السلوفيني (ال-أدب-)
اللغة
تنتمي اللغة السلوفينية إلى أسرة اللغات السلافية[ر] التي تنقسم إلى مجموعات ثلاث جنوبية وغربية وشرقية. والسلوفينية هي إحدى اللغات السلافية الجنوبية، وهي اليوم لغة سلوفينيا، ولها امتداد لغوي في بعض المناطق الحدودية مع النمسا وإيطاليا والمجر، وتُكتب بحروف الهجاء اللاتينية.
تتألف اللغة السلوفينية من سبع مجموعات لهجية ماتزال قائمة، ومن هذه اللهجات السبع تشكلت اللغة السلوفينية الفصحى. تتسم هذه اللغة صوتياً بتقابل قائم بين الصوائت القصيرة والطويلة والمفتوحة والمغلقة وبظهور الصائت (a) e مكان صائت السلافية القديمة b، وتتسم أيضاً بزوال التقابل بين الصوائت المفخمة والمرققة، السائد في السلافية القديمة وبعض لغات الأسرة السلافية وبتحول الصائت i إلى u في نهاية المقطع، أما النبر فهو نغمي ومتحرك. وتتسم هذه اللغة صرفياً باحتفاظها بصيغة المثنى التي زالت من معظم اللغات السلافية، وباحتفاظها بصيغة النداء وبالإبدال في الصوائت في حالة الرفع (الحالة الإعرابية الاسمية).
تعود أقدم المدونات باللغة السلوفينية إلى القرنين العاشر والحادي عشر، وقد اكتمل تشكل اللغة السلوفينية الفصحى في نهاية القرن التاسع عشر. وتتعايش اللغة السلوفينية الفصحى جنباً إلى جنب مع أشكالها اللهجية، على الرغم من وجود فوارق صوتية ومعجمية واضحة فيما بينها، وقد بدأت تترسخ في النصف الثاني من القرن العشرين معايير لغة محادثة سلوفينية موحدة.
الأدب
بدأت بوادر الكتابة باللغة السلوفينية في القرن العاشر مترافقة مع نمو واضح لفولكور ذي طابع ديني غالباً، بعد أن كانت حركة الجرمنة (في ظل الهيمنة الألمانية) قد أعاقت إلى حد بعيد ظهور لغة سلوفينية فصحى يمكن أن تكون لغة أدب وفصاحة. وكانت اللاتينية والألمانية تنوبان عن السلوفينية حتى عصر الإصلاح عندما قام رجل الدين البروتستنتي بريموج تروبار (1508-1586) Primoz Trubar بوضع أبجدية، وأصدر أدبيات دينية باللغة السلوفينية.
ومع بدء حركة النهضة والتنوير السلوفينية في القرن الثامن عشر بدأ الأدب حينها يأخذ توجهاً دنيوياً، وراح يتطور بخطى حثيثة متخذاً طابعاً ديمقراطياً ظهر بجلاء في الأدب المسرحي كما لدى أنطون لينهارت (1756-1795) A.Linhart، وحمل الشعر روحاً وطنية وأفكاراً قومية كما في شعر فالنتين فودنيك (1758-1819)V.Vodnik، ثم أرست الرومنسية أقدامها في عشرينيات القرن التاسع عشر وتنامى في الآن ذاته الاهتمام بالفولكلور واكتمل تشكل اللغة الفصحى السلوفينية كما في مؤلفات فرانس بريشيرين (1800-1849)F.Preseren.
بدأ في ستينيات القرن التاسع عشر تشكل تيار واقعي، وازدادت أهمية النثر في الأدب السلوفيني مع ارتقاء النقد الأدبي الذي جعل الأدب يزداد التحاماً بحياة الشعب كما في نثر فران ليفستيك (1831-1887)F.Levstik. وأصدر رائد الرواية التاريخية يوسيب يورشِش (1844-1881) J.Jurcicروايته «الأخ العاشر» وسعى يانكو كريسنيك (1852-1897) J.Kresnik إلى تعميق النزعة النفسية في «لوحات ريفية» ثم أخذ التيار الواقعي يتغلغل في قصائد شعراء رومنسيين مثل سيمون ينكو (1835-1863) S.Jenkoوسيمون غريغورشيش (1844-1906)S.Gregocic. وتشبع شعر أنطون أشكيرتس (1856-1912) A.Askerc بأفكار النضال ضد الاضطهاد الاجتماعي والروحي، وأدخل إلى شعره صورة العامل في ديوانه «الحقيقة القديمة» (1888).
بدأت في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين النزعة الطبيعية وكـان مـن أبـرز ممثليها فران غوفيكار (1871-1949) F.Govekar وكرايغر (1876-1918)A.Krayger وغيرهما إلى جانب توجه حديث مجدِّد عند شانكار (1876-1918) I.Cankarوأوتون جوبانتشيش (1878-1949)O.Zupancic وغيرهما. واكتست النزعة الواقعية بعناصر من الانطباعية والرمزية وبدأت ملامح واقعية اشتراكية تتبدى عند شانكار في «من أجل مصلحة الشعب» الصادرة في عام (1901 ) و«في شارع المعدين» (1902) ، وارتقى الشعر السلوفيني في مطلع القرن العشرين مع قصائد جوبانتشيش الغنائية وديوانه «منولوغات» (1908). وتألق النثر في تلك الفترة في قصص «تحت شمس حرة» التي كتبها فران فينيغار (1871-1962)F.Finjgar.
عاش الأدب السلوفيني حالة انتعاش بعد أن دخلت سلوفينيا في الاتحاد اليوغسلافي عام 1918 فصار يتنامى بوتائر أسرع، وساد في عشرينيات القرن الماضي اتجاه نحو التعبيرية ممثلاً بتيارات ثورية وفوضوية ممثلة في بودبيفشكA.Podbevcek ويارش M.Jarc، وكاثوليكية ممثلة في فودنيك Vodnik وإدوارد كوشبيكE.Kocbek وبريغلي Pregelj. وتزعم بيفك (1890-1970) F.Bevk التيار الواقعي في النثر في روايته «رايات سماوية». راح شعراء هذه المرحلة يطورون تقاليد شعرية حديثة، وتكاتفت جهود الجميع في مواجهة الدكتاتورية الفاشية المستبدة في مطلع ثلاثينيات القرن العشرين، فشكل هذا حالة نهوض في الاتجاه الواقعي. وظهرت في الأدب المسرحي نزعة تاريخية وأخرى نفسية أثرتا معاً في تشكل تيار واقعي جديد بملامح ثورية عند برجيهوف ـ فورانتس Przihov-Voranc وكرانجك M.Kranjec وسيريل كوسماتش Ciril Kosmac.
تعرض الأدب السلوفيني في مرحلة الاجتياح الفاشي في الحرب العالمية الثانية إلى حملة قمع واضطهاد حادين طالت الغالبية العظمى من أعلامه، وأخذ الشعر في هذه المرحلة دور الريادة خصوصاً في غنائياته الثورية. وبرز بعد الحرب العالمية الثانية أدب يمجد تضحيات الشعب السلوفيني ويدعو إلى بناء المجتمع الاشتراكي، كما في قصائد ميناتي I.Minattiوفيبوتنيك Vipotnik وقصص كوسماتش وكوساك Kussak وغيرهم. ثم تشكل تيار حداثي تجلى في الصراع بين الفرد والمجتمع استمد منطلقاته من الوجودية التي شكلت نواة موضوعات القصة والرواية عند فلاديمير كافتشيش V.Kavcic وبافل زيدار P.Zidar، وعند كتّاب مسرح مثل دومينيك سموله D.Smole وبيتر بوجيكP.Bozic.
يتسم الأدب السلوفيني المعاصر بعمق التحليل النفسي وببنية حداثية مركبة ومعقدة وبتعدد منطلقاته الفكرية وبحدة تناوله النقدي لكثير من الظواهر أخذت تتواكب مع نزوع إنساني عالٍ.
رضوان قضماني
اللغة
تنتمي اللغة السلوفينية إلى أسرة اللغات السلافية[ر] التي تنقسم إلى مجموعات ثلاث جنوبية وغربية وشرقية. والسلوفينية هي إحدى اللغات السلافية الجنوبية، وهي اليوم لغة سلوفينيا، ولها امتداد لغوي في بعض المناطق الحدودية مع النمسا وإيطاليا والمجر، وتُكتب بحروف الهجاء اللاتينية.
تتألف اللغة السلوفينية من سبع مجموعات لهجية ماتزال قائمة، ومن هذه اللهجات السبع تشكلت اللغة السلوفينية الفصحى. تتسم هذه اللغة صوتياً بتقابل قائم بين الصوائت القصيرة والطويلة والمفتوحة والمغلقة وبظهور الصائت (a) e مكان صائت السلافية القديمة b، وتتسم أيضاً بزوال التقابل بين الصوائت المفخمة والمرققة، السائد في السلافية القديمة وبعض لغات الأسرة السلافية وبتحول الصائت i إلى u في نهاية المقطع، أما النبر فهو نغمي ومتحرك. وتتسم هذه اللغة صرفياً باحتفاظها بصيغة المثنى التي زالت من معظم اللغات السلافية، وباحتفاظها بصيغة النداء وبالإبدال في الصوائت في حالة الرفع (الحالة الإعرابية الاسمية).
تعود أقدم المدونات باللغة السلوفينية إلى القرنين العاشر والحادي عشر، وقد اكتمل تشكل اللغة السلوفينية الفصحى في نهاية القرن التاسع عشر. وتتعايش اللغة السلوفينية الفصحى جنباً إلى جنب مع أشكالها اللهجية، على الرغم من وجود فوارق صوتية ومعجمية واضحة فيما بينها، وقد بدأت تترسخ في النصف الثاني من القرن العشرين معايير لغة محادثة سلوفينية موحدة.
الأدب
بدأت بوادر الكتابة باللغة السلوفينية في القرن العاشر مترافقة مع نمو واضح لفولكور ذي طابع ديني غالباً، بعد أن كانت حركة الجرمنة (في ظل الهيمنة الألمانية) قد أعاقت إلى حد بعيد ظهور لغة سلوفينية فصحى يمكن أن تكون لغة أدب وفصاحة. وكانت اللاتينية والألمانية تنوبان عن السلوفينية حتى عصر الإصلاح عندما قام رجل الدين البروتستنتي بريموج تروبار (1508-1586) Primoz Trubar بوضع أبجدية، وأصدر أدبيات دينية باللغة السلوفينية.
ومع بدء حركة النهضة والتنوير السلوفينية في القرن الثامن عشر بدأ الأدب حينها يأخذ توجهاً دنيوياً، وراح يتطور بخطى حثيثة متخذاً طابعاً ديمقراطياً ظهر بجلاء في الأدب المسرحي كما لدى أنطون لينهارت (1756-1795) A.Linhart، وحمل الشعر روحاً وطنية وأفكاراً قومية كما في شعر فالنتين فودنيك (1758-1819)V.Vodnik، ثم أرست الرومنسية أقدامها في عشرينيات القرن التاسع عشر وتنامى في الآن ذاته الاهتمام بالفولكلور واكتمل تشكل اللغة الفصحى السلوفينية كما في مؤلفات فرانس بريشيرين (1800-1849)F.Preseren.
بدأ في ستينيات القرن التاسع عشر تشكل تيار واقعي، وازدادت أهمية النثر في الأدب السلوفيني مع ارتقاء النقد الأدبي الذي جعل الأدب يزداد التحاماً بحياة الشعب كما في نثر فران ليفستيك (1831-1887)F.Levstik. وأصدر رائد الرواية التاريخية يوسيب يورشِش (1844-1881) J.Jurcicروايته «الأخ العاشر» وسعى يانكو كريسنيك (1852-1897) J.Kresnik إلى تعميق النزعة النفسية في «لوحات ريفية» ثم أخذ التيار الواقعي يتغلغل في قصائد شعراء رومنسيين مثل سيمون ينكو (1835-1863) S.Jenkoوسيمون غريغورشيش (1844-1906)S.Gregocic. وتشبع شعر أنطون أشكيرتس (1856-1912) A.Askerc بأفكار النضال ضد الاضطهاد الاجتماعي والروحي، وأدخل إلى شعره صورة العامل في ديوانه «الحقيقة القديمة» (1888).
بدأت في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين النزعة الطبيعية وكـان مـن أبـرز ممثليها فران غوفيكار (1871-1949) F.Govekar وكرايغر (1876-1918)A.Krayger وغيرهما إلى جانب توجه حديث مجدِّد عند شانكار (1876-1918) I.Cankarوأوتون جوبانتشيش (1878-1949)O.Zupancic وغيرهما. واكتست النزعة الواقعية بعناصر من الانطباعية والرمزية وبدأت ملامح واقعية اشتراكية تتبدى عند شانكار في «من أجل مصلحة الشعب» الصادرة في عام (1901 ) و«في شارع المعدين» (1902) ، وارتقى الشعر السلوفيني في مطلع القرن العشرين مع قصائد جوبانتشيش الغنائية وديوانه «منولوغات» (1908). وتألق النثر في تلك الفترة في قصص «تحت شمس حرة» التي كتبها فران فينيغار (1871-1962)F.Finjgar.
عاش الأدب السلوفيني حالة انتعاش بعد أن دخلت سلوفينيا في الاتحاد اليوغسلافي عام 1918 فصار يتنامى بوتائر أسرع، وساد في عشرينيات القرن الماضي اتجاه نحو التعبيرية ممثلاً بتيارات ثورية وفوضوية ممثلة في بودبيفشكA.Podbevcek ويارش M.Jarc، وكاثوليكية ممثلة في فودنيك Vodnik وإدوارد كوشبيكE.Kocbek وبريغلي Pregelj. وتزعم بيفك (1890-1970) F.Bevk التيار الواقعي في النثر في روايته «رايات سماوية». راح شعراء هذه المرحلة يطورون تقاليد شعرية حديثة، وتكاتفت جهود الجميع في مواجهة الدكتاتورية الفاشية المستبدة في مطلع ثلاثينيات القرن العشرين، فشكل هذا حالة نهوض في الاتجاه الواقعي. وظهرت في الأدب المسرحي نزعة تاريخية وأخرى نفسية أثرتا معاً في تشكل تيار واقعي جديد بملامح ثورية عند برجيهوف ـ فورانتس Przihov-Voranc وكرانجك M.Kranjec وسيريل كوسماتش Ciril Kosmac.
تعرض الأدب السلوفيني في مرحلة الاجتياح الفاشي في الحرب العالمية الثانية إلى حملة قمع واضطهاد حادين طالت الغالبية العظمى من أعلامه، وأخذ الشعر في هذه المرحلة دور الريادة خصوصاً في غنائياته الثورية. وبرز بعد الحرب العالمية الثانية أدب يمجد تضحيات الشعب السلوفيني ويدعو إلى بناء المجتمع الاشتراكي، كما في قصائد ميناتي I.Minattiوفيبوتنيك Vipotnik وقصص كوسماتش وكوساك Kussak وغيرهم. ثم تشكل تيار حداثي تجلى في الصراع بين الفرد والمجتمع استمد منطلقاته من الوجودية التي شكلت نواة موضوعات القصة والرواية عند فلاديمير كافتشيش V.Kavcic وبافل زيدار P.Zidar، وعند كتّاب مسرح مثل دومينيك سموله D.Smole وبيتر بوجيكP.Bozic.
يتسم الأدب السلوفيني المعاصر بعمق التحليل النفسي وببنية حداثية مركبة ومعقدة وبتعدد منطلقاته الفكرية وبحدة تناوله النقدي لكثير من الظواهر أخذت تتواكب مع نزوع إنساني عالٍ.
رضوان قضماني