كنفاني (غسان)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كنفاني (غسان)

    كنفاني (غسان) Kanafani (Gassan-) - Kanafani (Gassan-)
    كنفاني (غسّان ـ)

    (1936ـ 1972)




    غسّان فايز كنفاني، ولد بمدينة عكّا الساحليّة في فلسطين، وشهد عام ولادته الإضراب الشامل الّذي أعقب ثورة عزّ الدين القسّام، وأطلق عليه «إضراب 36» حيث استمرّ ستّة أشهر قدّم الفلسطينيّون فيه آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين، وهم يثورون ضدّ المخطّطات البريطانيّة الساعية إلى زرع الكيان الصهيونيّ في فلسطين وتشريد أهلها العرب. درس غسّان المرحلة الابتدائيّة بمدرسة «الفرير» بيافا، وعلى إثر النكبة التي حلّت بالشعب العربيّ الفلسطينيّ عام 1948 هُجّرت أسرته المكوّنة من ثمانية أفراد إلى قرية الغازيّة قرب صيدا في جنوب لبنان، ثمّ انتقلت إلى حلب ومنها إلى قرية الزبدانيّ، ثمّ استقرّ بها المقام بحيّ الأمين في دمشق.

    عمل غسّان في إحدى المطابع لإعالة أسرته، ثمّ عمل كاتب عروض أمام المحاكم، واشترك في برنامج فلسطين في إذاعة دمشق وبرنامج الطلبة، وكان يكتب بعض الشعر والمسرحيّات والمقطوعات الوجدانيّة، وفي أثناء دراسته الثانويّة برز تفوّقه في الأدب العربيّ والرسم، وبعد حصوله على الشهادة الثانويّة عمل مدّرساً في مدرسة «الإليانس» بشارع الأمين، وهي إحدى المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، والتحق بجامعة دمشق لدراسة الأدب العربيّ.

    ثمّ عمل غسّان عام 1952 في تحرير مجلّة «الرأي» التابعة لحركة القوميين العرب، وكان شغوفاً بالمطالعة، مولعاً بالرسم والموسيقى، وما لبث أن سافر إلى الكويت عام 1955 ليلتحق بأخته التي سبقته، ليعود من جديد إلى حقل التدريس، فدرّس مادة التربية الفنيّة والرياضيّة، ولم ينقطع عن الكتابة الصحفيّة والأدبيّة، وكتب في هذه السنة قصّة «القميص المسروق»، وفي هذه الأثناء ظهرت عليه بوادر مرض السكّري، وزار العراق بعد ثورة تمّوز عام 1958، ثمّ توجّه إلى بيروت عام 1960 ليعمل محرّراً في مجلّة «الحريّة»، وأخذ يكتب مقالاً أسبوعيّاً في جريدة «المحرّر» البيروتيّة، وفي هذه الأثناء كتب غسّان دراسة عن «أدب المقاومة في فلسطين المحتلّة»، وتعدّ هذه الدراسة المدخل الحقيقيّ لتعرّف هذا النتاج الأصيل الذي يصدر عن أدباء المقاومة في فلسطين المحتلّة. وكان أوّل من كتب عن شعراء الأرض المحتلّة أمثال: محمود درويش وتوفيق زياد وسالم جبران وفدوى طوقان، ونشر لهم وأورد نماذج من أشعارهم وأزجالهم الشعبيّة، وترجم لهم، فأصبحت دراسته هذه مرجعاً للدارسين والباحثين، ثمّ تزوّج من المعلّمة الدنماركيّة «آني» التي قدمت لتعرّف مأساة اللاجئين الفلسطينيين من كثب، وكتب غسّان روايته الشهيرة «رجال في الشمس» عام 1962، وقد مثّلت فيلماً فيما بعد، تصوّر هذه الرواية مشاقّ الرحلة الفلسطينيّة المضنية هرباً من العذاب وبحثاً عن الخلاص، وتجسّد الخصوصيّة الفلسطينيّة في الشتات بعد النكبة، فقد حاول المشرّدون عبور خطّ الفقر بخلاص فرديّ؛ فكان موت الصحراء مضافاً إلى موت المخيّم. وفي هذه السنة رزق غسّان بولده الأوّل فايز، واستلم منصب رئيس تحرير جريدة «المحرّر»، ثمّ كتب روايته «ما تبقّى لكم» التي تعدّ مكمّلة لرواية «رجال في الشمس»، يهتدي البطل فيها إلى الطريق الأقوم نحو فلسـطين، وكان ذلك تبشيراً بالعمل الفدائيّ، أمّـا قصته القصيرة «موت سـرير رقم 12» فقد استوحاها من مكوثه بالمستشفى بسبب المرض، وكتب عام 1965 كتاب «عالم ليس لنا» وزيّنه برسوم توضيحيّة من إبداعه، رزق في عام 1966 بمولودة أسماها ليلى، وفي عام 1967 التحق بهيئة تحرير صحيفة «الأنوار» وترأّس تحرير ملحقها الأسبوعيّ، وأحزنه وفاة أمّه بالذبحة القلبيّة، وضاعف من همّه هزيمة حزيران في العام نفسه.

    أصدر غسّان عام 1969 العدد الأوّل من مجلّة «الهدف» الناطقة باسم الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، وكتب في هذه السنة روايته «أمّ سعد»، وأمّ سعد صديقة عزيزة وقديمة لغسّان ترمز للمرأة الفلسطينيّة في المخيّم، وفي الحوار الذي يجري بينه وبين أمّ سعد تبدو المرأة الأميّة هي التي تتحدّث، في حين يكتفي المثقّف بالاستماع وطرح الأسئلة، ثم نشر روايته «عائد إلى حيفا» وصف فيها هروب المشرّدين عام النكبة من حيفا إلى عكّا، ومارس غسّان نشاطه السياسيّ عضواً في المكتب السياسيّ للجبهة الشعبيّة، وحضر العديد من مؤتمرات الكتّاب والصحفيين والإعلاميين، وكان له دور بارز في المناقشات وطرح الآراء، وكان من الداعين لدعم حركات التحرّر وكفاح الشعوب المغلوبة على أمرها، وشارك في مؤتمرات دوليّة في آسيا وإفريقيا وأوربّا، وترجمت بعض أعماله إلى لغات عالميّة. وإبداعات غسّان الأدبيّة ترصد بدقّة معاناة الشعب الفلسطينيّ في المنافي وتحت الاحتلال، وتُعدّ برنامج عمل للمقاومة المتصاعدة، وقصصه شيّقة وأسلوبه سلس ولغته رصينة سهلة، وكان لغسّان نشاط مميّز في تعرية ادّعاءات الكيان الصهيونيّ على الصعيد الإعلاميّ والأدبيّ والدراسات المعمّقة التي تناولت الأدب العنصريّ وفنّدت مزاعمه، ممّا جعله هدفاً سميناً للمخابرات الإسرائيليّة «الموساد»؛ فامتدّت إليه يد الغدر والاغتيال في الثامن من تموّز عام 1972، واغتيل بعبوّة ناسفة ألصقت بسيّارته في بيروت مزّقت جسده أشلاء وجسد الطفلة لميس ابنة أخته التي أحبّها.

    لم يتجاوز عمر غسّان ستّة وثلاثين ربيعاً إلاّ أنّ إنتاجه كان غزيراً على الرغم مما عاناه من مرض خطير ألمّ به في سنٍّ مبكّرة، وظروف صعبة اضطرّته في كثير من الليالي إلى الاختباء في الأقبية المظلمة ليكتب ويصمّم ويخرج، وقد عرف غسّان بحسّه المرهف وذكائه الخارق خطورة ما يقوم به من عمل، وأدرك مدى استياء العدوّ من الكلمة الجادّة الصادقة المقنعة، والحجّة المفحمة، فأصرّ على مواصلة المسيرة حتّى آخر لحظة من حياته.

    من أعماله الأخرى روايات «العشق»، و«برقوق نيسان»، و«من قتل ليلى الحايك»، وقصصه القصيرة «مـوت سرير رقم 12»، و«أرض البرتقال الحزين»، و«عن الرجال والبنادق»، و«قصص للأطفال»، و«قصص أخرى»، ومن مسرحيّاته «الباب»، و«القبّعة والنبيّ»، و«جسر إلى الأبد»، وله من الدارسات «في الأدب الصهيونيّ»، و«ثورة 1936»، إضافةً إلى المقالات السياسيّة الغزيرة في الصحف والمجلاّت.

    عبد الكريم الحشاش
يعمل...
X