دانييل ليانغ-دار هوانغ، باحث ما بعد الدكتوراه، جامعة كوينزلاند
DANIEL LIANG-DAR HWANG, Postdoctoral Researcher, The University of Queensland
هل تشرب القهوة المُخمّرة بشكل طازج لتباشر يومك؟ أم أنّ كوبًا من شاي الفطور الإنكليزي يُعتبر خيارًا أفضل لك؟
يمكن أن يكون اختيارك مبنيًا على جيناتك والكيفية التي تؤثّر بها على خبرتك في النكهات اللّاذعة.
فقد أظهرت دراستنا الجديدة أنّ احتمالية أن يُفضّل شخصٌ ما القهوة أو الشاي مرتبطة بوجود أو غياب جينات مفتاحية (رئيسية) والّتي تُشكّل الكيفية التي نتذوّق بها النكهات اللّاذعة.
الطعم اللّاذع مُرّ
إنّ طعم الشاي والقهوة عامّة يكون لاذعًا وذلك لأنّها تحتوي على مكوّنات الطعم المرّ مثل الكافيين.
كما يُساهم مركب آخر في هذا الطعم المرّ وهو الكينين والّذي يوجد أيضًا في المياه الغازية.
وكشفت دراسة ضخمة سابقة أجريتُها مع زملائي أنّ جينات مُستقبل الطعم المرّ هي المسؤولة عن إدراك الكافيين والكينين ومركب الطعم اللّاذع الصنعي بروبيل ثيُوراسيل (PROP).
ولدى هذا المرّكب الأخير نفس الطعم اللّاذع الذي لدى ملفوف الكرنب (وذلك لمن يستطيعون تذوّقه).
وكما نعلم من خلال أبحاث سابقة أنّ العوامل الموروثة تلعب دورًا في كمية القهوة والشاي التي يشربها المرء في اليوم وأنّ القدرة على هضم الكافيين تلعب دورًا هامًّا في استهلاك الناس للمشروبات التي تحتوي على الكافيين.
إلّا أنّنا لم نكن نعلم ما إذا كانت الجينات المسؤولة عن إدراك الطعم المرّ مُشتركةً في تحديد استهلاك المشروبات اللّاذعة.
إذ أعلنت دراسات صغيرة سابقة عن عدم وجود علاقات أو عن علاقات متضاربة.
لقد اختبرنا في هذه الدراسة الجديدة استهلاك القهوة والشاي في دراسة الجماعات المنغلقة للبنك الحيوي Biobank (وهو نوع من المستودعات البيولوجية التي تخزن العينات البيولوجية لاستخدامها في الأبحاث) لأكثر من 400000 رجل وامرأة من عمر 37 إلى 73 في المملكة المتحدة لأولئك الّذين نملك أيضًا بيانات عن جيناتهم لمُستقبل الطعم المرّ.
واستخدمنا طريقة شائعة في علم الأوبئة تُعرف “بعشوائية مندل- “Mendelian randomisation لمقارنة استهلاك القهوة والشاي بين الأشخاص الحاملين لجينات خاصّة لمُستقبل الطعم اللّاذع.
مُتذوقو القهوة الممتازون
أظهرنا أنّ الأشخاص الّذين يحملون مُستقبلًا لطعم القهوة اللّاذع من المرجح كونهم من مُفضّلي القهوة بشكلٍ كبير مقارنةً مع الأشخاص العاديين، ما يعني أنّهم شربوا أكثر من أربعة فناجين من القهوة في اليوم.
تقود كل نسخة إضافية من جينات مُستقبلات الطعم اللاذع لأن يكون الشخص مُفضّلًا شَرِهًا للقهوة أعلى بنسبة 20%.
كما أنّ هؤلاء “المُتذوقين الممتازين” شربوا مقدارًا أقل من الشاي أيضًا.
وبما أنّ الكافيين لا يساهم فقط في تشكيل مرارة القهوة بل أيضًا في قوتّها وبنيتها فيمكن أن يجد الأشخاص ذوو الأداء الأفضل في الكشف عن الكافيين القهوة أكثر متعةً ولذّة.
وبالمقابل فإنّ الأشخاص ذوي مستقبلات الطعم المرّ للكينين أوPROP شربوا قهوةً أقل وشايًا أكثر.
وبالمقارنة مع الأشخاص العاديين فإنّ كل نسخة إضافية من جين مُستقبل الكينين أو PROP كانت مرتبطة بفرصة أعلى بنسبة 9٪ أو 4٪ لأن يكون الشخص يُفضّل الشاي بشدّة (أي أنّهم قد شربوا أكثر من 5 أكواب من الشاي في اليوم).
عندما يكون هناك حاجة للكافيين فيمكن أن يفضّل “المُتذوّقون الممتازون” للكينين وPROP الشاي على القهوة ذلك لأنّهم يميلون ليكونوا أكثر حساسيةً للمرارة العامة.
لا تُلقِ باللّوم على جيناتك
أثبتنا في هذه الدراسة أنّ الجينات المسؤولة عن إدراك الطعم المرّ مُرتبطة بكميّة القهوة والشاي الُتي نحتسيها.
كما أنّنا مُهتمّون برؤية إمكانية أن تقود هذه النتيجة لدراسات مُستقبلية تتحقق من كون “المُتذوقين المُمتازين” للجزيئات اللاذعة أكثر أو أقل ميلًا لشرب كميات كبيرة يمكن أن تكون غير صحيّة من الشاي والقهوة أو المشروبات الأخرى الّتي تحتوي على الجُزيئات الّلاذعة.
ولكنّنا لا نستطيع أن نلوم جيناتك على كُلّ شيء.
فحتّى لو كنت طفلًا أو كنت لا تُحبّ مرارة القهوة أو الشاي بحالتك الآن، فربما كنت قد لاحظت أنّ التذوق والسلوك الغذائي لديك قد تغيّر عدّة مرات خلال نموّك.
لذلك حتّى ولو كنت تحمل الجينات “الخاطئة” في شكل نكهاتٍ لاذعة يمكن أن تكون مازلت تتعلّم الاستمتاع بالأطعمة والمشروبات ذات النكهة اللاذعة بشكلٍ شهيّ