الروح الثائرة - بدوي ابجبل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الروح الثائرة - بدوي ابجبل


    أملّت ضجيج الحياة ففرّت

    تريد الحياة بظلّ السكون

    تغاف القصور و جنّاتها

    و تأوي إلى دوحة الزيزفون

    فتشرب ماء الغدير نقيّا

    و تسكر من أرج الياسمين

    و تسمع لحن الطيور شجيّا

    رقيقا على مائسات الغصون

    فتذكر عالم قدس نمت

    به حرّة بين حور و عين

    هيولي تفيض ضياء مبينا

    طليقا تراه جميع العيون

    و تذكره عالما طاهرا

    قضت في رباه ألوف السنين

    تحنّ إليه و ماذا يفيد

    بعيد الأحبّة طول الحنين

    لقد ذكرته فما كفكفت

    بيمنى يديها عقود الشؤون

    بكت و هي في سجنها حرّة

    و لا عجب من بكاء السجين

    حنوت عليها و قد بكّرت

    لتتلو كتاب الحياة القديم

    فقلت لها : مزّقيه كتابا

    يثير الشجون و يذكي الهموم

    فإنّ الشقيّ يزيد شقاء

    إذا راح يذكر عهد النّعيم

    مقيّدة أنت صاغ القيود

    ليمناك كفّ القضاء الأثيم

    تريدين منّي نسيم عليلا

    و هيهات عزّ علينا النسيم

    تريدين منّي نسيم الجنان

    نقيّا .. و هذا نسيم الجحيم

    فلا تنشقيه ففيه سموم الهجير

    و من ذا يطيق السموم

    عذرتك فرّي من الأرض و ابغي

    هناك المقام الرفيع الكريم

    بقرب النجوم فإنّ الحياة

    معطّرة الدنّ بين النجوم

    و لا ترحمي الجسم فهو تراب

    يعود لمعدنه بعد حين

    غدا هو بين الربى زهرة

    كستها الطبيعة لون الشروق

    يقبّلها الصبح في ثغرها

    و يلثم في شفتيها العقيق

    و تسري الصّبا من بعيد إليها

    و قد هوّن الحبّ حزن الطريق

    إلى أن تمرّ عليها فتاة

    فتنزعها نزع برّ رفيق

    و تنزلها منزلا هانئا

    على النّور لا يشتكى فيه ضيق

    فحينا تقبّل نهدا و حينا

    تقبّل خدّا يلون الشقيق

    و تبعثها بعد ذاك رسولا

    يؤدّي رسالة صبّ مشوق

    فنعم الرسالة بين العشيقة

    ذات الدلال و بيت العشيق

    فيا روح من بين تلك النجوم

    أطلي عليها و لا تنكريني

    أطلّي عليها و قد أشرقت

    على صدر خود عروس و ساما

    أطلّي عليها و قد ألقيت

    بقايا شذا ثمّ عادت رغاما

    أطلّي عليها رفيقا قديما

    و قولي سلاما تردّ السلاما

    ألا و اذكري عهدنا و اذكري

    زمانك في الأرض عاما فعاما

    أأنكرت شكلا جديدا لجسم

    غدا لك قيل الفناء مقاما

    و أنكرت ألوانها جمّة

    و عطرا نديّا كعطر لخزامى

    فلا تعجبي إنّ هذا الذبول

    بأوراقها كان فيّ سقاما

    و ذا الاحمرار دموعي

    و هذا الشذا كان فيّ غراما

    و أفناني الدهر إلا شقاء

    تأبى عليه و إلاّ هياما

    تلاشيت في هذه الكائنات

    و لم يتلاش إليك حنيني
يعمل...
X