في يوم الاثنين ١٥ أكتوبر ٢٠١٨، شَهِد حرّاس حديقة الحَيَوان في حديقة إنديانابوليس جريمة قَتل.
وصل العاملون إلى دوامهم ذلك الصباح سامعين أصوات زَمجَرة شديدة آتية من مكان عرض الأُسُود.
وحين وصلوا إلى القَفَص، كانت زوري -لبؤة عمرها ١٢ سنة- قد غرست أنيابها في رّقبَة ناياك -أسد عمره ١٠ سنوات، وهو والد أشبال زوري الثلاثة- بينما كانت تشاهدهم ابنتهم سوكاري ذات الثلاثة أعوام.
حاول الحرّاس فصل الأسدين المتصارعين، لكن زوري لم تقدر على تمالك نفسها.
وبحسب تصريح مسؤولي الحديقة لوكالة الأنباء أسوشيتد-Associated Press، ظل فَكّا اللّبؤة حول رّقبَة رفيقها حتى توقف عن الحركة.
وأُعلن خبر وفاة ناياك يوم الجمعة (١٩ أكتوبر ٢٠١٨).
سبب الوفاة: اختناق ناتج عن جروح في الرّقبَة.
قضية عنف أسديّة مُحزنة ومُروّعة والتي أربكت طاقم عمّال الحديقة -الذي يحقق في الحادث- وخُبراء الأُسُود كذلك.
لماذا بعد ثماني سنوات من الرفقة المسالمة، وثلاث سنوات من تربية الأطفَال قررت زوري فجأة الانقلاب على رفيقها ومهاجمته حتى الموت في الصباح؟
بحسب د. باول فونستون-Dr. Paul Funston، مدير منطقة جنوب أفريقيا لمنظمة بانثيرا-Panthera، وهي منظمة عالمية لحماية القطط البَريّة، إنه من غير الشائع مهاجمة الأُسُود أو قَتل بعضها في البَريّة، وخلال ٢٦ سنة خلال عمله لم يسمع مطلقًا أن لبؤة هاجمت وقَتلت أسدًا في صِراع واحِد ضدّ واحِد.
يقول فونستون لـ Live ienceSc: «هذا غير مَألوف، لكن الأُسُود لها تصرفات سلوكية واسعة جدًا وتقوم بأشياء تذهلنا من وقت لآخر.
وقد يكون هذا الحادث ناتجًا عن وقوع الحَيَوان في الأَسْر لفترة طويلة فقرر أن يتصرف بطريقة خارجة عن العادة».
نفس القصة القديمة: الأُسُود تقَتل الأُسُود
يذكر فونستون أنه في البَريّة تقَتل الأُسُود بعضها في سياقين رئيسيين.
السياق الأول، صِراع إقليمي من أجل السيطرة على المنطقة، قتال يحدث حين يعيش أو يصطاد قطيعان من الأُسُود بالقرب من بعضهما.
بحسب دراسة عام ٢٠٠٩ في مجلة Animal Behaviour لـ٤٦ قطيعًا يعيشون في حديقة سيرينغيتي الوطنية-Serengeti National Park في تنزانيا، تتحول الصِراعات الإقليمية إلى قِتال مميت فقط حين تشترك الذكور فيه، وتكون الضحايا تقريبًا من الإناث دائمًا.
السياق الثاني، حين تتقاتل الأُسُود في صِراع جنسي.
فحين يدخل أسدٌ غريبٌ منطقة جديدة مأهولة بأزواج جديدة محتملة، قد يرغب هذا الأسد بإظهار اهتمامه بطرق أقل تهذيبًا.
ومن تُعارِض من الإناث قد تُعاني من أجل ذلك.
يقول فونستون: «حين تقترب الذكور من الإناث للتزاوُج وترفض الإناث، يجعل ذلك الذكور شديدي العُدوانية، فتهاجِم الإناثَ وربما يقتلوهن».
في حين أنه من المستحيل معرفة ما حدث تمامًا بين زوري ناياك في ساعات ما قبل الهجوم المميت، فإن إمكانية حدوث مشكلةٍ أثناء مواجهةٍ جنسية هي احتماليةٌ كبرى.
ويذكر أيضًا أن أحد مفاتيح القضية المحتملة جدًا هي حقيقة أن جميع الأشبال الثلاثة ولدوا في ٢٠١٥، أي قبل ثلاث سنوات.
ثلاث سنواتٍ في البَريّة هي السن الكافي حتى تبدأ الأُسُود اليافعة بالاعتماد على أنفسها.
فينفصل الذكور عن عائلتهم بحثًا عن مناطق جديدة وفرص للتزاوُج -سابقًا هذا العام، نُقِل ابنا ناياك وزوري الاثنين إلى قَفَص منفصل-.
وتميل الإناث إلى البقاء ضمن عائلة الأم ليصبحن زوجاتٍ محتملاتٍ هن الأخريات.
يذكر فونستون أنه في كل الأحوال، تصبح الأم حرة عن تربية أطفَالها الأشبال، وبالتالي إمكانية عودتها للتزاوُج مرة أخرى.
يقول فونستون: «أعتقد أن هذه هي خلفية ما حدث في حديقة إنديانابوليس.
أصبحت الأشبال بالغة ويرغب الذَكَرُ في التزاوُج مجددًا».
ربما اقترب ناياك من زوري بطريقة عُدوانية جدًا لغرض التزاوُج أكثر من مرّة.
فشعرت زوري بالتهديد، أو ربما كانت تحت خطة منع حمل وضعها لها المربون -وهي ممارسة شائعة في بعض حدائق الحَيَوان- وبالتالي لم تستطع جسديًا التزاوج مع ناياك.
وربما حدث تَوترٌ بين الاثنين لفترة، وانتهى الأمر صبيحة يوم الاثنين بأحدهما أو كلاهما بفقدان أعصابه، فاستطاعت زوري انتهاز فرصة الانقضاض على رفيقها منهيةً حياته.
يقول فونستون: «أصبح القِتال شديدًا، فقَتلته».
ففي حين لم يشهد فونستون سيناريو كهذا تمامًا في البَريّة، إلّا أنه قال بأنه لا يرى أي سببٍ يمنع اللبؤة من أن تُهاجم أسدًا ولو مرة.
وبغضِّ النّظر عما إذا قَتلت زوري ناياك دفاعًا عن النفس أم لا، لا يزال أصدقاء حديقة إنديانابوليس للحَيَوان يرثون فقدان أحد الأُسُود الطيبة.