تميز العصر الأندلسي بوفرة شعره وشعرائه، فكان لانتشار الثقافة في أرجاء الأندلس كافة دورًا بارزًا في تقوية الشعر الأندلسي وازدهاره، وإضافة إلى ذلك؛ تعد الطبيعية الأندلسية هي الملهمة الأولى والأساسية لعيون الشعراء حينها، فكانت تشحذ قرائحهم، وتغذي مفرداتهم بأجمل الصور الفنية واللوحات الشعرية، وتغري شاعريتهم للكتابة، إذ دخلت الطبيعة في العديد من أشعارهم، حتى إن بعض القصائد كانت ترتكز على الطبيعة فقط، ولكن لا ينحصر التطور والازدهار في الأندلس على شعر الطبيعة، فقد كانت هناك عوامل أخرى ساعدت على ذلك سيتم ذكرها بوضوح في المقال.
عوامل نهضة الشعر الأندلسي
كان لنهضة الأدب بشكل عام في الأندلس دورًا كبيرًا في نهضة الشعر والتأثير عليه وزيادته وتطويره، وعوامل نهضته كانت ترتكز على:
ظهور الاتجاه المحافظ الجديد: ويقصد به الاتجاه الشعري الذي كان قد ظهر في الشرق كرد فعل للاتجاه المحدث الذي تزعمه أبو نواس، والذي كان سببًا في خروج الشعر العربي عن كثير من تقاليديه، فجاء هذا الاتجاه ليعيد للشعر العربي طبيعته العربية الأصيلة، والتمسك بالتقاليد الشعرية المأثورة، والحد من انتشار الشعر المحدث بما يحتويه من دواخل لا تتناسب والبيئة العربية.
تطور الاتجاهات السابقة: ويعنى بالاتجاهات السابقة هي؛ الاتجاه المحافظ، والاتجاه المحدث، والاتجاه الشعبي، إذ أن للمحافظة على الاتجاهات السابقة والسعي إلى تطورها دور واضح في بقاء وازدهار الشعر الأندلسي.
تسرب بعض الأفكار العلمية: ولا يقصد بهذا نظم الحقائق العلمية، وإنما معالجة القضايا معالجة شعرية تشتمل على اصطلاحات وأفكار من ميدان العلم لا من ميدان الفن.
الازدواج اللغوي: وهو تسرب بعض الألفاظ من العامية اللاتينية أو الرومانية إلى لغة الشعر الفصيح، وهذا بسبب روح الحرية وطابع التحرر اللذين كانا من أهم سمات تلك الفترة في تاريخ الأندلس.
تصوير العهد الذهبي: صوّر الشعر في فترة الخلافة الحياة الأندلسية في عهدها الذهبي الذي كانت لامعة فيه سياسيًا، واجتماعيًا، وثقافيًا، فقد صوّر الشعر عظمة وقوة الدولة والخلافة، وتفوقها بشكل جعل إمبراطور الروم يرسل سفراء إلى قرطبة موالين.
الشعراء: فكان شعراء الأندلس كثيرين لدرجة يصعب إحصاؤهم والحديث عن كل واحد منهم، بالإضافة إلى وفرة أدبهم، وشعرهم، ومؤلفاتهم، فكان لهم دور واضح في إيصال وبلوغ الشعر الأندلسي ذروته والنهضة به، ومن بعض شعراء الأندلس على سبيل الذكر لا الحصر؛ الحداد الوادي آشي، ابن عبد ربه، مروان الطليق، أبو بكر اللبانة، ابن حزم، نجم ابن زيدون، المعتمد بن عباد، وابن فركون، وغيرهم.