السودان
السودان، في اللغة، جمع لكلمة أسود، ولم تكن التسمية معروفةً حتى أطلقها العرب المسلمون على الأرض الواقعة جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى، وكان يطلق اسم «تكرور» على جميع بلاد السودان التي وصل إليها الإسلام، من المحيط الأطلسي حتى وادي النيل، وتكرور اليوم ضمن أراضي مالي.
يستخدم الجغرافيون حديثاً تعبير السودان Sudan للدلالة على حزام السافانا غير المطيرة والمناطق شبه الصحراوية الممتدة عبر قارة إفريقيا من الشرق إلى الغرب. وجمهورية السودان الديمقراطية، هي الجزء الشرقي من هذا الحزام، وهي دولة حديثة العهد، ترجع نشأتها إلى الربع الأخير من القرن التاسع عشر.
يشمل السودان أرضاً تنتشر على محور عام، فيما بين درجتي 30 َ 3 ْ و22 ْ شمالاً، وخطي الطول 22 ْ و30 َ 38 ْ شرقاً، شاغلاً مساحة قدرها 2505813 كم2، فهو من أكبر عشر دول مساحة في العالم، تعادل مساحته 8% من مساحة قارة إفريقيا.
حدوده السياسية غير متناسقة عموماً مع واقعه البشري، يشترك فيها مع تسع دول إفريقية هي: جمهورية مصر العربية، وإثيوبيا وأريتريا والجماهيرية الليبية وكينيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية، وإفريقيا الوسطى، يساحل البحر الأحمر على امتداد 800 كم، ويتوغل فيما وراء الصحراء الإفريقية الكبرى، فهو بذلك يمثل عمقاً استراتيجياً للوطن العربي. وله أهميته على المستوى المحلي والعربي والعالمي.
تنتشر تكوينات ما قبل الكامبريPrecambrian وتكوينات الدور الأولPaleozoic وتعرف تكوينات الدور الثانيMesozoic بالمجموعة النوبية Nubian series، تمتد في مساحة تشمل أكثر من ثلثي مساحة السودان، وتمتاز بمساميتها، ولعل جميع الواحات التي تظهر في شمالي السودان ومصر تعود إلى الأمطار الهاطلة على هذه الصخور، أما تكوينات الدور الثالث Cenozoicفانتشارها محدود، وأكثر جهات السودان مغطاة بتكوينات الدور الرابع Quaternary.
تتسم تضاريس السودان بالرتابة وتجمّع التصريف المائي في نهر النيل. تولف المرتفعات بين 300 و500م نحو 45% من المساحة، والمناطق الشديدة الارتفاع 3%، وتظهر الكتل المرتفعة عن المستوى العام في الأطراف الشرقية للسودان، وهي سلاسل البحر الأحمر التي تقطعها خوانق عميقة أشهرها خور أربعات، تنحدر على سهل ساحلي متفاوت السعة (25ـ55كم)، وفي أقصى الغرب مرتفعات كردفان ودارفور (3042م)، وتقع أعلى قمة في مرتفعات الجنوب، جبال الإيماتونغ-الاتشولي (3187م).
مناخ السودان مداري قاري، مرتفع الحرارة بوجه عام، لا يقل متوسط درجة حرارته عن 24 ْ في أي جزء منه، وأقل الفصول حرارة هو فصل الشتاء، إذ تصل درجة الحرارة إلى ما دون 6 ْ، وهي ملحوظة في الشمال أكثر من الجنوب، وفي وسط السودان تنخفض درجة الحرارة في فصل الشتاء (كانون الثاني) وفي فصل المطر (آب)،أما في الجنوب فإن أشهر انخفاض الحرارة هي أشهر الصيف وهي أشهر المطر، وهناك ثلاثة نطاقات من الحرارة وصفاتها على امتداد شهور السنة: نطاق شمال خط عرض مدينة الخرطوم، والثاني جنوب خط عرض جبلين، والثالث محصور فيما بينهما. وفي السودان ثلاثة فصول واضحة الشتاء والصيف والخريف، ومناخات متباينة بين الشمال والجنوب والشرق.
تهب على السودان رياح باردة جافة في فصل الشتاء، ورياح جنوبية غربية رطبة في فصل الصيف، ورياح باردة وأخرى صحراوية جافة وحارة في الفصول الانتقالية، وهناك العواصف الترابية duststorms، وهي ظاهرة عامة، تشمل المساحات الشمالية والوسطى، وتؤدي إلى تخفيض درجات الرطوبة النسبية وزيادة الجفاف، وتخفيض مدى الرؤية، ومثالها رياح الهبوب.
يعد المطر العنصر المناخي الرئيس في السودان، وتوزعه عامل أساسي في توزيع السكان، وفي النشاط الاقتصادي، تزداد كميته جنوباً، وتبلغ 2260ملم في الإيماتونغ.
موارد المياه: يتجه معظم التصريف المائي إلى نهر النيل، وإضافة إلى المجاري الرئيسة لأعالي النيل، هناك مجار فرعية وأخرى موسمية وأخوار: خور بركة وخور القاش، وآبار عميقة يحفرها السكان، يسمونها السواني (ج سانة) وآبار ضحلة باسم (حجام)، وتقتصر الينابيع على مناطق جبلية محدودة.
يتجه معظم التصريف المائي إلى نهر النيل، منابعه الأولى من هضبة البحيرات، ويطلق عليه حتى بحيرة «نو» اسم بحر الجبل، وبعد التقاء النيلين الأبيض والأزرق يسمى النيل النوبي حتى أسوان، ويلاحظ عليه في هذه المنطقة ظاهرة التثني والجنادل. يجتاز النيل مسافة 6695كم تقريباً، منها 505كم من منابعه حتى حدود السودان الجنوبية و4670كم ضمن أراضي السودان و1520كم ضمن القطر المصري، ونظراً لحاجة هذا القطر لمياهه فقد أبرمت اتفاقيات بين القطرين، وأقيمت عليه سدود في الأراضي السودانية: الرصيرص وسنار وخشم القربة.
النباتات الطبيعية
1ـ الغابات وتشمل: الغابات النفضية، والمغلقة، والأروقة، وغابات الجبل أو غابات السحاب، كغابات الإيماتونغ والإتشولي ودونجوتونا والديدنجا.
2ـ حشائش السافانّا
3ـ الحشائش القصيرة وأشجار السنط.
4ـ نباتات الصحراء وشبه الصحراء وتشمل: الإقليم الصحراوي وشبه الصحراوي.
تنتشر في السودان تربة اللاتيريت لاسيما في الجنوب، وهي عموماً فقيرة إلى المواد العضوية، أما التربة الفيضية الصلصالية فتنتشر على مساحات واسعة، وهناك ترب محلية تختلف من منطقة لأخرى، وتتبع نوع الصخر المحلي الموجود أصلاً، وفي النطاق الصحراوي التربة الصحراوية الفقيرة.
الجغرافية البشرية
السلالات البشرية في السودان: يسود السودان أربع مجموعات بشرية هي: العربية، النوبية، البجاوية، والمتزنجة. تسود السلالة القوقازية في السودان الشمالي، وينتشر العنصر السامي العربي والثقافة العربية، باستثناء منطقة النوبة حيث يعيش النوبيون، ومنطقة البحر الأحمر، حيث تتجول جماعة البجاة، والعنصر العربي واضح في المجموعتين، والقبائل العربية الكبرى في السودان هي 1ـ الجعليون، 2ـ الجهنيون ويؤلفون تسعة أعشار القبائل العربية في السودان، 3ـ الكواهلة، 4ـ الفونج، ويرجح أنهم من بني أمية.
ينقسم النوبيون إلى خمس مجموعات رئيسة، ثلاث منها في السودان: المحس والسكوت والدناقلة، واثنتان في مصر: الفدجة والكنوز، أما البجاة: فهي أربع مجموعات قبلية كبيرة: البشاريون والأمرآر والهدندوة وبنو عامر، وهناك بعض القبائل الصغيرة، وقد انتشرت بينهم اللغة والثقافة العربيتان.
مساحة إقليم الجنوب 650 ألف كم2، ويقسم إدارياً إلى ثلاث مديريات: الاستوائية والغزال وأعالي النيل، يعيش فيه 25% من السكان. يقسمون من الناحية اللغوية إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي: المجموعة النيليةNilites وهي أهم مجموعة من حيث العدد، والنيلية الحامية Nilohamites وهم رعاة ماشية وموطن معيشتهم موبوء بذبابة تسي تسي، والمجموعة السودانية. يتكلم أهل الجنوب لهجات ولغات مختلفة عن لهجات السودان ويتفاهمون فيما بينهم باللغة العربية المعروفة بلهجة جوبا.
يؤلف المسلمون في الشمال 70% من سكان البلاد، ومعظمهم يتبع المذهب السني (المالكي)، في حين يؤلف الوثنيون السود في الجنوب 20% والكاثوليك والبروتستنت 10%.
عدد السكان وتوزعهم: يشكو السودان فقراً سكانياً، إذ بلغ عدد سكانه بموجب التعداد الأول عام 1955 نحو عشرة ملايين نسمة، وفي عام 2002 بلغ عددهم نحو 35مليون نسمة بكثافة حسابية (12 نسمة/كم2)، يؤلفون 11.6% من سكان الوطن العربي، ويقدر أن يصبح العدد أكثر من 41 مليون نسمة في عام 2015.
يرتبط التوزيع السكاني في السودان بالأحوال المناخية والمائية والتربة الزراعية، ويتركز السكان في (24%) من المساحة، وتقل الكثافة عن(4 نسمة/كم2) في (65%) من مساحة البلاد، وهي في شرقي القطر أكثر منها في غربيه، وأكثر المديريات كثافة سكانية مديرية الخرطوم (24 نسمة/كم2).
نمو السكان: قدر معدل المواليد بين عامي 2000ـ2004 بنحو 39.6%، أعلاه في المديريات الجنوبية، ومعدل الوفيات بنحو 14%، وهو في المديريات الجنوبية ضعف الشمالية وبين عامي 2000ـ2005 قدر معدل النمو الطبيعي بنحو2.5%، ومعدل الخصوبة الإجمالي للمرأة الواحدة بنحو 4.39، والعمر المتوقع عند الولادة 56.9 سنة للإناث و54 سنة للذكور، وفي عام 2000 قدر معدل وفيات الرضع 65 لكل ألف مولود حي ووفيات الأطفال 133 لكل ألف مولود، ووفيات الأطفال دون الخامسة 107.
الوضع التعليمي والوضع الصحي
أ ـ الوضع التعليمي: نسبة المتعلمين في جميع المراحل التعليمية نسبة ضئيلة جداً، ففي عام 1968 بلغت نسبة الأمية 75.50 ومعدل الإلمام بالقراءة والكتابة عند البالغين (15 سنة فأكثر) 47.7% للإناث و70% للذكور، ونسبة الالتحاق الإجمالية بالتعليم الابتدائي 46%، والابتدائي والثانوي والعالي 34%، ونسبة التحاق النساء بالتعليم العالي 7%، ونسبتهم إلى الذكور 0.92%.
في السودان نحو 26جامعة وكلية متخصصة موزعة في جميع الولايات، معظمها حكومية، وبعضها أهلية،خاضعة للجهات الرسمية في الدولة، بعضها متخصص كجامعة القرآن وبعضها متعدد التخصصات كجامعتي الخرطوم، وكردفان.
ب ـ الوضع الصحي: هناك قصور واضح في الخدمات الصحية، واختلال في توزيعها بين الولايات، ففي عام 2002 بلغ عدد الأطباء لكل مئة ألف شخص 16طبيباً ، ونسبة الأطفال البالغين من العمر سنة واحدة والمحصنين ضد السل 51% والحصبة 67%، وناقصي التغذية 21% وناقصي الوزن بالنسبة لأعمارهم 17% والأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) البالغين (15ـ49سنة) 6.2% ونسبة الحاصلين على مرافق صحية محسنة 62% وعلى مصادر المياه المحسنة 75% وعلى العقاقير الأساسية 0.49%. وبلغت نسبة الإنفاق على الصحة 1% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2000، ويأتي السودان في المرتبة 138 في ترتيب التنمية البشرية.
أنماط الحياة: تقسم القبائل في السودان إلى: رعاة الإبل، رعاة البقر، والزراع والمستقرين، وتبلغ نسبة البداوة بمفهومها الحقيقي (40ـ50%) ويعيش البدو أساساً في كردفان ودارفور وفي صحراء شرقي السودان.
بلغت نسبة الحضر 37% في عام 2001 وقدرت نسبة النمو الحضري بين عامي 2000 ـ 2005 بنحو 4.7%، وهناك تحركات أخرى: 1- التحركات المؤقتة، 2-الاستيطانية، 3- التوطينية. وتتضمن هذه التحركات قطاعاً من سكان السودان، وقطاعاً آخر من خارجه، وتحركات السكان إلى الدول المجاورة (مصر وزائير وأوغندة وإثيوبية) لا توازي الهجرة إليه، وقد بلغ عدد اللاجئين في عام 2001، بحسب بلد اللجوء 349 في الألف وبحسب بلد المنشأ490 في الألف.
التقسيم الإداري: يقسم السودان إدارياً إلى تسع مديريات وهي: الشمالية، الخرطوم، كسلا، كردفان، دارفور، النيل الأزرق، أعالي النيل، بحر الغزال، الاستوائية. وفيه ست عشرة ولاية، ولكل ولاية إدارة، وعاصمة الدولة مدينة الخرطوم، وعدد سكانها بـ 2.441مليون نسمة (عام 2000)، ومعدل الهجرة إليها من الريف 14.7% وأشهر مدن السودان: أم درمان، عطبرة، الأبيّض، بور سودان، سواكن، بربر، أركويت، سنكات.
الأحوال الاقتصادية
يتمتع السودان بإمكانات اقتصادية واسعة يمكن الاستفادة منها على نطاق الوطن العربي كله، إلا أنه لا يزال يعاني من سوء استغلال في هذا الشأن.
الزراعة والإنتاج الزراعي: يعد قطاع الزراعة القطاع الرئيس في اقتصاد السودان، يسهم بنسبة 43% من الناتج القومي و55% من العمالة و90% من عائدات الصادرات وتشكل منتجاته المواد الخام الأساسية للإنتاج الصناعي المحلي، ويوفر جانباً كبيراً من احتياجات السودان من الأغذية والسلع الأخرى، والميزان الزراعي موجب دائماً، وهي ظاهرة ينفرد بها السودان بين الدول العربية.
يمتلك السودان ثلث الأراضي الصالحة للزراعة في الوطن العربي (أكثر من 12 مليون هكتار)، لكنه يعاني من مشكلات طبيعية وبشرية تعرقل تطور الزراعة: مشكلة المياه، نقص الأيدي العاملة المدربة، ومشكلة الحرب في الجنوب وغيرذلك ، ولقد وضعت الدولة خططاً ترمي إلى تنمية الزراعة، من أجل الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض.
القطن هو أهم الزراعات، وهو عماد الاقتصاد السوداني، وتشكل مبيعاته 2.5% من الناتج القومي وتشغل الذرة البيضاء نحو 28% من مساحة الأراضي المزروعة، والدُّخْن 18% sorghum، ثم الحبوب الزيتية أهمها: السمسم، الفول السوداني، ويأتي في المرتبة الثالثة في قائمة الصادرات، بعد القطن والصمغ العربي.
وهناك غلات ثانوية: البافرا، اليام، التلابون، الدوم، البن، الفلفل الأحمر. ويعمل السودان على إنماء الموارد الزراعية بمعدل 6%، لينتج ما لا يقل عن 40%من احتياجات الوطن العربي من المواد الغذائية.
السودان غني بالثروة الحيوانية، يمتلك 130 مليون رأس تسهم بنسبة 20% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل بها 40% من القوة العاملة، وهناك الإبل والأبقار الأغنام والماعز والحمير، إضافة إلى الثروة الحيوانية المائية من الأسماك والأصداف، ويعد السمك غذاءً رئيساً في جنوبي السودان، وهناك الحيوانات البرية النادرة كالأسود والطيور والزواحف، ولها دخل غير منظور (السياحة).
الصناعة: عاش السودان بعيداً عن ميدان الصناعة حتى الحرب العالمية الثانية، وبدأ الاهتمام بها بعد الأخذ بالتخطيط، وإنشاء هيئة تنفيذ المشروعات الصناعية على أسس فنية وعلمية واقتصادية مدروسة، وقد ارتفعت نسبة إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي إلى 17% في عام 2002.
تتركز الصناعة في المدن الرئيسة، ومؤسساتها صغيرة الحجم، وتؤلف الصناعات الاستهلاكية 75% من الصناعات التحويلية، وأهمـها من حيث القيمة الصناعات الكيمياوية (39%) ومن حيث الاستهلاك، الصناعات الغذائية (7%)، ويشار خاصة إلى صناعة السكر، والسودان أحد الدول الرئيسة المصدرة للسكر في العالم، وصناعة الألبان والجلود، وفي السودان أعظم معمل لها في الشرق الأوسط، والأنسجة والملبوسات، والورق ومنتجاته والمنتجات المعدنية الأساسية... ونتيجة لتنفيذ المشاريع الصناعية، فقد أصبحت السوق المحلية تكتفي بعدد من المنتجات الصناعية. اكتشف النفط في موقع (بنيتو) في جنوبي السودان، وقد بلغ احتياطيه 0.30 مليار برميل في عام 1995، ومن الغاز الطبيعي 86مليار م3، وكان إجمالي الطاقة التصميمية القائمة لتكرير النفط 32 ألف برميل/ يوم ، وهناك مصفاتان لتكريره.
طرق النقل والتجارة الخارجية: ما يزال النقل في السودان من المشكلات الرئيسة، والطرق منها المعبد ومنها المسالك الطبيعية، أما السكك الحديدية فطولها 4750 كم، وتضم محورين من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، مهمتها متفاوتة بين الزراعة والتجارة والموقع، أما الملاحة النهرية فتظهر أهميتها جنوب مدينة «الواو» ولتنشيط الملاحة البحرية أقيمت شركة خطوط بحرية سودانية، وبُني أسطول وطني، وأهم الموانئ هي ميناء بور سودان، في السودان ما يقرب من 37 مطاراً أو محطة طيران تخدم النواحي المدنية.
يعد قطاع الزراعة القطاع الرئيس في تجارة السودان وفي اقتصاده، وصادرات السودان من الحاصلات الزراعية والمنتجات الأولية، ولا يزال القطن يحتل مكان الصدارة يليه الذرة، الفول السوداني، أما واردات السودان فالرئيسة منها الآلات والمعدات وقطع الغيار ووسائل النقل... وقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي 12.5 بليون دولار في عام 2001 وللفرد 395 دولار، وتراوح أسواق التصدير بين الدول العربية وغير العربية، في نطاق الدول الشرقية والغربية.
لمحة تاريخية
يمتد تاريخ السودان إلى 7000 سنة قبل الميلاد، وكان يعرف قديماً بأرض كوشKush، وفي البداية الباكرة قامت فيه دولة قديمة على ضفاف النيل النوبي (ناباتاNabata) وتجمّع شملها بعد ذلك حول موقع مروى[ر] Meroe القديمة في موقع قرية كبوشية الحديثة، ثم قامت ثلاث دويلات المسيحية هي: النوبة السفلى ومقرة وعلوة. وقد أدى وصول الجماعات العربية ونشر الإسلام إلى لمّ الشمل والترابط البشري والاقتصادي بين الكيان الجنوبي والكيان البجاوي والكيان العربي، وقد نشأت في هذه المرحلة بعض الدول والدويلات، منها دولتا الفونج والفور.
بدأ التوسع المصري في بدايات القرن التاسع عشر، واستمر حتى سنة 1885م، وفي سنة 1880م، ثارت قبائل السودان بقيادة محمد أحمد المهدي، وأعلن نفسه رئيساً لدولة دينية، حتى سنة 1898م، وفي سنة 1899م، وقعت مصر وبريطانيا اتفاقية الحكم الثنائي للسودان، وأعلن عن قيام مجلس استشاري لشمالي السودان وحده دون الجنوب، وكان هذا بدء سياسة فصل جنوبي السودان عن شماليه.
بعد ثورة تموز 1952 في مصر، وافقت دولتا الحكم الثنائي (مصر وبريطانيا) على قيام دولة مستقلة في السودان، وفي أول كانون الثاني 1956، أُعلنت السودان جمهورية مستقلة ذات سيادة، وكانت تعرف في القرن التاسع عشر باسم الأقاليم السودانية، وكان إبراهيم عبود أول رئيس للجمهورية، وأصبحت عضواً في هيئة الأمم المتحدة سنة 1956.
في 17 تشرين الثاني 1958 قامت حكومة ديمقراطية ائتلافية جديدة. وفي 25 أيار1969، تولى الجيش السلطة في السودان، وتوالت الأحداث إلى أن كان 30 حزيران 1989، حين تسلم اللواء عمر حسن أحمد البشير زمام السلطة، وفي 1/5/1992، كانت جمهورية السودان الديمقراطية ذات نظام عسكري وسلطة مركزية، يرأسها اللواء عمر البشير، يعاونه مجلس الثورة. ونظام الحكم الحالي رئاسي برلماني، والسلطة التشريعية مجلس وطني.
رجاء دويدري
السودان، في اللغة، جمع لكلمة أسود، ولم تكن التسمية معروفةً حتى أطلقها العرب المسلمون على الأرض الواقعة جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى، وكان يطلق اسم «تكرور» على جميع بلاد السودان التي وصل إليها الإسلام، من المحيط الأطلسي حتى وادي النيل، وتكرور اليوم ضمن أراضي مالي.
يستخدم الجغرافيون حديثاً تعبير السودان Sudan للدلالة على حزام السافانا غير المطيرة والمناطق شبه الصحراوية الممتدة عبر قارة إفريقيا من الشرق إلى الغرب. وجمهورية السودان الديمقراطية، هي الجزء الشرقي من هذا الحزام، وهي دولة حديثة العهد، ترجع نشأتها إلى الربع الأخير من القرن التاسع عشر.
يشمل السودان أرضاً تنتشر على محور عام، فيما بين درجتي 30 َ 3 ْ و22 ْ شمالاً، وخطي الطول 22 ْ و30 َ 38 ْ شرقاً، شاغلاً مساحة قدرها 2505813 كم2، فهو من أكبر عشر دول مساحة في العالم، تعادل مساحته 8% من مساحة قارة إفريقيا.
حدوده السياسية غير متناسقة عموماً مع واقعه البشري، يشترك فيها مع تسع دول إفريقية هي: جمهورية مصر العربية، وإثيوبيا وأريتريا والجماهيرية الليبية وكينيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية، وإفريقيا الوسطى، يساحل البحر الأحمر على امتداد 800 كم، ويتوغل فيما وراء الصحراء الإفريقية الكبرى، فهو بذلك يمثل عمقاً استراتيجياً للوطن العربي. وله أهميته على المستوى المحلي والعربي والعالمي.
تنتشر تكوينات ما قبل الكامبريPrecambrian وتكوينات الدور الأولPaleozoic وتعرف تكوينات الدور الثانيMesozoic بالمجموعة النوبية Nubian series، تمتد في مساحة تشمل أكثر من ثلثي مساحة السودان، وتمتاز بمساميتها، ولعل جميع الواحات التي تظهر في شمالي السودان ومصر تعود إلى الأمطار الهاطلة على هذه الصخور، أما تكوينات الدور الثالث Cenozoicفانتشارها محدود، وأكثر جهات السودان مغطاة بتكوينات الدور الرابع Quaternary.
تتسم تضاريس السودان بالرتابة وتجمّع التصريف المائي في نهر النيل. تولف المرتفعات بين 300 و500م نحو 45% من المساحة، والمناطق الشديدة الارتفاع 3%، وتظهر الكتل المرتفعة عن المستوى العام في الأطراف الشرقية للسودان، وهي سلاسل البحر الأحمر التي تقطعها خوانق عميقة أشهرها خور أربعات، تنحدر على سهل ساحلي متفاوت السعة (25ـ55كم)، وفي أقصى الغرب مرتفعات كردفان ودارفور (3042م)، وتقع أعلى قمة في مرتفعات الجنوب، جبال الإيماتونغ-الاتشولي (3187م).
مناخ السودان مداري قاري، مرتفع الحرارة بوجه عام، لا يقل متوسط درجة حرارته عن 24 ْ في أي جزء منه، وأقل الفصول حرارة هو فصل الشتاء، إذ تصل درجة الحرارة إلى ما دون 6 ْ، وهي ملحوظة في الشمال أكثر من الجنوب، وفي وسط السودان تنخفض درجة الحرارة في فصل الشتاء (كانون الثاني) وفي فصل المطر (آب)،أما في الجنوب فإن أشهر انخفاض الحرارة هي أشهر الصيف وهي أشهر المطر، وهناك ثلاثة نطاقات من الحرارة وصفاتها على امتداد شهور السنة: نطاق شمال خط عرض مدينة الخرطوم، والثاني جنوب خط عرض جبلين، والثالث محصور فيما بينهما. وفي السودان ثلاثة فصول واضحة الشتاء والصيف والخريف، ومناخات متباينة بين الشمال والجنوب والشرق.
تهب على السودان رياح باردة جافة في فصل الشتاء، ورياح جنوبية غربية رطبة في فصل الصيف، ورياح باردة وأخرى صحراوية جافة وحارة في الفصول الانتقالية، وهناك العواصف الترابية duststorms، وهي ظاهرة عامة، تشمل المساحات الشمالية والوسطى، وتؤدي إلى تخفيض درجات الرطوبة النسبية وزيادة الجفاف، وتخفيض مدى الرؤية، ومثالها رياح الهبوب.
يعد المطر العنصر المناخي الرئيس في السودان، وتوزعه عامل أساسي في توزيع السكان، وفي النشاط الاقتصادي، تزداد كميته جنوباً، وتبلغ 2260ملم في الإيماتونغ.
موارد المياه: يتجه معظم التصريف المائي إلى نهر النيل، وإضافة إلى المجاري الرئيسة لأعالي النيل، هناك مجار فرعية وأخرى موسمية وأخوار: خور بركة وخور القاش، وآبار عميقة يحفرها السكان، يسمونها السواني (ج سانة) وآبار ضحلة باسم (حجام)، وتقتصر الينابيع على مناطق جبلية محدودة.
يتجه معظم التصريف المائي إلى نهر النيل، منابعه الأولى من هضبة البحيرات، ويطلق عليه حتى بحيرة «نو» اسم بحر الجبل، وبعد التقاء النيلين الأبيض والأزرق يسمى النيل النوبي حتى أسوان، ويلاحظ عليه في هذه المنطقة ظاهرة التثني والجنادل. يجتاز النيل مسافة 6695كم تقريباً، منها 505كم من منابعه حتى حدود السودان الجنوبية و4670كم ضمن أراضي السودان و1520كم ضمن القطر المصري، ونظراً لحاجة هذا القطر لمياهه فقد أبرمت اتفاقيات بين القطرين، وأقيمت عليه سدود في الأراضي السودانية: الرصيرص وسنار وخشم القربة.
النباتات الطبيعية
أراضي معشوبة خصبة على ضفاف النيل |
2ـ حشائش السافانّا
3ـ الحشائش القصيرة وأشجار السنط.
4ـ نباتات الصحراء وشبه الصحراء وتشمل: الإقليم الصحراوي وشبه الصحراوي.
تنتشر في السودان تربة اللاتيريت لاسيما في الجنوب، وهي عموماً فقيرة إلى المواد العضوية، أما التربة الفيضية الصلصالية فتنتشر على مساحات واسعة، وهناك ترب محلية تختلف من منطقة لأخرى، وتتبع نوع الصخر المحلي الموجود أصلاً، وفي النطاق الصحراوي التربة الصحراوية الفقيرة.
الجغرافية البشرية
السلالات البشرية في السودان: يسود السودان أربع مجموعات بشرية هي: العربية، النوبية، البجاوية، والمتزنجة. تسود السلالة القوقازية في السودان الشمالي، وينتشر العنصر السامي العربي والثقافة العربية، باستثناء منطقة النوبة حيث يعيش النوبيون، ومنطقة البحر الأحمر، حيث تتجول جماعة البجاة، والعنصر العربي واضح في المجموعتين، والقبائل العربية الكبرى في السودان هي 1ـ الجعليون، 2ـ الجهنيون ويؤلفون تسعة أعشار القبائل العربية في السودان، 3ـ الكواهلة، 4ـ الفونج، ويرجح أنهم من بني أمية.
ينقسم النوبيون إلى خمس مجموعات رئيسة، ثلاث منها في السودان: المحس والسكوت والدناقلة، واثنتان في مصر: الفدجة والكنوز، أما البجاة: فهي أربع مجموعات قبلية كبيرة: البشاريون والأمرآر والهدندوة وبنو عامر، وهناك بعض القبائل الصغيرة، وقد انتشرت بينهم اللغة والثقافة العربيتان.
مساحة إقليم الجنوب 650 ألف كم2، ويقسم إدارياً إلى ثلاث مديريات: الاستوائية والغزال وأعالي النيل، يعيش فيه 25% من السكان. يقسمون من الناحية اللغوية إلى ثلاثة أقسام رئيسة هي: المجموعة النيليةNilites وهي أهم مجموعة من حيث العدد، والنيلية الحامية Nilohamites وهم رعاة ماشية وموطن معيشتهم موبوء بذبابة تسي تسي، والمجموعة السودانية. يتكلم أهل الجنوب لهجات ولغات مختلفة عن لهجات السودان ويتفاهمون فيما بينهم باللغة العربية المعروفة بلهجة جوبا.
يؤلف المسلمون في الشمال 70% من سكان البلاد، ومعظمهم يتبع المذهب السني (المالكي)، في حين يؤلف الوثنيون السود في الجنوب 20% والكاثوليك والبروتستنت 10%.
عدد السكان وتوزعهم: يشكو السودان فقراً سكانياً، إذ بلغ عدد سكانه بموجب التعداد الأول عام 1955 نحو عشرة ملايين نسمة، وفي عام 2002 بلغ عددهم نحو 35مليون نسمة بكثافة حسابية (12 نسمة/كم2)، يؤلفون 11.6% من سكان الوطن العربي، ويقدر أن يصبح العدد أكثر من 41 مليون نسمة في عام 2015.
يرتبط التوزيع السكاني في السودان بالأحوال المناخية والمائية والتربة الزراعية، ويتركز السكان في (24%) من المساحة، وتقل الكثافة عن(4 نسمة/كم2) في (65%) من مساحة البلاد، وهي في شرقي القطر أكثر منها في غربيه، وأكثر المديريات كثافة سكانية مديرية الخرطوم (24 نسمة/كم2).
نمو السكان: قدر معدل المواليد بين عامي 2000ـ2004 بنحو 39.6%، أعلاه في المديريات الجنوبية، ومعدل الوفيات بنحو 14%، وهو في المديريات الجنوبية ضعف الشمالية وبين عامي 2000ـ2005 قدر معدل النمو الطبيعي بنحو2.5%، ومعدل الخصوبة الإجمالي للمرأة الواحدة بنحو 4.39، والعمر المتوقع عند الولادة 56.9 سنة للإناث و54 سنة للذكور، وفي عام 2000 قدر معدل وفيات الرضع 65 لكل ألف مولود حي ووفيات الأطفال 133 لكل ألف مولود، ووفيات الأطفال دون الخامسة 107.
الوضع التعليمي والوضع الصحي
أ ـ الوضع التعليمي: نسبة المتعلمين في جميع المراحل التعليمية نسبة ضئيلة جداً، ففي عام 1968 بلغت نسبة الأمية 75.50 ومعدل الإلمام بالقراءة والكتابة عند البالغين (15 سنة فأكثر) 47.7% للإناث و70% للذكور، ونسبة الالتحاق الإجمالية بالتعليم الابتدائي 46%، والابتدائي والثانوي والعالي 34%، ونسبة التحاق النساء بالتعليم العالي 7%، ونسبتهم إلى الذكور 0.92%.
في السودان نحو 26جامعة وكلية متخصصة موزعة في جميع الولايات، معظمها حكومية، وبعضها أهلية،خاضعة للجهات الرسمية في الدولة، بعضها متخصص كجامعة القرآن وبعضها متعدد التخصصات كجامعتي الخرطوم، وكردفان.
ب ـ الوضع الصحي: هناك قصور واضح في الخدمات الصحية، واختلال في توزيعها بين الولايات، ففي عام 2002 بلغ عدد الأطباء لكل مئة ألف شخص 16طبيباً ، ونسبة الأطفال البالغين من العمر سنة واحدة والمحصنين ضد السل 51% والحصبة 67%، وناقصي التغذية 21% وناقصي الوزن بالنسبة لأعمارهم 17% والأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) البالغين (15ـ49سنة) 6.2% ونسبة الحاصلين على مرافق صحية محسنة 62% وعلى مصادر المياه المحسنة 75% وعلى العقاقير الأساسية 0.49%. وبلغت نسبة الإنفاق على الصحة 1% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2000، ويأتي السودان في المرتبة 138 في ترتيب التنمية البشرية.
أنماط الحياة: تقسم القبائل في السودان إلى: رعاة الإبل، رعاة البقر، والزراع والمستقرين، وتبلغ نسبة البداوة بمفهومها الحقيقي (40ـ50%) ويعيش البدو أساساً في كردفان ودارفور وفي صحراء شرقي السودان.
بلغت نسبة الحضر 37% في عام 2001 وقدرت نسبة النمو الحضري بين عامي 2000 ـ 2005 بنحو 4.7%، وهناك تحركات أخرى: 1- التحركات المؤقتة، 2-الاستيطانية، 3- التوطينية. وتتضمن هذه التحركات قطاعاً من سكان السودان، وقطاعاً آخر من خارجه، وتحركات السكان إلى الدول المجاورة (مصر وزائير وأوغندة وإثيوبية) لا توازي الهجرة إليه، وقد بلغ عدد اللاجئين في عام 2001، بحسب بلد اللجوء 349 في الألف وبحسب بلد المنشأ490 في الألف.
التقسيم الإداري: يقسم السودان إدارياً إلى تسع مديريات وهي: الشمالية، الخرطوم، كسلا، كردفان، دارفور، النيل الأزرق، أعالي النيل، بحر الغزال، الاستوائية. وفيه ست عشرة ولاية، ولكل ولاية إدارة، وعاصمة الدولة مدينة الخرطوم، وعدد سكانها بـ 2.441مليون نسمة (عام 2000)، ومعدل الهجرة إليها من الريف 14.7% وأشهر مدن السودان: أم درمان، عطبرة، الأبيّض، بور سودان، سواكن، بربر، أركويت، سنكات.
الأحوال الاقتصادية
يتمتع السودان بإمكانات اقتصادية واسعة يمكن الاستفادة منها على نطاق الوطن العربي كله، إلا أنه لا يزال يعاني من سوء استغلال في هذا الشأن.
الزراعة والإنتاج الزراعي: يعد قطاع الزراعة القطاع الرئيس في اقتصاد السودان، يسهم بنسبة 43% من الناتج القومي و55% من العمالة و90% من عائدات الصادرات وتشكل منتجاته المواد الخام الأساسية للإنتاج الصناعي المحلي، ويوفر جانباً كبيراً من احتياجات السودان من الأغذية والسلع الأخرى، والميزان الزراعي موجب دائماً، وهي ظاهرة ينفرد بها السودان بين الدول العربية.
يمتلك السودان ثلث الأراضي الصالحة للزراعة في الوطن العربي (أكثر من 12 مليون هكتار)، لكنه يعاني من مشكلات طبيعية وبشرية تعرقل تطور الزراعة: مشكلة المياه، نقص الأيدي العاملة المدربة، ومشكلة الحرب في الجنوب وغيرذلك ، ولقد وضعت الدولة خططاً ترمي إلى تنمية الزراعة، من أجل الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض.
عملية وزن القطن، محصول السودان الرئيسي، في إحدى المحطات قبل تصديره |
وهناك غلات ثانوية: البافرا، اليام، التلابون، الدوم، البن، الفلفل الأحمر. ويعمل السودان على إنماء الموارد الزراعية بمعدل 6%، لينتج ما لا يقل عن 40%من احتياجات الوطن العربي من المواد الغذائية.
السودان غني بالثروة الحيوانية، يمتلك 130 مليون رأس تسهم بنسبة 20% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل بها 40% من القوة العاملة، وهناك الإبل والأبقار الأغنام والماعز والحمير، إضافة إلى الثروة الحيوانية المائية من الأسماك والأصداف، ويعد السمك غذاءً رئيساً في جنوبي السودان، وهناك الحيوانات البرية النادرة كالأسود والطيور والزواحف، ولها دخل غير منظور (السياحة).
الصناعة: عاش السودان بعيداً عن ميدان الصناعة حتى الحرب العالمية الثانية، وبدأ الاهتمام بها بعد الأخذ بالتخطيط، وإنشاء هيئة تنفيذ المشروعات الصناعية على أسس فنية وعلمية واقتصادية مدروسة، وقد ارتفعت نسبة إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي إلى 17% في عام 2002.
تتركز الصناعة في المدن الرئيسة، ومؤسساتها صغيرة الحجم، وتؤلف الصناعات الاستهلاكية 75% من الصناعات التحويلية، وأهمـها من حيث القيمة الصناعات الكيمياوية (39%) ومن حيث الاستهلاك، الصناعات الغذائية (7%)، ويشار خاصة إلى صناعة السكر، والسودان أحد الدول الرئيسة المصدرة للسكر في العالم، وصناعة الألبان والجلود، وفي السودان أعظم معمل لها في الشرق الأوسط، والأنسجة والملبوسات، والورق ومنتجاته والمنتجات المعدنية الأساسية... ونتيجة لتنفيذ المشاريع الصناعية، فقد أصبحت السوق المحلية تكتفي بعدد من المنتجات الصناعية. اكتشف النفط في موقع (بنيتو) في جنوبي السودان، وقد بلغ احتياطيه 0.30 مليار برميل في عام 1995، ومن الغاز الطبيعي 86مليار م3، وكان إجمالي الطاقة التصميمية القائمة لتكرير النفط 32 ألف برميل/ يوم ، وهناك مصفاتان لتكريره.
طرق النقل والتجارة الخارجية: ما يزال النقل في السودان من المشكلات الرئيسة، والطرق منها المعبد ومنها المسالك الطبيعية، أما السكك الحديدية فطولها 4750 كم، وتضم محورين من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، مهمتها متفاوتة بين الزراعة والتجارة والموقع، أما الملاحة النهرية فتظهر أهميتها جنوب مدينة «الواو» ولتنشيط الملاحة البحرية أقيمت شركة خطوط بحرية سودانية، وبُني أسطول وطني، وأهم الموانئ هي ميناء بور سودان، في السودان ما يقرب من 37 مطاراً أو محطة طيران تخدم النواحي المدنية.
يعد قطاع الزراعة القطاع الرئيس في تجارة السودان وفي اقتصاده، وصادرات السودان من الحاصلات الزراعية والمنتجات الأولية، ولا يزال القطن يحتل مكان الصدارة يليه الذرة، الفول السوداني، أما واردات السودان فالرئيسة منها الآلات والمعدات وقطع الغيار ووسائل النقل... وقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي 12.5 بليون دولار في عام 2001 وللفرد 395 دولار، وتراوح أسواق التصدير بين الدول العربية وغير العربية، في نطاق الدول الشرقية والغربية.
لمحة تاريخية
يمتد تاريخ السودان إلى 7000 سنة قبل الميلاد، وكان يعرف قديماً بأرض كوشKush، وفي البداية الباكرة قامت فيه دولة قديمة على ضفاف النيل النوبي (ناباتاNabata) وتجمّع شملها بعد ذلك حول موقع مروى[ر] Meroe القديمة في موقع قرية كبوشية الحديثة، ثم قامت ثلاث دويلات المسيحية هي: النوبة السفلى ومقرة وعلوة. وقد أدى وصول الجماعات العربية ونشر الإسلام إلى لمّ الشمل والترابط البشري والاقتصادي بين الكيان الجنوبي والكيان البجاوي والكيان العربي، وقد نشأت في هذه المرحلة بعض الدول والدويلات، منها دولتا الفونج والفور.
بدأ التوسع المصري في بدايات القرن التاسع عشر، واستمر حتى سنة 1885م، وفي سنة 1880م، ثارت قبائل السودان بقيادة محمد أحمد المهدي، وأعلن نفسه رئيساً لدولة دينية، حتى سنة 1898م، وفي سنة 1899م، وقعت مصر وبريطانيا اتفاقية الحكم الثنائي للسودان، وأعلن عن قيام مجلس استشاري لشمالي السودان وحده دون الجنوب، وكان هذا بدء سياسة فصل جنوبي السودان عن شماليه.
بعد ثورة تموز 1952 في مصر، وافقت دولتا الحكم الثنائي (مصر وبريطانيا) على قيام دولة مستقلة في السودان، وفي أول كانون الثاني 1956، أُعلنت السودان جمهورية مستقلة ذات سيادة، وكانت تعرف في القرن التاسع عشر باسم الأقاليم السودانية، وكان إبراهيم عبود أول رئيس للجمهورية، وأصبحت عضواً في هيئة الأمم المتحدة سنة 1956.
في 17 تشرين الثاني 1958 قامت حكومة ديمقراطية ائتلافية جديدة. وفي 25 أيار1969، تولى الجيش السلطة في السودان، وتوالت الأحداث إلى أن كان 30 حزيران 1989، حين تسلم اللواء عمر حسن أحمد البشير زمام السلطة، وفي 1/5/1992، كانت جمهورية السودان الديمقراطية ذات نظام عسكري وسلطة مركزية، يرأسها اللواء عمر البشير، يعاونه مجلس الثورة. ونظام الحكم الحالي رئاسي برلماني، والسلطة التشريعية مجلس وطني.
رجاء دويدري