غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ
أنت أولى بالهوى و الشّعر منّي
لك سحر مثل سحري عجب
أترى عندك حزنا مثل حزني
فترنّم بأناشيد الهوى
ناعما ما شئت من غصن لغصن
و تعلّم كيف يبكي شاعر
ضاع ما بين صدود و تجنّ
إنّما الدنيا و في أمثالها
عبر الدنيا و أصداء التمنّي
غارة لم أهيّب جمرها
فنبا سيفي و لم يسلم مجنّي
ربّ دهياء أناخت بالحمى
غاب حاميه ? و خطب مرجحنّ
بين سمع و عيان ، ليتني
لا ترى عيني و لا تسمع أذني
ما على لحني و قد أرسلته
يلهب الدنيا على الغاضب لحني
فإذا لم أستثرها همما
لا ورى زندي و لا ظلّل ركني
غنّ يا بلبل فوق الدوح غنّ
أنت أولى بالهوى و الشعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ
أيّها الطير دروس الهمّ عنّي
تاج هارون خبا لألاؤه
فبكت دجلة حزنا و الفرات
وذرى الزّهراء خرّت بعدما
طاولت زهر النجوم النيّرات
وبنو مروان ولّوا وانطووا
و تخلّوا عن متون الصافنات
قل لجيش الروم ماذا تتّقي
طاح ريب الدهر غدرا بالغزاة
لا بنو العبّاس في زخم الوغى
لا ولا أبناء حمدان الأباة
عقلت بين خيام المنحنى
و الفراتين عتاق السابقات
و هي الأسياف في أغمادها
صدئت يا ويلتي للمرهفات !
غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ
أنت أولى بالهوى والشعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ
أيّها الطير دروس الهمّ عنّي
قف على اليرموك و اخشع باكيا
و تيمّم من صعيد القادسيّة
تربة طيبة طاهرة
و قبور من حيا الدمع رويّه
ها هنا مثوى الصناديد الألى
قد لووا قسرا عنان الجاهليّة
دوّخوا الروم وثلّوا عرشها
وطووا حمر البنود الفارسيّة
و قضوا الأحجار والثمه ثرى
طاهرا واعقر على القبر المطيّة
يا قبورا محيت واندثرت
أنت نبراس الهدى والوطنيّة
لك من دمعي إذا ضنّ الحيا
ديمة تبكي ووطفاء روّيه
غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ
أنت أولى بالهوى والشّعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ
أيّها الطير دروس الهمّ عنّي
قد رأوا ليلاي تذري دمعها
كرّم الله الدموع الطاهره
حرس الله جفونا عطّرت
بالندى تلك الخدود الناضره
كفكفي دمعك لا يشهده
ناظر حتى النجوم الزاهره
إنّ لي يا ابنة ودّي همّة
تخضد الخطب ونفسا ثائره
وأراني في غد مقتحما
مستظلا بالسيوف الباتره
ملقيا نفسي في غمرتها
كيفما دارت هناك الدائره
فإذا متّ غريبا نائيا
و أنا في التسع بعد العاشره
أذكريني واحفطي عهد الهوى
واندبي شؤم الجدود العاثره
لست تالله محبّا غادرا
لا تكوني بعد موتي غادره
غنّ يا بلبل فوق الدّوح غنّ
أنت أولى بالهوى والشعر منّي
لست تدري الهمّ بالدنيا فخذ
أيهّا الطير دروس الهمّ عني