سَلاَمة بن جَنْدَل
(… ـ بين 12 و15ق.هـ/… ـ 602 و608م)
أبو مالك سلامة بن جندل بن عبد عمرو بن عُبيد التميمي.
شاعر جاهلي من فرسان تميم المعدودين، اعتز بالانتساب إليها، فقال يفتخر بنسبه ونسب قومه في مفضليته المشهورة:
إني وجدت بني سعد يفضلهم
كُلّ شهابٍ على الأعداء مصبوب
إلى تميم حُماةِ الثغر نِسبتهم
وكلِّ ذي حسبٍ في الناس منسوب
اختُلف في اسمه، فقيل: سَلاَم، وسلمى. كما اختلفوا في اسم أبيه وجده.
ولد الشاعر في منازل قومه بني سعد، ولم يقف أحد على سنة ولادته ولم يحدد عمره، وبها نشأ. وكانت في رمل يَبْرين وقطر وعُمان والبحرين حتى البصرة.
وينتمي سلامة لأسره عُرف عدد منها بالشعر، وعُرفت بالفروسية، فأبوه فارس وشاعر، وله حماسية رواها أبو تمام في حماسته، وكذلك أخوه أحمر ابن جندل وروى له صاحب «العقد الفريد»، والشريف المرتضى في أماليه وغيرهما شعراً. وقيل: إن الشعر استمر في عقبه، فقد ذكرت المصادر أن له ولداً يقال له «عسعس» كان شاعراً.
ويثبت شعر سلامة أن له ابنة كانت تشكو كثرة انصرافه إلى الحروب وحيداً، وتخشى أن تفقده في إحداها، لكنه لم يكن يبالي المنية، إذ لا مفر له منها فيخاطبها:
تقول ابنتي: إن انطلاقك واحداً
إلى الرَّوع، يوماً، تاركي لا أباليا
دعينا من الإشفاق أو قدّمي لنا
من الحَدَثان والمنيَّة راقيـا
ولم يكن سلامة على دين سماوي، ولم يدرك الإسلام، إذ توفي بمنازل قومه قبل البعثة النبوية على أرجح الآراء.
وسلامة شاعر مجيد مُفْلق فحل قوي التراكيب، على سلاسة العبارة ودقتها. إذ عُدّ في عداد الشعراء الذين يثقفون شعرهم، ويختارون ألفاظهم وصورهم بعناية.
وقد أكثر اللغويون الاستشهاد بشعره، لقوة لغته، ودقتها في الاشتقاق.
وكان أغلب شعره في الحماسة والفخر، وله في معرض ذلك مدح في قومه وغيرهم. وله أبيات ومقطعات في بكاء الشباب استجادها النقاد.
كما عُرف بإجادة وصفه الخيل، فكان من مبدأ فروسيته يتغنى بأوصافها في سياق الحرب.
وسلامة شاعر بدوي انتجع الماء والكلأ وتسقَّط منابت الغيث كقومه، ووصف الصحراء وما فيها من حيوانات كالحمر الوحشية، والأبقار الوحشية، والظباء والغزلان، كما وصف نبات الصحراء، والسحاب وغير ذلك.
وهو شاعر مرهف الحس، بديع التصوير، دقيق في اختيار ألفاظه، ذو عبارات طيعة ومتنوعة، تتدفق كتدفق عاطفته وجيشانها. إنه يحسن رصف تراكيبه، ويتابع جزئيات صوره حتى يستوفي معانيها. وهو في ذلك كله يعبر عن تجربته وواقع قومه وعصره بأساليب فنية بديعة..
وقد روى شعره كل من الأصمعي، وأبي عمرو الشيباني، ثم حققه فخر الدين قباوة سنة 1968م، وله طبعات أخرى.
حسين جمعة
(… ـ بين 12 و15ق.هـ/… ـ 602 و608م)
أبو مالك سلامة بن جندل بن عبد عمرو بن عُبيد التميمي.
شاعر جاهلي من فرسان تميم المعدودين، اعتز بالانتساب إليها، فقال يفتخر بنسبه ونسب قومه في مفضليته المشهورة:
إني وجدت بني سعد يفضلهم
كُلّ شهابٍ على الأعداء مصبوب
إلى تميم حُماةِ الثغر نِسبتهم
وكلِّ ذي حسبٍ في الناس منسوب
اختُلف في اسمه، فقيل: سَلاَم، وسلمى. كما اختلفوا في اسم أبيه وجده.
ولد الشاعر في منازل قومه بني سعد، ولم يقف أحد على سنة ولادته ولم يحدد عمره، وبها نشأ. وكانت في رمل يَبْرين وقطر وعُمان والبحرين حتى البصرة.
وينتمي سلامة لأسره عُرف عدد منها بالشعر، وعُرفت بالفروسية، فأبوه فارس وشاعر، وله حماسية رواها أبو تمام في حماسته، وكذلك أخوه أحمر ابن جندل وروى له صاحب «العقد الفريد»، والشريف المرتضى في أماليه وغيرهما شعراً. وقيل: إن الشعر استمر في عقبه، فقد ذكرت المصادر أن له ولداً يقال له «عسعس» كان شاعراً.
ويثبت شعر سلامة أن له ابنة كانت تشكو كثرة انصرافه إلى الحروب وحيداً، وتخشى أن تفقده في إحداها، لكنه لم يكن يبالي المنية، إذ لا مفر له منها فيخاطبها:
تقول ابنتي: إن انطلاقك واحداً
إلى الرَّوع، يوماً، تاركي لا أباليا
دعينا من الإشفاق أو قدّمي لنا
من الحَدَثان والمنيَّة راقيـا
ولم يكن سلامة على دين سماوي، ولم يدرك الإسلام، إذ توفي بمنازل قومه قبل البعثة النبوية على أرجح الآراء.
وسلامة شاعر مجيد مُفْلق فحل قوي التراكيب، على سلاسة العبارة ودقتها. إذ عُدّ في عداد الشعراء الذين يثقفون شعرهم، ويختارون ألفاظهم وصورهم بعناية.
وقد أكثر اللغويون الاستشهاد بشعره، لقوة لغته، ودقتها في الاشتقاق.
وكان أغلب شعره في الحماسة والفخر، وله في معرض ذلك مدح في قومه وغيرهم. وله أبيات ومقطعات في بكاء الشباب استجادها النقاد.
كما عُرف بإجادة وصفه الخيل، فكان من مبدأ فروسيته يتغنى بأوصافها في سياق الحرب.
وسلامة شاعر بدوي انتجع الماء والكلأ وتسقَّط منابت الغيث كقومه، ووصف الصحراء وما فيها من حيوانات كالحمر الوحشية، والأبقار الوحشية، والظباء والغزلان، كما وصف نبات الصحراء، والسحاب وغير ذلك.
وهو شاعر مرهف الحس، بديع التصوير، دقيق في اختيار ألفاظه، ذو عبارات طيعة ومتنوعة، تتدفق كتدفق عاطفته وجيشانها. إنه يحسن رصف تراكيبه، ويتابع جزئيات صوره حتى يستوفي معانيها. وهو في ذلك كله يعبر عن تجربته وواقع قومه وعصره بأساليب فنية بديعة..
وقد روى شعره كل من الأصمعي، وأبي عمرو الشيباني، ثم حققه فخر الدين قباوة سنة 1968م، وله طبعات أخرى.
حسين جمعة