هل فحص الجينوم قبل المعاينة الطبية فكرة جيدة؟
بحسب مقال نُشر في 30 يوليو في مجلة Annals of Internal Medicine، فإنّ الإجابة، على الأقلّ على المدى الطويل، هي نعم.
والأكثر من ذلك، فإنّ مثل هذا الفحص يمكن أن يحدّد ما يصل إلى 4 ملايين شخص في الولايات المتحدة مُعرّضين لخطر الإصابة بمرض السرطان وأمراض القلب، لذا بفضل الفحص الجيني يمكن للأطباء استهداف هؤلاء الأفراد.
لم يصل المقال، الذي كتبه الدكتور Michael murray، الطبيب وعالم الوراثة في كلية الطب بجامعة Yale، إلى القول بأنّ كل مريض يدخل إلى عيادة الطبيب اليوم يجب أن يفحص الجينوم الخاص به لتشخيص الأمراض الوراثية، واعترف موراي بأنّ الأطباء لم يتوصّلوا بعد إلى معرفة وظيفة معظم الجينات في الجسم، ما يحدّ من فوائد الفحوص الجينية للمرضى المعاينين.
لكنّ Murray قال إنّه بالنسبة لمجموعة فرعيّةٍ صغيرةٍ من المرضى، يمكن أن يكون الاختبار الجيني ذا قيمةٍ كبيرة، لذلك فإنّ الانتقال إلى نموذج ’’روتيني‘‘ أكثر للفحص الجينومي أمر يستحقّ العناء.
وكتب Murray أيضًا: «تبعًا لدراسات تقديرية فإن 1% على الأقل من سكان الولايات المتحدة U.S لديهم خطر وراثي محدد للإصابة بالسرطان أو بأمراض القلب يمكن اكتشافه وإدارته سريريًا من خلال الفحص الجينومي».
وأضاف: «إنّ تحديد هؤلاء الـ 3 إلى 4 ملايين شخص والتخفيف الفعال من هذا الخطر هي أهداف جديرة».
كيف يعمل عالم الوراثة؟
بينما يعمل Murray في جامعة Yale، فإنّه يعمل أيضًا في المجلس الاستشاري العلمي لشركة Invitae، وفقًا لنموذج الإفصاح المصاحب لهذه المقالة، Invitae هي شركة اختبار جيني يمكنها الاستفادة من زيادة هذا النوع من الفحص.
عمل موراي أيضًا موظفًا في نظام Geisinger الصحي، الذي استحضره برنامج الفحص GenomeFIRST في المقال.
وقالت Aedin Culhane، وهي باحثة في علم الوراثة في كلية الصحة العامة في جامعة Harvard TH Chan، إنّ تقدير Murray لعدد الأشخاص الذين لديهم طفرات خطيرة قابلة للاختبار أمر معقول، ومن المحتمل أن يكون منخفضًا في الواقع.
وفي تصريح Culhan لـ Live science : «عند دراسة الجينوم عند أشخاص آيسلنديين، قدرت شركة DeCode أن أكثر من 7% من الناس لديهم الجينات مع الطفرة، والعديد من هذه الجينات قد عرفت مرضًا» DeCode هي شركة علم الوراثة الآيسلندية.
وقالت Culhan أيضًا: «ومع ذلك ، هناك أسباب كبيرة للقلق بشأن زيادة دور الفحص الجينومي في الرعاية الطبية الروتينية».
فالأطباء ما يزالون يعملون على كيفية تنفيذ وترجمة بيانات الفحص بشكل مفيد.
قد يكتشف العلماء، على سبيل المثال، أنّ جينًا معينًا يزيد بشكل ما من خطر الإصابة بمرض معين، ولكن دون معرفة كيف يتفاعل هذا الجين مع جينات أخرى أو مع عوامل بيئية.
قالت Culhan: «إن معرفتك بوجود جين ما لدى شخص لا يخبرك بالكثير عن صحته».
وأضافت أيضاً: «إنّ الأطباء ليسوا مستعدّين لتفسير الاختبارات الجينية بطريقةٍ مفيدةٍ بهذه الطريقة».
وكذلك صرّحت بأنّ الوصول إلى النقطة التي يستطيع الأطباء عندها تفسير الجينوم يتطلّب أكثر من مجرد اختبار أشخاص إضافيين (على الرغم من أن القيام بذلك ، خاصة في السياق الأكاديمي ، سيشغل جزءًا كبيرًا منه).
وأضافت بأنّ علمًا ناضجًا كالفحص الجينومي للمرض سيتطلّب تقنياتٍ جديدةٍ وقوة حوسبة غير متوفرة حاليًا لجمع قواعد بيانات ضخمة للبيانات الوراثية والصحة العامة.
وأخبرت Culhan عن المشكلة الثانية في إجراء المزيد من الفحص الجيني للمرضى وهي أن الشركات الخاصة يمكن أن يكون لها تضارب في المصالح، وقد لا يكون لهذه الشركات سوى القليل من الاحترام لخصوصية الأشخاص الذين أجروا الاختبار الجينومي، فضلاً عن عدم الرغبة في مشاركة بياناتهم مع الأكاديميين الذين يعملون في مجال الأبحاث والعلاج، على حدّ قولها.
لا تقوم الشركات الخاصة في كثير من الأحيان بمشاركة بياناتها بشكل علني بنفس الطريقة التي يقوم بها علماء الوراثة الأكاديميون، ولهذه المجموعات مصلحة في تحويل تلك البيانات إلى منتجات تجارية قابلة للبيع.
وأشارت إلى أنّ بعض الجينات الأولى المرتبطة بمخاطر الإصابة بالسرطان والتي هي BRCA1 و BRCA2، قد حصلت على براءة اختراع من قبل شركة خاصة تحاول الاستفادة من بيانات المرضى. (تم إلغاء هذه البراءة لاحقًا).
وقالت Culhan: «على نحو متزايد ، مع دخول حياتنا وبياناتنا إلى الإنترنت، تستطيع الشركات الكبرى الوصول إلى المزيد من البيانات عنا أكثر مما يتخيله معظم الناس».
وتضيف: «وبمجرد اتصال البيانات بالإنترنت، يصعب إزالتها ويمكن استخدام هذه البيانات بطرق يجدها جامع البيانات نفسه صعبًا».
وفي النهاية صرحت Culhan أن من المنطقي أن يصبح الفحص الجينومي جزءًا روتينًيا من الرعاية الطبية، ولكن على عكس موراي Murray قالت إنّها لا تعتقد أنّ الوقت قد حان بعد.