محسن (محمد ـ)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • محسن (محمد ـ)

    محسن (محمد)

    Muhsin (Mohammad-) - Muhsin (Mohammad-)

    محسن (محمد ـ)
    (1922 ـ 2007)

    ولد محمد محسن بن محمد سعيد الناشف في حي قصر حجاج الشعبي في دمشق وتوفي فيها. بدأ حياته الفنية هاوياً مذ كان تلميذاً في مدرسة الحي الابتدائية، وتعلم العزف بالعود سراً في أثناء دراسته الثانوية على يدي المعلم صبحي سعيد خوفاً من أسرته المحافظة، وهو ليس الوحيد في الأسرة الذي تعلق بالفن، فأخوه الفنان صلاح الناشف[ر] الذي يكبره بسنوات عدة، كان أحد رواد الفن التشكيلي الذي نهله من منابعه في إيطاليا عندما استبدل دراسته العلمية بدراسة الفن التشكيلي ليحل عليه غضب الأسرة بعد عودته.
    ظل محمد محسن هاوياً للموسيقى يتسقط من أندية دمشق الموسيقية العلوم الموسيقية المتوافرة، إلى أن قرر، بتشجيع من أستاذه صبحي سعيد الذي اكتشف صوته الجميل وموهبته التلحينية المبكرة، احتراف الغناء والتلحين، فأعلم أباه بقراره، فغضب وخيره بين اسم العائلة والموسيقى، فاختار التخلي عن اسم الأسرة؛ ليصير اسمه منذ عام 1939، محمد محسن.
    تأثر محمد محسن في بداياته غناءً وتلحيناً بمحمد عبد الوهاب، ولكنه لم يقلده، بل أخذ عنه ما وصل إليه فن الغناء العربي من تطوير وتحديث، وطبق ذلك بحذر في الأغنية السورية فنجح في بعض ما لحن وغنى وأخفق في بعضه الآخر، واكتشف وهو في مرحلة التجريب أن الغناء العربي لا يختلف في قوالبه الفنية بين الأقطار العربية سوى باللهجات المحلية التي قد تقف عائقاً أمام فهم بعض الكلمات، فقرر أن يغني ويلحن غناء عربياً صافياً لا تعيقه اللهجات، وأن يعتمد في نصوص الأزجال على فصيح العامي، ووجد في تطوير قوالب الغناء العربي الكلاسيكي على أيدي الملحنين المصريين الهدف الذي يتطلع إليه من أجل مستقبل الأغنية العربية عامة، فحرر الأغنية من لهجاتها المحلية ليضفي على قوالب الغناء العربي طابعا عربياً بحتاً، وعلى الرغم من هذا فإنه لم ينج من بعض المزالق التي تلاحظ في أعماله الأولى التي أداها بنفسه قبل أن يعتزل الغناء من إذاعة «محطة دمشق العربية» الضعيفة التي أنشأها الفرنسيون عام 1942، ومن إذاعة دمشق القوية التي أنشأها العهد الوطني بعد الجلاء عام 1947، ومن ثم من إذاعة الشرق الأدنى - لندن اليوم - التي تعاقد معها عام 1951، مراقباً للموسيقى والغناء مدة عامين، وتعد هذه المرحلة التي امتدت طوال سني أربعينيات القرن العشرين، المرحلة الأولى في حياته الفنية، حيث لحن وغنى خلالها خمسة عشر أغنية، منها خمس قصائد: «نشوة»، و«لقاء»، و«أين كأسي»، و«من هي»، و«غننا يا شادي». وأغنتيان شعبيتان هما: «يا أم العيون الكحيلة»، و«سهرتنا حلوة الليلة»، وهذه نالت شعبية كبيرة حتى صارت شعاراً لبرامج سهرات إذاعة صوت العرب من القاهرة، وقد غنتها فيما بعد المطربة نجاح سلام. وأربع أغنيات من نوع المونولوغ العاطفي: «يا طير»، و«الحب الأول»، و«على باب الحبيب»، و«الحبيب الجديد». وأربع أغنيات خفيفة (طقطوقة): «مين أنت»، و«أحلى من القمر»، و«عيني لما القمر»، و«عدد نجوم السما»، و«رقصة الفن».
    اكتشف محمد محسن أن صوته الصغير على الرغم من الجماليات التي يتحلى بها، غير قادر على مجابهة أصوات المطربين الأقوياء الذين يتفوقون عليه بمساحات أصواتهم القادرة مثل سري طمبورجي وأسعد سالم وصابر الصفح اللبناني، فآثر الاعتزال والانصراف إلى التلحين فقط، فعمل على تثقيف نفسه فنياً، واستغل دعوة جاءته من إذاعة القدس عام 1952، فاتصل بالموسيقي حنّا الخل فأخذ عنه التدوين الموسيقي وعلوماً أخرى كان يحتاجها، ثم قفل عائداً إلى دمشق ليبدأ رحلته في التلحين ليحقق طموحه في إثراء الغناء العربي بألحانه، واستأثر باهتمامه في تلك الفترة الملحن الكبير رياض السنباطي[ر]، فعكف على دراسة ألحانه واقتدى به، ولولا شخصيته الفنية الواضحة لحسب المستمع إلى ألحانه التي لحنها لغيره سنباطية الهوى ولاسيما في مضمار القصيدة.
    رفع محمد محسن بألحانه أصواتاً مغمورة إلى الأضواء والشهرة، وأول مطربة لحن لها سعاد محمد التي غنت له «دمعة على خد الزمن» ثم «فين يا زمان الوفا» و«مظلومة ياناس» التي نظمها الشاعر الغنائي محمد علي فتوح، فذاع صيتها واشتهر أمرها فعمدت إلى احتكار ألحانه، وكان قالب القصيدة قد اكتمل فنياً في مصر آنذاك بفضل السنباطي، فانصرف بدوره إلى معالجة هذا القالب ولحن فيه لسعاد محمد قصيدة (جلونا الفاتحين) لبدوي الجبل مستخدماً فيها أسلوب المد والترجيع في الغناء، وهي تعد اليوم من أقوى ما لحن في ضرب القصيدة الوطنية.
    تعاقد محمد محسن عام 1959، مع إذاعة القاهرة ملحناً رئيسياً للمطربين والمطربات الذين تعتمدهم الإذاعة المصرية، وظل يمارس عمله هذا حتى عام 1963، ثم انتقل إلى بيروت، وافتتح مكتباً خاصاً به انصرف فيه لعمله الفني، وبعد حوادث عام 1975، عاد إلى دمشق ليستأنف نشاطه الفني بحيوية الشباب. وفي هذه المرحلة، مرحلة التلحين لغيره التي امتدت حتى وفاته، اتسمت ألحانه بالغزارة والجزالة، وأجمل ما لحن من أغنيات عدا التي ذكرت سابقاً، قصائد: «حاضرنا وماضينا المجد يتغزل فينا» الرائعة للمطربة نازك. و«ابنة الأحزان» و«حبي الكبير» لنور الهدى، و«أبحث عن سمراء» لمحرم فؤاد، و«زهر الرياض انثنى» لماري جبران، و«عيون المها بين الرصافة والجسر» لمها الجابري. وموشحات: «يا غزالاً» لحنان و«سيد الهوى قمري» لفيروز، و«انحلتني بالهجر ما أظلمك» لنور الهدى، و«رماه» لمها لجابري، وتوشيح ديني «يا رب صلي على النبي» لفايزة أحمد، ومونولوغات عاطفية من أبدعها: «يا مسافر» لطلال مداح، و«خاصمتني عيني» لمحمد عبده و«أداري وانت مش داري»، و«انسيت كيف انسيت» لنجاة الصغيرة، و«النجمات صاروا يسألوا» لوديع الصافي و«حبايبي نسيوني» لماري جبران. أما في مجال الأغنية الخفيفة الدارجة فلحن فيها لجميع مطربي ومطربات الوطن العربي تقريباً، أهمها: «يا أغلى الحبايب» و«على باب حارتنا؛ لوردة الجزائرية، و«سلم على الحبايب» و«طق ودوب» و«حبيتك لالا» لصباح. و«ياوابور الساعة» لمحمد رشدي، و«سيبوه لوحده» لعادل مأمون. و«طل الحليوه» و«آه يازين» لشريفة فاضل و«عهد الله» لمحمد قنديل وأغنية «ما أصعبك ع القلب يا يوم السفر» المتفردة بألحانها لنصري شمس الدين، وأغنية «يا حلوة تحت التوتة» لنازك التي قال فيها الموسيقي عمار الشريعي في برنامجه الإذاعي إنها من الروائع التي لا تنسى. كذلك لحن مسلسلاً تلفزيونياً لوديع الصافي لحساب تلفزيون الكويت، ومسلسل «الوادي الكبير» لصباح فخري ووردة الجزائرية بالاشتراك مع عدنان أبو الشامات وإبراهيم جودت وبليغ حمدي وعزيز غنام. وكان محمد محسن أول من لحن لوردة الجزائرية عام 1957 بطلب من الإذاعة السورية وظل يلحن لها كسعاد محمد حتى بلغت من الشهرة أقصاها قبل أن ترحل إلى مصر. آخر أعمال محمد محسن قصائد من الشعر القديم وواحدة لقيس بن الملوح هي: «جاءت معذبتي»، و«لي فؤاد»، «لو تعلمين»، «أحب من الأسماء»، التي لحنها لفيروز التي غنتها قبل خمس سنوات.
    إصلاحات في الموشح
    طور محمد محسن الموشح تطويراً يتفق والحياة المعاصرة ليصير على يديه أغنية دسمة يختص بها المطرب بمشاركة الكورال بعد أن كان خاصاً بالكورال وهذا التطوير لم يأت عفو الخاطر، وإنما كمحصلة للتجارب الناجحة التي قام بها حتى تم له ما أراد، وبذلك أصبح الموشح من الناحية الموسيقية يعتمد على ترديد الكورال للقفل - أي الدور - بعد كل جزء من أجزائه، أو بترديد أجزاء من الخانات التي ينفرد بها المغني المنفرد، أما الخرجة - أي الغطاء موسيقياً - فيختص به الكورال والمغني المنفرد، ويعد محمد محسن أول الملحنين المثقفين الذين عالجوا الموشح بهذا الأسلوب الحديث الذي جمع فيه بين الأسلوب الحلبي والأسلوب المصري بطريقة متفردة، اختصر فيها كثيراً من الآهات التي لا لزوم لها، والغناء بكلمات (آمان)، و(ياللي)، وغيرها من الكلمات الأعجمية، وموشحه الشهير «ياغزالا» الذي غنته حنان في مستهل خمسينيات القرن العشرين، هو أول موشح يطبق فيه التجديد الذي أبدعه، وسار فيه قبل أن يلحق به الآخرون. ولم يكن محمد محسن الوحيد الذي قام بتطوير الموشح إذ في التاريخ نفسه قام الموسيقي الراحل حليم الرومي بتجربة مماثلة في موشحه المشهور «غلب الوجد عليه فبكى» ونجح في ذلك، والتقى دون اتفاق فيما ذهب إليه مع محمد محسن. ومنذ ظهور موشح «يا غزالا»، أخذ الأخوان رحباني يعملان في الموشحات بأسلوب حديث اعتمدا فيه تجارب محمد محسن وحليم الرومي، فنجحا وتألقا فيما قدما من موشحات.
    صميم الشريف

يعمل...
X