سمأل
سمأل مملكة آرامية قديمة، تقع في أقصى الشمال من بلاد الشام، في موقع زنجرلى الحالي قرب منابع نهر الأسود، عند سفوح جبال الأمانوس. يحيط بها جبل الأمانوس وكردداغ من الغرب والشرق على التوالي، وسهل العمق الذي يحدها من جهة الجنوب. وكانت سمأل محاطة بمجموعة من الإمارات الحثية الجديدة (جرجوم وطابال ودانونا) والإمارات الآرامية (بيت اجوشي وحماه ولعش).
وسمأل هي التسمية الآشورية للمملكة، في حين أن ملوكها دعوا أنفسهم في كتاباتهم الآرامية ملوك يأدي (أنا فنمو ملك يأدي) أو ملوك شمأل (أنا برراكيب ملك شمأل).
ويمكن إعادة بناء تاريخ سمأل من المكتشفات التي نتجت من أعمال التنقيب الأثري في الموقع، ومن نصوص كتابية تعود لدول كانت على علاقة مع سمأل (المملكة الآشورية ـ مملكة حماه الآرامية وغيرها).
بدأت التنقيبات الأثرية في الموقع من قبل بعثة أثرية ألمانية رئيسها فون لوشان (1888-1902م)، أدت إلى الكشف عن سور مزدوج كان يحيط بالمدينة، مزوداً بالأبراج والبوابات المزينة بلوحات حجرية ذات نقوش متنوعة، وعثر في مركز المدينة على مجموعة من المباني والقصور المحاطة بجدار بيضوي الشكل، ومن الأشياء المهمة التي عثر عليها: مجموعة من الكتابات الفينيقية والآرامية التي أمر بوضعها ملوك سمأل تكريماً لآلهتهم وتخليداً لآبائهم وأعمالهم.
ومن اللقى الفخارية التي عثر عليها في الموقع تبين أن منطقة سمأل كانت مأهولة بالسكان، منذ مطلع الألف الثاني ق0م، ومع التوسع الحثي نحو شمالي سورية في عهد الدولة الحثية القديمة (القرن السابع عشر ق0م)، وقعت منطقة سمأل تحت النفوذ الحثي، وحينما تراجع هؤلاء الحثيون عن شمالي سورية، نتيجة مشكلاتهم الداخلية، وحل محلهم الحوريون الميتانيون، وقعت تحت نفوذ الحوريين.
ثم خضعت المنطقة للحثيين في عهد الدولة الحثية الجديدة في القرنين الرابع عشر والثالث عشر ق0م، وقد ترافق انهيار الامبراطورية الحثية، مطلع القرن الثاني عشر ق0م، نتيجة هجوم شعوب البحر، مع تغلغل العناصر الآرامية إلى منطقة سمأل، وتمكن الآراميون من فرض نفوذهم وهيمنتهم عليها وأنشؤوا أسرة حاكمة فيها.
سمحت الكتابات المكتشفة في سمأل للعلماء بوضع سلسلة ملوك هذه الدولة، ومن هذه الكتابات: كتابة تنسب إلى الملك «كيلاموه» وتؤرخ بحدود العام 825ق.م، ذُكرت فيها أسماء الملوك الذين حكموا قبله (أنا «كيلاموه» بن «خيا»، مَلك «جبر» على يأدي ولم يفعل شيئاً، وكان بمه ولم يفعل، وكان أبي خيا ولم يفعل، وكان أخي شال ولم يفعل...).
فهذا النقش يذكر أسماء أربعة ملوك حكموا قبل «كيلاموه»؛ والده «خيا» (أو حيان) وشقيقه «شال» و«بمه» و«جبر» (جبار). والصلة مجهولة بين «جبر» و«بمه» من ناحية وبينهما وبين «خيا» والد «كيلاموه» من ناحية ثانية. ولا يعرف شيء عن أعمالهم وتاريخ حكم كل واحد منهم، إلا أنه يمكن الافتراض أن هؤلاء الأربعة قد حكموا في النصف الثاني من القرن العاشر ق.م والنصف الأول من القرن التاسع ق.م. فمن المعلوم مثلاً أن «خيا» قد التزم دفع الجزية للملك الآشوري «شلمناصر» الثالث (856-824 ق.م) في أثناء إحدى حملاته نحو شمالي سورية. أما «كيلاموه» فقد اضطر إلى مواجهة مشاكل داخلية وخارجية في أثناء حكمه، فأما مشكلاته الداخلية فتمثلت في انقسام مجتمع سمأل فئتين تذكرهما نصوصه، وهما البعرريم (وربما كان هؤلاء من البدو غير المستقرين) والموشكبيم وهم من السكان المستقرين. ويبدو أن البعرريم كانوا أقل حظاً من الموشكبيم لذلك سارع كيلاموه الى نصرة هؤلاء (... ومن منهم لم ير شاة أو بقرة في حياته جعله يملك قطيعاً وفضة وذهباً...).
وأما مشكلاته الخارجية فتمثلت في مملكة الدانونيين الواقعة إلى الشمال من سمأل، فاستعان كيلاموه عليهم بالآشوريين، مما أوقعه ومملكته تحت نفوذهم. ومن خلال نقش الملك «زكور»، ملك حماه ولعش، تبين أن ملك سمأل كان من بين الأمراء والملوك السوريين الذين تحالفوا ضد الملك الحموي.
وكان «قرل» هو خليفة «كيلاموه» ولكن ليس هنالك أي معلومات عن مدة حكمه.
وخلفه ابنه «فنموه» الذي ترك بعض الكتابات الموقوفة للإله هدد. ومن خلال كتابة ترجع إلى الملك «برراكيب» وتسجل بعض الأحداث التي جرت في عهد «فنموه»، تبين أن الأوضاع في المملكة اضطربت إلى حد كبير، وأدت في النهاية إلى اغتيال الملك «فنموه» وابنه «برصور» وسبعين شخصاً من أبناء الأسرة الحاكمة. وكان «فنموه» الثاني والد «برراكيب» من الناجين القلائل من هذه المذبحة، وقد تمكن من خلال اتصاله مع الملك الآشوري «تغلات بلاصر» الثالث (745-727ق.م) من الجلوس على عرش سمأل.
وقد حاول «فنموه» الثاني، وكما يذكر ابنه «برراكيب» في كتاباته، إصلاح الأوضاع في سمأل عن طريق فتح السجون وتحرير النساء ودفن القتلى، وكانت نهاية «فنموه» الثاني القتل في أثناء مشاركته في حملة الملك الآشوري «تغلات بلاصر» الثالث ضد آرام دمشق في العام 732ق.م.
وكان «برراكيب» آخر ملوك سمأل، وكان مخلصاً للآشوريين ملتزماً بسياستهم في سوريا إلى حد كبير. ومن خلال مجموعة النصوص التي تركها يتبين أن سمأل عادت لتشهد عهداً من الازدهار، إذ عمد إلى تجديد مبانيها وبناء قصور جديدة فيها.
تحولت سمأل إلى مقاطعة آشورية مع بداية حكم شروكين الثاني (722-705ق.م)، وأصبحت مركزاً للنفوذ الآشوري في بلاد الأناضول الجنوبية الغربية. وتتجلى أهمية سمأل في كونها نقطة تلاقت فيها المؤثرات الحضارية السورية (الفينيقية ـ الآرامية) والأناضولية (الحثية - اللوفية) والرافدية (الآشورية)، ويتجلى ذلك من خلال النقوش الكتابية المتعددة اللغات التي عثر عليها في المدينة، والتأثيرات الفنية المتعددة والسياسة الموالية للآشوريين التي سار عليها أغلب ملوكها.
جباغ قابلو
وسمأل هي التسمية الآشورية للمملكة، في حين أن ملوكها دعوا أنفسهم في كتاباتهم الآرامية ملوك يأدي (أنا فنمو ملك يأدي) أو ملوك شمأل (أنا برراكيب ملك شمأل).
ويمكن إعادة بناء تاريخ سمأل من المكتشفات التي نتجت من أعمال التنقيب الأثري في الموقع، ومن نصوص كتابية تعود لدول كانت على علاقة مع سمأل (المملكة الآشورية ـ مملكة حماه الآرامية وغيرها).
بدأت التنقيبات الأثرية في الموقع من قبل بعثة أثرية ألمانية رئيسها فون لوشان (1888-1902م)، أدت إلى الكشف عن سور مزدوج كان يحيط بالمدينة، مزوداً بالأبراج والبوابات المزينة بلوحات حجرية ذات نقوش متنوعة، وعثر في مركز المدينة على مجموعة من المباني والقصور المحاطة بجدار بيضوي الشكل، ومن الأشياء المهمة التي عثر عليها: مجموعة من الكتابات الفينيقية والآرامية التي أمر بوضعها ملوك سمأل تكريماً لآلهتهم وتخليداً لآبائهم وأعمالهم.
ومن اللقى الفخارية التي عثر عليها في الموقع تبين أن منطقة سمأل كانت مأهولة بالسكان، منذ مطلع الألف الثاني ق0م، ومع التوسع الحثي نحو شمالي سورية في عهد الدولة الحثية القديمة (القرن السابع عشر ق0م)، وقعت منطقة سمأل تحت النفوذ الحثي، وحينما تراجع هؤلاء الحثيون عن شمالي سورية، نتيجة مشكلاتهم الداخلية، وحل محلهم الحوريون الميتانيون، وقعت تحت نفوذ الحوريين.
ثم خضعت المنطقة للحثيين في عهد الدولة الحثية الجديدة في القرنين الرابع عشر والثالث عشر ق0م، وقد ترافق انهيار الامبراطورية الحثية، مطلع القرن الثاني عشر ق0م، نتيجة هجوم شعوب البحر، مع تغلغل العناصر الآرامية إلى منطقة سمأل، وتمكن الآراميون من فرض نفوذهم وهيمنتهم عليها وأنشؤوا أسرة حاكمة فيها.
سمحت الكتابات المكتشفة في سمأل للعلماء بوضع سلسلة ملوك هذه الدولة، ومن هذه الكتابات: كتابة تنسب إلى الملك «كيلاموه» وتؤرخ بحدود العام 825ق.م، ذُكرت فيها أسماء الملوك الذين حكموا قبله (أنا «كيلاموه» بن «خيا»، مَلك «جبر» على يأدي ولم يفعل شيئاً، وكان بمه ولم يفعل، وكان أبي خيا ولم يفعل، وكان أخي شال ولم يفعل...).
فهذا النقش يذكر أسماء أربعة ملوك حكموا قبل «كيلاموه»؛ والده «خيا» (أو حيان) وشقيقه «شال» و«بمه» و«جبر» (جبار). والصلة مجهولة بين «جبر» و«بمه» من ناحية وبينهما وبين «خيا» والد «كيلاموه» من ناحية ثانية. ولا يعرف شيء عن أعمالهم وتاريخ حكم كل واحد منهم، إلا أنه يمكن الافتراض أن هؤلاء الأربعة قد حكموا في النصف الثاني من القرن العاشر ق.م والنصف الأول من القرن التاسع ق.م. فمن المعلوم مثلاً أن «خيا» قد التزم دفع الجزية للملك الآشوري «شلمناصر» الثالث (856-824 ق.م) في أثناء إحدى حملاته نحو شمالي سورية. أما «كيلاموه» فقد اضطر إلى مواجهة مشاكل داخلية وخارجية في أثناء حكمه، فأما مشكلاته الداخلية فتمثلت في انقسام مجتمع سمأل فئتين تذكرهما نصوصه، وهما البعرريم (وربما كان هؤلاء من البدو غير المستقرين) والموشكبيم وهم من السكان المستقرين. ويبدو أن البعرريم كانوا أقل حظاً من الموشكبيم لذلك سارع كيلاموه الى نصرة هؤلاء (... ومن منهم لم ير شاة أو بقرة في حياته جعله يملك قطيعاً وفضة وذهباً...).
وأما مشكلاته الخارجية فتمثلت في مملكة الدانونيين الواقعة إلى الشمال من سمأل، فاستعان كيلاموه عليهم بالآشوريين، مما أوقعه ومملكته تحت نفوذهم. ومن خلال نقش الملك «زكور»، ملك حماه ولعش، تبين أن ملك سمأل كان من بين الأمراء والملوك السوريين الذين تحالفوا ضد الملك الحموي.
وكان «قرل» هو خليفة «كيلاموه» ولكن ليس هنالك أي معلومات عن مدة حكمه.
وخلفه ابنه «فنموه» الذي ترك بعض الكتابات الموقوفة للإله هدد. ومن خلال كتابة ترجع إلى الملك «برراكيب» وتسجل بعض الأحداث التي جرت في عهد «فنموه»، تبين أن الأوضاع في المملكة اضطربت إلى حد كبير، وأدت في النهاية إلى اغتيال الملك «فنموه» وابنه «برصور» وسبعين شخصاً من أبناء الأسرة الحاكمة. وكان «فنموه» الثاني والد «برراكيب» من الناجين القلائل من هذه المذبحة، وقد تمكن من خلال اتصاله مع الملك الآشوري «تغلات بلاصر» الثالث (745-727ق.م) من الجلوس على عرش سمأل.
وقد حاول «فنموه» الثاني، وكما يذكر ابنه «برراكيب» في كتاباته، إصلاح الأوضاع في سمأل عن طريق فتح السجون وتحرير النساء ودفن القتلى، وكانت نهاية «فنموه» الثاني القتل في أثناء مشاركته في حملة الملك الآشوري «تغلات بلاصر» الثالث ضد آرام دمشق في العام 732ق.م.
وكان «برراكيب» آخر ملوك سمأل، وكان مخلصاً للآشوريين ملتزماً بسياستهم في سوريا إلى حد كبير. ومن خلال مجموعة النصوص التي تركها يتبين أن سمأل عادت لتشهد عهداً من الازدهار، إذ عمد إلى تجديد مبانيها وبناء قصور جديدة فيها.
تحولت سمأل إلى مقاطعة آشورية مع بداية حكم شروكين الثاني (722-705ق.م)، وأصبحت مركزاً للنفوذ الآشوري في بلاد الأناضول الجنوبية الغربية. وتتجلى أهمية سمأل في كونها نقطة تلاقت فيها المؤثرات الحضارية السورية (الفينيقية ـ الآرامية) والأناضولية (الحثية - اللوفية) والرافدية (الآشورية)، ويتجلى ذلك من خلال النقوش الكتابية المتعددة اللغات التي عثر عليها في المدينة، والتأثيرات الفنية المتعددة والسياسة الموالية للآشوريين التي سار عليها أغلب ملوكها.
جباغ قابلو