غوتفريد فون شتراسبورغ
Gottfried Von Strassburg - Gottfried Von Strassburg
غوتفريد فون شتراسبورغ
(نحو 1200م)
غوتفريد فون شتراسبورغ Gottfried von Strassburg شاعر ملحمي ألماني، يرجح أنه عاش بين منتصف القرن الثاني عشر والعقد الثاني من القرن الثالث عشر. وقد ولد في مدينة شتراسبورغ (بالفرنسية Strasbourg) وعاش بها وتوفي، وكانت مزدهرة آنذاك ومنفتحة على الثقافتين الألمانية والفرنسية. اشتهر بعمله الأدبي الوحيد ملحمة «تريستان وإيزولدِه» Tristan und Isolde، التي تشير بجلاء إلى ثقافته الواسعة، سواء على صعيد اللغات والآداب الكلاسيكية الأوربية (اليونانية والرومانية) أم على مستوى ثقافة عصره باللغتين الألمانية والفرنسية، مما يدل على أنه تلقى تعليماً كنسياً معمقاً، من دون أن يصبح رجل دين، وعلى أنه من أصل برجوازي، إذ كان يلقب بالمعلم Meister وليس بالسيد Herr الذي يميز ذوي الأصول الأرستقراطية. لكنه كان مقرباً من أجواء البلاط، فقد أهدى ملحمته إلى السيد ديتريش Herr Dieterich الذي شمله برعايته.
بيَّنت دراسات الأدب المقارن أن أصل حكاية «تريستان وإيزولدِه» ليس سلتياً (كلتياً) Keltisch كما كان يُظن، بل هو فارسي من القرن الحادي عشر وهناك صيغة نثرية للحكاية من القرن الثاني عشر باللغة الجورجية. وعندما أقدم غوتفريد على معالجتها نحو 1210 كان أمامه الصيغة الألمانية التي أنجزها آيلهارت فون أوبرج Eilhart von Oberge نحو عام 1170 بعنوان «تريسترانت» Tristrant والصيغة الأنغلونورمندية التي أنجزها توماس البريتاني Thomas von Britanje بعنوان «تريستان وإيزولت» Tristan and Iseult للبلاط الإنكليزي نحو عام 1170 أيضاً، فاعتمد الصيغة الأخيرة من حيث تسلسل الأحداث، مع تغيير جذري في توجه المضمون وصياغته اللغوية. وبسبب موت غوتفريد المفاجئ بقيت الملحمة غير مكتملة، وقد بلغ عدد أبياتها 19548 بيتاً فأتمها من بعده شاعران، هما أولريش فون تورهايم Ulrich von Türheim (نحو 1230)، وهاينريش فون فرايبرغ Heinrich von Freiberg (نحو 1290).
تسرد ملحمة «تريستان وإيزولدِه» قصة الحب الفريدة في نوعها، بين الشاب الفارس النبيل الموسيقي تريستان (يشير اسمه إلى الحزن، كونه قد ولد لحظة موت أمه) وبين الأميرة إيزولده التي تمتلك طاقة سحرية خيرة، وما تعرض له هذا الحب المتقد والمتجدد أبداً من عقبات وملابسات ودسائس حتى موتهما الفاجع. ومن حيث مضمون الملحمة وشكلها، يمثل غوتفريد الموقف النقيض، اجتماعياً وأخلاقياً وفكرياً، لمعاصره فولفرام فون إشنباخ Wolfram von Eschenbach الأرستقراطي مؤلف ملحمة «پارتسيـڤال» Parzival. ففي «تريستان وإيزولده» يبرز غوتفريد سيد اللغة بتلويناتها البلاغية والعاطفية والإيقاعية. قاد أدب العصر الشتاوفي staufisches Zeitalter (نسبة إلى السلالة الحاكمة فون شتاوفن von Staufen) إلى ذروته الكلاسيكية، بمنحه سمواً جمالياً يتجاوز المعيش اليومي، على الرغم من توجهه الدنيوي الجلي، ومعارضته أخلاقيات الحب العذري العفيف الشائعة في شعر البلاط آنذاك، وذلك بتأكيده كمال الحب في الاتحاد الجسدي والروحي بين الحبيبين، وعلى أن تجربة الحب تنوس بين الفرح والحزن كتجارب الحياة كافة. خرج بتوجهه هذا على تقاليد شعر الحب البلاطي Höfischer Minnesangوأعرافه، مؤسساً للتعمق النفسي عند عرض الحالة العاطفية ومعالجتها.
نبيلة شمس الدين، نبيل الحفار
Gottfried Von Strassburg - Gottfried Von Strassburg
غوتفريد فون شتراسبورغ
(نحو 1200م)
غوتفريد فون شتراسبورغ Gottfried von Strassburg شاعر ملحمي ألماني، يرجح أنه عاش بين منتصف القرن الثاني عشر والعقد الثاني من القرن الثالث عشر. وقد ولد في مدينة شتراسبورغ (بالفرنسية Strasbourg) وعاش بها وتوفي، وكانت مزدهرة آنذاك ومنفتحة على الثقافتين الألمانية والفرنسية. اشتهر بعمله الأدبي الوحيد ملحمة «تريستان وإيزولدِه» Tristan und Isolde، التي تشير بجلاء إلى ثقافته الواسعة، سواء على صعيد اللغات والآداب الكلاسيكية الأوربية (اليونانية والرومانية) أم على مستوى ثقافة عصره باللغتين الألمانية والفرنسية، مما يدل على أنه تلقى تعليماً كنسياً معمقاً، من دون أن يصبح رجل دين، وعلى أنه من أصل برجوازي، إذ كان يلقب بالمعلم Meister وليس بالسيد Herr الذي يميز ذوي الأصول الأرستقراطية. لكنه كان مقرباً من أجواء البلاط، فقد أهدى ملحمته إلى السيد ديتريش Herr Dieterich الذي شمله برعايته.
بيَّنت دراسات الأدب المقارن أن أصل حكاية «تريستان وإيزولدِه» ليس سلتياً (كلتياً) Keltisch كما كان يُظن، بل هو فارسي من القرن الحادي عشر وهناك صيغة نثرية للحكاية من القرن الثاني عشر باللغة الجورجية. وعندما أقدم غوتفريد على معالجتها نحو 1210 كان أمامه الصيغة الألمانية التي أنجزها آيلهارت فون أوبرج Eilhart von Oberge نحو عام 1170 بعنوان «تريسترانت» Tristrant والصيغة الأنغلونورمندية التي أنجزها توماس البريتاني Thomas von Britanje بعنوان «تريستان وإيزولت» Tristan and Iseult للبلاط الإنكليزي نحو عام 1170 أيضاً، فاعتمد الصيغة الأخيرة من حيث تسلسل الأحداث، مع تغيير جذري في توجه المضمون وصياغته اللغوية. وبسبب موت غوتفريد المفاجئ بقيت الملحمة غير مكتملة، وقد بلغ عدد أبياتها 19548 بيتاً فأتمها من بعده شاعران، هما أولريش فون تورهايم Ulrich von Türheim (نحو 1230)، وهاينريش فون فرايبرغ Heinrich von Freiberg (نحو 1290).
تسرد ملحمة «تريستان وإيزولدِه» قصة الحب الفريدة في نوعها، بين الشاب الفارس النبيل الموسيقي تريستان (يشير اسمه إلى الحزن، كونه قد ولد لحظة موت أمه) وبين الأميرة إيزولده التي تمتلك طاقة سحرية خيرة، وما تعرض له هذا الحب المتقد والمتجدد أبداً من عقبات وملابسات ودسائس حتى موتهما الفاجع. ومن حيث مضمون الملحمة وشكلها، يمثل غوتفريد الموقف النقيض، اجتماعياً وأخلاقياً وفكرياً، لمعاصره فولفرام فون إشنباخ Wolfram von Eschenbach الأرستقراطي مؤلف ملحمة «پارتسيـڤال» Parzival. ففي «تريستان وإيزولده» يبرز غوتفريد سيد اللغة بتلويناتها البلاغية والعاطفية والإيقاعية. قاد أدب العصر الشتاوفي staufisches Zeitalter (نسبة إلى السلالة الحاكمة فون شتاوفن von Staufen) إلى ذروته الكلاسيكية، بمنحه سمواً جمالياً يتجاوز المعيش اليومي، على الرغم من توجهه الدنيوي الجلي، ومعارضته أخلاقيات الحب العذري العفيف الشائعة في شعر البلاط آنذاك، وذلك بتأكيده كمال الحب في الاتحاد الجسدي والروحي بين الحبيبين، وعلى أن تجربة الحب تنوس بين الفرح والحزن كتجارب الحياة كافة. خرج بتوجهه هذا على تقاليد شعر الحب البلاطي Höfischer Minnesangوأعرافه، مؤسساً للتعمق النفسي عند عرض الحالة العاطفية ومعالجتها.
نبيلة شمس الدين، نبيل الحفار