غوغول (نيكولاي فاسيليفيتش)
Gogol (Nikolai Vasilievich-) - Gogol (Nikolai Vasilievich-)
غوغول (نيكولاي ڤاسيليڤيتش -)
(1809-1852)
نيكولاي ڤاسيليڤيتش غوغول Nikolay Vasilyevich Gogol قاص وروائي ومسرحي روسي. ولد في قرية سوروتشينتسي الكبرى Velikiye Sorochintsy بمقاطعة بولتافا Poltava في أوكرانيا، لأسرة من النبلاء المحدثين وصغار ملاكي الأراضي. قضى طفولته في ضيعة والديه، وكان أبوه يكتب مسرحيات هزلية وأشعاراً باللغة الأوكرانية. انتسب غوغول إلى مدرسة العلوم العليا في مدينة نيجِن Nezhin وتخرج فيها في عام 1828. وقد أبدى في أثناء دراسته اهتماماً بالأدب والرسم وموهبة في التمثيل، وميلاً إلى التفكير الحر ومقاومة الظلم الاجتماعي. انتقل بعد التخرج إلى العاصمة بطرسبورغ، ونشر هناك عام 1829 قصيدة رعوية بعنوان «هانتس كوخلغارتن» Hans Küchelgarten، باسم مستعار، فأثارت استهجان النقاد، مما دفعه إلى السفر إلى ألمانيا، ولكنه ما لبث أن عاد إلى بطرسبورغ. لم يفلح في محاولته امتهان التمثيل، فعمل موظفًا في دوائـر حكوميـة مدنيـة في الأعوام 1829-1831، وتعرف في أثناء ذلك بعض الأدباء الروس، وأشهرهم الشاعر بوشكين Pushkin. وكان غوغول قد بدأ منذ عام 1830 بنشر أعماله الأدبية تباعاً في الصحف الروسية. عيّن معلماً للتاريخ في «المعهد الوطني» ثم صار أستاذاً مساعداً في كلية التاريخ العام في جامعة بطرسبورغ. ومن أشهر أبحاثه في تاريخ العصور الوسطى محاضرته عن الخليفة «المأمون» التي حضرها الشاعران بوشكين وجوكوفسكي Jukovsky. ولكنه سرعان ما عزف عن التدريس وترك الجامعة ونذر نفسه للإبداع الأدبي.
سافر غوغول في عام 1836 إلى أوربا وتنقّل بين مدنها حتى عام 1848، وقضى معظم هذه المدة في روما حيث تعرف عدداً من الرسامين الروس وأشهرهم ألكسندر إيڤانوڤ A.Ivanov. لم يزر الوطن في أثناء ذلك سوى مرتين. عانى في سِنيّ حياته الأخيرة أمراضاً جسدية ونفسية مضنية أدت إلى وفاته المبكرة في موسكو.
اشتُهر غوغول كاتبًا مجدداً في الأدب الروسي بعد صدور مجموعته القصصية الأولى «أمسيات في القرية قرب ديكانكا»Evenings on a Farm Near Dikanka ما بين (1831-1832) التي صور فيها بأسلوب مبتكر وبلغة رشيقة ولوحات زاهية الحياة الشعبية في الريف الأوكراني بكل ما فيها من أفراح وأتراح وعادات ومعتقدات، وتختلط فيها الحكمة والبساطة والصدق بالتخيلات الجامحة والتصورات السحرية التي تتخذ طابع الواقع الشعري الرومنسي.
اتسع نطاق شهرة غوغول في عالم الأدب بإصداره مجموعته الثانية «ميرغورود» Mirgorod عام (1835) التي احتوت على قصته الشهيرة «تاراس بولبا» Taras Bulba المستلهمة من تاريخ الشعب الأوكراني ونضال القوزاق البطولي في القرنين السادس عشر والسابع عشر للتحرر من نير التسلط البولوني. ومن قصص المجموعة: «ملاكون من الزمن القديم» و«قصة شجار إيـڤان إيـڤانوڤيتش وإيـڤان نيكيفوروڤتش» التي صور فيها بسخرية لاذعة تفاهة حياة ملاكي الأراضي والموظفين الحكوميين في مدينة ميرغورود. وأصدر غوغول في العام نفسه مجموعة «أرابسك» Arabesques التي تضم «شارع نيڤسكي» Nevsky Prospect و«اللوحة» و«مذكرات مجنون» ومقالات ونصوصاً منوعة.
نشر غوغول في عام 1836 في مجلة «المعاصر» Sovremennik، التي كان يصدرها بوشكين، قصَّتَي «الأنف» The Nose و«العربة» The Carriage، وفي عام 1842 قصة «المعطف» The Overcoat. وقد عدّ النقاد مجموعة «أرابسك» وقصتي «الأنف» و«المعطف» أهم قصصه وأشهرها وأطلقوا عليها اسم «القصص البطرسبورغية»، لأن موضوعاتها مستمدة من مظاهر الحياة في بطرسبورغ ويجمع بينها المضمون العام والمغزى الاجتماعي والخواص الفنية، وتسيطر فيها موضوعةٌ مشتركةٌ تتمثل في التصادم بين حلم الانسان وواقعه، وفي اتساع الفروق الاجتماعية بين الناس البسطاء الفقراء المستضعفين والأثرياء ذوي النفوذ والسطوة.
كتب غوغول مسرحيات كوميدية ناقدة عدة، من أشهرها مسرحية «الزواج» The Wedding ما بين (1833-1835) ونشرت في مجموعة المؤلفات لعام 1842، كما كتب مقاطع درامية ومشاهد مسرحية متفرقة عدة. وأهم أعماله الدرامية مسرحية «المفتش العام» The Inspector General عام (1835) التي فضح فيها المفاسد والعيوب ضمن الجهاز الحكومي الرسمي في روسيا القيصرية مما أثار غضب الأوساط الحاكمة وألَّبَ النقاد المحافظين عليه، وكانت هذه الحملة المعادية السبب المباشر في مغادرته روسيا.
عكف غوغول في روما على متابعة الكتابة في عمله الإبداعي الرئيسي وهو رواية «النفوس الميتة» Dead Souls التي أطلق عليها اسم «قصيدة» Poem وأنهى كتابة الجزء الأول منها في عام 1840، وأصدره في العام 1842، وعرض فيه شخصيات نموذجية عدة تمثل طبقة ملاكي الأراضي بكل ما يتصفون به من خواء روحي وتفسخ أخلاقي، وما يبدونه من استهانة بحياة الفلاحين الأقنان، وكيف يتصرفون بمصائرهم. وصور غوغول في شخصية البطل الرئيسي في الرواية «تشيتشيكوڤ» نموذج رجال الأعمال الفاسدين الذين أفرزهم النظام الرأسمالي الوليد في روسيا آنذاك، فاستغلوا ببراعة ودهاء ظروف انحلال النظام الإقطاعي القنانيّ، وفساد أجهزة الحكم والإدارة، ومارسوا أساليب مبتكرة في الاحتيال سعيًا وراء الثراء السريع. وعمد غوغول في الجزء الثاني من الرواية إلى تصوير شخصيات إيجابية فلم يفلح في ذلك. وأحرق المخطوطة في ذروة أزمة نفسية عام 1845.
أصدر غوغول في عام 1847 كتاباً بعنوان «مقاطع مختارة من المراسلات مع الأصدقاء» Selected Passages from Correspondence With Friends تخلى فيه عن آرائه الليبرالية الناقدة وطرح وجهات نظر محافظة ورجعية، فهاجمه الناقد بلنسكي Belinski بعد أن كان قد امتدح أعماله السابقة بحماسة بالغة. وعاد غوغول في العام 1848 إلى كتابة الجزء الثاني من رواية «النفوس الميتة» من جديد، وفرغ منه في عام 1851، لكنه عاد وأحرقه ثانية قبل وفاته بعشرة أيام، ولم يبقَ من هذا الجزء سوى مسودة الفصول الخمسة الأولى.
يعد غوغول من أكبر الكتّاب الروس، وأحد أشهر الكتاب الساخرين في العالم. وقد أجمع النقاد على كونه مؤسس المذهب الواقعي النقدي الساخر في الأدب الروسي. تأثر بالشاعر ألكسندر بوشكين الذي أوحى إليه بموضوعي مسرحية «المفتش العام» التي لا تزال تعرض حتى اليوم على خشبات المسارح في مختلف بلدان العالم، ورواية «النفوس الميتة» التي هزت روسيا بكاملها. وأثّر غوغول في كبار الكتاب الروس الذين أتـوا بعده من أمثال إيڤان تورغينيڤ Turgeniev وسلطيكوڤ شيدرين Saltikov Shedrin وليڤ تولستوي Tolstoi وفيودور دستويڤسكي Dostojevsky الذي قال مرة: «كلنا خرجنا من معطف غوغول» مشيراً بهذه التورية إلى قصة غوغول الشهيرة «المعطف». ترجمت أعمال نيكولاي غوغول إلى لغات عالمية كثيرة، ومنها العربية.
عدنان جاموس
Gogol (Nikolai Vasilievich-) - Gogol (Nikolai Vasilievich-)
غوغول (نيكولاي ڤاسيليڤيتش -)
(1809-1852)
سافر غوغول في عام 1836 إلى أوربا وتنقّل بين مدنها حتى عام 1848، وقضى معظم هذه المدة في روما حيث تعرف عدداً من الرسامين الروس وأشهرهم ألكسندر إيڤانوڤ A.Ivanov. لم يزر الوطن في أثناء ذلك سوى مرتين. عانى في سِنيّ حياته الأخيرة أمراضاً جسدية ونفسية مضنية أدت إلى وفاته المبكرة في موسكو.
اشتُهر غوغول كاتبًا مجدداً في الأدب الروسي بعد صدور مجموعته القصصية الأولى «أمسيات في القرية قرب ديكانكا»Evenings on a Farm Near Dikanka ما بين (1831-1832) التي صور فيها بأسلوب مبتكر وبلغة رشيقة ولوحات زاهية الحياة الشعبية في الريف الأوكراني بكل ما فيها من أفراح وأتراح وعادات ومعتقدات، وتختلط فيها الحكمة والبساطة والصدق بالتخيلات الجامحة والتصورات السحرية التي تتخذ طابع الواقع الشعري الرومنسي.
اتسع نطاق شهرة غوغول في عالم الأدب بإصداره مجموعته الثانية «ميرغورود» Mirgorod عام (1835) التي احتوت على قصته الشهيرة «تاراس بولبا» Taras Bulba المستلهمة من تاريخ الشعب الأوكراني ونضال القوزاق البطولي في القرنين السادس عشر والسابع عشر للتحرر من نير التسلط البولوني. ومن قصص المجموعة: «ملاكون من الزمن القديم» و«قصة شجار إيـڤان إيـڤانوڤيتش وإيـڤان نيكيفوروڤتش» التي صور فيها بسخرية لاذعة تفاهة حياة ملاكي الأراضي والموظفين الحكوميين في مدينة ميرغورود. وأصدر غوغول في العام نفسه مجموعة «أرابسك» Arabesques التي تضم «شارع نيڤسكي» Nevsky Prospect و«اللوحة» و«مذكرات مجنون» ومقالات ونصوصاً منوعة.
نشر غوغول في عام 1836 في مجلة «المعاصر» Sovremennik، التي كان يصدرها بوشكين، قصَّتَي «الأنف» The Nose و«العربة» The Carriage، وفي عام 1842 قصة «المعطف» The Overcoat. وقد عدّ النقاد مجموعة «أرابسك» وقصتي «الأنف» و«المعطف» أهم قصصه وأشهرها وأطلقوا عليها اسم «القصص البطرسبورغية»، لأن موضوعاتها مستمدة من مظاهر الحياة في بطرسبورغ ويجمع بينها المضمون العام والمغزى الاجتماعي والخواص الفنية، وتسيطر فيها موضوعةٌ مشتركةٌ تتمثل في التصادم بين حلم الانسان وواقعه، وفي اتساع الفروق الاجتماعية بين الناس البسطاء الفقراء المستضعفين والأثرياء ذوي النفوذ والسطوة.
كتب غوغول مسرحيات كوميدية ناقدة عدة، من أشهرها مسرحية «الزواج» The Wedding ما بين (1833-1835) ونشرت في مجموعة المؤلفات لعام 1842، كما كتب مقاطع درامية ومشاهد مسرحية متفرقة عدة. وأهم أعماله الدرامية مسرحية «المفتش العام» The Inspector General عام (1835) التي فضح فيها المفاسد والعيوب ضمن الجهاز الحكومي الرسمي في روسيا القيصرية مما أثار غضب الأوساط الحاكمة وألَّبَ النقاد المحافظين عليه، وكانت هذه الحملة المعادية السبب المباشر في مغادرته روسيا.
رواية «النفوس الميتة» مُمَسْرحةً |
أصدر غوغول في عام 1847 كتاباً بعنوان «مقاطع مختارة من المراسلات مع الأصدقاء» Selected Passages from Correspondence With Friends تخلى فيه عن آرائه الليبرالية الناقدة وطرح وجهات نظر محافظة ورجعية، فهاجمه الناقد بلنسكي Belinski بعد أن كان قد امتدح أعماله السابقة بحماسة بالغة. وعاد غوغول في العام 1848 إلى كتابة الجزء الثاني من رواية «النفوس الميتة» من جديد، وفرغ منه في عام 1851، لكنه عاد وأحرقه ثانية قبل وفاته بعشرة أيام، ولم يبقَ من هذا الجزء سوى مسودة الفصول الخمسة الأولى.
يعد غوغول من أكبر الكتّاب الروس، وأحد أشهر الكتاب الساخرين في العالم. وقد أجمع النقاد على كونه مؤسس المذهب الواقعي النقدي الساخر في الأدب الروسي. تأثر بالشاعر ألكسندر بوشكين الذي أوحى إليه بموضوعي مسرحية «المفتش العام» التي لا تزال تعرض حتى اليوم على خشبات المسارح في مختلف بلدان العالم، ورواية «النفوس الميتة» التي هزت روسيا بكاملها. وأثّر غوغول في كبار الكتاب الروس الذين أتـوا بعده من أمثال إيڤان تورغينيڤ Turgeniev وسلطيكوڤ شيدرين Saltikov Shedrin وليڤ تولستوي Tolstoi وفيودور دستويڤسكي Dostojevsky الذي قال مرة: «كلنا خرجنا من معطف غوغول» مشيراً بهذه التورية إلى قصة غوغول الشهيرة «المعطف». ترجمت أعمال نيكولاي غوغول إلى لغات عالمية كثيرة، ومنها العربية.
عدنان جاموس