غونتشاروف (ايفان)
Gontcharov (Ivan Alexandrovitch-) - Gontcharov (Ivan Alexandrovitch-)
غونتشاروڤ (إيڤان -)
(1812-1891)
ولد إيڤان ألكسندروڤيتش غونتشاروڤ Ivan Aleksandrovitch Gontcharov في بلدة سيمبيرسك Simbirsk لأسرة تجّار إقطاعية. توفي والده ولمّا يتجاوز السابعة من العمر، فتربى في كنف والدته، حيث بدأ تعلم اللغات الأجنبية، وانكبّ على قراءة الأعمال الأدبية الكلاسيكية الروسية والعالمية. انتقل عام 1822 إلى موسكو وبدأ الدراسة في الثانوية التجارية، وبعد ثمانية أعوام غادرها قبل إنهاء الدراسة لينتسب إلى كلية الآداب في جامعة موسكو. وبعد التخرج بدأ حياته الوظيفية مترجماً في وزارة المالية في بطرسبورغ.
استهل غونتشاروڤ نشاطه الأدبي بروايته المعروفة «قصة عادية» Une histoire ordinaire التي بدأها عام 1844 ونشرها عام 1847 في مجلة «سوڤريمينيك» (المعاصر)، فلفت أنظار القراء والنقاد على السواء. يتناول الكاتب في روايته هذه موضوع الحنين الرومنسي في ظل ولادة المجتمع البرجوازي في روسيا الإقطاعية، ويصور بداية تسرب صخب حياة المدينة إلى أعشاش النبلاء الهادئة.
نشر غونتشاروڤ في عام 1849 الفصل الأول من روايته الثانية «أبلوموڤ» Oblomov في مجلة «المعاصر» تحت عنوان «حلم أبلوموڤ» Le Songe d‘Oblomov فلقي ترحيب القراء، مما شجع الكاتب على متابعة الرواية، لكن لم يتمكن من إنجازها لأسباب عدة، فاضطر إلى تأجيلها. ومن هذه الأسباب عودته إلى مسقط رأسه، ومن ثم مشاركته في رحلة بحرية حول العالم استغرقت ثلاث سنوات، وشملت شواطئ أوربا وإفريقيا وجاوا والصين واليابان وغيرها. نشر وقائع هذه الرحلة ومشاهداته فيها، وانطباعاته عن الشعوب والأقوام التي تعرفها، في كتاب يحمل عنوان «الفرقاطة بالادا» Fregat Pallada عام (1858) صدر في مجلدين.
تعد «أبلوموڤ» واحدة من أمهات الروايات في الأدب الكلاسيكي الروسي، حتى إن اسم بطلها أبلوموڤ دخل مفردات اللغة الروسية، وأصبح مرادفاً لكلمة الخامل والكسول؛ إذ يجسد شخصية إقطاعي روسي، يعيش في العاصمة من الريع الذي تدره عليه ضيعته الإقطاعية، حيث يعمل العبيد الأرقاء، وهو يصل الليل بالنهار مستلقياً على الأريكة لا يحرك ساكناً. تجوب أفكاره وحدها جدران الغرفة وسقفها، أما أحلامه وخططه فتبقى حبيسة رأسه، يئدها كسله، ويغتالها عجزه وضعف عزمه، فلا يلبث أن يجد نفسه معزولاً عن المجتمع، متقوقعاً على ذاته، وقد انحصرت كل مسرات حياته في أشياء ثلاثة: الثياب المنزلية، الحذاء والأريكة. وفجأة يبدو وكأن بصيص أمل يتوهج، فها هو أبلوموڤ يُحبّ، فيشعر أن السعادة الحقيقية تكمن في الانخراط في لجة الواقع، الذي يمور بالحركة والنشاط، لا في الابتعاد عن هذا الواقع، بيد أن هذه الصحوة لم تعمر طويلاً، ولم يلبث هذا البصيص أن راح يخبو ويتلاشى. حتى الحب، هذه العاطفة النبيلة السامية، لم تستطع انتشاله من السبات الدائم، فيعود إلى حياة التقوقع وإلى نشاطه المفضل النوم الموصول بالنوم.
بعد روايته «أبلوموڤ» والتقاعد من العمل الوظيفي، أنجز غونتشاروڤ روايته الثالثة الأخيرة «الجرف»La Falaise عام (1869) التي كان قد بدأها قبل عشرين عاماً. وعن هذه الرواية يقول الكاتب نفسه: «هذه الرواية هي حياتي، فيها وضعت جزءاً من ذاتي، ومن ذوات أقرب الناس إلي، وفيها وضعت وطني والأماكن العزيزة على قلبي».
عاش الكاتب عشرين عاماً أخرى، بعد صدور هذه الرواية، كتب فيها كثيراً من المقالات والدراسات والذكريات القلمية. وتعد روايات غونتشاروڤ «قصة عادية»، «أبلوموڤ» و«الجرف» ثلاثية روائية يجمع بينها خيط مشترك، وفكرة ناظمة تحركها، وهي وصف الانتقال من المجتمع الإقطاعي - العبودي إلى المجتمع البرجوازي - الرأسمالي. وفي سنواته الأخيرة لم يخف الكاتب تعاطفه مع النظام الرأسمالي، الذي بدأ يطرق الأبواب، وعزوفه عن أفكار الديمقراطية الثورية، التي كانت تعصف بروسيا في تلك الآونة.
هاشم حمادي
Gontcharov (Ivan Alexandrovitch-) - Gontcharov (Ivan Alexandrovitch-)
غونتشاروڤ (إيڤان -)
(1812-1891)
ولد إيڤان ألكسندروڤيتش غونتشاروڤ Ivan Aleksandrovitch Gontcharov في بلدة سيمبيرسك Simbirsk لأسرة تجّار إقطاعية. توفي والده ولمّا يتجاوز السابعة من العمر، فتربى في كنف والدته، حيث بدأ تعلم اللغات الأجنبية، وانكبّ على قراءة الأعمال الأدبية الكلاسيكية الروسية والعالمية. انتقل عام 1822 إلى موسكو وبدأ الدراسة في الثانوية التجارية، وبعد ثمانية أعوام غادرها قبل إنهاء الدراسة لينتسب إلى كلية الآداب في جامعة موسكو. وبعد التخرج بدأ حياته الوظيفية مترجماً في وزارة المالية في بطرسبورغ.
استهل غونتشاروڤ نشاطه الأدبي بروايته المعروفة «قصة عادية» Une histoire ordinaire التي بدأها عام 1844 ونشرها عام 1847 في مجلة «سوڤريمينيك» (المعاصر)، فلفت أنظار القراء والنقاد على السواء. يتناول الكاتب في روايته هذه موضوع الحنين الرومنسي في ظل ولادة المجتمع البرجوازي في روسيا الإقطاعية، ويصور بداية تسرب صخب حياة المدينة إلى أعشاش النبلاء الهادئة.
نشر غونتشاروڤ في عام 1849 الفصل الأول من روايته الثانية «أبلوموڤ» Oblomov في مجلة «المعاصر» تحت عنوان «حلم أبلوموڤ» Le Songe d‘Oblomov فلقي ترحيب القراء، مما شجع الكاتب على متابعة الرواية، لكن لم يتمكن من إنجازها لأسباب عدة، فاضطر إلى تأجيلها. ومن هذه الأسباب عودته إلى مسقط رأسه، ومن ثم مشاركته في رحلة بحرية حول العالم استغرقت ثلاث سنوات، وشملت شواطئ أوربا وإفريقيا وجاوا والصين واليابان وغيرها. نشر وقائع هذه الرحلة ومشاهداته فيها، وانطباعاته عن الشعوب والأقوام التي تعرفها، في كتاب يحمل عنوان «الفرقاطة بالادا» Fregat Pallada عام (1858) صدر في مجلدين.
تعد «أبلوموڤ» واحدة من أمهات الروايات في الأدب الكلاسيكي الروسي، حتى إن اسم بطلها أبلوموڤ دخل مفردات اللغة الروسية، وأصبح مرادفاً لكلمة الخامل والكسول؛ إذ يجسد شخصية إقطاعي روسي، يعيش في العاصمة من الريع الذي تدره عليه ضيعته الإقطاعية، حيث يعمل العبيد الأرقاء، وهو يصل الليل بالنهار مستلقياً على الأريكة لا يحرك ساكناً. تجوب أفكاره وحدها جدران الغرفة وسقفها، أما أحلامه وخططه فتبقى حبيسة رأسه، يئدها كسله، ويغتالها عجزه وضعف عزمه، فلا يلبث أن يجد نفسه معزولاً عن المجتمع، متقوقعاً على ذاته، وقد انحصرت كل مسرات حياته في أشياء ثلاثة: الثياب المنزلية، الحذاء والأريكة. وفجأة يبدو وكأن بصيص أمل يتوهج، فها هو أبلوموڤ يُحبّ، فيشعر أن السعادة الحقيقية تكمن في الانخراط في لجة الواقع، الذي يمور بالحركة والنشاط، لا في الابتعاد عن هذا الواقع، بيد أن هذه الصحوة لم تعمر طويلاً، ولم يلبث هذا البصيص أن راح يخبو ويتلاشى. حتى الحب، هذه العاطفة النبيلة السامية، لم تستطع انتشاله من السبات الدائم، فيعود إلى حياة التقوقع وإلى نشاطه المفضل النوم الموصول بالنوم.
بعد روايته «أبلوموڤ» والتقاعد من العمل الوظيفي، أنجز غونتشاروڤ روايته الثالثة الأخيرة «الجرف»La Falaise عام (1869) التي كان قد بدأها قبل عشرين عاماً. وعن هذه الرواية يقول الكاتب نفسه: «هذه الرواية هي حياتي، فيها وضعت جزءاً من ذاتي، ومن ذوات أقرب الناس إلي، وفيها وضعت وطني والأماكن العزيزة على قلبي».
عاش الكاتب عشرين عاماً أخرى، بعد صدور هذه الرواية، كتب فيها كثيراً من المقالات والدراسات والذكريات القلمية. وتعد روايات غونتشاروڤ «قصة عادية»، «أبلوموڤ» و«الجرف» ثلاثية روائية يجمع بينها خيط مشترك، وفكرة ناظمة تحركها، وهي وصف الانتقال من المجتمع الإقطاعي - العبودي إلى المجتمع البرجوازي - الرأسمالي. وفي سنواته الأخيرة لم يخف الكاتب تعاطفه مع النظام الرأسمالي، الذي بدأ يطرق الأبواب، وعزوفه عن أفكار الديمقراطية الثورية، التي كانت تعصف بروسيا في تلك الآونة.
هاشم حمادي