بعض أنواع بكتيريا الإشريكية القولونية تحافظ على سلامة الأمعاء، في حين إن بعض الأنواع الأخرى تسبب الالتهاب.
إن الإشريكية القولونية (المعروفة ب E. coli) هي نوع من البكتيريا، تعيش عادة في أمعاء البشر والحيوانات وتساعد في الحفاظ على صحة أمعائنا، ومع ذلك يمكن أن تسبب أحيانًا التهابًا شديدًا، وذلك وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها .
إن أنواع الإشريكية القولونية التي تسبب الالتهابات الشديدة والضارة في الولايات المتحدة، تُنتج سُمًا يُسمى (Shiga)، وتُسمى E.coli المنتجة للشيغا (STEC) Shiga-toxin-producing E.coli ، والسلالة الأكثر شيوعًا في أمريكا الشمالية لـ STEC هي E.coli O157: H7 (ورمزها E.coli O145، أو O145).
وتُقدر مراكز السيطرة على الأمراض أن 265,000 أمريكي يُصاب بـ STEC كل عام، ينتج عنها 3600 حالة دخول إلى المستشفى، و30 حالة وفاة.
تعدّ الإشريكية القولونية المُنْتِجة للذِّيفانِ المِعَوِيّ (ETEC)، أحد الأسباب الرئيسية للإسهال المُسمّى بـ “إسهال المسافر”، والذي سببه قدوم المسافرين من المناطق المتقدمة إلى المناطق الأقل تطورًا، وهذا وفقًا لجامعة إيموري (Emory University).
وتُقدّر مراكز السيطرة على الأمراض أن من 30 إلى 70 في المئة من المسافرين تعتمد إصابتهم على وجهة السفر، وتوقيته خلال السنة، وتعدّ مناطق مثل أمريكا اللاتينية، وأفريقيا، وآسيا من أكثر المناطق التي يمكن فيها لـ ETEC أن تتطور لدى المسافرين.
في جميع أنحاء العالم، وفي السنة الواحدة يُتوقع أن ETEC تصيب ما لا يقل عن 280 مليون إلى 400 مليون طفل تحت سن الخامسة، خاصة في البلدان النامية، فالأطفال دون سن الخامسة عادة ما يتصفون بضعف المناعة الطبيعية، وذلك وفقًا لجامعة إيموري.
في حين إن الإشريكية القولونية يمكن أن تنتشر وتدخل الجسم بطرق مختلفة، فإن حوالي 85 بالمئة من العدوى تأتي من الغذاء، وذلك وفقًا لجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، إذ قد تصبح اللحوم ملوثة بالبكتيريا من أمعاء الحيوانات، وذلك أثناء ذبحها، أو تحضيرها، ويمكن أيضًا أن تكون بعض المأكولات الطازجة ملوثة بالبكتيريا إذا كانت قريبة من مصدر مياه ملوثة، تمامًا كما في عام 2018 عندما انتشرت الإشريكية القولونية على الخس.
المسبّبات
من الممكن أن تنتقل السلالات الضارة من الإشريكية القولونية إلى الجسم عن طريق الأغذية الملوثة، مثل لحم البقر غير المطهو جيدًا، كذلك من الجبن المصنّع من الحليب الخام، ومن المنتجات الطازجة والحبوب، أو حتى المشروبات مثل الحليب غير المبستر، والمياه الملوثة وعصير الفواكه، وذلك وفقًا لقسم الخدمات الصحية والإنسانية الأمريكي.
يمكن أن تنتقل أيضًا بسبب عدم غسل اليدين بعد لمس الحيوانات (خاصة المواشي)، أو الأشخاص، أو الأسطح الملوثة بهذه البكتيريا الضارة، وقد تؤدي أيضًا السباحة في المياه الملوثة إلى الإصابة بالإشريكية القولونية خاصة إذا تم ابتلاع الماء.
وعلى الرغم من أن بكتيريا الإشريكية القولونية يمكن أن تصيب أي شخص، يعدّ الأطفال الصغار وكبار السن، والذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، أو انخفاض مستويات حمض المعدة، أكثر عرضة للإصابة بها، وفقًا لما ذكرته عيادات مايو (Mayo Clinic).
الأعراض
ووفقًا لـ UCSF، تظهر أعراض الإصابة بالإشريكية القولونية عادة من يوم إلى ثمانية أيام وذلك بعد تناول الطعام، أو المشروبات الملوثة، إذ يعاني المصاب بها الإسهال، وتقلصات المعدة، وقد يعاني أيضًا من الغثيان، والقيء، والحمى.
ويمكن أن تؤدي إلى متلازمة انحلال الدم اليوريمي (HUS)، وهي حالة تشكل خطرًا على حياة المريض، إذ إن (HUS) يعني تدمير خلايا الدم الحمراء الذي يؤدي إلى الفشل الكلوي، ومن الجدير بالذكر أن 5 إلى 10 في المئة من الأشخاص المصابين ب STEC يمكن أن تجعلهم حالة HUS أكثر سوءًا، وذلك وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض، وقد تشمل الأعراض انخفاضًا في معدل التبول، والخمول، وفقدان اللون الوردي في الخدود وداخل الأجفان، وينصح الخبراء بشدة بالبحث عن علاج طبي فوري إذا ظهرت أي من هذه الأعراض.
ووفقًا لـ UCSF تعدّ الإشريكية القولونية مسؤولة أيضًا عن حوالي 90 في المئة من التهابات الجهاز البولي (UTI)، وتشمل أعراض التهاب المسالك البولية الرغبة القوية في التبول، وحرقة عند التبول.
ويوصف البول بأنه غائم أو ذو رائحة قوية، ووفقًا لعيادات مايو فإن النساء، خاصة ذوات النشاط الجنسي الكثير، هن أكثر عرضة لالتهابات المسالك البولية بسبب قُصر طول الإحليل Urethra، وقرب مجرى البول إلى فتحة الشرج.
التشخيص والعلاج
وفقًا لعيادات مايو (Mayo Clinic)، يقوم الأطباء بتشخيص بكتيريا الإشريكية القولونية عن طريق فحص عينات البراز والسموم التي أنتجتها البكتيريا.
ولا يتم علاج المصاب بالإشريكية القولونية عادة بالمضادات الحيوية إلا إذا كانت الإصابة خارج الأمعاء، كعلاج التهاب المسالك البولية مثلًا، والسبب في هذا كما تقول سارة فانكهاوزر (Sarah Fankhauser)، عالمة الأحياء الدقيقة في كلية أكسفورد بجامعة إيموري في جورجيا: «يمكن للمضادات الحيوية أن تقتل البكتيريا المفيدة الأخرى في الأمعاء، ما يسمح ذلك بزيادة فرص نمو الإشريكية القولونية».
كما أوصى الأطباء بعدم تناول دواء مضادات الإسهال لعلاج الأعراض، وذلك لأن الدواء يمكن أن يبطئ الجهاز الهضمي، ويمنع الجسم من إزالة السموم التي تنتجها الإشريكية القولونية، إذ إن معظم البالغين، والذين يتمتعون بصحة جيدة، عادة ما يتعافون من العدوى في غضون أسبوع تقريبًا مع قسط من الراحة وشرب كميات من السوائل لتجنب الجفاف.
الوقاية
هناك عدة طرق يمكن من خلالها الوقاية من الإصابة بالإشريكية القولونية الضارة، وفقًا لـ UCSF:
- غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون بعد استخدام الحمام، وبعد تغيير الحفاضات، وبعد التعامل مع الأشخاص المصابين، وقبل تناول الطعام، وبعد ملامسة حيوانات المزارع.
- غسل المنتجات الطازجة بشكل صحيح، وطهو اللحوم بدرجة حرارة آمنة، وأيضًا تخزين الطعام في الثلاجة أو المجمِّد، وإذابة الطعام في الثلاجة أو الميكروويف.
- الحفاظ على نظافة الأماكن التي يتم تحضير الطعام فيها باستخدام الماء الساخن والصابون، أو المطهّر، وغسل الأيدي وألواح التقطيع والأواني وأي شيء آخر يكون اللحم النيىء قد لامسه، والاحتفاظ دائمًا باللحوم النيئة منفصلة عن اللحوم المطبوخة والأطعمة الأخرى.
- شرب وأكل المنتجات المبسترة، بما في ذلك الحليب والعصير والجبن.
- تجنب ابتلاع الماء عند السباحة في بركة أو بحيرة أو أي جسم آخر من الماء.
- يجب على المصابين بالإسهال تجنب السباحة في الأماكن العامة، أو مشاركة الحمام، أو إعداد الطعام للآخرين لتجنب انتشار العدوى.
إن أمراض الإسهال، بما في ذلك تلك التي تسببها الإشريكية القولونية، هي قضية صحية في جميع أنحاء العالم، إذ يتم تطوير اللقاحات لتقليل عدد الإصابات، وعدد الوفيات، خاصة بين الأطفال الصغار بسبب المضاعفات المرتبطة بالأمراض.
وفي مقالة نُشرت في عام 2018 في مجلة “الحدود في علم الأحياء الدقيقة”، تم الحديث فيها عن محاولة الباحثين على مدى العقود العديدة الماضية اتباع مجموعة متنوعة من الأساليب، وذلك لتطوير لقاحات فعالة للإشريكية القولونية.
وقالت فانكهاوزر: «طوّر العلماء حتى الآن لقاحات بدائية لإسهال المسافرين، لكنها ليست فعالة كما يجب، وتؤثر ضد بعض السلالات المحددة فقط».
وتجري حاليًا بحوث جديدة واعدة عن اللقاح، إذ سيتم تطوير لقاحات ضد الإشريكية القولونية اعتمادًا على فصيلة دم المصاب.
أجريت دراسة ونُشرت في عام 2018 في مجلة التحقيق السريري (The Journal of Clinical Investigation) وبينت أن شدة الأعراض التي تسببها عدوى الإشريكية القولونية مرتبطة بنوع دم المصاب.
وقد طور فريق آخر من الباحثين في الولايات المتحدة وأوروبا لقاحًا لمنع التهاب المسالك البولية التي تسببها الإشريكية القولونية، وقد أوضحت الدراسة الأولية التي أجراها هذا الفريق والتي تم نشرها في عام 2017 في مجلة لانسيت للأمراض المعدية (The Lancet Infectious Diseases)، أن لقاحها آمن وقد خفّض عدد حالات التهاب الجهاز البولي UTI لدى أكثر من 30 مريضة.