غوتهلف (يرمياس)
Gotthelf (Jeremias-) - Gotthelf (Jeremias-)
غوتْهِلْف (يرِمْياس -)
(1797-1854)
يرمياس غوتهلف Jeremias Gotthelf (اسمه الحقيقي ألبرت بيتسيوس Albert Bitzius) هو الروائي والقاص الأبرز في تاريخ الأدب السويسري، وأحد أهم أدباء اللغة الألمانية في القرن التاسع عشر. ولد في مورتِن Murten غربي سويسرا وتوفي في بلدة لوتْسِلفلو Lützelflüh بالقرب من برن Bern، وهو سليل عائلة برجوازية عريقة، كان والده واعظاً بروتستنتياً. قضى جزءاً من طفولته في قرية أُتسنْدورف Utzendorf، ثم انتقل إلى المدرسة الثانوية في برن، وتابع في جامعاتها دراسة اللاهوت والتاريخ والفلسفة، وإضافة إلى ذلك كان يحضر محاضرات الرياضيات والفيزياء بين عامي 1814-1820. وتوجه عام 1821 إلى مدينة غوتِّنغن Göttingen لاستكمال دراسته في التاريخ وعلم الجمال، وقام برحلات عدة في ألمانيا، بعضها على الأقدام، زار في أثنائها كبريات المدن. وعندما عاد إلى وطنه عمل معاوناً لوالده، واتصل بالحركة الليبرالية، ثم صار واعظاً في أبرشية هرتسوغنبوخزيه Herzogenbuchsee حتى عام 1829، حين اختلف مع السلطات، فنقلته إلى «كنيسة الروح القدس» في برن، ومن ثم إلى أبرشية لوتسلفلو عام 1831، حيث استقر وتزوج وعمل بلا هوادة حتى وفاته.
شغل غوتهلف بين 1835-1845، إلى جانب عمله الكنسي، منصب مسؤول التعليم المدرسي في الإقليم الذي يضم بلدته، وأنشأ في تراخسِلـڤالد Trachselwald مدرسة للأطفال المشردين، كما أصدر، بين 1840-1845، مجلة «تقويم برن الجديد» Neuer Berner Kalender.
تبنى على إثر انكسار أوهامه بالحركة الليبرالية موقفاً فكرياً مناهضاً للتطورات الرأسمالية في المجتمع السويسري، منتقداً ظواهر الفساد في عصره، في محاولة للحفاظ على نقاء الإيمان المسيحي من منطلقٍ فلاحي، بعيداً عن تلوث المدن وانحطاط علاقاتها. ولكونه شديد الارتباط بالحياة ومصوراً فطرياً لظواهرها وتقلباتها، جاء أدبه مغرقاً في واقعيته ومسهباً في التركيز على التفصيلات، بغض النظر عن فنية السرد وجمالياته، بحسب ما أخذ عليه النقاد والأدباء من معاصريه، إلى حد أن أُطلق عليه لقب «كاتب شعبي» Volksschrifteller، ولاسيما أن غرضه من الكتابة كان تهذيب الشعب وتوعيته تجاه مشكلات الإدمان على الكحول والتعلق بالغيبيات والإيمان بالدجالين بسبب الجهل. وقد كان في توجهه هذا يستنير ببرامج أدباء «ألمانيا الفتاة» Junges Deutschland، مثل بورنِه Börne وهاينِه[ر] Heine وبوشنر[ر] Büchner من حيث إعلاء المضمون على الشكل وتوحيد الأدب مع الحياة، بغية طرح التساؤلات الاجتماعية والسياسية.
يتبدى غوتهلف في روايته الأولى «مـرآة الفلاحين أو تاريخ حياة يرمياس غوتهلف» Der Bauernspiegeloder Lebensgeschichte des Jeremias Gotthelf عـام (1837) أصيلاً، غير متأثر بعد بأيديولوجيات عصره، مركزاً نقده ضد استغلال الـرعاة الفتيان، وضد إهمال المناهج المدرسية، وهو الموضوع الرئيـسي في روايتـه الثانية «أحزان وأفراح معلم مدرسـة» Leiden und Freuden eines Schulmeisters عـام (1839). وكانت ذروة إبداعه رواية «كيف صار الخادم أُولي سعيداً» Wie Uli der Knecht glücklich wird عام (1846) التي أتبعها عام 1848 بالجزء الثاني «أولي الضَمَّان» Uli der Pächter، وهما دليل أخلاقي لسيرورة حياة فقير متشرد يتسلق سلم الثراء بجهوده وذكائه. وفي روايته اللاحقة، يعالج غوتهلف تأثير الدجالين والمشعوذين في بسطاء الفلاحين، كما في «كيف تدبر آنِّه بابي يوڤِغَر شؤون بيتها وكيف تصرفت مع الدكتور» Wie Anne Bäbi Jowäger haushaltetundwie esihm mit dem Doktern geht بين (1843-1844)، ويعالج مشكلة إدمان الكحول وخطر إفساد أخلاق الفلاحين باقتصاد الربا، كما في «يوم تسديد الحساب» Der Geltstag بين (1843-1844) وغيرها.
أما على صعيد الأقصوصة Novelle فقد برز غوتهلف فناناً متمكناً من أسلوبه ومؤثراً في مضموناته، ولاسيما في «العنكبوت الأسود» Die schwarze Spinne عام (1842) و«إلسي الخادمة العجيبة» Elsi die seltsame Magd عام (1843).
كتب غوتهلف أربع عشرة رواية وخمسين أقصوصة وكثيراً من المقالات لمجلته، ومع ذلك فإن القراء الفلاحين الذين توجه إليهم، لم يأبهوا بأعماله، في حين اهتم بكتاباته متعلمو المدن ومثقفوها الذين لم يعترف بتأثيرهم.
نبيلة شمس الدين، نبيل الحفار
Gotthelf (Jeremias-) - Gotthelf (Jeremias-)
غوتْهِلْف (يرِمْياس -)
(1797-1854)
يرمياس غوتهلف Jeremias Gotthelf (اسمه الحقيقي ألبرت بيتسيوس Albert Bitzius) هو الروائي والقاص الأبرز في تاريخ الأدب السويسري، وأحد أهم أدباء اللغة الألمانية في القرن التاسع عشر. ولد في مورتِن Murten غربي سويسرا وتوفي في بلدة لوتْسِلفلو Lützelflüh بالقرب من برن Bern، وهو سليل عائلة برجوازية عريقة، كان والده واعظاً بروتستنتياً. قضى جزءاً من طفولته في قرية أُتسنْدورف Utzendorf، ثم انتقل إلى المدرسة الثانوية في برن، وتابع في جامعاتها دراسة اللاهوت والتاريخ والفلسفة، وإضافة إلى ذلك كان يحضر محاضرات الرياضيات والفيزياء بين عامي 1814-1820. وتوجه عام 1821 إلى مدينة غوتِّنغن Göttingen لاستكمال دراسته في التاريخ وعلم الجمال، وقام برحلات عدة في ألمانيا، بعضها على الأقدام، زار في أثنائها كبريات المدن. وعندما عاد إلى وطنه عمل معاوناً لوالده، واتصل بالحركة الليبرالية، ثم صار واعظاً في أبرشية هرتسوغنبوخزيه Herzogenbuchsee حتى عام 1829، حين اختلف مع السلطات، فنقلته إلى «كنيسة الروح القدس» في برن، ومن ثم إلى أبرشية لوتسلفلو عام 1831، حيث استقر وتزوج وعمل بلا هوادة حتى وفاته.
شغل غوتهلف بين 1835-1845، إلى جانب عمله الكنسي، منصب مسؤول التعليم المدرسي في الإقليم الذي يضم بلدته، وأنشأ في تراخسِلـڤالد Trachselwald مدرسة للأطفال المشردين، كما أصدر، بين 1840-1845، مجلة «تقويم برن الجديد» Neuer Berner Kalender.
تبنى على إثر انكسار أوهامه بالحركة الليبرالية موقفاً فكرياً مناهضاً للتطورات الرأسمالية في المجتمع السويسري، منتقداً ظواهر الفساد في عصره، في محاولة للحفاظ على نقاء الإيمان المسيحي من منطلقٍ فلاحي، بعيداً عن تلوث المدن وانحطاط علاقاتها. ولكونه شديد الارتباط بالحياة ومصوراً فطرياً لظواهرها وتقلباتها، جاء أدبه مغرقاً في واقعيته ومسهباً في التركيز على التفصيلات، بغض النظر عن فنية السرد وجمالياته، بحسب ما أخذ عليه النقاد والأدباء من معاصريه، إلى حد أن أُطلق عليه لقب «كاتب شعبي» Volksschrifteller، ولاسيما أن غرضه من الكتابة كان تهذيب الشعب وتوعيته تجاه مشكلات الإدمان على الكحول والتعلق بالغيبيات والإيمان بالدجالين بسبب الجهل. وقد كان في توجهه هذا يستنير ببرامج أدباء «ألمانيا الفتاة» Junges Deutschland، مثل بورنِه Börne وهاينِه[ر] Heine وبوشنر[ر] Büchner من حيث إعلاء المضمون على الشكل وتوحيد الأدب مع الحياة، بغية طرح التساؤلات الاجتماعية والسياسية.
يتبدى غوتهلف في روايته الأولى «مـرآة الفلاحين أو تاريخ حياة يرمياس غوتهلف» Der Bauernspiegeloder Lebensgeschichte des Jeremias Gotthelf عـام (1837) أصيلاً، غير متأثر بعد بأيديولوجيات عصره، مركزاً نقده ضد استغلال الـرعاة الفتيان، وضد إهمال المناهج المدرسية، وهو الموضوع الرئيـسي في روايتـه الثانية «أحزان وأفراح معلم مدرسـة» Leiden und Freuden eines Schulmeisters عـام (1839). وكانت ذروة إبداعه رواية «كيف صار الخادم أُولي سعيداً» Wie Uli der Knecht glücklich wird عام (1846) التي أتبعها عام 1848 بالجزء الثاني «أولي الضَمَّان» Uli der Pächter، وهما دليل أخلاقي لسيرورة حياة فقير متشرد يتسلق سلم الثراء بجهوده وذكائه. وفي روايته اللاحقة، يعالج غوتهلف تأثير الدجالين والمشعوذين في بسطاء الفلاحين، كما في «كيف تدبر آنِّه بابي يوڤِغَر شؤون بيتها وكيف تصرفت مع الدكتور» Wie Anne Bäbi Jowäger haushaltetundwie esihm mit dem Doktern geht بين (1843-1844)، ويعالج مشكلة إدمان الكحول وخطر إفساد أخلاق الفلاحين باقتصاد الربا، كما في «يوم تسديد الحساب» Der Geltstag بين (1843-1844) وغيرها.
أما على صعيد الأقصوصة Novelle فقد برز غوتهلف فناناً متمكناً من أسلوبه ومؤثراً في مضموناته، ولاسيما في «العنكبوت الأسود» Die schwarze Spinne عام (1842) و«إلسي الخادمة العجيبة» Elsi die seltsame Magd عام (1843).
كتب غوتهلف أربع عشرة رواية وخمسين أقصوصة وكثيراً من المقالات لمجلته، ومع ذلك فإن القراء الفلاحين الذين توجه إليهم، لم يأبهوا بأعماله، في حين اهتم بكتاباته متعلمو المدن ومثقفوها الذين لم يعترف بتأثيرهم.
نبيلة شمس الدين، نبيل الحفار