"صندوق الست".. سر الأنوثة وعبق الماضي
- رشا الملاح ـ تحرير: ماجد مرشد
دمشق
رمز من رموز التراث السوري والعربي، يحمل بداخله ذكريات ثمينة وأسرار الحياة التي لا تنسى، وفي "دمشق" يهتمون بتزيينه بطريقة خاصة ورسوم جعلته مميزاً عما شابهه من صناديق مزينة بزخارف جميلة أو كتابات عربية جميلة تنبض برونق الحياة.
مدونة وطن "eSyria" التقت السيدة "هدية نقاوة" التي أخبرتنا عن "صندوق الست" بالقول: «"صندوق الست" صندوق خشبي كبير من الصناديق المميزة، ودأبت كل من أمهاتنا وجداتنا على اقتنائه في جهاز العروس، عندما تنتقل للعيش في بيت عريسها، وهذه الصناديق مصنوعة من الخشب ولها العديد من التسميات المختلفة في البلدان العربية، فيسمى في دول الخليج صندوق "المبيت" أو صندوق "الأمل"، ويسمى في "دمشق" صندوق "الست"».
الصناديق الخشبية عبارة عن أنواع عديدة وأشكال متنوعة ومميزة وأحجام مختلفة، ونقوم باستخدام العديد من أنواع الخشب المحلية: ومنها خشب الجوز، خشب المشمش، خشب الورد، خشب الليمون، خشب التين، خشب الزيتون، خشب البلوط، خشب الزان، ونستعمل الصناديق في العديد من المجالات ولها استخدامات عديدة
أما عن استخدام صندوق الست فتتابع السيدة "نقاوة" حديثها: «يستخدم الصندوق لوضع أغراض العروس، من ملابس وعطور وزينة ومجوهرات ثمينة وأغطية للمفروشات، وتقوم الزوجة بالحفاظ عليه والاعتناء به كذكرى هامة وغالية لها ولزوجها، وكان يتوارث بين الجدات والأمهات والبنات وهكذا، ويصنع حسب الحالة المادية للزوج، والحجم والزخرفة كلما ازدادت ارتفع شأن العروس، وتزداد تباهياً أمام صديقاتها وأقاربها الذين يزورونها لمشاهدة المقتنيات، في حين يقوم أهل العروس بتقديم الحلويات والسكاكر للحاضرين عند فتح الصندوق وعرض ما بداخله من المقتنيات».
صندوق الست
والتقينا السيد "ياسين الصواف" صاحب ورشة عمل في حي القيمرية فحدثنا عن الصناديق الخشبية بالقول: «الصناديق الخشبية عبارة عن أنواع عديدة وأشكال متنوعة ومميزة وأحجام مختلفة، ونقوم باستخدام العديد من أنواع الخشب المحلية: ومنها خشب الجوز، خشب المشمش، خشب الورد، خشب الليمون، خشب التين، خشب الزيتون، خشب البلوط، خشب الزان، ونستعمل الصناديق في العديد من المجالات ولها استخدامات عديدة».
ويتابع السيد "الصواف" عن مراحل عمل الصناديق الخشبية: «في بداية الأمر نقوم بتحديد نوع الخشب المستخدم للصندوق، وتبدأ المرحلة بشكل يدوي حيث يقوم الحرفي برسم الشكل، وهذا يحتاج إلى إتقان ومهارة وجهد وصبر لدقة العملية، ولإنتاج علب وصناديق خشبية من الموزاييك (الموزاييك من أقدم الصناعات والمهن الدمشقية) نقوم باستخدام مجموعة من القوالب الخشبية لإعطاء أشكال معينة، ونعتمد على علم الهندسة بشكل عام، وبالأخص الدائرة، ونأخذ منها المربع والمستطيل والمثلث، ويتم جمع الأشكال معاً، لتصبح شكلاً متكاملاً ثم يتم تكبيرها أو تصغيرها بناء على طلب الزبون وتجمع مع بعضها بأشكال هندسية منتظمة لتصبح شكلاً هندسياً معيناً، أو الحفر على الصناديق الخشبية ويستخدم الحرفي أدوات عديدة منها المطرقة الخشبية والمبرد وأدوات التنعيم ولكن مع التطور الزماني ولتوفير الوقت والجهد، ظهرت أدوات كهربائية حديثة، أو عملية تطعيم الخشب وهي إدخال مادة الصدف إلى جزيئات من أنواع خشبية مختلفة، حيث ينشر الخشب إلى أعواد صغيرة تشكل في ربطها حزمة من أنواع وألوان مختلفة يتم تقطيعها بشكل شرائح تجمع إلى بعضها ليصاغ منها الشكل المطلوب».
محلات التصنيع
السيد "محمد زياد الصواف" بائع في حي دمشق القديمة قال: «الإقبال على الصناديق الخشبية جيد ونسبة المبيعات جيدة جداً، كما نقوم بتصديره للخارج، والسياح يشترون الصناديق الخشبية كهدايا، وفي هذا العصر فقد الصندوق أهميته بسبب انتشار الخزانة والتغير الكبير في العادات والتقاليد، ولكنه مازال يشكل تراثاً جميلاً، وتتراوح أسعار الصناديق من 500 ليرة سورية إلى 50000 ألف ليرة، ويتبع ذلك إلى العديد من العوامل هي الحجم والاستخدام وقت العمل ومقدار الجهد على قطعة معينة، فهناك العديد من القطع التي تأخذ أربعة أو خمسة أشهر بالعمل وبحاجة لإتقان، والعمل اليدوي ذو تكلفة لما يحتاجه من وقت وجهد، ومن القطع التي تباع وبكثرة من الصناديق الخشبية: صندوق الست، صناديق الزهر (طاولة النرد)، علب الضيافة، صناديق القرآن الكريم، صواني الضيافة من الموزاييك».