فلسفة الحقيقة قصيدة لبدوي الجبل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فلسفة الحقيقة قصيدة لبدوي الجبل

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	images (1).jpg 
مشاهدات:	7 
الحجم:	8.9 كيلوبايت 
الهوية:	124949
    أهنيهة قطع الضحى أم جيلا

    يوم العفاة لقد خلقت طويلا

    ما ضرّ فجرك لو تلألأ وانيا

    فلعلّها تغفو العيون قليلا

    عاجلت أحلام الدّجى فطويتها

    و الرّوح ترشف ثغرها المعسولا

    ما كان أهنأها يلوّن سحرها

    صور المنى و يرفّها تدليلا

    و يثير فيهنّ الحياة شهيّة

    و الحبّ أرعن و الشباب منيلا

    راض الشفاه الشامسات على الهوى

    فضحكن يهمسن الحوار عليلا

    و حنا على بؤس العفاة فما رأوا

    من عثرة إلاّ رأوه مقيلا

    خلع النضارة و الشباب عليهم

    و الحبّ و المتع العذاب الأولى

    نعم و إن كانت تحول على الضحى

    أيّ المباهج لم تكن لتحولا

    تحنو على القلب الجريح فينثني

    ريّان من رحماتها مطلولا

    و ترفّ إن حمى الهجير غمامة

    و ندى و ظلاّ في الهجير ظليلا

    و تحوّل البيد الظماء خمائلا

    سكرى و ربعا ضاحكا مأهولا

    فكأنّها فيما تزخرف من منى

    آس تحاول كفّه التجميلا

    إنّ الذي خلق الحقيقة علقما

    خلق المنى للواردين شمولا

    تتصارعان و لا ترى إحداهما

    ظفرا لتبسط حكمها و تطولا

    تدعو المنى زمر القلوب و أختها

    تدعو بصائر في الوغى و عقولا

    و الكون بين الضرّتين مقسّم

    فاشهد قبيلا يستبيح قبيلا

    و اعذر على البغي القلوب فطالما

    قيدت و ذلّل صعبها تذليلا

    أماّ الدّجى و الفجر من أعدائه

    فاقد بصرت به يخرّ جديلا

    قل للحقيقة إن قسوت فربّما

    فكّ الزمان أسيرك المكبولا

    إن تملكي الدنيا و سرّ كنوزها

    لم تملكي الأحلام و التأميلا

    أفق المنى أحنى و أرحب عالما

    و أحنّ أفياء و أزين سولا

    صوني الكنوز عن العفاة فلا ترى

    عين إلى تلك الكنوز سبيلا

    و تخيّريها للقوي سلافة

    و غنى و طرفا ناعسا مكحولا

    و إذا شكا العافي فسوطك و اسمعي

    نغم الألوهة زفرة و عويلا

    و تنكّري للنائمين على الطّوى

    الله قد خلق المنى لتديلا

    ما كان جودك للسعادة ضامنا

    صدقا و بخلك بالشقاء كفيلا

    هذي الحياة عنت لبأسك رهبة

    فتسمّعي لجبا بها و صهيلا

    و زماجرا قامت على غمّائها

    من حكمك العاتي القويّ دليلا

    ملكت يداك هواءها و بحارها

    و الكون أجمع عرضه و الطولا

    ألعلم يحكم وحده متعسّفا

    لا قلب في سلطانه و ميولا

    و العلم إن ملك القلوب فسمّه

    وحشيّة و ادع الحضارة غيلا

    و العلم إن ملك القلوب فسمّها

    صخرا تنوء بعبئه محمولا

    لا نبض ما خفقت به لكنّه

    صوت الحديد غدا يصلّ صليلا

    أمّا الأكفّ فخيرها ذو جنّة

    حطمّ الرّباب و عالج الإزميلا

    ألعلم سخّرها و حسب العلم أن

    تزن الأمور جميعها و تكيلا

    عفى على حرم الخيال و قدسه

    أو ما ترى حرم الخيال أزيلا

    و لقد وقفت به أناشد غائبا

    قفل الخليط و ما أطاق قفولا

    و بكيت _ أجزيه _ و ربّ مدامع

    خفّفن كربا أو شفين غليلا

    عهدي به و الشعر في أدواحه

    ندّى القلوب أغانينا و هديلا

    خضل العطور ترفّ أنداء المنى

    فيه السرائر بكرة و أصيلا

    و جلا لك الدنيا على ما تشتهي

    منها يملّق حسّك المختولا

    و أعاد مطويّ العصور و آدما

    يحنو بأدمعه على هابيلا

    منح الخلود و لا ميول و لا هوى

    فأبى و آثر غربة و رحيلا

    غزل يفارق من أحبّ و سرّه

    أن فارق التكبير و التهليلا

    تتغيّر الألوان تغمر نفسه

    بالحسن لا نزرا و لا مملولا

    و تبدّل الألوان نعمة خالد

    لم يدر في فردوسه التبديلا

    و ترى بأفياء النخيل بثينة

    تحنو لتحتضن النهود جميلا

    فانعم برؤية عاشقين تلاقيا

    سحرا و قد هوت النجوم أفولا

    و اعذر جميلا حين جنّ جنونه

    فسطا و لا غزلا و لا تأهيلا

    نشوان يهصرها إليه و لا يرى

    إثما و يلهب عريها تقبيلا

    يترشّف الثغر الشهيّ سلافة

    و يرفّه كالأقحوان بليلا

    و دملا و ردن على الغدير و ما اتّقت

    حسناؤهنّ الشاعر الضلّيلا

    حتّى إذا أخفى البرود و سامها

    أمرا رأته من الحياء جليلا

    عطفت تناشده العفاف و أتلعت

    جيدا كلألاء الصّباح أسيلا

    فأبى و تسرع نحوه عريانة

    خجلى لقد حبّ الجمال خجولا

    و تطالع المجنون في أسماله

    شلوا بأنياب السقام أكيلا

    خذلته نعماء العيون و سخّرت

    للعبقريّة ذلك المخذولا

    فهوى صريعا بالرمال مكفّنا

    بمدامع الصبح البليل غسيلا

    و فتى قريش و هو يقتل طرفه

    ليرى الثريّا والها مخبولا

    عبثت لتشهد منه أيّة لوعة

    تجزى و أيّ هوى ملحّ تولى

    و سكينة و الشعر ضيف نديّها

    و الحسن يبعث شجوه فيقولا

    نشوى الدلال تعبّ من خمر الهوى

    سكرا و يمنعها الحياء تميلا

    ملء العيون مفاتنا لكنّها

    ملء القلوب علا أعزّ أثيلا

    وقف العفاف يذود عن ذاك اللّمى

    إلاّ المنى شرس الذياد بخيلا

    و تذيع حمّتها عبيرا ربّما

    أخذ الشذى القدسيّ عن جبريلا

    و أبا نواس في مجالس لهوه

    قسم الليالي سكرة و ذهولا

    حلو الدّعاب هفا و علّل ذنبه

    للآثمين فأحسن التّعليلا

    حسب الحياة سافة و مهفهفا

    و الباقيات من الحياة فضولا

    لم يهو عزّ الحسن في خفراته

    و أحبّه عند القيان ذليلا

    من كلّ نافرة فإن جمّشتها

    ألفيت عقد نطاقها محلولا

    تأبى فيصرفه الملال و لو حنت

    تبغي لبانته لكان ملولا

    و ترى ابن برد و هو في نزواته

    ليثا تحاماه الورى معزولا

    هتك الفضائح بعد صون و انتضى

    للمالكين بيانه المصقولا

    فرموه بالإشراك ثمّ تلمّسوا

    من حاسديه شاهدا مقبولا

    حتّى إذا عزّ الشهود تمحّلوا

    فرأوا شهودا في القريض عدولا

    زعمته أهواء السياسة كافرا

    نالله ما بالكفر راح قتيلا

    متجاورين ترى بكلّ خميلة

    عند الغدير خليلة و خليلا

    متنادمين على السلافة أنشدوا

    غرر النسيب و رتّلوا التنزيلا

    سقيا لنعماء لخيال و لا رأت

    عيناي ربعا من هواه محيلا

    أثمت بزينته الحضارة و اقتضت

    شرّ التقاضي دينها الممطولا

    شوهاء تحلم بالجمال و لا ترى

    إلاّ الأسى و الثكل و الترميلا

    و يعدّ منطقها الضجيج تناسقا

    و الحبّ علما قد أعدّ فصولا

    فإذا أردت الحبّ فابغ أموره

    عند الكتاب و حاذر التأويلا

    و تعلّم الحرقات من صفحاته

    و الدمع كيف تروضه فيسيلا

    و احذق معاتبة النجوم و لومها

    متوجّعا و تعمّد التطويلا

    فمن الكياسة في كتابك أن ترى

    بين النجوم على هواك عذولا

    حرم الخيال فدى رؤاك حضارة

    قد مثّلتك لتخطئ التمثيلا

    هيهات حسنك من جمال خادع

    غشّ العيون و احكم التضليلا

    إنّي لألمح في الغيوب رسالة

    و أرى وراء الغيب منك رسولا

    و كتاب حقّ لا يبالي بالهوى

    إن خالف المعقول و النقولا

    إنجيل عيسى في الحنان و إن يكن

    في غير ذاك يخالف الإنجيلا

    و بيان أحمد : قوّة و عذوبة

    و نهى و رأيا في الحياة جميلا

    عفّى على مدنيّة صخّابة

    يذر الخليّ ضجيجها مشغولا

    جبّارة لا عطف في أقدارها

    عجلى و ما خلق الزمان عجولا

    يمنى تعدّ لك المتاع و أختها

    تلد الشقاء و تخلق التنكيلا

    تبني و تهدم كالحياة وربّما

    غزلت لتنكث خيطها المغزولا

    لا عطف يخفق في الصّدور و لا هوى

    كذبتك عينك بل رأيت طلولا

    و العلم ويل العلم يوم حسابه

    إن كان عن نزواتها مسؤولا

    هذا كتاب الغيب فيه رحمة

    تسع البريّة نترفا و معيلا

    غسل الوجود من الضغائن و الهوى

    لتحلّ روح الله فيه حلولا

    و تألّف الانساب يغمر عطفه

    منها فروعا سمحة و أصولا

    ساوت بساطته الشعوب فما ترى

    فيها هجينا أو تعدّ أصيلا

    و حنت على النفس الأثيم فابصرت

    إثم النفوس على النفوس دخيلا

    ولدته أخيلة الشرائع فكرة

    فنما بأحضان الحضارة غولا

    خلقت له الأسماء و هو كناية

    و تخيّلت ألوانه تخييلا

    و رمت به الإنسان في نعمائه

    فتصّيدته مكبّلا مغلولا

    لم ترض تعذيب الحياة فسخّرت

    بعد الردى لعقابه المجهولا

    فكأنّما تلك الشرائع تقتضي

    عند النفوس ضغائنا و ذحولا

يعمل...
X