مرادي (حسن قاسم)
Al-Mouradi (Al-Hasan ibn Qasem-) - Al-Mouradi (Al-Hasan ibn Qasem-)
المرادي (الحسن بن قاسم ـ)
(…ـ 749هـ/… ـ 1348م)
بدر الدين، الحسن بن قاسم بن عبد الله بن علي المرادي المراكشي المالكي، من ألمع نحاة عصره، يرجع نسبه إلى قبيلة مراد، وأصله من بلدة أَسَفي الواقعة على سواحل المغرب من جهة المحيط الأطلسي.
وتذكر المصادر أن جدته أم أبيه «زهراء» المشهورة بـ(أم قاسم) ارتحلت إلى مصر، وعُرِفَت فيها بالشيخة، وفي مصر وُلد الحسن، ونُسب إلى جدته، فقيل: «ابن أم قاسم وهي شهرة غلبت عليه في أكثر المصادر، وثمة من يقول إنّ أم قاسم هي «امرأة تبنته، كانت من بيت السلطان».
وليس ثمة شيءٌ عن نشأته، وكل ما يمكن تلمّسه هو أنه تلقى علوم العربية والدين على يد طائفة من علماء عصره، فأخذ النحو والعربية عن أبي عبد الله الطنجي والسراج الدمنهوري الفقيه المفتي شيخ قراء زمانه (ت752هـ) وأبي زكريا الغماري (ت724هـ) وأبي حيان الأندلسي النحويّ اللغويّ المفسّر(ت 745هـ)، وأخذ الفقه عن شرف الدين المُغَيْلي المالكي، والأصول عن شمس الدين بن اللبان (ت 749هـ)، والقراءات عن مجد الدين إسماعيل بن محمد التستري شيخ القراءات بالمدرسة الفاضلية (ت 748هـ).
وقد أجمعت الكتب التي ترجمت له على إمامته في العربية وبراعته في النحو والتصريف واللغة والفقه، وأشارت أيضاً إلى تقاه وصلاحه، وأن له كرامات كثيرة، منها أنه رأى النبيr في النوم، فقال له: «يا حسن، اجلس انفع الناس بمكان المحراب بجامع مصر العتيق بجوار المصحف» وتلك هي الإشارة الوحيدة إلى اشتغاله بالتدريس في هذا الجامع الذي يعرف أيضاً بجامع عمرو بن العاص، وقد صمتت المصادر عن ذكر أيٍ من تلامذته، واكتفت بتعداد مصنفاته وبيان شيء من أوصافها، وهي: «إعراب القرآن»، و«تفسير القرآن»؛ ذكر أنه في عشرة مجلدات، أتى فيه بفوائد كثيرة، و«شرح التسهيل» لابن مالك (ت672هـ)، و«شرح الجزولية» للجزولي (ت607هـ) و«شرح الحاجبية النحوية» (الكافية) لابن الحاجب (ت 646هـ) و«شرح الحاجبية العروضية»، و«شرح الشافية في التصريف» لابن الحاجب، و«شرح الفصول» (وهو متن نحوي) لابن معط (ت 628هـ) و«شرح المفصل» للزمخشري (ت 538هـ) و«شرح كلا وبلى ونعم»، ومعنى «لو»، و«منظومة في معاني الحروف»، وأفرد باب وقف حمزة على الهمز في مصنف، وله أيضاً «الجنى الداني في حروف المعاني»، و«شرح ألفية ابن مالك» ولم يصل إلينا سوى هذين الآخيرين؛ أما الجنى الداني فهو أحسن ما ألف في باب «حروف المعاني» أو الأدوات النحوية، وقد قسم المرادي كتابه بعد المقدمة إلى خمسة أبواب: الأول في الأحادي، ويضم حروف المعاني أحادية الحرف مرتبة على حروف المعجم، نحو: الهمزة، الباء، التاء، السين، الشين، الفاء، الكاف…
والثاني في الثنائي، يضم حروف المعاني المؤلفة من حرفين: إذْ، ال، أم، إنْ، أو…، والثالث في الثلاثي: أجَل، إذَن، إذا، ألا، أما، إنّ…، والرابع في الرباعي: إذْما، إلاّ، إلاّ، أَمّا، إمّا…، والخامس في الخماسي: لكنَّ، أنتما، أنتنّ…
ومنهجه في كل أداة يقوم على بَسْط أقسامها ومعانيها، مؤيداً كلامه بالشواهد نثراً وشعراً، معقباً ببعض التنبيهات أو المسائل.
ويمتاز كتاب «الجنى الداني» بسمتين واضحتين: الأولى حُسنُ التقسيم والتبويب، والثاني وضوح عبارته وقربها إلى الأفهام.
وثمة أمرٌ لايمكن تجاهله عند ذكر هذا الكتاب وهو الشبه الكبير بينه وبين الباب الأول من كتاب «مغني اللبيب» لابن هشام الأنصاري (761هـ) الذي تناول فيه الأدوات أيضاً، وهو تشابه لايمكن ردّه إلى المصادفة؛ مما دفع بعض الدارسين إلى الجزم بأن المتأخر، أي ابن هشام، سَلَخ مادّة الجنى بلا عزو، وهو رأي لايمكن التسليم به بهذه السهولة.
أما كتابه الآخر فهو شرح الألفية لابن مالك، ومنهجه في هذا الشرح يقوم على أمرين:
الأول: إيراد بيت الألفية وتفسير ألفاظه وإعراب بعض ما فيه، والثاني بيان الأحكام الواردة في هذا البيت والاستشهاد لها بأقوال النحاة، وتأييدها بالشواهد الشعرية والنثرية.
وهذا الشرح يمتاز أيضاً بحسن الترتيب والتبويب، وقد اعتمد عليه الأشموني من نحاة القرن التاسع فأخذ منه جلّ مادته بلا عزو.
وقد أجمعت المصادر أن وفاة المرادي كانت سنة الطاعون بمصر، أي 749هـ وأنه دفن بسرياقوس شمالي القاهرة، بيد أن صاحب الدرر عقب على هذا التاريخ فقال: «وقد رأيت بخطي، ولا أدري من أين نقلته: وكانت وفاته سنة 755 فالله أعلم».
والنفس أمْيَل إلى هذا التاريخ وربما إلى تاريخ بعده لأمورٍ، منها أن جلّ شيوخه الذين سلفت الإشارة إليهم هم في الحقيقة أقرانه لأن وفياتهم قريبة من زمن وفاته، وبعضهم توفي بعده، والمنطق يرجح أن تكون هناك فترة بين وفاة الشيخ وتلميذه، ومنها أن الصفدي (ت763هـ) ترجم في كتابه «أعيان العصر» لجميع الأعلام الذين عاصرهم وماتوا قبله ولو بشهر، ولم يذكر شيئاً عن وفاة المرادي مع أن الرجلين كانا من تلامذة أبي حيان الأندلسي.
نبيل أبو عمشة
Al-Mouradi (Al-Hasan ibn Qasem-) - Al-Mouradi (Al-Hasan ibn Qasem-)
المرادي (الحسن بن قاسم ـ)
(…ـ 749هـ/… ـ 1348م)
بدر الدين، الحسن بن قاسم بن عبد الله بن علي المرادي المراكشي المالكي، من ألمع نحاة عصره، يرجع نسبه إلى قبيلة مراد، وأصله من بلدة أَسَفي الواقعة على سواحل المغرب من جهة المحيط الأطلسي.
وتذكر المصادر أن جدته أم أبيه «زهراء» المشهورة بـ(أم قاسم) ارتحلت إلى مصر، وعُرِفَت فيها بالشيخة، وفي مصر وُلد الحسن، ونُسب إلى جدته، فقيل: «ابن أم قاسم وهي شهرة غلبت عليه في أكثر المصادر، وثمة من يقول إنّ أم قاسم هي «امرأة تبنته، كانت من بيت السلطان».
وليس ثمة شيءٌ عن نشأته، وكل ما يمكن تلمّسه هو أنه تلقى علوم العربية والدين على يد طائفة من علماء عصره، فأخذ النحو والعربية عن أبي عبد الله الطنجي والسراج الدمنهوري الفقيه المفتي شيخ قراء زمانه (ت752هـ) وأبي زكريا الغماري (ت724هـ) وأبي حيان الأندلسي النحويّ اللغويّ المفسّر(ت 745هـ)، وأخذ الفقه عن شرف الدين المُغَيْلي المالكي، والأصول عن شمس الدين بن اللبان (ت 749هـ)، والقراءات عن مجد الدين إسماعيل بن محمد التستري شيخ القراءات بالمدرسة الفاضلية (ت 748هـ).
وقد أجمعت الكتب التي ترجمت له على إمامته في العربية وبراعته في النحو والتصريف واللغة والفقه، وأشارت أيضاً إلى تقاه وصلاحه، وأن له كرامات كثيرة، منها أنه رأى النبيr في النوم، فقال له: «يا حسن، اجلس انفع الناس بمكان المحراب بجامع مصر العتيق بجوار المصحف» وتلك هي الإشارة الوحيدة إلى اشتغاله بالتدريس في هذا الجامع الذي يعرف أيضاً بجامع عمرو بن العاص، وقد صمتت المصادر عن ذكر أيٍ من تلامذته، واكتفت بتعداد مصنفاته وبيان شيء من أوصافها، وهي: «إعراب القرآن»، و«تفسير القرآن»؛ ذكر أنه في عشرة مجلدات، أتى فيه بفوائد كثيرة، و«شرح التسهيل» لابن مالك (ت672هـ)، و«شرح الجزولية» للجزولي (ت607هـ) و«شرح الحاجبية النحوية» (الكافية) لابن الحاجب (ت 646هـ) و«شرح الحاجبية العروضية»، و«شرح الشافية في التصريف» لابن الحاجب، و«شرح الفصول» (وهو متن نحوي) لابن معط (ت 628هـ) و«شرح المفصل» للزمخشري (ت 538هـ) و«شرح كلا وبلى ونعم»، ومعنى «لو»، و«منظومة في معاني الحروف»، وأفرد باب وقف حمزة على الهمز في مصنف، وله أيضاً «الجنى الداني في حروف المعاني»، و«شرح ألفية ابن مالك» ولم يصل إلينا سوى هذين الآخيرين؛ أما الجنى الداني فهو أحسن ما ألف في باب «حروف المعاني» أو الأدوات النحوية، وقد قسم المرادي كتابه بعد المقدمة إلى خمسة أبواب: الأول في الأحادي، ويضم حروف المعاني أحادية الحرف مرتبة على حروف المعجم، نحو: الهمزة، الباء، التاء، السين، الشين، الفاء، الكاف…
والثاني في الثنائي، يضم حروف المعاني المؤلفة من حرفين: إذْ، ال، أم، إنْ، أو…، والثالث في الثلاثي: أجَل، إذَن، إذا، ألا، أما، إنّ…، والرابع في الرباعي: إذْما، إلاّ، إلاّ، أَمّا، إمّا…، والخامس في الخماسي: لكنَّ، أنتما، أنتنّ…
ومنهجه في كل أداة يقوم على بَسْط أقسامها ومعانيها، مؤيداً كلامه بالشواهد نثراً وشعراً، معقباً ببعض التنبيهات أو المسائل.
ويمتاز كتاب «الجنى الداني» بسمتين واضحتين: الأولى حُسنُ التقسيم والتبويب، والثاني وضوح عبارته وقربها إلى الأفهام.
وثمة أمرٌ لايمكن تجاهله عند ذكر هذا الكتاب وهو الشبه الكبير بينه وبين الباب الأول من كتاب «مغني اللبيب» لابن هشام الأنصاري (761هـ) الذي تناول فيه الأدوات أيضاً، وهو تشابه لايمكن ردّه إلى المصادفة؛ مما دفع بعض الدارسين إلى الجزم بأن المتأخر، أي ابن هشام، سَلَخ مادّة الجنى بلا عزو، وهو رأي لايمكن التسليم به بهذه السهولة.
أما كتابه الآخر فهو شرح الألفية لابن مالك، ومنهجه في هذا الشرح يقوم على أمرين:
الأول: إيراد بيت الألفية وتفسير ألفاظه وإعراب بعض ما فيه، والثاني بيان الأحكام الواردة في هذا البيت والاستشهاد لها بأقوال النحاة، وتأييدها بالشواهد الشعرية والنثرية.
وهذا الشرح يمتاز أيضاً بحسن الترتيب والتبويب، وقد اعتمد عليه الأشموني من نحاة القرن التاسع فأخذ منه جلّ مادته بلا عزو.
وقد أجمعت المصادر أن وفاة المرادي كانت سنة الطاعون بمصر، أي 749هـ وأنه دفن بسرياقوس شمالي القاهرة، بيد أن صاحب الدرر عقب على هذا التاريخ فقال: «وقد رأيت بخطي، ولا أدري من أين نقلته: وكانت وفاته سنة 755 فالله أعلم».
والنفس أمْيَل إلى هذا التاريخ وربما إلى تاريخ بعده لأمورٍ، منها أن جلّ شيوخه الذين سلفت الإشارة إليهم هم في الحقيقة أقرانه لأن وفياتهم قريبة من زمن وفاته، وبعضهم توفي بعده، والمنطق يرجح أن تكون هناك فترة بين وفاة الشيخ وتلميذه، ومنها أن الصفدي (ت763هـ) ترجم في كتابه «أعيان العصر» لجميع الأعلام الذين عاصرهم وماتوا قبله ولو بشهر، ولم يذكر شيئاً عن وفاة المرادي مع أن الرجلين كانا من تلامذة أبي حيان الأندلسي.
نبيل أبو عمشة