الحياة البرية: كيف يؤثر انقراض نوع واحد من الحيوانات على كوكب الأرض بأكمله؟
- ديل شو
- بي بي سي نيوز
تتعرض العديد من النباتات والحيوانات لتهديدات مستمرة بسبب ما يرتكبه الإنسان من أفعال تؤثر عليه سلبا.
إن فقدان البيئة المناسبة التي تعرف بالموائل، بالإضافة إلى تغير المناخ، يؤثر كلاهما بشدة على مختلف أنواع الحيوانات في جميع أنحاء العالم.
على سبيل المثال، تعاني السلاحف البحرية من خسارة الشواطئ التي تضع عليها بيضها بفعل عوامل التعرية، بينما تتعرض الأفيال الأفريقية لتهديد الصيادين والمزارعين. وكلاهما يلعب دورًا مهمًا في النظام البيئي الخاص بهما.
ويساعد سلوك السلاحف والأفيال حيوانات أخرى تعيش بجوارهما على البقاء. وفقدان هذه الكائنات، وغيرها من التي يبحثها هذا الموضوع، قد يكون له تأثير مدمر على النظام البيئي العالمي.
عندما تصعد الحيتان لسطح الماء وتتعرض للهواء، تنفث أعمدة برازية ضخمة تغذي المحيط وتساعد في دعم السلسلة الغذائية
الحيتان
لأكثر من 200 عام، قضى صيد الحيتان على أعدادها في العالم. لكن إجراءات الحفاظ على الطبيعة في الآونة الأخيرة ساعدت على استقرار أعداد الحيتان المستنفدة.
هذا مهم للغاية؛ لأن الحيتان تساعد الكوكب على أن يكون مكانا أفضل يتمتع بصحة جيدة بطرق عدة، إحداها البراز.
فعندما تصعد الحيتان لسطح الماء وتتعرض للهواء، تطلق أعمدة برازية ضخمة تغذي المحيط وتساعد في دعم السلسلة الغذائية.
حتى نفوق هذه الحيتان، يساعد البيئة أيضا. فهذه المخلوقات الضخمة طويلة العمر، تخزن أجسامها كميات هائلة من الكربون، تأخذها من الغلاف الجوي، وعندما تنتهي حياتها، يستقر هذا الكربون في قاع المحيط، ثم تغذي جثة الحوت العملاقة نحو 400 نوع من الحياة البحرية.
وهناك خطوات بسيطة قد تساعد الحيتان وغيرها من أشكال الحياة البحرية، فالأسماك والثدييات البحرية قد تموت بسبب تناول القمامة أو قد تعلق في النفايات العائمة في مياهها. لذا فإن إعادة التدوير قدر المستطاع أو تنظيم جمع القمامة على الشاطئ، من شأنه أن يقلل بشكل كبير من النفايات في مياه البحر.
كيف ساهم البشر في انقراض الحيوانات "ذات الأدمغة الكبيرة"
الأمم المتحدة: الحياة البحرية تواجه "ضررا لا يمكن إصلاحه" بسبب النفايات البلاستيكية
تلقح الطيور 5 في المئة من النباتات التي يستخدمها الإنسان في الغذاء والدواء
الطيور:
إذا كان دور الطيور فقط هو أن تكون مصدرا للجمال في العالم لكفانا، لكنها تفعل ما هو أكثر من ذلك، حيث إن لها العديد من الفوائد البيئية، في القطبين والغابات المطيرة والصحاري، وفي كل بيئة ستكتشف أن الطيور تلعب دورا حيويا فيها.
الطيور مهمة للتلقيح. فقد يتبادر إلى الأذهان أن الحشرات كالنحل والفراشات، تقوم بالجزء الأكبر من عملية التلقيح، لكن الطيور تساهم في تلقيح 5 في المئة من النباتات التي يستخدمها الإنسان في الغذاء والدواء.
وتساهم الطيور أيضا في عملية الزراعة من خلال نثر البذور. فالحبوب التي تأكلها تخرج عن طريق الفضلات، ما يوفر أسمدة صحية. وعندما تهاجر الطيور، والتي غالبا ما تقطع مسافات شاسعة، فإنها تنثر هذه الحبوب في جميع أنحاء العالم. حتى الطيور البحرية، فضلاتها أيضا هي مصدر غذائي حيوي للشعاب المرجانية في العالم، ما يساعد على إبقائها على قيد الحياة.
علاوة على ذلك، تتخلص الطيور من الكثير من الآفات المزعجة، حيث تلتهم ما يصل إلى 500 مليون طن من الحشرات سنويا، ما يوفر خدمة حيوية لعملية الزراعة.
ورغم أن خسارة الموائل أو البيئة المناسبة يعني تراجع أعداد بعض أنواع الطيور، إلا أن برامج الحفاظ على البيئة وإعادة التوطين، ساعدت في زيادة أعدادها كما حدث مع طائر "الحدأة الحمراء" في جنوب إنجلترا.
ويمكن زيادة الأرقام بشكل أكبر من خلال إجراءات بسيطة مهمة، كتوفير الطعام والمياه العذبة النظيفة لطيور الحدائق، لاسيما في فصل الشتاء.
أكثر من 500 نوع من النباتات كالمانغو والموز والأفوكادو تعتمد على الخفافيش في عملية التلقيح
الخفافيش:
للخفافيش فوائد بيئية عظيمة، وتلعب كذلك دورا مهما في عملية التلقيح. ولأنها كائنات ليلية بالأساس، فإنها تعمل على تلقيح النباتات التي لا تمر عليها الطيور والحشرات، مثل الأنواع النادرة من الصبار.
وهناك أكثر من 500 نوع من النباتات، من بينها المانغو والموز والأفوكادو، تعتمد على الخفافيش في عملية التلقيح.
وتلعب الخفافيش أيضا دورا مهما كالطيور في عملية نثر البذور، وهو أمر تبرز أهميته في الغابات المطيرة، التي عانت من عمليات الإزالة الجائرة وفقدان الموائل.
ويعد براز الخفافيش سمادا أكثر خصوبة من روث البقر، ويوفر العناصر الغذائية التي تحتاجها أنظمة الكهوف التي يمكن أن تستغلها الكائنات الأخرى.
كما ساهمت الطبيعية المذهلة لهذا المخلوق في التقدم البشري، فنظام تحديد الموقع بالصدى أثناء تنقل الخفافيش، استوحى منه البشر ابتكارات تكنولوجية مثل السونار أو المسبار الصوتي.
إن اختيار المكان المناسب في الحدائق لوضع صندوق الخفافيش، الذي يشبه صندوق عش الطيور ولكنه يتميز بفتحة من الأسفل، يعد طريقة رائعة لمساعدة الخفافيش على التكاثر.
يعيش فهد الثلوج في مناطق باردة منعزلة، عادة على ارتفاعات تزيد عن 3000 متر ، للاختباء بسهولة بين الثلوج
فهد الثلوج:
تعيش الفهود الثلجية في المناطق الجبلية الوعرة القاسية في وسط وجنوب آسيا، وهي من أكثر السنوريات غموضا على هذا الكوكب. نعرف القليل عنها، لكننا نعلم أن أعدادها آخذة في التناقص؛ فربما لم يتبق منها سوى 4000 في العالم.
تواجه هذه الفهود تهديدات مختلفة؛ ففرائها الجميل السميك العازل للحرارة يجعلها هدفا للصيادين، كما تتعرض لعمليات القتل الانتقامية على يد الرعاة عندما تهاجم الفهود قطيع الماشية.
ويعد تغير المناخ مشكلة رئيسية كذلك، حيث تبحث هذه الفهود عن مناطق باردة منعزلة، عادة على ارتفاعات تزيد عن 3000 متر، حيث يمكنها بسهولة الاختباء بين الثلوج. لكن ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض يعني أن موطنها المثالي آخذ في الانكماش.
وتساعد فهود الثلوج على تحقيق التوازن البيئي في المناطق التي تعيش فيها وتصطاد فيها. فافتراسها الحيوانات التي تتغذى على الأعشاب كالأغنام والماعز، يضمن ألا تجور تلك الماشية في غذائها على الأراضي العشبية، ما قد يؤدي إلى نقص في الحيوانات الأخرى التي تليها في السلسلة الغذائية.
وتعمل الفرق المهتمة بالحفاظ على البيئة، مع السكان الذين يعيشون في تلك المناطق بجوار فهود الثلوج، وتحاول تغيير موقف أصحاب الماشية تجاه هذه المخلوقات الرائعة، من خلال إشراكهم في دراسة طبيعتها وكيفية حمايتها.
علاوة على ذلك، فإن مكافحة تغير المناخ في جميع أنحاء العالم لها كذلك تأثير إيجابي كبير على الحيوانات مثل فهود الثلوج. وهي ليست مهمة الحكومات أو الشركات الكبرى فحسب؛ فالإجراءات الفردية الصغيرة مثل تقليل استخدام السيارات قدر الإمكان، واستخدام الطاقة المتجددة، وتناول كميات أقل من اللحوم، ومحاولة ممارسة التسوق المستدام، كل ذلك من شأنه أن يساعد بشكل كبير في الحفاظ على هذا الحيوان بشكل خاص، وعلى الطبيعة والنظام البيئي بشكل عام.