بلبلي مات حبيسا باكيا
لوعة الشعر على ذاك الحبيس
فقد الصبح أناشيد الهوى
بعده و أنفرط العقد النفيس
عطّلوا المجلس يا سمّاره
و أريقوا يا نداماي الكؤوس
قد قضى اليوم جليسي و مضى
لا تطيب الخمر من غير جليس
ما لأغصان الرّبى من بعده
تتهادى عاريات و تميس
و عروس الزهر هل يضحكها
مشرق الشمس و قد مات العريس
ويل أمّ الظلم ثكلى دائما
فنيت طسم و لم تبق جديس
إنّما الدّنيا لمن كافحها
و مشى مستلئما وسط الخميس
بلبلي مات و لم تنج به
وصفه ((الرازي)) و لا طبّ ((الرئيس))
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عنّي لميسا مالذي
أبقت الأحزان منّي للميس
عاش ما عاش طليقا بالربى
و الربى حسن و لون و عبير
يتغنّى بأناشيد الهوى
ناعما بالعمر و العمر قصير
يرسل الأشعار في الأيك كما
أرسل الشعر حبيب و جرير
فغدا اليوم أسيرا بعدما
كان حرا بين روض و غدير
إرحموه و اعطفوا ما شئتم
فأحقّ الناس بالعطف الأسير
هو يبكي و أنا أبكي أسى
و كلانا ذو شجون و شعور
من لباب البرّ قد أطعمته
و لقد أرشفته الماء النمير
و كسوت القفص الرحب الذرى
بالقباطيّ الموشّى و الحرير
غير أنّ الطير فاضت روحه
بين حزن و شهيق و زفير
بلبلي مات و لم تنجع به
وصفة الرازي و لا طبّ الرئيس
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عني لميسا ما الذي
ابقت الأحزان مني للميس
أيّها الصيّاد لا تنصب له
شركا و اسمح بتقطيع الشرك
أيّها الصيّاد ما أعجزه
أيّها الصيّاد بل ما أقدرك
دعه حرا و استمع تغريده
هلّة الصبح و قل : ما أشعرك
دعه حرا فلقد صوّره
خالق الكون الذي قد صوّرك
جارك الأدنى دعاه ظما
و هجير فتفيّا شجرك
أنت سكران و لم تشرب طلا
إنّما البغي الذي أسكرك
تعس الصيّاد من ذي قسوة
جرّب الدنيا طويلا و عرك
مذ رأى البلبل في غفلته
صوّب السهم إليه و برك
فارتمى الطير صريعا و هوى
تاركا أفراخه فيما ترك
بلبلي مات و لم تنجع به
وصفة الرازي و لا طبّ الرئيس
كفّنوه بأزاهير الرّبى
و اغسلوه بالمدام الخندريس
و اصرفوا عنّي لميسا ما الذي
ابقت الأحزان منّي للميس