اكتشف فريقان مستقلان من العلماء نوعًا جديدًا ونادرًا من خلايا الرئة، تملك هذه الخلايا -والتي تكوّن حوالي 1% من مجموع خلايا الرئة- كميات كبيرة من البروتينات المسؤولة عن التليّف الكيسي، والتي من الممكن أن تساعد العلماء في تطوير علاج جديد في المستقبل.
التليّف الكيسيّ؛ هو اضطراب جينيّ تسببه طفراتٌ في كلا نسختي الجين المسؤول عن بروتين
(cystic fibrosis transmembrane conductance regulator – CFTR).
يرتبط بروتين CFTR بإنتاج وإفراز سوائل الجسم مثل المخاط والعرق، وعندما يكون هذا الجين غير فعال، تزداد كثافة الإفرازات التي عادةً ما تكون خفيفة القوام، وتصبح كثيفة، وهذا ما يسبب عددًا من أعراض هذا المرض، والتي تتضمن التهاب الرئة والجيوب المتكرر.
يقول جيراج راجاجوبال، المؤلف الرئيس لإحدى الدراسات والطبيب في مستشفى ماساتشوستس العام: «التليف الكيسي هو مرض دُرس بصورة جيدة للغاية، وقد اكتشفنا الآن بيولوجيا من الممكن أن تغير من النهج الذي نتبعه، نحن نملك الآن الهيكل لسلسلةٍ جديدةٍ من أمراض الرئة».
بدأت كلتا المجموعتين بحثهما عن طريق تكوينهما أطلسًا جديدًا للخلايا التي تكوّن المجرى التنفسي، من ثم حللتا التعبير الجيني لعشرات الآلاف من الخلايا الفردية، واحدةً تلو الأخرى.
وعندما تم تحليل الخلايا، كان الفريق قادرًا على مقارنة أنماط التعبير الجينيّ، وفهرسة الأنواع المختلفة من الخلايا، وحالاتها، ووِفرتها، وتوزعّها ضمن المجرى التنفسي.
إحدى الخلايا التي تعرفوا عليها -لم يروها مسبقًا- هي (الخلايا الأيونوية الرئوية-pulmonary ionocyte).
يوجد بروتين CFTR بمستوياتٍ قليلة في الخلايا المهدبة، وهي نوع شائع من خلايا الرئة.
ولكن، وجد الباحثون أن النوع الجديد من هذه الخلايا يملك مستوياتٍ عالية بصورة استثنائية من بروتين CFTR، ما يعني أن هذه الخلايا -إذا ما عانت من طفرة- من الممكن أن تسبب التليف الكيسيّ.
وبعدها، عطّل فريق راجاجوبال عمليةً خلويةً ضرورية في الخلايا الأيونوية الرئوية عند الفئران، ووجدوا أن بعض أعراض التليف الكيسي -كالمخاط كثيف القوام- قد حدثت.
على الرغم من أن هذا ليس تأكيدًا على أن التليف الكيسي سببه الخلايا الأيونوية الرئوية، إلا أن هناك جزءًا كبيرًا من الأبحاث يشير إلى ذلك.
تقول إمي رايان، الأخصائية في بيولوجيا الرئة في جامعة جنوب كاليفورنيا، والتي لم تشارك في كلا الدراستين: «إن هذا الاكتشاف مهم للغاية»، وقالت في مقابلة مع دورية :The Scientist «إن هذه النتائج مثيرة للغاية، لقد قاموا بالبحث في التكوين الخلويّ والتسلسل الهرمي للمجرى التنفسي باستخدام تقنية تسلسل الحمض النووي الريبوزي ذي الخلية الواحدة.
هذا النوع من المعلومات سيكون له تأثير كبير على البحوث المتطورة التي نقوم بها باستمرار، ونأمل أن يتم استخلاص طرق علاجية جديدة لعددٍ من أمراض المجرى التنفسي».
يأمل الباحثون أن يطلعوا على عدد من الأمراض باستخدام المعلومات الجديدة هذه وأطلس الخلايا.
يقول راجاجوبال: «الكثير مما قد وجدناه يؤكد ما نعرفه عن بيولوجيا الرئة والخلايا الرئوية، أعتقد أنه على جميع أخصائيي أمراض وبيولوجيا الرئة العودة خطوة إلى الوراء والتفكير في مشاكلهم، مع الأخذ بعين الاعتبار كل هذه الأنواع الجديدة من الخلايا».