استقلابيه (امراض)
Metabolic diseases - Maladies métaboliques
الاستقلابية (الأمراض ـ)
الاستقلاب metabolism هو مجموعة الأفعال الكيمياوية الحيوية والفيزيائية التي تحدث في خلايا الكائنات الحية فتفيد في تمثل مواد الأغذية والحصول منها على الطاقة اللازمة للجسم، كما تساعد على نمو هذه الكائنات وتجدد أنسجتها وصيانتها .
تتألف مواد الاستقلاب من السكريات والدسم والبروتينات، ويتواسط الأفعال الاستقلابية عدد من الإنظميات الخاصة، وتضبطها مجموعة من الهرمونات والفيتامينات والشوارد المعدنية. تجري أفعال الاستقلاب في جميع خلايا الجسم ولاسيما في الكبد والكلية.
تشمل أمراض الاستقلاب مجموعة من الأمراض تتسبب عن خلل في قدرة الجسم على القيام بفعالياته الكيمياوية السوية، ومن ثم إنتاج الطاقة اللازمة وبناء أنسجة الجسم وتجددها. وهذه الاضطرابات إما أن تكون خلقية وراثية، إذ تحدث أمراض استقلابية عدة بسبب عوامل وراثية تؤدي إلى إحصار أو تبدل في سبل الاستقلاب الكيمياوية الحيوية في الجسم يطلق عليها «أخطاء الاستقلاب الخلقية الوراثية»، وإما أن تكون مكتسبة تنتج من عوز اغتذائي أو مرض في الغدد الصم أو الكبد أو المعثكلة (البنكرياس).
وفيما يلي موجز عن أمراض الاستقلاب وأمثلة عليها :
العوز الغذائي: تحدث عدة أمراض استقلابية لنقص الوارد من الحريرات و البروتينات أو الفيتامينات أو المعادن أو الدسم. و لما كانت كميات الغذاء في الأقطار الفقيرة قليلة فإن الأطفال يصابون بسوء التغذية ولا سيما في مراحل ما بعد الفطام التي يكون النمو فيها سريعاً. يأخذ العوز الغذائي أحد شكلين: في الشكل الأول ينقص المتناول من الحريرات والبروتينات بقدر متساوٍ تقريباً، فيصاب الطفل في هذه الحالة بالسَغَل (الهزال) marasmus فيتدنى وزنه مع كثرة تعرضه للأخماج، وقد يشكو الطفل المصاب من تكررالإسهالات والتجفاف. يموت كثير من هؤلاء المصابين في السنتين أو الثلاث الأولى من العمر.
وفي الشكل الثاني يقل المتناول من البروتين في حين تكون الحريرات كافية فيصاب الطفل بالكُواَشَرْكُور kwashiorkor الذي ينقص فيه تركيز البروتين في الدم ويتورم الوجه واليدان والقدمان مع تبدلات في الجلد ولون الشعر الذي يصبح أحمر أو رمادياً. و تتطلب هذه الحالة معالجة عاجلة بالحموض الأمينية.
أما الفيتامينات فهي مركبات عضوية تفيد في الاستقلاب الخلوي ونمو الجسم، فإذا نقصت كمياتها أو ازدادت أصيب الجسم باضطرابات في بنيته أو وظائفه. ففي عوز الفيتامينات (أ) يحدث جفاف العين (نقص إفراز الدمع وجفاف الملتحمة ومن ثم جفاف القرنية وتلينها) والعمى الليلي وجفاف الجلد وثخانة الأغشية المخاطية. وفي عوز الفيتامين (ب1) تحدث اضطرابات قلبية (ضخامة القلب واسترخاؤه )، وعصبية (التهاب الأعصاب المحيطية). وفي عوز الفيتامين (ب2) يحدث اضطراب في الرؤية والتهاب في الجلد وفي ملتقى الشفتين مع فقر الدم. وفي عوز الفيتامين (ب6) تحدث الهيوجية irritabilityوالاختلاجات. وفي عوز الفيتامين (ب12) يحدث فقر الدم الضخم الأرومات megaloblastic anemia واضطرابات في الجملة العصبية . وفي عوز الفيتامين (ث) يحدث داء البثع scurvy، أي توذم اللثة ونزفها والآلام العضلية والمفصلية. وفي عوز الفيتامين (د) يصاب المريض بالكساح rickets (تشوهات في الهيكل العظمي مع ضعف المقوية العضلية واضطراب النمو، وفي الحالات الشديدة قد يحدث تكزز عضلي ونوب اختلاجية). وفي عوز الفيتامين (ك) تحدث أنزفة عند حديثي الولادة.
وإن لبعض الشوارد والمعادن الزهيدة أيضاً أهميتها في المحافظة على استتباب الجسم. ويؤدي عوز الصوديوم إلى الغثيان والإسهال والمَعَص العضلي cramp والتجفاف في حين تؤدي زيادة البوتاسيوم إلى إحصار القلب وتوقفه.
أمراض الغدد الصم وأمراض الكبد والكلية والمعثكلة (البنكرياس): تؤدي أمراض الغدد الصم إلى اضطرابات الاستقلاب إذا زادت كمية الهرمونات التي تفرزها الغدة المعنية أو نقصت. ففي قصور الغدة الدرقية مثلاً تنقص شدة الاستقلاب وتؤدي إلى اضطرابات جلدية وقلبية وعقلية، ونقص في النمو إذا حدثت الإصابة باكراً، في حين يزداد الاستقلاب في فرط نشاط الدرق ويؤدي إلى اضطرابات قلبية وجلدية ونقص الوزن. كما تتدخل الغدد الصم الأخرى كالنخامى وقشر الكظر والدريقات والخصية والمبيض في الاستقلاب فتؤدي أمراضها إلى اضطراباته.
تؤدي أمراض الكبد والصفراء إلى اضطرابات استقلابية، من هذه الأمراض التهاب الكبد بالفيروسات وتشمع الكبد وتليفه الذي يتلو الانسمام بالمركبات الهالوجينية وكذلك بالكحولية المزمنة التي تؤثر في الكبد مباشرة إضافة إلى نقص المتناول من البروتينات. كما تؤدي أمراض المرارة والطرق الصفراوية إلى تشكل حصيات مرارية تعيق جريان الصفراء إلى الأمعاء.
تؤدي أمراض الكلية إلى اضطرابات استقلابية، من هذه الأمراض التهاب الكبب والكلية وتشوهات الكلية والطريق البولي المفرغ الذي يؤدي إلى إعاقة جريان البول وبالتالي إلى تخريب النسيج الكلوي.
تفرز غدة المعثكلة عدداً من الهرمونات أهمها الأنسولين، الذي يؤدي نقصه إلى حدوث الداء السكري . وهو مرض استقلابي جهازي يصيب جميع الأعمار من الجنسين، يحدث فيه ارتفاع سكر الدم وظهور السكر في البول، ويؤدي فيما بعد إلى مضاعفات تصيب شبكية العين وأوعية الدماغ والقلب والكلية والطرفين السفليين. كما تفرز المعثكلة عدداً من الإنظيمات التي تفرز في الأمعاء فتساعد على استقلاب السكاكر والدسم والبروتينات ويؤدي نقصها إلى إسهالات دهنية متكررة.
أخطاء الاستقلاب الخلقية الوراثية: في عام 1908 صاغ العالم أ. جارود نظريته حول أخطاء الاستقلاب الخلقية الوراثية ووضع الأسس العامة لهذه الاضطرابات.
يبدأ الاضطراب الاستقلابي في الأيام أو الأسابيع الأولى من العمر وتميل الإصابة إلى أن تكون عائلية ويكثر حدوثها في الزواج بين الأقارب. وتنشأ هذه الاضطرابات عن إحصارات وراثية محددة في سبل الاستقلاب. فإذا افترض أن مركب (أ) يتحول في خطوات متتالية إلى مركبات (ب) و(ج) و(د) فإن أي خطوة في هذا التحول تحتاج إلى جملة إنظيمية خاصة. فإذا غاب أحد هذه الإنظيمات أو كان غير فعال (إحصار إنظيمي) تراكم المركب الذي يسبق موضع الإحصار مباشرة ونقص المركب الذي يلي الإحصار مباشرة. ويضبط إنشاء كل هذه الإنظيمات السابقة وعمله جينة مفردة خاصة.
ولقد وصف ما يقرب من مئتي اضطراب خلقي وراثي، وعلى الطبيب أن يحدد: أعراض المرض وعلاماته السريرية، وطبيعة الخلل الكيمياوي فيه، ونمط الوراثة في هذا الاضطراب ومنها إمكان كشف حَمَلَةِ المرض في عائلة المصاب، والفحوص المخبرية المناسبة لتأكيد التشخيص، ووضع المعالجة المناسبة.
وتذكر الغلاكتوزيمية (زيادة غلاكتوز الدم) مثالاً على هذه الاضطرابات، فهي مرض وراثي يتميز بعجز خلقي عن تحويل الغلاكتوز إلى غلوكوز بسبب نقص إنظيم غلاكتوز ـ1ـ فسفات بريديل ترانسفراز مما يؤدي إلى تراكم مركب غلاكتوز ـ1ـ فسفات (المركب الذي يسبق موضع إحصار الأنظيم مباشرة) الذي يحدث ساداً عينياً وأذية كبدية. كما ينقص تركيز الغلوكوز في الدم الذي يحدث تخلفاً عقلياً. تنتقل الغلاكتوزيمية صفةً جسمية متنحية recessive. فإذا تزاوج حاملان لهذه الصفة فأنجبا أربعة أطفال، أصيب أحدهم بالمرض وحمل اثنان هذه الصفة وبقي الرابع سوياً.
والدلالة المخبرية في هذا المرض وجود الغلاكتوز في البول وارتفاعه في الدم. ويؤكد التشخيص بإجراء اختبار كمي لإنظيم غلاكتوز ـ1ـ فسفات بريديل ترانسفراز في الكريات الحمر. وقد وضعت برامج ماسحة للتحري عن عوز هذا الإنظيم في الأطفال لكشف المرض وتدبيره قبل ظهور الأعراض السريرية، بحذف اللاكتوز والغلاكتوز من طعام المصابين (حليب خال من اللاكتوز).
اضطراب استقلاب الحموض الأمينية: وصفت عدة اضطرابات لاستقلاب الحموض الأمينية في البشر، منها ما يصيب كامل الجسم و منها مايصيب آلية النقل في الأغشية السطحية للأنابيب الكلوية أو الأمعاء. وقد عرف موضع الإحصار الاستقلابي وحدد نمط الوراثة فيه وكشف حَمَلة هذه الصفة وطورت الفحوص المخبرية الماسحة لمعرفة الأطفال المصابين وكشف الاضطراب في كريات الدم البيض. وقد بين استخدام هذه الفحوص على نطاق واسع بين الولدان أن اضطرابات استقلاب الحموض الأمينية لا تترافق جميعها بمرض سريري أو اضطراب عقلي. ونأخذ بيلة الفينيل كيتون والتيروزين مثالاً على هذا الاضطراب، فقد كشفت الدراسات الكيمياوية عن طبيعة اضطراب استقلاب الحمض الأميني فينيل ألانين إلى تيروزين، وأن غياب إنظيم فينيل ألانين هيدروكسيلاز يؤدي إلى بيلة الفينيل كيتون.
اضطراب نقل الحموض الأمينية: إن الخلايا الحية قادرة على أن تحافظ على تركيبها الداخلي مختلفاً عن محيطها الخارجي، فتنتقل الأملاح والسكاكر والحموض الأمينية بحرية إلى داخل الخلية وخارجها عبر غشائها بنقل فاعل بحسب مدروج gradient يتطلب طاقة تأتي من الفعالية الاستقلابية للخلية. وتقوم جينات خاصة بضبط آليات النقل النوعية لمواد الاستقلاب، أي إن جينة معينة تضبط مجموعة معينة من الحموض الأمينية. ويشمل الضبط الجيني مجموعات مختلفة من الخلايا، فاضطراب نقل الحموض الأمينية في بيلة السستين مثلاً يصادف في أنابيب الكلية وغشاء الأمعاء المخاطي. ومن الأمثلة المهمة على اضطراب نقل الحموض الأمينية: بيلة السستين التي يضطرب فيها نقل عدة حموض أمينية، وبيلة الأمينوغليسين الناجمة عن عيب في نقل الغليسين والبرولين والهيدروكسي برولين.
اضطراب استقلاب السكريات: تعد الغلاكتوزيمية وبيلة البنتوز وبيلة الفركتوز وأدواء خزن الغليكوجين وفقر الدم الانحلالي واضطراب استقلاب السكريات المعوي من أهم اضطرابات استقلاب السكريات الخلقية الناجمة عن عوز إنظيمي.
أدواء خزن الغليكوجين: مجموعة اضطرابات خلقية وعائلية تتصف بتوضع كميات كبيرة من الغليكوجين الشاذ في الأنسجة. فالغليكوجين هو الشكل الرئيس لخزن السكريات في الجسم، تتألف جزيئاته من سلاسل من وحدات ألفا ـ غلوكوز تصطف بشكل متفرع كأغصان الشجر. يتم تركيب الغليكوجين وتفككه في سلسلة متتالية من خطوات إنظيمية. يكون تركيب الغليكوجين سوياً في داء خزن الغليكوجين فيما يعرف بالنمط الأول والثاني والخامس والسادس، في حين يكون شاذاً فيما يعرف بالنمطين الثالث والرابع. يشكو المصاب في النمط الثاني من الضعف واسترخاء القلب ويموت قبل سن السنتين، في حين يصاب الأطفال في النمط الأول والثالث والرابع والسادس بضخامة في الكبد، أما في النمط الخامس فلا يستطيع المريض القيام بأي جهد إذ إن الغليكوجين لا يقوم بتزويد الجسم بالطاقة.
اضطراب استقلاب السكريات المعوي: تحوي الأمعاء الدقيقة عدداً من الأنظيمات الخاصة تقوم بتحطيم السكاكر المضاعفة إلى سكاكر أحادية، فإذا غابت إحدى هذه الأنظيمات أصيب الطفل بإسهال مزمن ولا يزيد وزنه في طفولته الباكرة. يقسم هذا المرض إلى نمطين: سوء امتصاص اللاكتوز الوراثي، وعدم تحمل ثنائي السكاريد الوراثي. يحدث في الأول عوز في إنظيم اللاكتاز المعوي يؤدي إلى عدم تحمل الأطفال المصابين حليب الأم أو البقر في حين يتحسن المصاب بتناول مشتقات الحبوب (قمح، ذرة ....) وإنقاص المتناول من السكر. وفي النمط الثاني يغيب إنظيم السكاراز (انفرتاز) و الايزومالتاز في الأمعاء فيصاب الطفل بالأعراض السابقة نفسها إلا أن السكر الذي لا يستطيع امتصاصه هو السكاروز .
كثيرات السكاريد المخاطية: يوجد صنفان من المركبات المعقدة هما: البروتيوكليكان والغليكوبروتينات، تتضمن جزيئاتها فروعاً سكرية منغرسة على جذع بروتيني. تقوم الغليكوبروتينات بوظائف مختلفة في الجسم إذ تدخل في تركيب جدر الخلايا والعظام ومفرزات المخاط، كما يسهل بعضها نقل الفيتامينات والدسم والمعادن و يتدخل بعضها الآخر في عمل الجملة المناعية. توجد عدة أمراض لهذه المعقدات تدعى أمراض كثيرات السكاريد المخاطية تنجم عن عيوب في الإنظيمات التي تدخل في تقويض الغليكوبروتين والبروتيوكليكان .
اضطراب استقلاب مواد أخرى:
الشحوم: تقع اضطرابات استقلاب الشحوم (الدسم) في مجموعتين، تتناول الأولى الشحوم في الدم في حين تتناول الثانية الشحوم المختزنة في مختلف أعضاء الجسم ونسجه.
تنتقل معظم مواد الاستقلاب (سكاكر، حموض أمينية، معادن...) من مكان إلى آخر في الجسم بوساطة الدم الذي تنحل فيه، في حين لاتستطيع الشحوم المرتبطة التي لا تنحل في الماء أو في المصورة الدموية (بلزما) plasma أن تنتقل إلا إذا تشاركت مع حامل بروتيني. توجد عدة أصناف من هذه المركبات المشاركة تدعى البروتينات الشحمية (ليبوبروتينات) يتميز بعضها من بعض بخصائصه الفيزيائية وطريقة تشكله ونقله وتخربه النهائي. يتعرض استقلاب هذه المركبات إلى عيوب استقلابية عدة أصبحت معروفة بوصفها أسباباً لأمراض استقلابية نوعية.
ومن بين الشحوم المختزنة توجد كميات كبيرة من الشحميات السكرية (غليكوليبيد) والشحميات الفسفورية (فسفوليبيد) لها تركيب خاص يدعى السيراميد ceramide. وقد تحدث أمراض استقلابية خلقية بسبب عوز الإنظيمات التي تدخل في تقويض مركبات السيراميد والسفنفوزين والشحوم فتؤدي إلى اختزانها، ومن بين هذه الأمراض: داء غوشر Gaucher’s disease وهو مرض وراثي يبدأ في سن الطفولة ويترقى ببطء شديد. من أعراضه ضخامة الطحال وتلوّن اللحف بلون أصفر وفقر الدم وتأخر النمو النفسي الحركي، وداء نيمان ـ بيك Niemann -Pick وهو آفة ولادية أسرية في غالب الأحيان، تصيب الرضع في الشهر الثالث أو الرابع من العمر، وتتصف بضخامة الكبد والطحال والعقد اللمفية وتوقف النمو وظهور اضطرابات هضمية ونفسية، وداء تاي ـ ساكس Tay-Sachs، وهو مرض وراثي تظهر أعراضه في الشهر الخامس من العمر وتتسم بتأخر عقلي وحركي متدرج وفقدان الرؤية وحدوث نوبات تشنجية، وداء فابري Fabry، ويسمى أيضاً التقرن keratosis الوعائي الجسمي المنتشر وهو علة وراثية تصيب الذكور وتتصف بظهور حطاطات papules صغيرة في منطقة الحوض مع تشوش الحس paresthesia وآلام عظمية عضلية واضطرابات عينية وآفات حشوية خطرة، وغيرها من الأمراض.
البرفيرية والأصبغة الصفراوية: توجد في الجسم عدة مواد تتدخل في نقل الأكسجين واستهلاكه، منها الخضاب (هيموغلوبين) والغلوبين العضلي (ميوغلوبين) وإنظيمات تنفسية أخرى هي البرفيرينات. فالبرفيرينات مركبات معقدة تحوي ذرة معدنية هي الحديد في العادة. تتشكل هذه المركبات في سلسلة من التحولات الكيمياوية الحيوية تحتاج كل مرحلة منها إلى إنظيم خاص، فإذا اكتمل إنشاء البرفيرين وقام بعمله تماماً عاشت الكرية الحمراء مايقرب من ثلاثة أشهر ثم تتحطم بفعل إنظيمات أخرى متحولةً إلى بيلروبين وأصبغة أخرى تطرح خارج الجسم. أما إذا حدث عوز في الإنظيمات التي تتوسط هذه السبل الاستقلابية حدثت البرفيرية أو اليرقان. فعوز إنظيم غلوكورونيل ترانسفراز سبب لإخفاق تحول صباغ البيلروبين إلى نواتجه فيرتفع مقداره في الدم ويحدث يرقاناً دائماً.
وتوجد حالات أكثر شدة تدعى اليرقان الولادي اللاانحلالي (داء غريغلر ـ نجار) تؤدي إلى يرقان شديد منذ الأيام الأولى للولادة وتميت الطفل في السنة الأولى من العمر.
اضطراب استقلاب البورين purine والبريميدين pyrimidine: تقوم النوكليوتيدات كالأدينوزين ثلاثي الفسفات ATP بوظائف لا تحصى في الجسم. وقد يطرأ على استقلاب الحموض النووية إحصارات تتسبب عن عوز أي من الإنظيمات التي تتواسط هذا الاستقلاب فيؤدي إلى اضطرابات فيزيولوجية. تعد النوكليوتيدات مشتقات للبورين والبريميدين.
يؤدي اضطراب استقلاب البورين إلى متلازمة ليش نيهان Lesch- Nyhan syndrome (وهي علة وراثية تشاهد في الذكور وحدهم، وأوضح اضطراباتها تشويه المريض لذاته بعضّه لسانه وشفتيه وأصابعه، وظهور حركات لا إرادية في الأطراف والوجه إضافة إلى التخلف العقلي) وإلى بيلة الكزانتين. في حين يؤدي اضطراب استقلاب البريميدين إلى بيلة حمض الأوروتي orotic aciduria. فالنقرس يتسبب عن اضطراب إنظيمي يؤدي إلى زيادة تركيب البورين الذي يحدث هجمات من التهاب مفصلي حاد وحيد المفصل يصيب الرجال عادة، وأكثر المفاصل إصابة المفصل المشطي السلامي الأول للقدم وكذلك الكاحل والعقب والركبة. تتحرض الهجمات بالرض والكحول وإفراط الطعام والأخماج. وقد يكون هذا المرض تالياً لنقص إطراح حمض البول في الكلية كما في القصور الكلوي المزمن واستعمال المدرات الثيازيدية وغيرها.
محمد خير الحلبي