كليمنصو (جورج) Clemenceau (Georges-) - Clemenceau (Georges-)
كليمنصو (جورج ـ)
(1841ـ 1929)
جورج كليمنصو Georges Clemenceau، سياسي ورجل دولة فرنسي, ولد في مقاطعة ڤاندي Vendée لأسرة برجوازية، بدأ حياته طبيباً إلى جانب اهتماماته في المسائل والقضايا السياسية. كان ذا نزعة يسارية، انضم إلى التيار الجمهوري المناهض لسياسة الامبراطور نابليون الثالث Napoléon III. وقد عبّر عن أفكاره السياسية تلك من خلال نشاطه في المجال الصحافي، بعد سفره إلى الولايات المتحدة عام 1865، وبعد عودته إلى فرنسا، عرف عنه جرأته الناقدة، وكان له دور بارز في إسقاط امبراطورية نابليون بخطبه البليغة التي كان يلقيها في النوادي والمؤتمرات، إلى جانب مقالاته المنشورة في الصحف، وفي عام 1870 شارك بحماس مع الحشد الجماهيري الثائر في ساحة الباستيل، الذي تطور إلى ثورة مسلّحة أسفرت عن سقوط الامبراطورية وقيام الجمهورية الثالثة. انتخب نائباً عن منطقة السين، ونتيجة لانضمامه المبكر إلى التيار الجمهوري فإنه التزم مواقف اليسار الفرنسي، وكان من أشد المعارضين لسياسة جول فيري Jules Ferry الاستعمارية ومطامع الجنرال بولانجه Boulanger البونابرتية، فأثار بمواقفه الحادة عداوة كثيرين من خصومه السياسيين الذين استغلوا تورطه غير المباشر بفضيحة قناة بنما المالية Scandale de Panama، كما استغلوا علاقته الحميمة بالإنكليز فاتهموه بالعمالة وعلى الرغم من ثبوت براءته من القضيتين خسر مقعده النيابي في الانتخابات وأبعد عن الحلبة السياسية لتسع سنوات، خصصها لكتابة المقالات الصحفية، ثم أعيد انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ عن منطقة الڤار Var عام 1902، وفي عام 1906 أصبح وزيراً للداخلية، فرئيساً للوزراء لفترتين في أدق ظروف التاريخ الفرنسي طبع في أثنائهما سياسة فرنسا بطابعه الخاص وتحقق فيها كثير من المنجزات، ففي عهده الأول تمّ فصل الكنيسة عن الدولة، وأصدر بعض القوانين المتصلة بالعمال وأرباب العمل, وتوطدت علاقته بالولايات المتحدة وبريطانيا، وكان له دور لافت في تهيئة الجمهور الفرنسي وتعبئته لخوض غمار الحرب ضد ألمانيا العدو اللدود لفرنسا، وفي أثناء فترته الثانية في سنين الحرب كان يقوم بزيارات ميدانية متفرقة للجنود في خنادقهم متوكئاً على عصاه، حاثاً إياهم على الثبات والصبر، فواصلت حكومته الائتلافية التي شكّلها سنة 1917 الحرب إلى أن خرجت فرنسا منها منتصرة على الرغم من الظروف القاسية التي مرّت بها، فاستحق لقب (أبو النصر). وفي مؤتمر فرساي كان له دور مؤثر في صياغة مقرراته ومعارضاً أكثر الآراء التي قدمها الرئيس الأمريكي وودرو ولسن Woodrow Wilson، بحجة أن تلك الآراء غير كافية لضمان سلامة فرنسا تجاه المخاطر التي كانت تتوقعها من ألمانيا، فأقحم كثيراً من الشروط التي كان يستهدف من خلالها إذلال ألمانيا، الأمر الذي كان له أثر مباشر في تكوين وتنمية الأيديولوجية العدائية التي تبناها هتلر Hitler تجاه فرنسا، والتي كان من نتائجها تحطيم كبريائها حينما اقتحمتها الجيوش الألمانية في الحرب العالمية الثانية، وأجبرتها على توقيع معاهدة مماثلة بالمكان نفسه وبشروط مشابهة. ومع كل ما تحقق في عهد كليمنصو لفرنسا والفرنسيين فإنه خسر في انتخابات رئاسة الجمهورية سنة 1920 أمام منافسه بول دي شانيل Paul Deschanel، فكان ذلك مدعاة لانسحابه من الحياة السياسية والاعتزال منكباً على الكتابة إلى أن وافته المنية بمسقط رأسه ڤاندي.
نبيل زريق
كليمنصو (جورج ـ)
(1841ـ 1929)
جورج كليمنصو Georges Clemenceau، سياسي ورجل دولة فرنسي, ولد في مقاطعة ڤاندي Vendée لأسرة برجوازية، بدأ حياته طبيباً إلى جانب اهتماماته في المسائل والقضايا السياسية. كان ذا نزعة يسارية، انضم إلى التيار الجمهوري المناهض لسياسة الامبراطور نابليون الثالث Napoléon III. وقد عبّر عن أفكاره السياسية تلك من خلال نشاطه في المجال الصحافي، بعد سفره إلى الولايات المتحدة عام 1865، وبعد عودته إلى فرنسا، عرف عنه جرأته الناقدة، وكان له دور بارز في إسقاط امبراطورية نابليون بخطبه البليغة التي كان يلقيها في النوادي والمؤتمرات، إلى جانب مقالاته المنشورة في الصحف، وفي عام 1870 شارك بحماس مع الحشد الجماهيري الثائر في ساحة الباستيل، الذي تطور إلى ثورة مسلّحة أسفرت عن سقوط الامبراطورية وقيام الجمهورية الثالثة. انتخب نائباً عن منطقة السين، ونتيجة لانضمامه المبكر إلى التيار الجمهوري فإنه التزم مواقف اليسار الفرنسي، وكان من أشد المعارضين لسياسة جول فيري Jules Ferry الاستعمارية ومطامع الجنرال بولانجه Boulanger البونابرتية، فأثار بمواقفه الحادة عداوة كثيرين من خصومه السياسيين الذين استغلوا تورطه غير المباشر بفضيحة قناة بنما المالية Scandale de Panama، كما استغلوا علاقته الحميمة بالإنكليز فاتهموه بالعمالة وعلى الرغم من ثبوت براءته من القضيتين خسر مقعده النيابي في الانتخابات وأبعد عن الحلبة السياسية لتسع سنوات، خصصها لكتابة المقالات الصحفية، ثم أعيد انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ عن منطقة الڤار Var عام 1902، وفي عام 1906 أصبح وزيراً للداخلية، فرئيساً للوزراء لفترتين في أدق ظروف التاريخ الفرنسي طبع في أثنائهما سياسة فرنسا بطابعه الخاص وتحقق فيها كثير من المنجزات، ففي عهده الأول تمّ فصل الكنيسة عن الدولة، وأصدر بعض القوانين المتصلة بالعمال وأرباب العمل, وتوطدت علاقته بالولايات المتحدة وبريطانيا، وكان له دور لافت في تهيئة الجمهور الفرنسي وتعبئته لخوض غمار الحرب ضد ألمانيا العدو اللدود لفرنسا، وفي أثناء فترته الثانية في سنين الحرب كان يقوم بزيارات ميدانية متفرقة للجنود في خنادقهم متوكئاً على عصاه، حاثاً إياهم على الثبات والصبر، فواصلت حكومته الائتلافية التي شكّلها سنة 1917 الحرب إلى أن خرجت فرنسا منها منتصرة على الرغم من الظروف القاسية التي مرّت بها، فاستحق لقب (أبو النصر). وفي مؤتمر فرساي كان له دور مؤثر في صياغة مقرراته ومعارضاً أكثر الآراء التي قدمها الرئيس الأمريكي وودرو ولسن Woodrow Wilson، بحجة أن تلك الآراء غير كافية لضمان سلامة فرنسا تجاه المخاطر التي كانت تتوقعها من ألمانيا، فأقحم كثيراً من الشروط التي كان يستهدف من خلالها إذلال ألمانيا، الأمر الذي كان له أثر مباشر في تكوين وتنمية الأيديولوجية العدائية التي تبناها هتلر Hitler تجاه فرنسا، والتي كان من نتائجها تحطيم كبريائها حينما اقتحمتها الجيوش الألمانية في الحرب العالمية الثانية، وأجبرتها على توقيع معاهدة مماثلة بالمكان نفسه وبشروط مشابهة. ومع كل ما تحقق في عهد كليمنصو لفرنسا والفرنسيين فإنه خسر في انتخابات رئاسة الجمهورية سنة 1920 أمام منافسه بول دي شانيل Paul Deschanel، فكان ذلك مدعاة لانسحابه من الحياة السياسية والاعتزال منكباً على الكتابة إلى أن وافته المنية بمسقط رأسه ڤاندي.
نبيل زريق