية – Biophysics) بربط الأنماط في الحياة ويحللها بواسطة الفيزياء والرياضيات، وذلك بحسب ما تذكره جمعية الفيزياء الحيوية (Biophysical Society).
- (علم الأحياء الفلكية – Astrobiology) هو علم يهتم بدراسة تطور الحياة في الكون، ويشمل ذلك البحث عن الحياة خارج كوكب الأرض، وذلك بحسب وكالة ناسا.
- (علم الجغرافيا الحيوية – Biogeography) هو علم يدرس تنوع وتطور أشكال الكائنات الحية ويبحث في أسباب التنوع، بحسب ما عرفته كلية دارتماوث (Dartmouth College).
- ويبحث (علم الرياضيات الحيوية – Biomathematics) ببناء نماذج رياضية لتفسير أفضل للأشكال والظواهر في عالم الكائنات الحية، بحسب (North Carolina State University).
- (الهندسة الحيوية – Bioengineering) وهو تطبيق المبادئ الهندسية على المبادئ الحيوية والعكس صحيح، طبقًا لتعريف جامعة (California Berkeley).
- يدرس علماء الاجتماع عادة كيف تشكّل البيولوجيا المكونات الاجتماعية والثقافات والعلاقات الاجتماعية، بحسب الجمعية الأمريكية لعلم الاجتماع (American Sociological Association).
تاريخ شغفنا ب البيولوجيا طويل. حتى إن البشر الأوائل اضطروا لدراسة الحيوانات التي كانوا يصطادونها ولمعرفة أماكن النباتات التي يجمعونها لغذائهم. وكان اختراع الزراعة تقدمًا كبيرًا للحضارة الإنسانية. وما تزال أهمية الطب عندنا تزداد ومنذ القدم كذلك. وقد عُرفت أقدم النصوص الطبية في الصين (٢٥٠٠ سنة قبل الميلاد)، وبلاد الرافدين سنة (٢١١٢ قبل الميلاد)، وكذلك الحضارة المصرية (١٨٠٠ سنة قبل الميلاد).
وفي العصور الكلاسيكية، اعتبِر أرسطو أول من طبّق علم الحيوان على أسس علمية. وقد عُرف بدراساته الواسعة حول الحياة البحرية والنباتات. وقد كتب تلميذه (ثاوفرسطس – Theophrastus) أقدم النصوص الغربية المختصة في علم النبات (٣٠٠ سنة قبل الميلاد) حول تركيب النباتات ودورة حياتها واستعمالاتها. واستغل الطبيب الروماني غالينيوس خبرته في تطبيب جرحى المقاتلين في ساحات الحروب لكتابة نصوص تشرح الإجراءات الجراحية عام ١٥٨ للميلاد.
وخلال عصر النهضة، عرّض ليوناردو دافينشي نفسه لخطر الانتقاد والاستهجان حين شارك في عمليات تشريح بشرية ليرسم رسومات تشريحية دقيقة ما تزال تعتبر من ضمن أجمل الرسوم التي رُسمت. وكان للطباعة والقدرة على إنتاج رسوم توضيحية دورٌ في تسهيل تدوين المعلومة ونشرها. وحوت أول الكتب المصورة في علم الأحياء نصوصًا في علم أحياء النبات كتبها عالم النبات الألماني (لينهارت فوكس – Leonhard Fuchs) عام ١٥٤٢م.
وضع العالم السويدي (كارلوس لينيوس – Carolus Linnaeus) نظام التسمية الثنائية أو (التسمية العلمية – Binomial classification) عام ١٧٣٥، مستخدمًا الأسماء اللاتينية لمجموعة الأنواع بحسب خصائص الكائن الحي.
وفتحت المجاهر (الميكروسكوبات – Microscopes) عوالم جديدة أمام العلماء. ففي عام ١٦٦٥ استعمل روبرت هوك ميكروسكوبًا ذا تركيبة بسيطة ليفحص شريحة رقيقة من الفلّين. ولاحظ أن نسيج النبات مكون من وحدات مستطيلة الشكل ذكّرته بالغرف الصغيرة التي كان يقطنها الرهبان. وأطلق على هذه الوحدات اسم (خلايا – cells).
في عام ١٦٧٦م، نشر العالم (أنطون فان ليفينهوك – Anton von Leeuwenhoek) أول رسمة لكائن حي وحيد الخلية. وأضاف العالم الألماني (ثيودور شوان – Theodore Schwann) معلومة وهي أن الأنسجة الحيوانية تتألف من الخلايا وذلك في عام ١٨٣٩م.
وفي العصر الفيكتوري (عهد ملكة بريطانيا فيكتوريا) خلال القرن التاسع عشر، أضحى علم الطبيعة هوسًا طاغيًا. كُشفت آلاف الأنواع الجديدة وذُكرت صفاتها بواسطة المغامرين الشجعان وعلماء النبات والحشرات كذلك. في عام ١٨١٢م، وصف العالم (جورج كوفييه – Georges Cuvier) الأحافير ووضع فرضية أن الأرض تعرضت لنوبات متتالية من عمليات إنشاء وتدمير خلال فترات طويلة من الزمن.
وفي ٢٤ نوفمبر من عام ١٨٥٩م، نشر تشارلز داروين كتابه (أصل الأنواع – On the Origin of Species) الكتاب الذي غيّر العالم، مفصحًا أن كل الكائنات الحية متصلة وأن الأنواع لم تنشأ منفصلة لكنها انبثقت من أشكال سابقة تغيرت وتشكلت عبر التكيف بحسب بيئتها المحيطة. وبينما كان العالم يحوّل انتباهه نحو أسئلة حول الحياة الميكروسكوبية، كان راهبًا يبحث بصمت في كيفية نقل الكائن الحي لصفاته من جيل لآخر.
يُعرف غريغور ماندل اليوم بأبي علم الوراثة، وعلى الرغم من أن أبحاثه حول الوراثة نُشرت عام ١٨٦٦م، فإنها لم تلاحظ في ذلك الوقت. وأعيد اكتشاف أعماله عام ١٩٠٠م ولحق ذلك فهم أوسع للوراثة بشكل سريع.
عُرف القرنان الـ ٢٠ والـ ٢١ للأجيال اللاحقة باعتبارهما بداية الثورة الحيوية. انطلاقًا من تفسير واتسون وكريك تركيب ودور الـ DNA عام ١٩٥٣م، وتوسعت مجالات علم الأحياء بشكل استثنائي ولامست جميع نواحي الحياة. سيتغير الطب بتطوير علاجات طبقًا لنسخ من جينات المريض، وسيجتمع علم الأحياء بعلم التقنية سويًا لإنتاج أجهزة يمكن التحكم بها عبر الدماغ.
وستعتمد الاقتصادات على الإدارة الصحيحة للموارد البيئية، وموازنة احتياجات البشر عبر حفظها وصونها. وربما سنكتشف طرقًا لحفظ مياه المحيطات لاستخدامها في إنتاج كميات غذاء مناسبة لإطعام شعوبنا. ولربما أنشأنا بطاريات من البكتيريا أو أضأنا البنايات عبر الفطريات الضيائية (bioluminescent) أي عبر عملية الضيائية الحيوية. الاحتمالات لا تنتهي؛ وعلم الأحياء ماضٍ بنفسه.