طوَّر النّمل مجموعة كاملة من الطّرق الفريدة والمؤلمة لإيقاف أعدائه والدّفاع عن أعشاشه*
إلّا أنّ هذا النّوع الجديد المثير للدّهشة والّذي يُدعى «النّمل المُتفجّر-Colobopsis explodens» يقذف بأعدائه بعيدًا.
خلال المعركة، يُحكِمُ هذا النّمل السّاكن للأشجار قبضته على أعدائه ويُحاصرهم، ثمّ يبدأ أفراده بتمزيق أجسادهم وأحشائهم فتسيل مادة صفراء سامّة على الأعداء لتقوم بشلّهم أو على الأقلّ إبطائهم.
«توضيح: ينتحر أفراد النّمل بتمزيق أنفسهم لتخرج هذه السّموم الصفراء من أحشائهم وتنسكب على الأعداء».
وتنضمّ هذه المجموعة المُكتشفة حديثًا إلى أكثر من اثني عشرَ نوعًا آخرَ من أنواع «النّمل المُتفجّر» المُكتَشفَة حتَّى الآن، بالرّغم من أنَّ هذه الميّزة ما زالت نادرة جدًّا.
وفي الحقيقة إلى حين هذا الاكتشاف الجديد، لم نكتشف أنواعًا جديدةً من النّمل المُتفجّر منذ عام 1935.
تقول أليس لاسيني، طالبة دكتوراه في علم الحشرات في متحف التّاريخ الطّبيعي في فيّينا: «على الرّغم من أنَّ هذا الانفجار لا يشبه انفجار القنبلة، إلّا أنّه يُشكّل نهاية الطّريق لهذه النّملة المُدافعة».
ولمزيد من المعلومات فإنّ لاسيني واحدة من العلماء الّذين اكتشفوا هذا النّوع الجديد في الغابات المطيرة لبورنيو (جزيرة ماليزية كبيرة).
وقد أضافت أيضًا: «عضّتها تشبه آليّة عضّة النّحلة».
كما تُوضِح لنا لاسيني أنَّ الدّفاع الانتحاري شائعٌ فقط عند الحشرات الاجتماعيّة كالنّمل والنّحل والنّمل الأبيض.
وبعكس الحيوانات الأخرى، فإنّ هذه الحشرات «مفرطة الاجتماعيّة» سعيدة بالامتناع عن التّزاوج أو حتَّى العيش في سبيل نجاة بقيّة المجتمع وازدهاره.
تقول لاسيني: «لا يجب أنْ نُعامل مستعمرة النّمل كعائلة مكوَّنة من أفراد وحسب، بل هي منظَّمة مذهلة، كلُّ عضوٍ فيها له دوره خاصّ به، تمامًا كالخليّة في الجسم».
وهذا بالتّأكيد ينطبق على هذا النّوع المُكتشف حديثًا.
فالعمّال الثّانويّون فقط في هذه الأنواع من لديهم القدرة على قتل أعدائهم بتفجير أحشائهم.
والعمّال الرّئيسيّون ذوو الرّؤوس الضّخمة، يلعبون دورًا مختلفًا في المستعمرة.
تشرح لنا لاسيني: «مدخل عشِّهم عبارة عن ثقوب صغيرة، لها نفس قطر رؤوس العمّال الرّئيسيّين بالضّبط، لذلك يقوم العمّال الرّئيسيّون بحشر رؤوسهم فيها وسدِّها، وبهذه الطّريقة لن يتمكَّن أيُّ شيءٍ من الدّخول، وفي هذا الوقت يندفع العمّال الثّانويّون كالانتحاريّين، بينما يشكِّل العمّال الرّئيسيّون مقاومة سلبيّة (غير فعَّالة)».
يوجد في الولايات المتّحدة وأستراليا، بعض الأنواع التي تمتلك رؤوسًا مشابهة؛ لكنَّهم يستخدمونها بشكل مختلف.
كالنّمل الأستراليّ الّذي يعيش على الشّواطئ (Camponotus anderseni) ويستخدمون رؤوسهم الضّخمة لمنع دخول الماء.
قال آلان أندرسون، عالم البيئة والخبير بالنّمل في جامعة تشارلز داروين: «أعشاشها تُغمَر بحركات المدّ والجزر في كل دورةٍ له، لذا تبقى أعشاشها تحت المياه لفترات طويلة كلّ يومٍ.
ولتحمي أعشاشها من دخول الماء تستخدم رؤوسها الضخمة لسدّها».
وهذه الأنواع من النّمل الّتي تحمل سمات مشابهة هي أفضلُ خيارٍ للبحث قد يساعدنا في كشف أسرار النّمل المُتفجّر.
وكما أخبرنا الباحثون فإنّ هناك الكثير لنتعلَّمَه عن هذه الحشرات المُتفجّرة الجديدة.