ليست جرّة مشروخة
حتى أكسرها،
ليس باباً
حتى أسدُّ الريح،
إنّه قلبي
فكيف أسقِطُهُ من يدي
وأبقى واقفة؟
وكيف أسدّه
بلا أن تنفتح شبابيك روحي
على السواد؟
كل شيء يبدو جارحاً،
ولم يعد في هذا ما يدهشني
أيها العالم…
القسوة تمرّ في جوفي ثم تخرج كالهواء،
والعذوبة
مخالب تحفر خطوطاً على جلدي،
والليل كعادته
يفصل لحم الذكريات عن عظمها
بيديه الملوثتين بالأسئلة
لا شيء يستحق عناء الدهشة
أيها العالم:
-حدقتُ طويلاً في وجه أحبّ
وحين رحل
أخذ عينيّ معه
-أمسكتُ يدَ صديق حزين
وحين بكيتُ
تيبست يدي في كفّ الوحدة الحديدية
-سقيتُ حبيبي ماءً وحكايات
حين كان قلبي جافّاً كخبزة بائتة
وفي المساء
وجدتُه يوقف المارّة
يشكو عطشه
ويستجدي الماء من القوافل العابرة
لا شيء يستحق العناء
أيها العالم،
كل ما كان يبدو
كأنه نهايتك،
يلوح الآن طفيفاً
كظل يعبر سريعاً في الظلام…
وقلبي،
الذي كان يحلم بالورد والحب
كسرتَه
وأنت تعبر فوقه بجنازيرك الملطخة بالوحل…
فهل يمكن أن تتوقف لحظة فقط
عن عطبنا أيها العالم؟
أن تهدي لزهرة دوار الشمس شمساً تتجه إليها؟
أن تهدي للنظرة مكاناً تستقرّ فيه؟
للالتفاتة التفاتة مثلها؟
للنداء ردّاً حارّاً؟
للكلمة العذبة شيئاً غير الصمت؟
لليد الخائفة كفّاً تزيح عنها العتمة؟
للدمعة منديلاً يمنعها من السقوط بعيداً؟
للحشرجة في الصدر عناقاً أسرع من الاختناق؟
ليست جرّة مشروخة حتى أكسرها
أيها العالم
إنه قلبي المعطوب،
وأنا لم أرد أكثر من خيمة
تحميه من الرياح…
من الأشياء التي يراها
حتى في غيابها
من الأصوات التي لا يسمعها سواه
من هشاشته وهشاشتي
من حنانه وحناني…
قبل أن تعطبنا،
قبل ألا يعود هناك ما يدهشنا
أيها العالم
.
أصالة لمع
لبنان