اصطفاء نباتي
Vegetal selection - Sélection végétale
الاصطفاء النباتي
الاصطفاء النباتي sélection végétale مجموعة طرائق تستند إلى معالجة النباتات المزروعة معالجات وراثية لتكوين أصناف أو ضروب variétés تستجيب للمتطلبات الكمية والنوعية للإنتاج الزراعي وإكثارها.
وقد اختلطت أصول الاصطفاء النباتي بأصول الزراعة، إذ كان الإنسان على الدوام ينتقي أفراد التكاثر انتقاء عفوياً وتجريبياً، وظل الانتقاء يجري على هذا النحو حتى منتصف القرن الثامن عشر، حين ظهرت بدايات أعمال المهجِّنين الأوائل مثل ت.آ. نيت T.A.Knight في إنكلترة (1759)، وكُلْروتر Kolreuter في ألمانية (1760).
وابتداءً من منتصف القرن التاسع عشر تبدت الطرائق الأولى العلمية والمنطقية في الاصطفاء، وتحددت فكرة الزراعة النقية والاصطفاء النَسَبي sélection généalogique.
وجميع الأعمال التي سبقت إعادة كشف قوانين مندل (عام 1900) كانت خصبة وجيدة النتائج، وخاصة في نطاق النباتات الذاتية الإلقاح autogames التي كان التعامل فيها أكثر سهولة.
ولكن أعمال التهجين تطورت بعد عام 1900 تطوراً عظيماً، وساعدتها الكشوف الحديثة في علم الوراثة، كما ساعدها تعزيز المبادلات الدولية في المادة النباتية. ورويداً رويداً أخذت تتجلى الأغراض الجوهرية من تحسين النباتات المزروعة، وهي أغراض يمكن تلخيصها فيما يلي:
ـ إنتاج ضروب تبقى ثابتة الصفات في الأجيال المتعاقبة (فكرة الثبات الوراثي وتشابه اللواقح).
ـ الوصول إلى أعظم مردود ممكن ضمن شروط الوسط الزراعي (التربة والمناخ).
ـ الحصول على ضروب جيدة التكيف مع الوسط المحلي (مقاومة للتغيرات المناخية والأوبئة).
ـ المحافظة على الصفات الغذائية والتقنية أو تحسينها.
وبالاختصار يقوم الاصطفاء على اختيار ضرب نباتي «نموذجي» يجمع كل المورثات المعروفة القادرة على أن تضمن له تجاوباً كاملاً مع شروط وسط معين.
ويشتمل الاصطفاء النباتي على نمطين متكاملين من النشاطات هما اصطفاء التحسين الذي يتيح تكوين أصناف أو ضروب جديدة، واصطفاء المحافظة المخصص لأن ينتج باستمرار بذوراً ونباتات مؤكدة النوعية الوراثية.
اصطفاء التحسين
ظل الاصطفاء الذي يقوم به الإنسان، مكملاً الاصطفاء الطبيعي، معتمداً على الخبرة العملية ردحاً من الزمن. ولم يصبح تحسين النباتات علماً إلا في بدء القرن العشرين، مع تطبيق القوانين الأساسية لعلم الوراثة، ويرجع التقدم الذي حصل في العقود الأخيرة من هذا القرن إلى تعاون المؤسسات العلمية المتعددة التخصصات التي ساعدت في تحسين المعرفة في مجال التعضي النباتي وفي مجال أداء الوظائف النباتية المختلفة.
فقد أتاح علم الوراثة وعلم الخلية معرفة أسباب تكوين الصفات الوراثية وطرائق انتقالها في الأفراد والجماعات. ولقد توصل هذان العلمان إلى إيجاد تقنيات تتعلق بتبديل المادة الوراثية وبتكوين الطفرات.
ترسيم اصطفاء النسب المحسن |
ويعد اصطفاء التحسين من المشاريع المتجددة من دون انقطاع للأسباب التالية:
ـ تحري العوامل الجديدة للإنتاجية تحرياً دائماً ومستمراً.
ـ تعديل أهداف التحسين باستمرار كي تنسجم مع متطلبات المنتج والمستهلك.
ـ تقهقر المادة الوراثية الموجودة تقهقراً بيولوجياً ممثلاً بظهور تغيرات وراثية وعروق طفيلية جديدة.
ـ زوال الأصناف أو الضروب زوالاً سريعاً بسبب التنافس بين المصطفين في نطاقات جغرافية تتزايد في مساحتها.
وتتلخص أغراض اصطفاء التحسين بالبحث عن أفضل الضروب المتلائمة مع شروط الوسط الخارجي من طرائق استعمال التربة، ومكننة العمليات الزراعية، وتحسين مقاومة الضروب المختارة للتقلبات الجوية، ومن أغراض الاصطفاء أيضاً اختيار أفضل الضروب المتلائمة مع شروط الوسط الداخلي من مقاومة تكاثر الطفيليات، ومقاومة المبيدات التي تسسببها الكثافة الزراعية، وتبدل البنية الريفية، وتغير الطرائق الزراعية. ومن أغراض الاصطفاء أخيراً اختيار الضروب المناسبة للشروط الاقتصادية الممثلة بمتطلبات التسويق وعادات المستهلك وحاجاته وأدواته.